فَقَطْ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ لَفْظِ التَّحَلُّلِ سَوَاءٌ أَفْرَدَ، أَوْ ثَنَّى وَإِلَّا فَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْمَنْصُوصِ، ثُمَّ لَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يَحُجُّ فَإِنَّ الْمُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ لَا يُحْرِمُ بِعُمْرَةٍ أُخْرَى إلَّا بَعْدَ تَحَلُّلِهِ مِنْهَا إذْ لَا تَدْخُلُ عُمْرَةٌ عَلَى أُخْرَى كَمَا يَأْتِي (ص) وَكُرِهَ بَعْدَهُمَا وَقَبْلَ غُرُوبِ الرَّابِعِ (ش) الضَّمِيرُ الْمُثَنَّى يَرْجِعُ إلَى تَحَلَّلِي الْحَجِّ وَهُمَا جَمِيعُ الرَّمْيِ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ، فَالْإِحْرَامُ بِالْعُمْرَةِ قَبْلَ فَرَاغِهِ مِنْهُمَا مَمْنُوعٌ، وَلَا يَنْعَقِدُ، وَلَا يَلْزَمُهُ قَضَاؤُهَا، وَإِحْرَامُهُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْهُمَا وَقَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ مَكْرُوهٌ، وَسَوَاءٌ كَانَ قَدْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ، أَوْ لَمْ يَتَعَجَّلْ وَتَنْعَقِدُ سَنَدٌ. إلَّا أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ فِعْلِهَا حَتَّى يَخْرُجَ وَقْتُ الْحَجِّ مُحَمَّدٌ، فَإِنْ جَهِلَ فَأَحْرَمَ فِي آخِرِ أَيَّامِ الرَّمْيِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَقَدْ كَانَ تَعَجَّلَ أَوْ لَمْ يَتَعَجَّلْ، وَقَدْ رَمَى فِي يَوْمِهِ فَإِنَّ إحْرَامَهُ يَلْزَمُهُ، وَلَكِنْ لَا يَحِلُّ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، وَإِحْلَالُهُ قَبْلَ ذَلِكَ بَاطِلٌ يُرِيدُ لَا يَطُوفُ حَتَّى تَغْرُبَ الشَّمْسُ انْتَهَى.
فَإِنْ وَطِئَ بَعْدَ ذَلِكَ الْإِحْلَالِ أَفْسَدَ عُمْرَتَهُ وَلْيَقْضِهَا بَعْدَ تَمَامِهَا وَيُهْدِي قَالَ فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا مِنْ أَهْلِ بَلَدِنَا: وَيَكُونُ خَارِجَ الْحَرَمِ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ، وَلَا يَدْخُلُ الْحَرَمَ؛ لِأَنَّ دُخُولَهُ الْحَرَمَ بِسَبَبِهَا عَمَلٌ لَهَا، وَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ عَمَلِهَا قَبْلَ مَغِيبِ الشَّمْسِ.
، وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الْمِيقَاتِ الزَّمَانِيِّ وَأَتَى فِيهِ مِنْ الْمَكَانِيِّ بِمَا يُشَارِكُهُ مِنْ كَرَاهَةِ الْإِحْرَامِ قَبْلَهُ لِلِاخْتِصَارِ شَرَعَ فِي الْمَقْصُودِ مِنْهُ وَقَسَّمَهُ بِاعْتِبَارِ النَّاسِكِينَ فَقَالَ (ص) وَمَكَانُهُ لَهُ لِلْمُقِيمِ مَكَّةُ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى وَقْتِهِ أَيْ: مَكَانُ الْإِحْرَامِ الْأَفْضَلُ لَا الْأَوْجَبُ لَهُ لِلْحَجِّ مُفْرِدٌ لِلْمُقِيمِ بِمَكَّةَ مِنْ أَهْلِهَا، أَوْ آفَاقِيٍّ مُقِيمٍ بِهَا لَيْسَ عَلَيْهِ نَفْسٌ مِنْ الْوَقْتِ أَوْ مِنْ مَنْزِلِهِ بِالْحَرَمِ كَأَهْلِ مِنًى وَمُزْدَلِفَةَ مَكَّةَ، وَإِنْ تَرَكَهَا وَأَحْرَمَ مِنْ الْحَرَمِ، أَوْ الْحِلِّ فَخِلَافُ الْأَوْلَى، وَلَا إثْمَ وَلِذَا لَمْ يَقُلْ: وَمِيقَاتُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ: وَمَكَانُهُ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى عَدَمِ وُجُوبِ الْإِحْرَامِ مِنْ مَكَّةَ (ص) وَنُدِبَ بِالْمَسْجِدِ (ش) أَيْ: وَنُدِبَ لِلْمُقِيمِ بِالْحَرَمِ أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَوْفِ الْمَسْجِدِ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: مِنْ بَابِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَيُحْرِمُ مِنْ مَوْضِعِ صَلَاتِهِ وَيُلَبِّي، وَهُوَ جَالِسٌ فِي مَوْضِعِهِ وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُومَ مِنْ مُصَلَّاهُ وَلَا أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى جِهَةِ الْبَيْتِ (ص) كَخُرُوجِ ذِي النَّفَسِ لِمِيقَاتِهِ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ إلَى مِيقَاتِهِ لِيُحْرِمَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ فِي سَعَةٍ مِنْ الْوَقْتِ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِذِي النَّفَسِ.
