للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْلٍ بِأَنْ يُجَامِعَ وَهُوَ يُلَبِّي، أَوْ فِعْلٍ بِأَنْ يُجَامِعَ عَلَى دَابَّتِهِ وَهِيَ مُتَوَجِّهَةٌ، وَهُوَ يُلَبِّي وَبِهَذَا يَنْدَفِعُ اعْتِرَاضُ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ الْمُؤَلِّفَ بَنَى كَلَامَهُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَرْجُوحَةِ وَهِيَ انْعِقَادُ الْإِحْرَامِ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ وَحَمَلْنَا كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ عَلَى أَنَّهُ أَحْرَمَ، وَهُوَ يُجَامِعُ احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ نَوَى حِينَ الْإِحْرَامِ أَنْ يُجَامِعَ فَإِنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ اُنْظُرْ ح.

(ص) مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ تَعَلَّقَا بِهِ (ش) أَيْ: إنَّمَا يَنْعَقِدُ بِالنِّيَّةِ حَالَ اقْتِرَانِهَا بِقَوْلٍ: كَالتَّلْبِيَةِ وَالتَّهْلِيلِ، أَوْ فِعْلٍ: كَالتَّوَجُّهِ وَالتَّقْلِيدِ وَالْإِشْعَارِ، فَالضَّمِيرُ فِي بِهِ رَاجِعٌ لِلْإِحْرَامِ، فَقَوْلُهُ: مَعَ إلَخْ حَالٌ مِنْ النِّيَّةِ أَيْ: لَا بِمُجَرَّدِهَا عِنْدَ اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ شَاسٍ قَالُوا: وَهُوَ الْمَنْصُوصُ وَقَالَ فِي مَنْسَكِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ، لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ وَصَاحِبُ الْمُعَلِّمِ وَسَنَدٌ وَصَاحِبُ الْقَبَسِ: إنَّ النِّيَّةَ كَافِيَةٌ فِي انْعِقَادِهِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ، وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ إلَخْ مُتَعَلِّقٌ بِالنِّيَّةِ، وَإِنْ لَزِمَ مِنْهُ الْفَصْلَ بَيْنَ الْمَصْدَرِ وَمَعْمُولِهِ بِأَجْنَبِيٍّ؛ لِأَنَّهُمْ يَتَوَسَّعُونَ فِي الظُّرُوفِ مَا لَا يَتَوَسَّعُونَ فِي غَيْرِهَا، وَالضَّمِيرُ فِي بِهِ يَرْجِعُ لِلْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ مَقِيسَةً عَلَيْهِ، أَوْ لِلنُّسُكِ لَا لِلْإِحْرَامِ؛ لِأَنَّ الْفِعْلَ وَالْقَوْلَ لَا يَتَعَلَّقَانِ بِالْإِحْرَامِ أَيْ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ إلَّا بِذَلِكَ وَطَابَقَ النَّعْتَ بِقَوْلِهِ: تَعَلَّقَا بِهِ مَعَ أَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ غَيْرِ الْمُتَعَلِّقِ بِالْإِحْرَامِ كَالْبَيْعِ وَنَحْوِهِ.

(ص) بَيَّنَ، أَوْ أَبْهَمَ وَصَرَفَهُ لِحَجٍّ وَالْقِيَاسُ لِقِرَانٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا أَحْرَمَ مُطْلَقًا فَإِنَّهُ يَجُوزُ وَيَصِحُّ، وَيُخَيَّرُ فِي التَّعْيِينِ وَيُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَصْرِفَهُ لِلْحَجِّ وَالْقِيَاسُ أَنْ يَصْرِفَهُ لِلْقِرَانِ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى النُّسُكَيْنِ، وَأَمَّا إذَا بَيَّنَ مَا أَحْرَمَ بِهِ مِنْ حَجٍّ، أَوْ قِرَانٍ، أَوْ عُمْرَةٍ فَيَفْعَلُ عَلَى مَا بَيَّنَهُ، قَوْلُهُ: بَيَّنَ إلَخْ حَالٌ، وَهُوَ عَلَى إضْمَارِ قَدْ وَالْوَاوُ جَمِيعًا أَيْ: وَالْحَالُ أَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ أَوْ أَبْهَمَ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ بَيَّنَ، أَوْ أَبْهَمَ أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ مُبَيِّنًا، أَوْ مُبْهِمًا لَكِنَّ صُورَةَ

