للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا حَيْثُ كَانَ دَفَعَ لَهُ الْأُجْرَةَ وَإِلَّا فَيَلْزَمُهُ الْإِشْهَادُ، وَإِنْ لَمْ يَجْرِ عُرْفٌ حَيْثُ كَانَ مُتَّهَمًا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْهُ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ، وَظَاهِرُ كَلَامِ سَنَدٍ بِغَيْرِ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَجْرِيَ الْعُرْفُ بِالْإِشْهَادِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ أَوَّلُ كَلَامِ سَنَدٍ.

(ص) وَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ فِيمَنْ يَأْخُذُهُ فِي حَجَّةٍ (ش) أَيْ: قَامَ وَارِثُ الْأَجِيرِ مَقَامَهُ فِي قَوْلِ الْمُوصِي ادْفَعُوا هَذَا الْقَدْرَ لِمَنْ يَأْخُذُهُ فِي حَجَّةٍ أَيْ: مَضْمُونَةٍ فِي ذِمَّةِ الْأَجِيرِ وَاسْتُشْكِلَ قِيَامُ الْوَارِثِ مَقَامَهُ بِأَنَّ الْقَاعِدَةَ إنْ تَلِفَ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ الْمَنْفَعَةُ تَنْفَسِخُ بِهِ الْإِجَارَةُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْأَجِيرَ يُسْتَوْفَى مِنْهُ، وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ هِيَ الثَّوَابُ وَهُوَ لَا يُسْتَوْفَى مِنْ الْأَجِيرِ، بَلْ يُسْتَوْفَى بِسَبَبِهِ.

(ص) ، وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ حَجَّ عَنْهُ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْحَجَّ الْفَرْضَ لَا يَسْقُطُ عَنْ صَاحِبِهِ بِحَجِّ الْغَيْرِ عَنْهُ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الْمَحْجُوجُ عَنْهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ الْحَجَّ لَا يَقْبَلُ النِّيَابَةَ عَلَى الْمَذْهَبِ وَقَالَ ق وَيَقَعُ نَفْلًا لِلْأَجِيرِ مَعَ أَنَّهُ بِلَا نِيَّةٍ فَهُوَ وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» .

(ص) وَلَهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ وَالدُّعَاءِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمَحْجُوجَ عَنْهُ إنَّمَا لَهُ أَجْرُ النَّفَقَةِ أَيْ: ثَوَابُهَا عَلَى الْأَجِيرِ وَتَسْهِيلُ الطَّرِيقِ إنْ كَانَ أَوْصَى لِلْأَجِيرِ بِشَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، وَأَمَّا إنْ تَطَوَّعَ غَيْرُهُ عَنْهُ بِالْحَجِّ فَلَهُ أَجْرُ الدُّعَاءِ، وَيُجَابُ عَنْ اسْتِشْكَالِ الْبِسَاطِيِّ بِأَنَّ الْإِثَابَةَ كَيْفَ تُجَامِعُ الْمَكْرُوهَ بِأَنَّ هُنَا جِهَتَيْنِ: جِهَةَ مُعَاقَدَةٍ، وَجِهَةَ نَفَقَةٍ فَالْكَرَاهَةُ مِنْ حَيْثُ الْعَقْدُ، وَالْأَجْرُ مِنْ حَيْثُ النَّفَقَةُ لِانْتِفَاعِ الْأَجِيرِ بِهَا دُونَ أَنْ يَنْتَفِعَ الْمُسْتَأْجِرُ فَهِيَ إمَّا صَدَقَةٌ أَوْ هِبَةٌ، وَلَمَّا شَارَكَتْ الْعُمْرَةُ الْحَجَّ فِي أَرْكَانٍ ثَلَاثَةٍ أَتَى بِالضَّمِيرِ فِيهَا مَثْنًى لِلِاخْتِصَارِ فِيمَا يَأْتِي، ثُمَّ الطَّوَافُ لَهُمَا سَبْعًا، ثُمَّ قَالَ: ثُمَّ السَّعْيُ وَذَكَرَ هُنَا الرُّكْنَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ:.

(ص) وَرُكْنُهُمَا الْإِحْرَامُ (ش) أَيْ: وَرُكْنُ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرِهِمَا فِي قَوْلِهِ: فَرْضُ الْحَجِّ وَسُنَّةُ الْعُمْرَةِ الْإِحْرَامُ، ثُمَّ ذَكَرَ الرُّكْنَ الرَّابِعَ الْمُخْتَصَّ بِهِ الْحَجُّ بِقَوْلِهِ: وَلِلْحَجِّ حُضُورُ جُزْءِ عَرَفَةَ إلَخْ، وَالْإِحْرَامُ لُغَةً مَصْدَرُ أَحْرَمَ إذَا دَخَلَ الْحَرَمَ أَوْ إذَا دَخَلَ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَوْ الصَّلَاةِ وَشَرْعًا عَرَّفَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَنْسَكِهِ بِأَنَّهُ: الدُّخُولُ بِالنِّيَّةِ فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ مَعَ قَوْلٍ مُتَعَلِّقٍ بِهِ، أَوْ فِعْلٍ كَالتَّوَجُّهِ عَلَى الطَّرِيقِ، وَانْظُرْ تَعْرِيفَهُ لِابْنِ عَرَفَةَ مَعَ شَرْحِهِ فِي

ــ

[حاشية العدوي]

الْأَجْرَ، وَلَوْ كَانَ أَمِينًا وَحَلَفَ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ الْإِشْهَادَ وَلَا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ، فَإِنْ كَانَ قَبَضَ الْأَجْرَ فَإِنَّا لَا نَتَعَرَّضُ لَهُ إلَّا إذَا ثَبَتَتْ خِيَانَتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَبَضَ الْأُجْرَةَ فَإِنَّهُ لَا يُصَدَّقُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا، وَلَوْ حَلَفَ وَلَا يَنْفَعُهُ إلَّا الْإِشْهَادُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ أَمِينًا فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ، وَلَوْ بِغَيْرِ يَمِينٍ

(قَوْلُهُ: وَقَامَ وَارِثُهُ مَقَامَهُ) ثُمَّ إذَا قَامَ إلَخْ فَإِنَّهُ يَبْتَدِئُ الْحَجَّ وَلَا يُكَمِّلُ عَلَى فِعْلِ مُوَرِّثِهِ وَيُحْرِمُ مِنْ الْمَوْضِعِ الْمُشْتَرَطِ الْإِحْرَامِ مِنْهُ، أَوْ مِنْ مِيقَاتِ الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ اتَّسَعَ الْوَقْتُ وَإِلَّا فَمِنْ مَوْضِعٍ يُدْرِكُ فِيهِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَسْقُطُ فَرْضُ مَنْ حَجَّ عَنْهُ) ، بَلْ وَلَا نَفْلُ مَنْ حَجَّ عَنْهُ (قَوْلُهُ: وَيَقَعُ نَفْلًا لِلْأَجِيرِ) قَدْ قُرِّرَ أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ وَلَكِنَّ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ فَقَالَ يَقَعُ الْحَجُّ تَطَوُّعًا عَنْ النَّائِبِ، وَفِي شَرْحِ شب.

وَالظَّاهِرُ بَعْدَ تَسْلِيمِ أَنَّ الْحَجَّ لَا يَسْقُطُ إنَّ لِلْمَيِّتِ ثَوَابَهُ كَحَجِّ النَّفْلِ انْتَهَى فَانْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ رُبَّمَا عَارَضَ مَا قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: مَعَ أَنَّهُ بِلَا نِيَّةٍ) أَيْ: لِلْأَجِيرِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ الْأَجِيرُ أَيْ: يَنْوِي بِحَجِّهِ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ حَيْثُ كَانَ صَرُورَةً وَأَنَّهُ يَقَعُ تَطَوُّعًا لِلْأَجِيرِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ: فَهُوَ وَارِدٌ إلَخْ) الْمُنَاسِبُ الْعَكْسُ فَيَقُولُ فَالْحَدِيثُ وَارِدٌ عَلَيْهِ وَنُسْخَةُ الشَّيْخِ بِخَطِّهِ هَكَذَا

(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَجِيرِ) مُتَعَلِّقٌ بِالنَّفَقَةِ، وَتَسْهِيلُ الطَّرِيقِ مَعْطُوفٌ عَلَى النَّفَقَةِ أَيْ: تَسْهِيلُ الطَّرِيقِ عَلَى الْحَاجِّينَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ تَرَتَّبَ عَلَى ذَلِكَ كَثْرَةُ الْمُسَافِرِينَ فَيَسْهُلُ السِّيَرُ عَلَى النَّاسِ لِوُجُودِ الْأَمْنِ بِالْكَثْرَةِ الْمَذْكُورَةِ.