(ص) وَلَهَا وَلِلْقِرَانِ الْحِلُّ (ش) الضَّمِيرُ فِي لَهَا لِلْعُمْرَةِ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْعُمْرَةَ لَا يُحْرِمُ بِهَا الْمَكِّيُّ وَالْمُقِيمُ بِمَكَّةَ إلَّا مِنْ الْحِلِّ أَيْ: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ إحْرَامٍ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ لِفِعْلِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، وَالْمُرَادُ بِالْحِلِّ مَا جَاوَزَ الْحَرَمَ وَمِثْلُ الْعُمْرَةِ الْقِرَانُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالْقِرَانِ مِنْ مَكَّةَ لَمْ يَجْمَعْ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعُمْرَةِ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ إلَى عَرَفَةَ إنَّمَا هُوَ لِلْحَجِّ فَقَطْ بِخِلَافِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ إلَى عَرَفَةَ وَهِيَ فِي الْحِلِّ فَقَدْ جَمَعَ فِي إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ مِنْ مَكَّةَ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ (ص) وَالْجِعْرَانَةُ أَوْلَى، ثُمَّ التَّنْعِيمُ (ش) هَذَا رَاجِعٌ لِلْعُمْرَةِ وَأَمَّا الْقِرَانُ فَلَا يُطْلَبُ لَهُ مَكَانٌ مُعَيَّنٌ مِنْ الْحِلِّ عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَى، وَلَا غَيْرُهُ وَالْمَعْنَى: أَنَّ الْمُعْتَمِرَ إذَا خَرَجَ لِلْحِلِّ لِيُحْرِمَ بِهَا مِنْهُ فَإِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُحْرِمَ مِنْ الْجِعْرَانَةِ مَوْضِعٌ بَيْنَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: كَمَا هُوَ الْمُتَبَادِرُ إلَخْ) أَيْ: أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ لَفْظِ التَّحَلُّلِ - أَفْرَدَ، أَوْ ثَنَّى - رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وَطَوَافُ الْإِفَاضَةِ (قَوْلُهُ: وَيَكُونُ خَارِجَ إلَخْ) وَانْظُرْ لَوْ دَخَلَ فِي الْحَرَمِ قَبْلَ الْغُرُوبِ وَلَمْ يَعْمَلْ عَمَلًا إلَّا بَعْدَ الْغُرُوبِ، وَالظَّاهِرُ عَلَى بَحْثِهِ أَنَّ دُخُولَهُ لَغْوٌ وَيُؤْمَرُ بِالْعَوْدِ إلَى الْحِلِّ لِيَدْخُلَ مِنْهُ بَعْدَ الْغُرُوبِ وَلَمْ أَرَهُ مَنْصُوصًا قَالَهُ الْحَطَّابُ.