ــ

[حاشية العدوي]

حَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يُؤَاخَذْ بِهَذَا الْفِعْلِ الِاخْتِيَارِيِّ لِكَوْنِهِ أَوْقَعَهُ فِي اللَّيْلِ، وَالْأَصْلُ بَقَاءُ اللَّيْلِ (قَوْلُهُ: وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ إلَخْ) أَيْ: وَهُوَ أَنَّ مَصَبَّ الْحَصْرِ، قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ، حَاصِلُ الْكَلَامِ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ اعْتَرَضَ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِأَنَّهُ سَلَّمَ هَذَا الْفَرْعَ أَعْنِي قَوْلَهُ، وَإِنْ بِجِمَاعٍ مَعَ أَنَّهُ يَقُولُ لَا يَنْعَقِدُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ انْتَهَى كَلَامُهُ.

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ شَارِحِنَا بَنَى كَلَامَهُ عَلَى الطَّرِيقَةِ الْمَرْجُوحَةِ أَيْ: فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ بِجِمَاعٍ مَعَ أَنَّهُ يَقُولُ بَعْدُ مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ إلَخْ وَحَاصِلُ الْجَوَابِ أَنَّ مَصَبَّ الْحَصْرِ، قَوْلُهُ: مَعَ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ فَالْمَعْنَى وَإِنَّمَا يَنْعَقِدُ فِي حَالَةِ الْجِمَاعِ بِالنِّيَّةِ مَعَ قَوْلٍ كَالتَّلْبِيَةِ بِأَنْ يَنْوِيَ وَيُلَبِّيَ وَهُوَ يُجَامِعُ، أَوْ مَعَ فِعْلٍ كَأَنْ يَكُونَ فِي مِحَفَّةٍ وَهُوَ سَائِرٌ مُتَوَجِّهٌ إلَى مَكَّةَ فَيَنْوِي الْإِحْرَامَ فِي حَالَةِ الْجِمَاعِ وَهُوَ مُتَوَجِّهٌ، وَإِذَا تَأَمَّلَتْ تَجِدُ هَذَا التَّقْرِيرَ صُورَةَ الْمُصَنِّفِ لَا غَيْرُ فَابْنُ غَازِيٍّ الْتَفَتَ إلَى قَوْلِهِ:، وَإِنْ بِجِمَاعٍ وَلَمْ يَنْظُرْ لِكَوْنِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَعَ قَوْلٍ، أَوْ فِعْلٍ مَصَبَّ الْحَصْرِ (قَوْلُهُ حِينَ الْإِحْرَامِ) ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ بِجِمَاعٍ أَيْ: وَجَامَعَ بِالْفِعْلِ كَذَا فِي ك، وَالْمَعْنَى نَوَى أَنْ يُجَامِعَ حِينَ الْإِحْرَامِ أَيْ: نَوَى قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِ أَنَّهُ يُحْدِثُ نِيَّةَ الْإِحْرَامِ حَالَ الْجِمَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ كَمَا فِي طُرَرِ التَّلْقِينِ.

