للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْمَجْمُوعِ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ لَا يَكْفِي الْمَجْمُوعُ أَيْ: فَلَيْسَ مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ فَالْمُخْلِصُ أَنْ يَقُولَ: وَفِي تَعْيِينِ الْمَجْمُوعِ أَوْ يَكْتَفِي بِنِسَاءٍ، أَوْ رِجَالٍ تَرَدُّدٌ، ثُمَّ الْمُنَاسِبُ لِاصْطِلَاحِهِ أَنْ يُعَبِّرَ بِ تَأْوِيلَانِ.

(ص) وَصَحَّ بِالْحَرَامِ وَعَصَى (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْحَجَّ، سَوَاءٌ كَانَ فَرْضًا، أَوْ نَفْلًا يَصِحُّ بِالْمَالِ الْحَرَامِ بِمَعْنَى سُقُوطِ الطَّلَبِ عَنْهُ لِوُجُودِ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ، وَدَلِيلُ الْعُمُومِ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ وَسَقَطَ بِالْحَرَامِ لِئَلَّا يَخْتَصَّ بِالْفَرْضِ، وَلَكِنْ يَكُونُ عَاصِيًا فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إنْ شَاءَ سَامَحَهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ.

(ص) وَفُضِّلَ حَجٌّ عَلَى غَزْوٍ إلَّا لِخَوْفٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْحَجَّ التَّطَوُّعَ أَفْضَلُ مِنْ الْغَزْوِ التَّطَوُّعِ وَمِنْ الصَّدَقَةِ فِي غَيْرِ الْمَجَاعَةِ وَأَمَّا حَجُّ الْفَرْضِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ الْغَزْوِ، وَلَكِنْ تَفْضِيلُ نَدْبٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّرَاخِي، وَتَفْضِيلُ وُجُوبٍ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِ، وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْعِتْقِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْحَجُّ أَفْضَلُ مِنْ الْغَزْوِ إذَا لَمْ يَكُنْ خَوْفٌ وَإِلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّ الْغَزْوَ يُقَدَّمُ وُجُوبًا عَلَى حَجِّ التَّطَوُّعِ، وَأَمَّا حَجُّ الْفَرْضِ قَالَ بَعْضٌ، فَإِنْ بَنَيْنَا عَلَى تَرَاخِي الْحَجِّ فَيُقَدَّمُ الْجِهَادُ وَعَلَى الْفَوْرِيَّةِ يُنْظَرُ إلَى كَثْرَةِ الْخَوْفِ وَقِلَّتِهِ وَلَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا انْتَهَى، ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ تَفْضِيلِ الصَّدَقَةِ عَلَى الْعِتْقِ إذَا كَانَتْ الصَّدَقَةُ تُسَاوِي الْعِتْقَ.

(ص) وَرُكُوبٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ حَجَّ رَاكِبًا عَلَى الْإِبِلِ، أَوْ غَيْرِهَا أَفْضَلُ مِنْ الْحَجِّ مَاشِيًا؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى الْمَعْرُوفِ وَلِمَا فِيهِ مِنْ مُضَاعَفَةِ النَّفَقَةِ؛ وَلِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى الشُّكْرِ، وَكَذَا الْعُمْرَةُ وَالْمَنَاسِكُ كُلُّهَا حَتَّى فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَلَا يُعَارِضُ هَذَا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ ابْن عَبَّاسٍ عَنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَنَّ «لِلْحَاجِّ الرَّاكِبِ بِكُلِّ خُطْوَةٍ تَخْطُوهَا رَاحِلَتُهُ سَبْعِينَ حَسَنَةً وَلِلْمَاشِي بِكُلِّ خُطْوَةٍ يَخْطُوهَا سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ» انْتَهَى؛ لِأَنَّ الْمَزِيَّةَ لَا تَقْتَضِي الْأَفْضَلِيَّةَ (ص) وَمُقَتَّبٌ (ش) أَيْ: إنْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: فَالْمُخْلِصُ إلَخْ) وَالْجَوَابُ أَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ الِاكْتِفَاءَ بِالْمَجْمُوعِ مُقَابِلًا لِلِاكْتِفَاءِ بِأَحَدِ النَّوْعَيْنِ أَفَادَ بِمَفْهُومِهِ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِذَلِكَ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا لَوْ قَالَ وَفِي الِاكْتِفَاءِ بِنِسَاءٍ، أَوْ رِجَالٍ أَوْ الِاكْتِفَاءِ بِالْمَجْمُوعِ لَا أَحَدُهُمَا

