للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَتَقَدَّمَ أَنَّ النُّزُولَ بِهِ لَيْسَ بِنُسُكٍ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا وَصَلَ لِلْمُحَصَّبِ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ، أَمَّا إذَا أَدْرَكَهُ وَقْتُ الصَّلَاةِ، وَهُوَ فِي غَيْرِ الْمُحَصَّبِ فَإِنَّهُ يُصَلِّيهَا حَيْثُ أَدْرَكَهُ الْوَقْتُ، وَلَا يُؤَخِّرُ لِلْمُحَصَّبِ فَيُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ بِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ وَبِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ رُجُوعُهُ يَوْمَ جُمُعَةٍ وَتَحْصِيبٌ مَصْدَرُ حَصَّبَ كَفَرَّحَ مُضَعَّفًا إذَا نَزَلَ الْمُحَصَّبَ مِثْلَ غَرَّبَ وَشَرَّقَ.

(ص) وَطَوَافُ الْوَدَاعِ إنْ خَرَجَ لِكَالْجُحْفَةِ لَا كَالتَّنْعِيمِ، وَإِنْ صَغِيرًا (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ يُنْدَبُ لِكُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ لِمَوْضِعٍ بَعِيدٍ كَالْجُحْفَةِ وَبَقِيَّةِ الْمَوَاقِيتِ مَكِّيًّا، أَوْ غَيْرَهُ قَدِمَ بِنُسُكٍ أَوْ تِجَارَةٍ، وَإِنْ صَغِيرًا، أَوْ عَبْدًا، أَوْ امْرَأَةً كَانَتْ نِيَّتُهُ الْعَوْدَ أَمْ لَا أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الْوَدَاعِ قَبْلَ خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّهُ خَرَجَ إلَى مَكَان بَعِيدٍ فِي الْحِلِّ وَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - «لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ» وَلِهَذَا كَانَ طَوَافُ الْوَدَاعِ هُوَ آخِرُ نُسُكٍ يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ، وَسَوَاءٌ خَرَجَ لِحَاجَةٍ، أَوْ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ وَمَحَلُّ كَوْنِ مَنْ خَرَجَ لِلتَّنْعِيمِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى بِمَسَاجِدِ عَائِشَةَ، أَوْ الْجِعْرَانَةِ لَا يُطْلَبُ بِوَدَاعٍ حَيْثُ لَمْ يَخْرُجْ لِيُقِيمَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ أَوْ لِمَسْكَنِهِ وَإِلَّا طُلِبَ مِنْهُ، وَلَوْ قَرُبَ مَا خَرَجَ إلَيْهِ وَيُسْتَثْنَى مِنْ كَلَامِهِ الْمُتَرَدِّدُ لِمَكَّةَ بِالْحَطَبِ وَنَحْوِهِ فَلَا وَدَاعَ عَلَيْهِمْ، وَلَوْ خَرَجُوا لِمَكَانٍ بَعِيدٍ، وَكَذَا يُسْتَثْنَى مِنْهُ الْمُتَعَجِّلُ، وَظَاهِرُ قَوْلِهِ: وَإِنْ صَغِيرًا، وَلَوْ غَيْرَ مُمَيِّزٍ فَيَفْعَلُهُ عَنْهُ وَلِيُّهُ ابْنُ فَرْحُونٍ لِطَوَافِ الْوَدَاعِ رَكْعَتَانِ إنْ تَرَكَهُمَا حَتَّى تَبَاعَدَ، أَوْ بَلَغَ بَلَدَهُ رَكَعَهُمَا، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ قَرُبَ، وَهُوَ عَلَى طَهَارَتِهِ رَجَعَ لَهُمَا، وَإِنْ انْتَقَضَ وُضُوءُهُ ابْتَدَأَ الطَّوَافَ وَرَكَعَهُمَا، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْعَصْرِ رَكَعَهُمَا إذَا حَلَّتْ النَّافِلَةُ فِي الْحَرَمِ أَوْ خَارِجَهُ وَلَمْ يَذْكُرُوا أَنَّهُ يُقَبِّلُ الْحَجَرَ بَعْدَ طَوَافِ الْوَدَاعِ قَبْلَ خُرُوجِهِ مِنْ الْمَسْجِدِ كَمَا قَالُوهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ لِلسَّعْيِ، وَهُوَ حَسَنٌ انْتَهَى.

