للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ حَجِّهِ وَلَمْ يَكُنْ قَارِنًا اتِّفَاقًا، وَلَا مُتَمَتِّعًا إلَّا أَنْ يَحِلَّ مِنْ عُمْرَتِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَأَهْدَى لِوُجُوبِ تَأْخِيرِ الْحَلْقِ الْحَاصِلِ بِإِحْرَامِ الْحَجِّ فَلَوْ فَعَلَهُ فَيَلْزَمُهُ هَدْيٌ وَفِدْيَةٌ مَعًا؛ وَلِذَا قَالَ (وَأَهْدَى لِتَأْخِيرِهِ) أَيْ: لِوُجُوبِ تَأْخِيرِهِ، وَقَوْلُهُ: (وَلَوْ فَعَلَهُ) مُبَالَغَةٌ فِي أَنَّهُ يُهْدِي إذَا فَعَلَهُ مِنْ غَيْرِ تَأْخِيرٍ وَعَلَيْهِ حَيْثُ فَعَلَهُ هَدْيٌ، وَلَا يُسْقِطُ فِعْلُهُ هَدْيَ التَّأْخِيرِ وَعَلَيْهِ فِدْيَةٌ أَيْضًا (ص) ، ثُمَّ تَمَتَّعَ بِأَنْ يَحُجَّ بَعْدَهَا، وَإِنْ بِقِرَانٍ (ش) أَيْ: ثُمَّ يَلِي الْقِرَانَ فِي النَّدْبِ عَلَى الْمَشْهُورِ تَمَتُّعٌ، وَهُوَ أَنْ يَحُجَّ مِنْ عَامِهِ بَعْدَ إيقَاعِ رُكْنٍ أَوْ بَعْضِهِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يُحْرِمَ بَعْدَ الْعُمْرَةِ بِحَجٍّ فَقَطْ، أَوْ بِقِرَانٍ وَيَصِيرُ مُتَمَتِّعًا قَارِنًا وَعَلَيْهِ دَمَانِ: وَاحِدٌ لِلتَّمَتُّعِ، وَآخَرُ لِلْقِرَانِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ مِنْهُ فِعْلُ الْعُمْرَةِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ، ثُمَّ حَجَّ مِنْ عَامِهِ فَهَدْيٌ وَاحِدٌ يُجْزِئُهُ قَالَهُ فِي النَّوَادِرِ وَسُمِّيَ الْمُتَمَتِّعُ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ وَقِيلَ؛ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ مِنْ عُمْرَتِهِ بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.

(ص) وَشَرْطُ دَمِهِمَا عَدَمُ إقَامَةٍ بِمَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى (ش) أَيْ: شَرْطُ دَمِ الْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ أَنْ لَا يَكُونَ فَاعِلُهُمَا مُقِيمًا بِمَكَّةَ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا مِمَّا لَا يُقَصِّرُ الْمُسَافِرُ حَتَّى يُجَاوِزَهُ وَالْمُرَادُ بِالْإِقَامَةِ الِاسْتِيطَانُ، وَهُوَ الْإِقَامَةُ بِنِيَّةِ عَدَمِ الِانْتِقَالِ، وَقَوْلُهُ: (وَقْتَ فِعْلِهِمَا) أَيْ: وَقْتَ الْإِحْرَامِ أَيْ: بِالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ، وَالْمُرَادُ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ فِيهِمَا فَمَنْ كَانَ مُقِيمًا بِمَكَّةَ، أَوْ مَا فِي حُكْمِهَا وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُقِيمٍ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْإِحْرَامَ بِالْعُمْرَةِ قَدْ يَكُونُ مُقْدِمًا عَلَى الْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَذَلِكَ فِي التَّمَتُّعِ دَائِمًا، وَفِي الْقِرَانِ فِي بَعْضِ صُوَرِهِ، وَقَدْ يَكُونُ الْإِحْرَامُ بِهَا مُقَارِنًا لِلْإِحْرَامِ بِالْحَجِّ وَذَلِكَ بَعْضُ صُوَرِ الْقِرَانِ، وَقَوْلُهُ: (وَإِنْ بِانْقِطَاعٍ بِهَا) أَيْ: بِمَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى مُبَالَغَةٌ فِي الْمَفْهُومِ وَالتَّقْدِيرِ، فَإِنْ وُجِدَتْ الْإِقَامَةُ الْمَذْكُورَةُ بِأَحَدِ الْمَكَانَيْنِ سَقَطَ الدَّمُ، وَإِنْ مِنْ غَيْرِ أَهْلِهَا، بَلْ بِسَبَبِ انْقِطَاعٍ بِهَا عَنْ غَيْرِهَا أَوْ رَفْضِ سُكْنَاهُ؛ وَنِيَّةُ عَدَمِ الِانْتِقَالِ مِنْهَا وَالرُّجُوعُ إلَيْهِ، وَأَنَّثَ الْمُؤَلِّفُ الضَّمِيرَ فِي بِهَا مَعَ رُجُوعِهِ إلَى مَا