للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرَ وَارِثٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ وَسَمَّى لَهُ قَدْرًا فَإِنَّهُ يُدْفَعُ لَهُ بِتَمَامِهِ وَتَكَلَّمَ هُنَا عَلَى مَا إذَا عَيَّنَ أَيْضًا شَخْصًا غَيْرَ وَارِثٍ لِيَحُجَّ عَنْهُ إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُسَمِّ لَهُ قَدْرًا مَعْلُومًا فَإِنْ رَضِيَ بِأُجْرَةِ مِثْلِهِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ فَإِنَّهُ يُزَادُ عَلَيْهَا مِثْلُ ثُلُثِهَا إنْ كَانَ الثُّلُثُ يَحْمِلُ ذَلِكَ، فَإِنْ رَضِيَ فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا تَرَبَّصَ بِهِ قَلِيلًا لَعَلَّهُ أَنْ يَرْضَى ثُمَّ بَعْدَ التَّرَبُّصِ يَرْجِعُ مِيرَاثًا كُلَّهُ إنْ كَانَ الْحَجُّ غَيْرَ صَرُورَةٍ وَإِلَّا أَوْجَرَ غَيْرَهُ، وَالصَّرُورَةُ مَنْ لَمْ يَحُجَّ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ؛ لِأَنَّهُمَا قَدْ صَرَّا دَرَاهِمَهُمَا وَلِمَنْ يُنْفِقَاهَا، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: غَيْرَ وَارِثٍ مِمَّا إذَا عَيَّنَ وَارِثًا فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى أُجْرَةِ مِثْلِهِ شَيْئًا كَمَا مَرَّ، وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: وَلَمْ يُسَمِّ عَمَّا إذَا سَمَّى لَهُ قَدْرًا مَعْلُومًا فَإِنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَيْهِ شَيْئًا، فَإِنْ رَضِيَ بِهِ فَلَا كَلَامَ، أَوْ رَضِيَ بِدُونِهِ رَجَعَ الْبَاقِي مِيرَاثًا، وَقَوْلُهُ: (غَيْرَ عَبْدٍ وَصَبِيٍّ، وَإِنْ امْرَأَةٌ) شَرْطٌ فِي كُلِّ أَجِيرٍ حَاجٍّ عَنْ صَرُورَةٍ، وَلَيْسَ خَاصًّا بِالصَّرُورَةِ قَبْلَهُ، وَإِنَّمَا كَانَ الصَّرُورَةُ لَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ بِخِلَافِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْحَجُّ وَاجِبًا عَلَيْهِ اُسْتُؤْجِرَ لَهُ مَنْ يُخَاطَبُ بِالْوُجُوبِ لِتَنَزُّلِ حَجِّهِ مَنْزِلَةَ حَجِّ الْمُوصِي، وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ كَالْمَرْأَةِ بِخِلَافِ غَيْرِهِ.

(ص) وَلَمْ يَضْمَنْ وَصِيٌّ دَفَعَ لَهُمَا مُجْتَهِدًا (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا دَفَعَ الْمَالَ إجَارَةً لِلْعَبْدِ، أَوْ الصَّبِيِّ ظَانًّا بُلُوغَ الصَّبِيِّ وَحُرِّيَّةَ الْعَبْدِ فَحَجَّا عَنْ الصَّرُورَةِ، أَوْ لَمْ يَحُجَّا وَتَلِفَ الْمَالُ، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُمَا عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَضْمَنُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ اجْتَهَدَ حَدَّ اجْتِهَادِهِ، وَالْمَقْصُودُ حُصُولُ الثَّوَابِ، وَهُوَ يَحْصُلُ مَعَ الْعَبْدِ وَمَعَ الصَّبِيِّ، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يُتْلِفْ الْمَالَ لِنَزْعٍ مِنْهُمَا، وَإِذَا قُلْنَا بِعَدَمِ الضَّمَانِ لِلْوَصِيِّ فَإِنَّ الْعَبْدَ يَضْمَنُ إنْ غَرَّ وَيَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ.