(قَوْلُهُ: وَأَتَى فِيهِ) أَيْ: فِي الزَّمَانِيِّ وَقَوْلُهُ: بِمَا أَيْ: بِحُكْمٍ يُشَارِكُ الْمَكَانِيُّ الزَّمَانِيَّ فِيهِ وَقَوْلُهُ: مِنْ الْمَكَانِيِّ مُتَعَلِّقُ يَأْتِي وَمِنْ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ (قَوْلُهُ: وَمَكَانُهُ لَهُ إلَخْ) ظَرْفٌ لَغْوٌ وَلِلْمُقِيمِ حَالٌ (قَوْلُهُ: لِلْحَجِّ) فَهُوَ تَفْسِيرٌ لِلضَّمِيرِ (قَوْلُهُ أَوْ آفَاقِيٍّ) كَانَ مُقِيمًا إقَامَةً تَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ، أَوْ لَا (قَوْلُهُ: فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَخْ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ الْعُدُولُ (قَوْلُهُ: أَنْ يُحْرِمَ مِنْ جَوْفِ) فِي عب والظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِجَوْفِهِ مَا قَابَلَ الْبَابَ بِدَلِيلِ الْمُقَابِلِ (قَوْلُهُ: وَلَا أَنْ يَتَقَدَّمَ إلَى جِهَةِ الْبَيْتِ) أَيْ: كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ (قَوْلُهُ كَخُرُوجِ ذِي النَّفَسِ إلَخْ) أَيْ: الدَّاخِلِ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ (قَوْلُهُ: وَلَهَا وَلِلْقِرَانِ الْحِلُّ) أَيْ: وَلَا يَجُوزُ الْإِحْرَامُ مِنْ الْحَرَمِ وَلَكِنْ يَنْعَقِدُ إنْ وَقَعَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: أَيْ: يُشْتَرَطُ ذَلِكَ) لَا يَخْفَى أَنَّ نُكْتَةَ التَّعْبِيرِ بِمَكَانِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ لَا تَأْتِي هُنَا إلَخْ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ لَا تَظْهَرُ فِيهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحْرَمَ بِالْحَرَمِ فِيهِمَا يَصِحُّ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي الْعُمْرَةِ مِنْ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْحِلِّ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ طَوَافُهُ وَسَعْيُهُ، وَأَمَّا فِي الْقِرَانِ فَيُطْلَبُ بِالْخُرُوجِ إلَّا أَنَّهُ إذَا لَمْ يَخْرُجْ يَصِحُّ؛ لِأَنَّ خُرُوجَهُ لِعَرَفَةَ يَكْفِي فَيُجَابُ بِأَنَّهُ لَمَّا خَرَجَ إلَى الْحِلِّ فِي كُلٍّ مِنْ الْعُمْرَةِ وَالْقِرَانِ كَأَنَّهُ أَوْقَعَ الْإِحْرَامَ فِي الْحِلِّ (قَوْلُهُ: وَالْجِعْرَانَةُ إلَخْ) أَكْثَرُ عِبَارَةِ الْمُتَأَخِّرِينَ، أَوْ التَّنْعِيمُ فَهُمَا مُتَسَاوِيَانِ فَالْمُنَاسِبُ لِلْمُصَنِّفِ اتِّبَاعُهُمْ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ تِلْكَ التَّعَالِيلَ تُقَوِّي كَلَامَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ ثُمَّ التَّنْعِيمُ) سُمِّيَ التَّنْعِيمَ؛ لِأَنَّ عَلَى يَمِينِهِ جَبَلُ نُعَيْمٍ وَعَلَى يَسَارِهِ جَبَلُ نَاعِمٍ وَاسْمُ الْوَادِي نُعْمَانُ (قَوْلُهُ: هَذَا رَاجِعٌ لِلْعُمْرَةِ) أَيْ: فَهُوَ فِيمَنْ اعْتَمَرَ مِنْ الْحَرَمِ وَأُمِرَ بِالْخُرُوجِ لِيَجْمَعَ فِي إحْرَامِهِ بَيْنَ الْحِلِّ وَالْحَرَمِ فَلَمْ يَخْرُجْ حَتَّى طَافَ.
وَأَمَّا مَنْ أَحْرَمَ قَارِنًا مِنْ الْحَرَمِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَخْرُجَ لِلْحِلِّ كَمَا قَالَ سَنَدٌ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُمَا لَكِنَّهُ لَا يَطُوفُ وَيَسْعَى بَعْدَ خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ وَالسَّعْيَ بَعْدَهُ يَنْدَرِجُ فِيهِمَا طَوَافُ الْعُمْرَةِ وَسَعْيُهَا، فَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ إلَى الْحِلِّ حَتَّى خَرَجَ إلَى عَرَفَةَ فَطَافَ وَسَعَى فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ كَمَا قَالَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ: عَلَى سَبِيلِ الْأَوْلَى وَلَا غَيْرَهُ) وَلَكِنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَبْعُدَ عَنْ طَرَفِهِ