(قَوْلُهُ: وَأَمَّا إنْ تَطَوَّعَ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ أَجْرَ الدُّعَاءِ لَا يَخْتَصُّ بِقِسْمِ التَّطَوُّعِ، بَلْ أَجْرُ الدُّعَاءِ أَيْضًا فِي قِسْمِ النَّفَقَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ: فَلَهُ أَجْرُ الدُّعَاءِ) لَا يَخْفَى أَنَّ أَجْرَ الدُّعَاءِ لِلدَّاعِي وَإِنَّمَا لَهُ أَجْرُ الْبَعْثِ عَلَى الدُّعَاءِ لِكَوْنِهِ أَذِنَ لَهُ فِي الْحَجِّ، ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا رَأَيْت شب قَالَ مَا نَصُّهُ وَقَوْلُهُ: وَالدُّعَاءُ أَيْ: وَبَرَكَةُ الدُّعَاءِ لَا ثَوَابُ الدُّعَاءِ؛ لِأَنَّ ثَوَابَهُ لِلدَّاعِي ا. هـ. وَأَرَادَ بِبَرَكَةِ الدُّعَاءِ الْمَدْعُوَّ بِهِ وَهَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ فِي دُعَائِهِ يَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِفُلَانٍ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ غَيْرَ ثَوَابِ الدُّعَاءِ، وَالْمَدْعُوُّ بِهِ يُقَالُ لَهُ بَرَكَةٌ، وَفِي عب وَالْمُرَادُ بِأَجْرِ الدُّعَاءِ فِي الْقِسْمَيْنِ ثَوَابُهُ وَلَوْ كَانَ الدُّعَاءُ لِنَفْسِ الْأَجِيرِ بِدُنْيَوِيٍّ فَيَحْصُلُ لِمَنْ حَجَّ عَنْهُ ثَوَابُ خُضُوعِهِ وَتَضَرُّعِهِ لِلَّهِ تَعَالَى وَمُتَعَلِّقِهِ وَهُوَ مَطْلُوبُ الْأَجِيرِ لَهُ اهـ وَفِيهِ شَيْءٌ، بَلْ ثَوَابُ خُضُوعِهِ لَهُ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: إمَّا صَدَقَةً) أَيْ: عَلَى الْأَجِيرِ أَيْ: صَدَقَةً قَصَدَ بِهَا وَجْهَ اللَّهِ وَقَوْلُهُ: أَوْ هِبَةً قَصَدَ بِهَا وَجْهَ الْأَجِيرِ وَلَيْسَتْ هِبَةَ ثَوَابٍ لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يَقَعُ فَرْضًا عَنْهُ وَلَا نَفْلًا، بَلْ نَفْلٌ لِلْأَجِيرِ

(قَوْلُهُ إذَا دَخَلَ إلَخْ) الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ مُشْتَرِكٌ اشْتِرَاكًا لَفْظِيًّا بَيْنَ الدُّخُولِ فِي الْحَرَمِ وَالدُّخُولِ فِي حُرْمَةِ الْحَجِّ إلَخْ وَقَوْلُهُ: بِأَنَّهُ الدُّخُولُ بِالنِّيَّةِ ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّ الْإِحْرَامَ لَيْسَ نَفْسَ النِّيَّةِ فَلِذَا اسْتَشْكَلَ عِزُّ الدِّين مَعْرِفَتَهُ وَأَبْطَلَ كَوْنَهُ التَّلْبِيَةَ بِعَدَمِ رُكْنِيَّتِهَا أَيْ: وَهُوَ رُكْنٌ وَكَوْنُهَا النِّيَّةَ بِأَنَّهَا شَرْطُ الْحَجِّ أَيْ: فَهِيَ خَارِجَةٌ وَالْإِحْرَامُ دَاخِلٌ انْتَهَى.

ثُمَّ لَا يَخْلُو الْحَالُ إمَّا أَنْ يُرِيدَ بِالدُّخُولِ فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ الشُّرُوعَ فِي أَحَدِ النُّسُكَيْنِ فَيَقْتَضِي أَنَّهُ بَعْدَ ذَلِكَ غَيْرُ مُحْرِمٍ وَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ أُرِيدَ بِالدُّخُولِ الِاتِّصَافُ بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ فَيَرِدُ أَنَّ الِاتِّصَافَ بِالشَّيْءِ غَيْرُ ذَلِكَ الشَّيْءِ كَيْفَ وَالْإِحْرَامُ جُزْءٌ مِنْ أَحَدِ النُّسُكَيْنِ (قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلٍ) أَيْ: كَالتَّلْبِيَةِ وَقَوْلُهُ: كَالتَّوَجُّهِ أُدْخِلَتْ الْكَافُ لِلتَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ تَعْرِيفَهُ لِابْنِ عَرَفَةَ) عَرَّفَهُ بِقَوْلِهِ: صِفَةٌ حُكْمِيَّةٌ تُوجِبُ لِمَوْصُوفِهَا حُرْمَةَ مُقَدَّمَاتِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا، وَإِلْقَاءُ التَّفَثِ وَالطِّيبِ، وَلُبْسِ الْمَخِيطِ، وَالصَّيْدُ بِغَيْرِ ضَرُورَةٌ، وَلَا تَبْطُلُ بِمَا يَمْنَعُهُ (فَإِنْ قُلْتَ:) هَلَّا قَالَ مُقَدِّمَةُ الْوَطْءِ وَهُوَ مُضَافٌ إلَى مُحَلَّى بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ فَيَعُمُّ فَيَقُومُ مَقَامَ الْجَمْعِ وَهُوَ أَخْصَرُ؟ (قُلْت) لَعَلَّهُ رَأَى أَنَّ فِي ذَلِكَ نِزَاعًا فَصَرَّحَ بِمَا يُزِيلُ الْإِشْكَالَ فِي الْحَدِّ وَقَوْلُهُ: مُطْلَقًا أَيْ: فِي جَمِيعِ الْحَالَاتِ لَيْلًا وَنَهَارًا سِرًّا وَجَهْرًا كَانَ فِي أَفْعَالِ الْحَجِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>