(ص) ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدْ بِمَا سَمَّى مِنْ مَكَانِهِ حَجَّ مِنْ الْمُمْكِنِ، وَلَوْ سَمَّاهُ إلَّا أَنْ يُمْنَعَ فَمِيرَاثٌ (ش) صُورَتُهَا أَنَّهُ سَمَّى قَدْرًا مِنْ الْمَالِ وَقَالَ: حُجُّوا عَنِّي بِهِ فَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ بِهِ مِنْ بَلَدِهِ الَّذِي أَوْصَى فِيهِ فَإِنَّهُ يُسْتَأْجَرُ لَهُ مِنْ مَكَان مُمْكِنٍ، وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ إذَا لَمْ يُسَمِّ مَكَانَهُ الَّذِي يَحُجُّ عَنْهُ مِنْهُ، فَإِنْ سَمَّاهُ بِأَنْ قَالَ: حُجُّوا عَنِّي بِهَذَا الْقَدْرِ مِنْ الْمَكَانِ الْفُلَانِيِّ فَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْهُ فَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ يُسْتَأْجَرُ لَهُ مَنْ يَحُجُّ عَنْهُ مِنْ مَكَان مُمْكِنٍ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَلَا يَرْجِعُ مِيرَاثًا إلَّا أَنْ يُمْنَعَ بِنَصٍّ: كَلَا تَحُجُّوا عَنِّي إلَّا مِنْ مَوْضِعِ كَذَا، أَوْ قَرِينَةٍ فَمِيرَاثٌ اتِّفَاقًا (ص) وَلَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ (ش) أَيْ: وَلَزِمَ الْأَجِيرَ بِنَفْسِهِ الْحَجُّ، وَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِ، وَلَا يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ، فَقَوْلُهُ: بِنَفْسِهِ تَوْكِيدٌ لِلْهَاءِ فِي لَزِمَهُ وَالْأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ لِلِاسْتِعَانَةِ أَيْ: وَلَزِمَهُ الْحَجُّ مُسْتَعِينًا بِنَفْسِهِ؛ لَا زَائِدَةً كَقَوْلِك جَاءَ زَيْدٌ بِنَفْسِهِ (ص) لَا الْإِشْهَادُ إلَّا أَنْ يُعْرَفَ (ش) أَيْ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَشْهَدَ عِنْدَ الْإِحْرَامِ أَنَّهُ أَحْرَمَ عَنْ فُلَانٍ وَيُقْبَلُ، قَوْلُهُ: بِغَيْرِ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ الْإِشْهَادَ فَلَا بُدَّ مِنْهُ، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ

ــ

[حاشية العدوي]

فُهِمَ مِنْهُ الطَّمَعُ فِي الزِّيَادَةِ، فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْإِبَايَةُ بِالْكُلِّيَّةِ فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّرَبُّصِ.

(قَوْلُهُ: وَلَيْسَ خَاصًّا بِالصَّرُورَةِ قَبْلَهُ) فَالصَّرُورَةُ فِي غَيْرِ فَرْضِ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤَجَّرُ لَهُ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ كَمَا أَنَّهُ فِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يَخْتَلِفَانِ فِي غَيْرِ الصَّرُورَةِ فَفِي فَرْضِ الْمُصَنِّفِ لَا يُؤَجَّرُ لَهُ وَيَرْجِعُ الْمَالُ مِيرَاثًا، وَفِي غَيْرِهِ يُؤَجَّرُ لَهُ الْعَبْدُ وَالصَّبِيُّ، وَإِذَا أَوْصَى الصَّرُورَةُ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ عَبْدٌ، أَوْ صَبِيٌّ نَفَذَتْ وَصِيَّتُهُ فَإِنْ قُلْتَ: لِمَ كَانَ غَيْرُ الصَّرُورَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْمُصَنِّفِ لَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ وَيَرْجِعُ الْمَالُ مِيرَاثًا، وَفِي غَيْرِهَا يُسْتَأْجَرُ لَهُ عَبْدٌ وَصَغِيرٌ وَأَوْلَى غَيْرُهُمَا؟ قُلْتُ: لَمَّا كَانَ الْمُوصَى لَهُ مُعَيَّنًا وَرَدَ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ رَدِّ الْوَصِيَّةِ مِنْ أَصْلِهَا وَلَا كَذَلِكَ غَيْرُهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي الْجُمْلَةِ) الْوَاوُ لِلْحَالِ وَهُوَ مُرْتَبِطٌ بِقَوْلِهِ: مَنْ يُخَاطَبُ بِالْوُجُوبِ فِي الْجُمْلَةِ أَيْ: فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَرْأَةَ يُشْتَرَطُ فِيهَا زِيَادَةً عَلَى الرَّجُلِ زِيَادَةُ مَحْرَمٍ أَوْ زَوْجٍ، وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الرَّجُلَ يُخَاطَبُ بِالْحَجِّ فِي جَمِيعِ أَحْوَالِ الِاسْتِطَاعَةِ، وَالْمَرْأَةُ إنَّمَا تُخَاطَبُ بِهِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهَا وَهُوَ أَنْ يُصَاحِبَ الْأَمْنَ عَلَى النَّفْسِ وَالْمَالِ مَحْرَمٌ، أَوْ زَوْجٌ وَلَا يَكُونُ مَعَ ذَلِكَ بَعْدَ مَشْيٍ

