للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ح وَلَمْ يُؤَنِّثْ عَامِلَ لَغَا؛ لِأَنَّ تَأْنِيثَهُ مَجَازِيٌّ فَيَجُوزُ تَأْنِيثُ عَامِلِهِ وَعَدَمُهُ (ص) وَرَفْضُهُ (ش) عَطْفٌ عَلَى " عُمْرَةٌ " أَيْ: لَغَا رَفْضُ الْحَجِّ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ رَفْضَ الْوُضُوءِ وَالْحَجِّ لَا يَضُرُّ عَلَى الْمَشْهُورِ بِخِلَافِ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا حَصَلَ الرَّفْضُ فِي أَثْنَاءِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ يُجَدِّدُ النِّيَّةَ لِلْبَاقِي عَلَى الْمُعْتَمَدِ فَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا أَمْ لَا؟ وَالْأَوْلَى أَنَّهُ يُرْجِعُ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: وَرَفْضُهُ لِلْإِحْرَامِ لَا لِلْحَجِّ لِئَلَّا يَكُونَ سَاكِتًا عَنْ الْعُمْرَةِ.

(ص) وَفِي كَإِحْرَامِ زَيْدٍ تَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي: لَوْ أَحْرَمَ شَخْصٌ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ مَثَلًا وَالْحَالُ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ مَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ فَهَلْ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً، وَيَصِحُّ إحْرَامُ ذَلِكَ الشَّخْصِ أَوْ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً، وَلَا يَصِحُّ إحْرَامُهُ لِعَدَمِ الْجَزْمِ فِي النِّيَّةِ فِي ذَلِكَ تَرَدُّدٌ أَيْ: وَفِي صِحَّةِ إحْرَامِ مَنْ أَحْرَمَ كَإِحْرَامِ زَيْدٍ وَعَدَمِهَا تَرَدُّدٌ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمَذْهَبِ سَنَدٌ، فَإِنْ تَبَيَّنَ عَدَمُ الْإِحْرَامِ لِزَيْدٍ وَقَعَ إحْرَامُهُ مُطْلَقًا وَيَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ انْتَهَى.

قَالَ بَعْضٌ فَلَوْ مَاتَ زَيْدٌ، أَوْ وَجَدَهُ مُحْرِمًا بِالْإِطْلَاقِ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَقَعُ إحْرَامُهُ أَيْضًا مُطْلَقًا وَيُخَيَّرُ فِي تَعْيِينِهِ.