ذَكَرَ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ وَأَفْرَدَهُ مَعَ رُجُوعِهِ إلَى مَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى؛ لِأَنَّ الْعَطْفَ بِأَوْ، وَيَصِحُّ عَوْدُهُ لِمَكَّةَ خَاصَّةً تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّ حُكْمَهَا مَعَ ذِي طُوًى حُكْمُ الْبَلَدِ الْوَاحِدِ (ص) أَوْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ خَرَجَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ، أَوْ غَيْرِهِمْ مِمَّنْ اسْتَوْطَنَهَا قَبْلَ ذَلِكَ بِأَهْلِهِ، أَوْ بِغَيْرِهِمْ لِحَاجَةٍ مِنْ غَزْوٍ، أَوْ تِجَارَةٍ، أَوْ أَمْرٍ عَرَضَ لَهُ، سَوَاءٌ طَالَتْ إقَامَتُهُ بِغَيْرِهَا، أَوْ قَصُرَتْ، ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ مُتَمَتِّعًا، وَلَا دَمَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَهْلِ مَكَّةَ مُتْعَةٌ، فَقَوْلُهُ: خَرَجَ عَطْفٌ عَلَى مَا فِي حَيِّزِ إنْ وَالتَّقْدِيرُ فَلَا دَمَ عَلَى مَنْ أَقَامَ بِمَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى، وَإِنْ بِانْقِطَاعٍ بِهَا أَوْ خَرَجَ مِنْهَا لِحَاجَةٍ، ثُمَّ عَادَ إلَيْهَا

ــ

[حاشية العدوي]

فَلَا يَظْهَرُ حِينَئِذٍ قَوْلُهُ كَمَا قَالَ (قَوْلُهُ: لِوُجُوبِ تَأْخِيرِهِ) بِسَبَبِ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ إحْرَامِهِ بِالْحَجِّ وَيَوْمِ عَرَفَةَ زَمَنٌ طَوِيلٌ، بَلْ لَوْ أَتَمَّ سَعْيَهَا فِي يَوْمِ عَرَفَةَ ثُمَّ أَحْرَمَ قَبْلَ حِلَاقِهَا بِالْحَجِّ لَمْ يَحْلِقْ حَتَّى يَصِلَ إلَى مِنًى وَعَلَيْهِ دَمٌ (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَمَتَّعَ) ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ بَعْدَ التَّمَتُّعِ مَرْتَبَةٌ أُخْرَى وَهُوَ كَذَلِكَ وَهُوَ الْإِطْلَاقُ فَأَوْجُهُ الْإِحْرَامِ أَرْبَعَةٌ: إفْرَادٌ، وَقِرَانٌ، وَتَمَتُّعٌ وَإِطْلَاقٌ، وَهِيَ عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ كَمَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْمَنَاسِكِ فَلَا حَاجَةَ لِتَكَلُّفِ جَعْلٍ ثُمَّ تَمَتُّعٍ مِنْ عَطْفِ الْجُمَلِ، وَظَاهِرُ ابْنِ عَرَفَةَ وَالْمُؤَلِّفِ أَنَّهُ يَحْصُلُ التَّمَتُّعُ بِإِحْرَامِهِ بِالْحَجِّ بَعْدَ الْعُمْرَةِ، وَإِنْ فَسَدَتْ وَهُوَ كَذَلِكَ بِخِلَافِ الْقِرَانِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ فِي التَّمَتُّعِ بَعْدَ مُضِيِّ النُّسُكِ الْفَاسِدِ وَلِذَا صَحَّ، وَأَمَّا فِي الْقِرَانِ فَهُوَ فِي أَثْنَاءِ النُّسُكِ الْفَاسِدِ فَسَرَى لَهُ الْفَسَادُ فَصَارَ كَالْعَدَمِ كَمَا أَشَارَ لَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ (قَوْلُهُ: عَلَى الْمَشْهُورِ) أَيْ: خِلَافًا لِلْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاللَّخْمِيِّ مِنْ أَنَّ التَّمَتُّعَ أَفْضَلُ مِنْ الْقِرَانِ (قَوْلُهُ بَعْدَ إيقَاعِ رُكْنٍ، أَوْ بَعْضَهُ) أَيْ: مِنْ الْعُمْرَةِ، وَلَوْ قَبْلَ الْحِلَاقِ كَانَتْ الْعُمْرَةُ صَحِيحَةً، أَوْ فَاسِدَةً بِخِلَافِ الْإِرْدَافِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ أَنَّ إحْرَامَهُ بِالْحَجِّ فِي التَّمَتُّعِ بَعْدَ مُضِيِّ النُّسُكِ الْفَاسِدِ فَلِذَا صَحَّ، وَأَمَّا فِي الْقِرَانِ فَهُوَ فِي أَثْنَاءِ النُّسُكِ الْفَاسِدِ فَسَرَى لَهُ الْفَسَادُ فَصَارَ كَالْعَدَمِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ تَمَتُّعٌ بِإِسْقَاطِ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ) أَيْ:؛ لِأَنَّهُ كَانَ يُسَافِرُ سَفَرَيْنِ سَفَرًا لِلْحَجِّ وَسَفَرًا لِلْعُمْرَةِ فَلَمَّا تَمَتَّعَ أَسْقَطَ عَنْهُ أَحَدَ السَّفَرَيْنِ ثُمَّ لَا يَخْفَى أَنَّ مَنْ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ ثُمَّ فَرَغَ مِنْهُ ثُمَّ أَتَى بِالْعُمْرَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ تَمَتَّعَ بِأَحَدِ السَّفَرَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُتَمَتِّعٍ، وَالْجَوَابُ أَنَّ عِلَّةَ التَّسْمِيَةِ لَا تَقْتَضِي التَّسْمِيَةَ وَفِي عِبَارَةٍ مَا نَصُّهُ فَإِنْ قِيلَ لَا يَصِحُّ التَّعْلِيلُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَحَلَّ مِنْهَا فِي غَيْرِ أَشْهُرِ الْحَجِّ ثُمَّ أَقَامَ بِمَكَّةَ مِنْ عَامِهِ يَلْزَمُ عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ مُتَمَتِّعًا؛ لِأَنَّهُ أَسْقَطَ أَحَدَ السَّفَرَيْنِ مَعَ أَنَّهُ لَيْسَ مُتَمَتِّعًا بِإِجْمَاعٍ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ إنَّمَا يُرَاعِي إسْقَاطَ أَحَدِ السَّفَرَيْنِ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَكَذَا عَلَى التَّعْلِيلِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَقِيلَ لِأَنَّهُ تَمَتَّعَ مِنْ عُمْرَتِهِ بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ) فِيهِ أَنَّ كُلَّ مُعْتَمِرٍ يَتَمَتَّعُ حِينَ يَحِلُّ مِنْهَا بِالنِّسَاءِ وَالطِّيبِ، وَالْجَوَابُ مَا تَقَدَّمَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ذِي طُوًى) مُثَلَّثُ الطَّاءِ مَوْضِعٌ بَيْنَ الطَّرِيقِ الَّتِي يَهْبِطُ مِنْهَا إلَى مَقْبَرَةِ مَكَّةَ الْمُسَمَّاةِ بِالْمُعَلَّاةِ وَالطَّرِيقِ الْأُخْرَى الَّتِي جِهَةُ الزَّاهِرِ وَتُسَمَّى عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ بَيْنَ الْحَجُونَيْنِ وَأَمَّا الَّتِي فِي الْقُرْآنِ فَبِضَمِّ الطَّاءِ وَكَسْرِهَا وَقُرِئَ بِهِمَا فِي السَّبْعِ (قَوْلُهُ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا) أَيْ: بِالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ أَيْ: وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِالْعُمْرَةِ فِيهِمَا فَإِذَا قَدِمَ آفَاقِيٌّ بِعُمْرَةٍ فِي أَشْهُرِ الْحَجِّ وَنِيَّتُهُ السُّكْنَى ثُمَّ حَجَّ فِي عَامِهِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كَالْمُقِيمِ، بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ دَمُ التَّمَتُّعِ عَلَى الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقْتَ فِعْلِ الْعُمْرَةِ مِنْ الْحَاضِرِينَ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُقِيمٍ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا أَوْ بِأَحَدِهِمَا) الْمُنَاسِبُ حَذْفُ أَحَدِهِمَا وَيُقْتَصَرُ عَلَى قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مُقِيمٍ وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِهِمَا أَيْ: بِالْقِرَانِ وَالتَّمَتُّعِ أَيْ: وَقْتَ الْإِحْرَامِ بِأَيِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ: وَأَنَّثَ الْمُؤَلِّفُ الضَّمِيرَ فِي بِهَا مَعَ رُجُوعِهِ إلَى مَا ذُكِرَ بِاعْتِبَارِ الْبُقْعَةِ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى مَكَّةَ، أَوْ ذِي طُوًى فَالْمَرْجِعُ مُؤَنَّثٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>