. (قَوْلُهُ: يَعْنِي: أَنَّ الْوَصِيَّ إذَا دَفَعَ الْمَالَ) أَيْ: حَيْثُ كَانَ لَا يُسْتَأْجَرَانِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُوصِي صَرُورَةً وَلَمْ يَأْذَنْ فِي اسْتِئْجَارِهِمَا، أَوْ كَانَ غَيْرَ صَرُورَةٍ وَمُنِعَ مِنْ اسْتِئْجَارِهِمَا (قَوْلُهُ وَيَكُونُ جِنَايَةً فِي رَقَبَتِهِ) وَالصَّبِيُّ إنْ غُرَّ فَفِي مَالِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ كُلَّ مَا يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ فَهُوَ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَكُلُّ مَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ فَهُوَ سَاقِطٌ عَنْ الصَّبِيِّ

(قَوْلُهُ: مِنْ مَكَانِهِ) مُتَعَلِّقٌ بِيُوجَدُ، أَوْ بِحَجٍّ مَصْدَرُهُ نَائِبُ فَاعِلِ يُوجَدُ لَا يُسَمَّى لِمُنَافَاتِهِ لِقَوْلِهِ، وَلَوْ سَمَّى قَالَ مُحَشِّي تت الْمُرَادُ بِمَكَانِهِ مَحَلُّ مَوْتِهِ (قَوْلُهُ: فَالْمَشْهُورُ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنْ أَصْبَغَ أَنَّهُ يَرْجِعُ مِيرَاثًا يُرِيدُ، وَلَوْ لَمْ يَتَبَيَّنْ أَنَّهُ أَرَادَ أَنْ يَحُجَّ عَنْهُ إلَّا مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ (قَوْلُهُ: وَلَزِمَهُ الْحَجُّ بِنَفْسِهِ) هَذَا إذَا أَطْلَقَ أَوْلَى إذَا وَقَعَ مِنْهُ نَصٌّ، أَوْ قَرِينَةٌ عَلَى ذَلِكَ فَالنَّصُّ كَقَوْلِك: اسْتَأْجَرْتُك لِلْحَجِّ بِنَفْسِك وَالْقَرِينَةُ كَكَوْنِهِ مِمَّنْ يَرْغَبُ فِيهِ لِعِلْمِهِ وَصَلَاحِهِ وَلَا يَجُوزُ لَهُ اسْتِئْجَارُ غَيْرِهِ وَلَا يَقُومُ وَارِثُهُ مَقَامَهُ.

وَاعْلَمْ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ الْفِعْلُ بِعَيْنِ الْأَجِيرِ فِي إجَارَةِ الْحَجِّ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَأَمَّا فِي إجَارَةِ غَيْرِ الْحَجِّ فَيَتَعَلَّقُ الْفِعْلُ بِذِمَّتِهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْإِجَارَةِ عَلَى الْحَجِّ حُصُولُ الثَّوَابِ، وَشَأْنُهُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْغَرَضُ بِحُصُولِهِ مِنْ شَخْصٍ دُونَ آخَرَ فَحُمِلَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ عَلَى قَصْدِ عَيْنِ الْأَجِيرِ، وَأَمَّا الْإِجَارَةُ عَلَى غَيْرِهِ فَالْمَقْصُودُ مِنْهُ حُصُولُ الْفِعْلِ، وَشَأْنُهُ أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ الْغَرَضُ بِحُصُولِهِ مِنْ شَخْصٍ دُونَ آخَرَ فَحُمِلَتْ الْإِجَارَةُ فِيهِ عَلَى الْمَضْمُونَةِ (قَوْلُهُ: تَوْكِيدٌ إلَخْ) أَيْ: فَتَكُونُ الْبَاءُ زَائِدَةً، وَنَفْسُهُ مَنْصُوبَةٌ بِحَرَكَةٍ مُقَدَّرَةٍ مَنَعَ مِنْ ظُهُورِهَا اشْتِغَالُ الْمَحَلِّ بِحَرَكَةِ حَرْفِ الْجَرِّ الزَّائِدِ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى إلَخْ إنَّمَا كَانَ هَذَا أَوْلَى لِمَا فِي الْأَوَّلِ مِنْ التَّكَلُّفِ كَمَا تَبَيَّنَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْعُرْفُ الْإِشْهَادَ) أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَلَوْ حَلَفَ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الْإِشْهَادَ، أَوْ جَرَى بِهِ الْعُرْفُ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَلَا يَسْتَحِقُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>