للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَصَاةَ الْوَاحِدَةَ عَنْهُ وَعَنْ غَيْرِهِ لَمْ يَجُزْ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَلَوْ حَصَاةً حَصَاةً) إلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ رَمَى حَصَاةً عَنْ نَفْسِهِ، ثُمَّ رَمَى حَصَاةً عَمَّنْ مَعَهُ، ثُمَّ فَعَلَ كَذَلِكَ فِي جَمِيعِ الْجِمَارِ الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ.

(ص) وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ أَوَّلَ يَوْمِ طُلُوعِ الشَّمْسِ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّهُ قَالَ وَرَمْيُهُ الْعَقَبَةَ حِينَ وُصُولِهِ، وَإِنْ رَاكِبًا، وَأَشَارَ بِهِ إلَى وَقْتِ أَدَائِهَا وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ مِنْ طُلُوعِ فَجْرِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَأَشَارَ بِمَا هُنَا إلَى وَقْتِهَا الْأَفْضَلِ وَأَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَرْمِيَهَا مِنْ طُلُوعِ شَمْسِ يَوْمِ النَّحْرِ إلَى الزَّوَالِ مِنْهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ لَا عُذْرَ لَهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ مَرَضٍ، أَوْ نِسْيَانٍ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمِيَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَقَوْلُهُ طُلُوعُ الشَّمْسِ أَيْ: بَعْدَ الطُّلُوعِ لَا عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ بِالْمُقَارَنَةِ (ص) وَإِلَّا إثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ (ش) أَيْ: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الرَّمْيُ أَوَّلَ يَوْمٍ، بَلْ كَانَ فِي غَيْرِ يَوْمِ النَّحْرِ يُنْدَبُ إثْرَ الزَّوَالِ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَالنَّفْيُ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوَّلَ يَوْمٍ لَا لَهُ وَلِقَوْلِهِ طُلُوعُ الشَّمْسِ وَعَلَى هَذَا دَرَجَ الشَّارِحُ، وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ الْمَعْنَى: وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَرْمِ الْعَقَبَةَ أَوَّلَ يَوْمٍ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فَيُنْدَبُ رَمْيُهَا إثْرَ الزَّوَالِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ، وَإِنْ دَرَجَ عَلَيْهِ تت تَبَعًا لِلْبِسَاطِيِّ لِوَجْهَيْنِ: الْأَوَّلُ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْإِتْيَانِ بِإِلَّا إذْ مَا قَبْلَهَا مُسْتَحَبٌّ، وَمَا بَعْدَهَا كَذَلِكَ، وَانْظُرْ الْوَجْهَ الثَّانِيَ مَعَ مَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي شَرْحِنَا الْكَبِيرِ (ص) وَوُقُوفُهُ إثْرَ الْأُولَيَيْنِ قَدْرَ إسْرَاعِ الْبَقَرَةِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْدُوبِ وَالْمَعْنَى: أَنَّهُ يُنْدَبُ لَهُ أَنْ يَقِفَ عِنْدَ الْجَمْرَةِ الْأُولَى الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى وَعِنْدَ الْجَمْرَةِ الْوُسْطَى إثْرَ رَمْيِهَا لِلدُّعَاءِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ مِقْدَارَ مَا يَقْرَأُ الْقَارِئُ الْمُسْرِعُ سُورَةَ الْبَقَرَةِ كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَسَالِمٌ، وَأَمَّا جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ فَإِنَّهُ إذَا رَمَاهَا يَنْصَرِفُ عَنْهَا، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا لِعَدَمِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ، أَوْ لِوُسْعِ مَوْضِعِ الْأُولَيَيْنِ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ، فَقَوْلُهُ: إثْرَ الْأُولَيَيْنِ أَيْ: إثْرَ رَمْيِ كُلِّ وَاحِدَةٍ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ عَلَى الْعَامِّ حُكْمٌ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ (ص) وَتَيَاسُرُهُ فِي الثَّانِيَةِ (ش) أَيْ: وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنَّهُ إذَا رَمَى الْجَمْرَةَ الثَّانِيَةَ وَهِيَ الْوُسْطَى أَنْ يَتَيَاسَرَ عَنْهَا أَيْ: يَقِفَ عَنْهَا ذَاتَ الشِّمَالِ وَوَجْهُهُ إلَى الْبَيْتِ، وَلَا يَجْعَلُهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى، وَالْمُرَادُ يَتَقَدَّمُ أَمَامَهَا بِحَيْثُ تَكُونُ جِهَةَ يَسَارِهِ حَالَ وُقُوفِهِ لِلدُّعَاءِ بَعْدَ رَمْيِهَا لَا أَنَّهُ يَجْعَلُهَا مُقَابِلَةَ يَسَارِهِ، وَأَمَّا الْأُولَى وَهِيَ الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ مِنًى فَإِنَّهُ إذَا رَمَاهَا لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَتَيَاسَرَ عَنْهَا لِلدُّعَاءِ، بَلْ يَجْعَلُهَا خَلْفَ ظَهْرِهِ وَيَقِفُ لِلدُّعَاءِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَأَمَّا جَمْرَةُ الْعَقَبَةِ فَإِنَّهُ يَرْمِيهَا مِنْ أَسْفَلِهَا فِي بَطْنِ الْوَادِي وَمِنًى عَنْ يَمِينِهِ وَمَكَّةُ عَنْ يَسَارِهِ، وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا لِلدُّعَاءِ.