وَلَمَّا كَانَ أَوْجُهُ الْإِحْرَامِ ثَلَاثَةً: حَجٌّ، وَعُمْرَةٌ وَقِرَانٌ وَالْإِطْلَاقُ، أَوْ الْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ يَرْجِعُ إلَيْهَا بَيَّنَ الْأَفْضَلَ مِنْهَا بِقَوْلِهِ: (ص) وَنُدِبَ إفْرَادٌ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْإِفْرَادَ، وَهُوَ أَنْ يُحْرِمَ بِالْحَجِّ مُفْرِدًا، ثُمَّ إذَا فَرَغَ يُسَنُّ لَهُ أَنْ يُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ أَفْضَلُ عَلَى الْمَنْصُوصِ مِنْ التَّمَتُّعِ وَالْقِرَانِ كَمَا قَالَهُ الْمُؤَلِّفُ فِي مَنْسَكِهِ، وَظَاهِرُ جَعْلِهِ الْعُمْرَةَ سُنَّةً مُسْتَقِلَّةً أَنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ، وَلَوْ لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَهُ فَإِذَا أَحْرَمَ بِالْحَجِّ وَتَرَكَ الْعُمْرَةَ فَقَدْ تَرَكَ سُنَّةً وَلَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي حَقِيقَةِ الْمَحْكُومِ لَهَا بِالْأَفْضَلِيَّةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ كَابْنِ عَرَفَةَ وَأَضْرَابِهِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلَ مِنْ الْقِرَانِ، وَإِنْ كَانَ يَسْقُطُ بِهِ عَنْهُ الطَّلَبُ بِالنُّسُكَيْنِ وَالْإِفْرَادُ إنَّمَا يَسْقُطُ بِهِ الطَّلَبُ بِالْحَجِّ فَقَطْ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ فِي الْمَفْضُولِ مَا لَا يَكُونُ فِي الْفَاضِلِ (ص) ، ثُمَّ قِرَانٌ (ش) أَيْ: ثُمَّ يَلِي الْإِفْرَادَ فِي الْفَضْلِ قِرَانٌ؛ لِأَنَّهُ فِي عَمَلِهِ كَالْمُفْرِدِ، وَالْمُفْرِدُ أَفْضَلُ فَمَا قَارَبَ فِعْلُهُ كَانَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَلَمْ يُؤَنِّثْ عَامِلَ لَغَا) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْأَوْلَى فَاعِلُ لَغَا أَيْ: لَمْ يُؤَنِّثْ الْفَاعِلَ أَيْ: بِأَنْ يَلْحَقَ فِعْلَهُ عَلَامَةُ التَّأْنِيثِ، وَتَصْحِيحُهُ بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ لِلْبَيَانِ وَقَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ تَأْنِيثَهُ أَيْ: تَأْنِيثَ فَاعِلِهِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) فِي الْمَوْضِعَيْنِ ظَاهِرُهُ أَنَّ الْخِلَافَ جَارٍ كَانَ فِي الْأَثْنَاءِ، أَوْ بَعْدَ الْفَرَاغِ (قَوْلُهُ: فَهَلْ يَجْرِي ذَلِكَ هُنَا أَمْ لَا؟) حَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ: وَرَفْضُهُ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ رَفَضٌ بَعْدَ الْفَرَاغِ، أَوْ فِي الْأَثْنَاءِ وَلَكِنْ إنْ كَانَ فِي الْأَثْنَاءِ هَلْ يُجَدِّدُ؟ إلَخْ (أَقُولُ) الصَّوَابُ: أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةِ تَجْدِيدٍ فِي الْحَجِّ وَمِثْلُهُ الْعُمْرَةُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ مَا فِي الْمَوَّاقِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ مِنْ الْإِنْسَانِ رَفْضٌ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ وَاقِعًا فِي حَالِ فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ، أَوْ لَا، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ وَاقِعًا فِي حَالِ فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ فَلَا يَضُرُّ الرَّفْضُ وَلَا يَحْتَاجُ لِنِيَّةٍ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ وَاقِعًا فِي حَالِ فِعْلٍ مِنْ الْأَفْعَالِ كَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ فَيَحْتَاجُ لِنِيَّةِ التَّجْدِيدِ وَنَصُّ الْمَوَّاقِ نَاقِلًا لَهُ مِنْ النُّكَتِ فَرَافِضٌ إحْرَامَهُ لَيْسَ رَفْضُهُ بِمُضَارٍّ لِمَا هُوَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَفَى مَوَاضِعَ يَأْتِيهَا فَإِذَا رَفَضَ إحْرَامَهُ ثُمَّ عَادَ إلَى الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُخَاطَبُ بِهَا فَفَعَلَهَا لَمْ يَحْصُلْ لِرَفْضِهِ حُكْمٌ.