هَذَا قَضِيَّةُ مَا أَوْرَدَ عب مِنْ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ وَيَأْتِي (قَوْلُهُ: فَإِنَّ الْإِحْرَامَ لَا يَنْعَقِدُ) أَيْ: لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَلَا مِنْ لَوَازِمِ الْإِحْرَامِ بِهِمَا شَيْءٌ انْتَهَى فَإِنْ قُلْت: قَدْ قَارَنَ الْمَانِعُ الْإِحْرَامَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ فَلِمَ انْعَقَدَ فِي الْأُولَى دُونَ الْأُخْرَى قُلْت: كَانَ نِيَّةُ الدُّخُولِ عَلَى الْمُقَارَنَةِ مَعَ وُجُودِ الْفِعْلِ عِنْدَ اسْتِصْحَابِ نِيَّتِهِ أَشَدَّ مِنْ حُصُولِ الْمُقَارَنَةِ بِالْفِعْلِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ دُخُولٍ؛ لِأَنَّهُ اجْتَمَعَ فِيمَا لَا يَنْعَقِدُ شَيْئَانِ: نِيَّةُ الْإِحْرَامِ فِي الْجِمَاعِ قَبْلَ دُخُولِهِ فِيهِ، وَنِيَّةُ الْإِحْرَامِ وَقْتَهُ وَأَوْلَى مِنْهُ أَنْ يَنْوِيَ أَنْ لَا يُحْرِمَ إلَّا حِينَ الْجِمَاعِ، وَالْحَقُّ أَنَّ قَوْلَهُ حِينَ الْإِحْرَامِ ظَرْفٌ لِقَوْلِهِ نَوَى فَلَا مَوْقِعَ لِفَرْقِ عب.

وَنَصَّ الْحَطَّابُ قَالَ فِي طُرَرِ التَّلْقِينِ وَشَرْطُ صِحَّةِ انْعِقَادِ الْإِحْرَامِ أَنْ لَا يَنْوِيَ عِنْدَ الدُّخُولِ فِيهِ وَطْئًا، أَوْ إنْزَالًا فَإِنْ نَوَى ذَلِكَ مَعَ إحْرَامِهِ لَمْ يَنْعَقِدْ انْتَهَى (قَوْلُهُ فَالضَّمِيرُ فِي بِهِ عَائِدٌ عَلَى الْإِحْرَامِ) سَيَأْتِي رَدُّهُ فِي الْعِبَارَةِ الْآتِيَةِ (قَوْلُهُ: لَكِنْ قَالَ صَاحِبُ التَّلْقِينِ) وَهُوَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالتَّلْقِينُ كِتَابٌ فِي الْفِقْهِ صَغِيرٌ (قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ الْمُعَلِّمِ) بِكَسْرِ اللَّامِ لِلْمَازِرِيِّ عَلَى مُسْلِمٍ (قَوْلُهُ: وَصَاحِبُ الْقَبَسِ) شَرْحٌ لِلْمُوَطَّأِ لِابْنِ الْعَرَبِيِّ وَمَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْجَمَاعَةُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: مُتَعَلِّقٌ بِالنِّيَّةِ) فِيهِ تَسَامُحٌ، بَلْ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ كَائِنَةً مَعَ إلَخْ كَمَا أَفَادَهُ أَوَّلًا بِقَوْلِهِ: حَالٌ مِنْ النِّيَّةِ.