(قَوْلُهُ: وَصَحَّ بِالْحَرَامِ وَعَصَى إلَخْ) ، وَانْظُرْ هَلْ يَكُونُ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، أَوْ فِي سَفَرِهِ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى سُقُوطِ الطَّلَبِ) إنْ قِيلَ الصِّحَّةُ لَا تَسْتَلْزِمُ السُّقُوطَ لِصِحَّتِهِ مِنْ الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ فَكَلَامُهُ غَيْرُ دَالٍّ عَلَى أَنَّ الْحَجَّ يَسْقُطُ عَنْهُ، وَالْجَوَابُ أَنَّ الصِّحَّةَ تَسْتَلْزِمُ السُّقُوطَ حَيْثُ وُجِدَتْ الشُّرُوطُ ك (قَوْلُهُ: وَدَلِيلُ الْعُمُومِ إلَخْ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ بِمَعْنَى سُقُوطِ الطَّلَبِ فَإِنَّ بَيْنَهُمَا تَنَافِيًا فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ:، وَأَمَّا حَجُّ الْفَرْضِ فَأَفْضَلُ مِنْ الْغَزْوِ) أَيْ: مِنْ الْغَزْوِ وَالتَّطَوُّعِ هَذَا هُوَ الَّذِي يُفِيدُهُ مَا يَأْتِي إلَّا أَنَّ الِاسْتِدْرَاكَ يُبْعِدُهُ إلَّا أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ بِفَضْلِ نَدْبٍ أَيْ: مِنْ حَيْثُ التَّقْدِيمُ لَا مِنْ حَيْثُ الذَّاتُ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا وَجَدْت الْحَطَّابَ أَفَادَهُ (قَوْلُهُ إذَا لَمْ يَكُنْ خَوْفٌ) فَإِذَا كَانَ خَوْفٌ يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ إنْ قَلَّ فَإِنْ كَثُرَ كَانَ فَرْضَ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا شَكَّ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ خَوْفٌ بِحَيْثُ صَارَ فَرْضَ كِفَايَةٍ إنْ قَلَّ الْخَوْفُ فَإِنْ كَثُرَ صَارَ فَرْض عَيْنٍ.

(قَوْلُهُ: يُنْظَرُ إلَى كَثْرَةِ الْخَوْفِ) أَيْ: بِحَيْثُ يَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ وَقَوْلُهُ: وَقِلَّتُهُ بِحَيْثُ يَصِيرُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْجِهَادَ تَارَةً يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ وَتَارَةً يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَتَارَةً مُسْتَحَبًّا.

هَذَا مَا أَفَادَهُ عج قَالَ فَتَلْخِيصُ الْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ إذَا تَعَيَّنَ الْغَزْوُ لِفَجْءِ الْعَدُوِّ، أَوْ بِتَعْيِينِ الْإِمَامِ، أَوْ كَثْرَةِ الْخَوْفِ مِنْ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَى الْحَجِّ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ وَاحِدٌ مِمَّا ذُكِرَ قُدِّمَ تَطَوُّعُ الْحَجِّ عَلَى تَطَوُّعِ الْغَزْوِ وَقُدِّمَ فَرْضُ الْغَزْوِ عَلَى فَرْضِ الْحَجِّ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى التَّرَاخِي حَيْثُ لَمْ يَخَفْ الْفَوَاتَ فَإِنْ خِيفَ الْفَوَاتُ قُدِّمَ الْحَجُّ عَلَى الْغَزْوِ كَمَا أَنَّهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالْفَوْرِ كَذَلِكَ انْتَهَى فَعُلِمَ أَنَّ الْأَقْسَامَ أَرْبَعَةٌ حَجٌّ وَغَزْوٌ فَرْضَانِ وَمُتَطَوِّعٌ بِهِمَا وَحَجُّ فَرْضٍ وَغَزْوُ تَطَوُّعٍ وَعَكْسُهُ ثُمَّ نَقُولُ وَالْغَزْوُ الْفَرْضُ إمَّا فَرْضُ عَيْنٍ، أَوْ كِفَايَةٍ، وَقَدْ عَلِمْت أَحْكَامَهَا، وَانْظُرْ ذَلِكَ مَعَ مَا يَأْتِي فِي الْجِهَادِ.