(ص) وَتَحْصِيبُ الرَّاجِعِ لِيُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ (ش) يَعْنِي: أَنَّ الْحَاجَّ غَيْرَ الْمُتَعَجِّلِ يُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا رَجَعَ مِنْ مِنًى إلَى مَكَّةَ أَنْ يَنْزِلَ بِالْمُحَصَّبِ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ حَيْثُ الْمَقْبَرَةُ مِنْ مَكَّةَ تَحْتَ كَدَاءٍ الثَّنِيَّةِ لِيُصَلِّيَ بِهَا أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ: الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ لِفِعْلِ النَّبِيِّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَلَوْ حَصَاةً حَصَاةً) أَيْ: حَصَاةً بَعْدَ حَصَاةٍ أَيْ: حَصَاةً لَهُ وَحَصَاةً عَنْ الصَّبِيِّ وَهَذَا حِكْمَةُ تَكْرَارِ الْحَصَاةِ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ حَصَاةً بَعْدَ حَصَاةٍ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَهُمَا فَإِنَّ ذَلِكَ كَلَا رَمْيٍ، وَأَمَّا لَوْ رَمَى عَنْهُ حَصَاتَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَ وَعَنْ الْآخَرِ مِثْلَهُ، أَوْ دُونَ، أَوْ أَكْثَرَ وَعَكْسَ ذَلِكَ فَالظَّاهِرُ الْإِجْزَاءُ، وَانْظُرْ هَلْ هَذَا مِنْ مَحَلِّ الْخِلَافِ أَيْضًا، أَوْ لَا؟ وَمَا قَبْلَ الْمُبَالَغَةِ أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةً كَامِلَةً عَنْ نَفْسِهِ ثُمَّ يَرْمِيهَا عَنْ الصَّبِيِّ فَهَذَا يُجْزِئُ بِلَا كَلَامٍ

(قَوْلُهُ: يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْمِيَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ) أَيْ: قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ وَهَذِهِ دَاخِلَةٌ تَحْتَ قَوْلِهِ: وَإِلَّا إثْرَ الزَّوَالِ. (قَوْلُهُ: إنَّهُ لَا مَعْنَى إلَخْ) أَقُولُ: لَهُ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحَبَّيْنِ بِوَجْهَيْنِ مُتَغَايِرَيْنِ (قَوْلُهُ: وَانْظُرْ الْوَجْهَ الثَّانِيَ) عِبَارَتُهُ فِي ك وَالثَّانِي أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَنْتَهِي وَقْتُ اسْتِحْبَابِهَا بِالزَّوَالِ وَبِهِ صَرَّحَ تت عَقِبَ قَوْلِهِ: طُلُوعُ الشَّمْسِ وَأَنَّ فِعْلَهَا بَعْدَ الزَّوَالِ، وَلَوْ إثْرَهُ فِعْلٌ لَهَا فِي غَيْرِ وَقْتِهَا الْمُسْتَحَبِّ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ شَامِلًا لِلِاحْتِمَالَيْنِ السَّابِقَيْنِ، فَقَالَ: وَإِلَّا بِأَنْ فَاتَ الرَّمْيُ أَيْ: رَمْيُ الْعَقَبَةِ عِنْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ، أَوْ كَانَ الرَّمْيُ فِي غَيْرِ أَوَّلِ يَوْمٍ فَالْمُسْتَحَبُّ الرَّمْيُ إثْرَ الزَّوَالِ انْتَهَى.

وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ وَقْتُ أَدَاءِ الْعَقَبَةِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ مِنْ الْفَجْرِ لِلْغُرُوبِ، وَالْمُسْتَحَبُّ مِنْهُ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ لِلزَّوَالِ وَيُكْرَهُ الرَّمْيُ مِنْهُ لِلْغُرُوبِ، وَأَمَّا مِنْ الْفَجْرِ لِلطُّلُوعِ فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا، أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى، وَقَدْ صَرَّحَ الْجُزُولِيُّ بِالْأَوَّلِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ وَمَا وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ قَوْلِهِ: إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فَاتَ وَقْتُ رَمْيِهَا مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الْفَضْلِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُهُ قَبْلَ الظُّهْرِ أَيْ: قَبْلَ صَلَاتِهِ انْتَهَى عِبَارَةُ كَبِيرِهِ.

(أَقُولُ) يَبْقَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ الرَّمْيُ قَبْلَ الزَّوَالِ لِعُذْرٍ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْدَبُ بَعْدَ الزَّوَالِ قَبْلَ الظُّهْرِ قِيَاسًا عَلَى الْجَمَرَاتِ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ وَيَحُومُ لِهَذَا مَا قَالَهُ الشَّارِحُ أَوَّلًا (قَوْلُهُ: كَمَا كَانَ يَفْعَلُهُ ابْنُ الْقَاسِمِ) شَيْخُ مَالِكٍ أَيْ: عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (قَوْلُهُ: وَسَالِمٌ) أَيْ: ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ (قَوْلُهُ دُونَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) أَيْ: فَإِنَّهُ ضَيِّقٌ فَلَيْسَ فِيهِ سَعَةٌ لِلْقِيَامِ لِمَنْ يَرْمِي زَادَ فِي ك وَلِهَذَا لَا يَنْصَرِفُ الَّذِي يَرْمِيهَا عَلَى طَرِيقِهِ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الَّذِي يَأْتِي لِلرَّمْيِ وَإِنَّمَا يَنْصَرِفُ مِنْ أَعْلَى الْجَمْرَةِ وَضَعَّفَ مَالِكٌ رَفْعَ الْيَدَيْنِ فِي جَمِيعِ الْمَشَاعِرِ وَالِاسْتِسْقَاءِ، وَقَدْ رُئِيَ رَافِعًا يَدَيْهِ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَقَدْ جَعَلَ بُطُونَهُمَا إلَى الْأَرْضِ وَقَالَ إنْ كَانَ الرَّفْعُ فَهَكَذَا انْتَهَى.

وَعِبَارَةُ شب وَفِي رَفْعِ يَدَيْهِ قَوْلَانِ قَالَ الْمُوَضِّحُ: مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ الرَّفْعِ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ لِيُصَلِّيَ) اللَّامُ لِلْعَاقِبَةِ أَيْ: يَئُولُ نُزُولُهُ إلَى أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعَ صَلَوَاتٍ لَا لَامُ التَّعْلِيلِ أَيْ:؛ لِأَنَّ النُّزُولَ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ الِاقْتِدَاءِ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا لِأَجْلِ الصَّلَاةِ وَسَوَاءٌ كَانَ مَكِّيًّا، أَوْ مُقِيمًا بِمَكَّةَ أَمْ لَا وَيُقْصِرُ الصَّلَاةَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الْمَنَاسِكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>