(قَوْلُهُ: كَالْبَيْعِ) تَمْثِيلٌ لِلْقَوْلِ الَّذِي لَيْسَ بِمُتَعَلِّقٍ وَمِثَالُ الْفِعْلِ الَّذِي لَيْسَ بِمُتَعَلِّقٍ كَأَنْ يُحْرِمَ وَهُوَ يَكْتُبُ (قَوْلُهُ: أَوْ أَبْهَمَ) أَيْ: كَأَنْ يَقُولَ أَحْرَمْت لِلَّهِ وَلَا يَفْعَلُ شَيْئًا إلَّا بَعْدَ التَّعْيِينِ (قَوْلُهُ: وَصَرَفَهُ لِحَجٍّ) وُجُوبًا إنْ طَافَ قَبْلَ التَّعْيِينِ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ أَوْ لَا وَيَقَعُ هَذَا طَوَافَ الْقُدُومِ، وَإِنَّمَا وَجَبَ صَرْفُهُ لِحَجٍّ؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْعُمْرَةِ رُكْنٌ فِيهَا فَلَا يَصْلُحُ وُقُوعُهُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَهَذَا وَقَعَ بِغَيْرِ نِيَّةٍ وَالْقُدُومُ لَيْسَ بِرُكْنٍ فَخَفَّ شَأْنُهُ وَيُؤَخَّرُ سَعْيُهُ إلَى إفَاضَتِهِ وَانْظُرْ لَوْ طَافَ وَسَعَى قَبْلَ التَّعْيِينِ ثُمَّ صَرَفَهُ لِحَجٍّ وَاَلَّذِي لِلْمُذَاكِرِينَ إعَادَةُ السَّعْيِ احْتِيَاطًا هَكَذَا أَفَادَهُ سَنَدٌ.

قَالَ الْحَطَّابُ وَتَأَمَّلْ، قَوْلَهُ: وَيُؤَخَّرُ سَعْيُهُ إلَى إفَاضَتِهِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ السَّعْيُ لَا يَصِحُّ إلَّا بَعْدَ طَوَافٍ يَنْوِي بِهِ الْقُدُومَ وَهَذَا الطَّوَافُ لَمْ يَنْوِ بِهِ الْقُدُومَ وَلَكِنَّهُ لَمَّا كَانَ أَوَّلَ طَوَافِهِ جَعَلُوهُ بِمَنْزِلَةِ طَوَافِ الْقُدُومِ فَفَاتَ مَحَلُّ طَوَافِ الْقُدُومِ أَخَّرَ سَعْيَهُ إلَى ذَلِكَ وَهَذَا تَكَلُّفٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى كَلَامُ الْحَطَّابِ.

وَأَمَّا إنْ لَمْ يَطُفْ فَإِنْ كَانَ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ صَرَفَهُ لَهُ اسْتِحْبَابًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا صَرَفَهُ لِعُمْرَةٍ وَيُكْرَهُ لَهُ صَرْفُهُ لِحَجٍّ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ: وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ تَعْيِينُ مَا يُحْرِمُ بِهِ مِنْ حَجٍّ، أَوْ عُمْرَةٍ، أَوْ هُمَا شَرْطًا فِي الِانْعِقَادِ، بَلْ مَنْدُوبًا كَمَا قَالَ سَنَدٌ قَالَ بَيْنَ إلَخْ (قَوْلُهُ: مُطْلِقًا) بِكَسْرِ اللَّامِ حَالٌ مِنْ فَاعِلِ أَحْرَمَ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ) ، وَلَوْ نَوَى الْحَجَّ مِنْ غَيْرِ نِيَّةِ فَرْضٍ وَلَا نَفْلَ انْعَقَدَ وَانْصَرَفَ لِلْفَرْضِ عِنْدَ الْجَمِيعِ إنْ كَانَ صَرُورَةً قَالَهُ سَنَدٌ (قَوْلُهُ: عَلَى إضْمَارِ قَدْ وَالْوَاوِ إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ إذْ الْجُمْلَةُ الْمَاضَوِيَّةُ الْمَتْلُوَّةُ بِأَوْ لَا تَرْتَبِطُ بِالْوَاوِ نَحْوَ لَأَضْرِبَنَّهُ ذَهَبَ، أَوْ مَكَثَ (قَوْلُهُ: أَيْ: حَالَةً إلَخْ) احْتَاجَ لَهَا؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَالِ أَنْ لَا تَقْتَرِنَ بِالْوَاوِ وَقَوْلُهُ: أَيْ: حَالَةَ كَوْنِهِ مُبَيَّنًا، أَوْ مُبْهَمًا احْتَاجَ لِذَلِكَ؛ لِأَنَّ أَصْلَ الْحَالِ الْإِفْرَادُ

<<  <  ج: ص:  >  >>