(قَوْلُهُ: وَرُكُوبٌ) أَيْ: أَنْ يَكُونَ الْغَالِبُ عَلَيْهِ الرُّكُوبَ، أَوْ يَكُونَ مُكْرِيًا الْمَرْكُوبَ مَتَى أَرَادَ فَلَا يُنَافِي أَنَّ الْمَشْيَ فِي الْحَجِّ فَضِيلَةٌ كَمَا فِي كَلَامِ اللَّخْمِيِّ وَغَيْرِهِ كَمَا هُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي ح عِنْدِ قَوْلِ الْمَتْنِ وَقَدَرَ عَلَى الْمَشْيِ وَهَذَا يُتَأَمَّلُ فِيهِ فَإِنَّ الْمُتَبَادَرَ الرُّكُوبُ بِالْفِعْلِ وَهُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ فِعْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالصَّوَابُ إبْقَاءُ الْمُصَنِّفِ عَلَى حَالِهِ وَكَلَامُ اللَّخْمِيِّ مُقَابِلٌ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَعْرُوفِ) وَمُقَابِلُهُ حَجَّ مَاشِيًا وَقَوْلُهُ: وَلِمَا فِيهِ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ:؛ لِأَنَّهُ فَعَلَهُ وَهُوَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُقَابِلَ مَا ذَكَرَ وَقَوْلُهُ: فَعَلَهُ أَيْ: تَعَلَّقَتْ قُدْرَتُهُ بِهِ فَالرُّكُوبُ بِمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ وَالْفِعْلِ بِالْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ الَّذِي هُوَ التَّعَلُّقُ (قَوْلُهُ: حَتَّى فِي الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ) لَا يَخْفَى أَنَّ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ أَعْظَمُ الْمَنَاسِكِ الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الرُّكُوبُ فَلَا يُنَاسِبُ الْإِتْيَانَ بِحَتَّى الْغَائِيَّةِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّهُ إنَّمَا أَتَى بِذَلِكَ لِقَصْدِ الرَّدِّ عَلَى الشَّيْخِ سَالِمٍ فَإِنَّهُ قَالَ: وَكَذَا سَائِرُ الْمَنَاسِكِ إلَّا الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ وَرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ انْتَهَى.

وَإِنَّمَا قُلْنَا الَّتِي يُطْلَبُ فِيهَا الرُّكُوبُ لِأَنَّ الطَّوَافَ وَالسَّعْيَ يُطْلَبُ فِيهِمَا الْمَشْيُ عَلَى مَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ (قَوْلُهُ: الرَّاكِبُ إلَخْ) بِإِسْنَادٍ فِيهِ ضَعْفٌ وَيُقَالُ أَيْنَ السَّبْعُونَ مِنْ السَّبْعِمِائَةِ وَهَلْ هُنَاكَ إلَّا الْحَسَنَاتِ وَلِذَلِكَ ذَهَبَ اللَّخْمِيُّ وَسَنَدٌ إلَى أَنَّ الْمَشْيَ أَفْضَلُ، وَأَمَّا رُكُوبُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَّا لِلتَّشْرِيعِ وَالْجَوَابُ الصَّوَابُ كَمَا فِي عج أَنَّ خَبَرَ حَجِّهِ رَاكِبًا مُتَوَاتِرٌ، وَذَلِكَ آحَادٌ، وَالْمُتَوَاتِرُ مُقَدَّمٌ عَلَى الْآحَادِ (قَوْلُهُ خُطْوَةٍ) الْخُطْوَةُ - بِالضَّمِّ وَقَدْ تُفْتَحُ - مَا بَيْنَ الْقَدَمَيْنِ، وَالْخَطْوَةُ بِالْفَتْحِ الْمَرَّةُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَضِيَّتُهُ قِرَاءَتُهُ بِالضَّمِّ عَلَى الْأَفْصَحِ، وَإِنْ كَانَ الْفَتْحُ يَصِحُّ وَرَأَيْته مَضْبُوطًا بِهِ فِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ مِنْ الْجَامِعِ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْمَزِيَّةَ لَا تَقْتَضِي الْأَفْضَلِيَّةَ) هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ الرُّكُوبَ بِالْفِعْلِ.

(قَوْلُهُ: مُقَتَّبٌ) بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيفِ عَلَى وَزْنِ مُكَرَّمٍ يُقْرَأُ بِكُلٍّ، وَقَدْ وَرَدَ مَا يَدُلُّ لِذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي فِي الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ الثَّانِي فَفِي النِّهَايَةِ لِابْنِ الْأَثِيرِ الْأَوَّلُ ذِكْرُهُ ق

<<  <  ج: ص:  >  >>