وَأَمَّا إذَا كَانَ فِي حِينِ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَجِبُ عَلَيْهِ نَوَى الرَّفْضَ وَفَعَلَهَا بِغَيْرِ نِيَّةٍ كَالطَّوَافِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ رَافِضٌ يُعَدُّ كَالتَّارِكِ لِذَلِكَ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ وَيَصِحُّ) تَصْرِيحٌ بِمَا عَلِمَ الْتِزَامًا؛ لِأَنَّ مِنْ لَوَازِمِ الْجَوَازِ الصِّحَّةُ (قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ) التَّصْرِيحُ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الْجَوَازِ عَدَمُ الصِّحَّةِ، وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ وَالْمَذْهَبُ الصِّحَّةَ كَمَا قَالَهُ اللَّقَانِيِّ (قَوْلُهُ: تَرَدَّدَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمَذْهَبِ) أَيْ: عَنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِيهِ شَيْءٌ فَإِنَّ الْمَنْقُولَ عَنْ أَشْهَبَ الْجَوَازُ وَعَنْ مَالِكٍ الْمَنْعُ فَلَيْسَ هَذَا مِنْ تَرَدُّدِ الْمُتَأَخِّرِينَ فِي النَّقْلِ عَنْ الْمُتَقَدِّمِينَ؛ لِأَنَّ مَعْنَى ذَلِكَ إنْ اخْتَلَفَ الْمُتَأَخِّرُونَ فِي النَّقْلِ عَنْ وَاحِدٍ، أَوْ أَكْثَرَ فَيَنْقُلُ جَمَاعَةٌ عَنْهُ الْجَوَازَ وَآخَرُونَ الْمَنْعَ وَمَا هُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنْ قِيلَ مَا هُنَا وَقَعَ خِلَافٌ، وَفِي الصَّلَاةِ لَمْ يَقَعْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَجَازَ لَهُ دُخُولٌ عَلَى مَا أَحْرَمَ بِهِ الْإِمَامُ بِنَاءً عَلَى التَّعْمِيمِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْإِبْهَامَ هُنَا أَشَدُّ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مَا أَحْرَمَ بِهِ حَجًّا أَوْ عُمْرَةً، وَالْحَجُّ يَحْتَمِلُ الْإِفْرَادَ وَالْقِرَانَ وَالتَّمَتُّعَ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ، مَعْلُومٌ أَنَّهَا فَرْضٌ وَإِنَّمَا الشَّكُّ فِي عَيْنِ الصَّلَاةِ فَخَفَّ الْإِبْهَامُ وَاشْتَدَّ فِي الْحَجِّ (قَوْلُهُ: حَجٌّ وَعُمْرَةٌ) الْمُرَادُ عُمْرَةُ التَّمَتُّعِ؛ لِأَنَّ الْمُحْرِمَ بِعُمْرَةٍ يُقَالُ لَهُ مُتَمَتِّعٌ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَهَا بِالْحَجِّ إلَّا أَنَّهُ يُنَكِّدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ وَالْإِطْلَاقُ وَالْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ يَرْجِعُ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَيْنِ لَا يَخْتَصَّانِ بِعُمْرَةِ التَّمَتُّعِ (قَوْلُهُ: وَالْإِطْلَاقُ وَالْإِحْرَامُ بِمَا أَحْرَمَ بِهِ زَيْدٌ يَرْجِعُ إلَيْهَا) أَقُولُ: وَإِنْ رَجَعَ إلَيْهَا إلَّا أَنَّ مَرْتَبَةَ الْإِطْلَاقِ مَرْتَبَةٌ رَابِعَةٌ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي مَنَاسِكِهِ.

(قَوْلُهُ: أَفْضَلُ عَلَى الْمَنْصُوصِ إلَخْ) وَخِلَافُ الْمَنْصُوصِ مَا رَوَاهُ أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ قَدَّمَ مُرَاهِقًا فَالْإِفْرَادُ أَحَبُّ إلَيَّ وَأَمَّا مَنْ قَدَّمَ وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَجِّ طُولُ زَمَانٍ يَشْتَدُّ عَلَيْهِ فِيهِ الْإِحْرَامُ وَيَخَافُ عَلَى صَاحِبِهِ قِلَّةَ الصَّبْرِ فَالتَّمَتُّعُ، وَمَا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ مِنْ أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ، وَمَا قَالَهُ أَشْهَبُ وَأَبُو حَنِيفَةَ: الْقِرَانُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِفْرَادِ؛ لِأَنَّ عِبَادَتَيْنِ أَفْضَلُ مِنْ عِبَادَةٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ: إنَّ الْإِفْرَادَ أَفْضَلُ وَلَوْ لَمْ يَعْتَمِرْ بَعْدَهُ) لَا يَخْفَى أَنَّ صَدْرَ حِلِّهِ يَقْتَضِي أَنْ لَا يَكُونَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ إلَّا إذَا اعْتَمَرَ بَعْدَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ: فِي حَقِيقَةِ الْمَحْكُومِ لَهَا) بِالْإِضَافَةِ الَّتِي لِلْبَيَانِ (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا كَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا لَا يَثْبُتُ بِهِ أَفْضَلِيَّةُ الْإِفْرَادِ فَالْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ: إنَّمَا كَانَ الْإِفْرَادُ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهُ لَا هَدْيَ فِيهِ إذْ الْهَدْيُ لِلنَّقْصِ، وَعِبَادَةٌ لَا نَقْصَ فِيهَا أَفْضَلُ وَلَا يَنْتَقِضُ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ الْمُرَقَّعَةِ؛ لِأَنَّ السُّجُودَ فِيهَا الْمُقْتَضِي لِفَضْلِهَا إنَّمَا هُوَ لِتَرْغِيمِ الشَّيْطَانِ وَلِأَنَّ الْمُصَلِّي يَدْخُلُ عَلَيْهِ السَّهْوُ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَإِنَّهُ فَعَلَ قَصْدًا مَا يُوجِبُ الْهَدْيَ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ) أَيْ: الْقَارِنُ وَقَوْلُهُ: وَالْمُفْرِدُ أَفْضَلُ أَيْ: وَعَمَلُ الْمُفْرِدِ أَفْضَلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>