(ص) وَتَأَدَّى بِالْإِفَاضَةِ وَالْعُمْرَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ لَيْسَ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ، بَلْ يَكُونُ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ فَلِذَلِكَ يَتَأَدَّى بِطَوَافِ الْإِفَاضَةِ أَوْ بِطَوَافِ الْعُمْرَةِ يَعْنِي: أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لِمَنْ طَافَ لِلْإِفَاضَةِ، أَوْ لِلْعُمْرَةِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ فَوْرِهِ أَنْ يَطُوفَ لِلْوَدَاعِ فَمَعْنَى تَأَدِّي سَقَطَ الطَّلَبُ بِمَا ذُكِرَ وَيَحْصُلُ لَهُ فَضْلُ طَوَافِ الْوَدَاعِ إنْ نَوَاهُ بِمَا ذُكِرَ قِيَاسًا عَلَى تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ.

(ص) ، وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى (ش) يَعْنِي: أَنَّهُ إذَا طَافَ لِلْوَدَاعِ، أَوْ لِغَيْرِهِ وَخَرَجَ بِإِثْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ وَوَجْهُهُ إلَى الْبَيْتِ وَظَهْرُهُ لِخَلْفٍ كَمَا تَفْعَلُهُ الْأَعْجَامُ لِعَدَمِ الْوَارِدِ فِي ذَلِكَ عَنْ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -، بَلْ يَرْجِعُ وَظَهْرُهُ إلَى الْبَيْتِ وَالنَّهْيُ عَنْ ذَلِكَ نَهْيُ كَرَاهَةٍ أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى.

(ص) وَبَطَلَ بِإِقَامَةِ بَعْضِ يَوْمٍ لَا بِشُغْلٍ خَفَّ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ طَافَ لِلْوَدَاعِ، ثُمَّ أَقَامَ بَعْدَهُ بِمَكَّةَ، أَوْ بِمَحَلٍّ دُونَ ذِي طَوًى يَوْمًا، أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يَبْطُلُ كَوْنُهُ وَدَاعًا لَا ثَوَابُهُ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَحِيحٌ فِي نَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ أَنَّ النُّزُولَ بِهِ لَيْسَ بِنُسُكٍ) أَيْ: لَيْسَ بِمُتَأَكِّدٍ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ، أَوْ الْوُجُوبِ حَتَّى يَلْزَمَ فِيهِ الدَّمُ بِتَرْكِهِ انْتَهَى مُحَشِّي تت.

وَالْمُحَصَّبُ هُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَحَالَفَتْ فِيهِ قُرَيْشٌ عَلَى أَنْ لَا يُبَايِعُوا بَنِي هَاشِمٍ وَلَا يُنَاكِحُوهُمْ وَلَا يَأْخُذُوا مِنْهُمْ وَلَا يُعْطُوهُمْ فَنَزَلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَذَكَرَ اللَّهَ فِيهِ شُكْرًا لَهُ حَيْثُ ظَفَّرَهُ اللَّهُ وَنَصَرَهُ عَلَى أَعْدَائِهِ فَكَانَ مَجْلِسًا لِسُوءٍ جَعَلَهُ اللَّهُ مَجْلِسًا لِخَيْرٍ (قَوْلُهُ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ) أَيْ: قَبْلَ انْتِهَاءِ وَقْتِهَا بِأَنْ وَصَلَ قَبْلَ الْعَصْرِ بِمِقْدَارِ مَا يَفْعَلُ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَإِلَّا بِأَنْ ضَاقَ الْوَقْتُ عَلَيْهِ جِدًّا بِحَيْثُ يَدْخُلُ وَقْتُ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِ فَإِنَّهُ يُصَلِّي الظُّهْرَ حَالًّا وَلَا يُؤَخِّرُ، وَلَا تَفْهَمُ أَنَّ الْمُرَادَ الدُّخُولُ الْحَقِيقِيُّ وَهُوَ ابْتِدَاءُ وَقْتِ الظُّهْرِ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ مِنْ مِنًى إلَّا بَعْدَ رَمْيِ الرَّابِعِ، وَالرَّمْيُ إنَّمَا يَكُونُ بَعْدَ الزَّوَالِ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ وَقْتُ دُخُولِ الصَّلَاةِ الثَّانِيَةِ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ (قَوْلُهُ بِغَيْرِ الْمُتَعَجِّلِ) أَيْ: وَأَمَّا الْمُتَعَجِّلُ فَلَا يُنْدَبُ لَهُ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مُقْتَدًى بِهِ مِنْ شَرْحِ عب

(قَوْلُهُ: الْوِدَاعِ) بِكَسْرِ الْوَاوِ مَصْدَرُ وَادَعَ وَبِفَتْحِهَا اسْمُ مَصْدَرٍ (قَوْلُهُ: قَدِمَ بِنُسُكٍ، أَوْ تِجَارَةٍ) لَا يَخْفَى أَنَّ النُّسُكَ، إمَّا الْحَجُّ، أَوْ الْعُمْرَةُ، وَالْقَادِمُ بِتِجَارَةٍ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا وَأَقَلُّهَا عُمْرَةٌ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْمَقْصُودَ لَهُ ابْتِدَاءً، إمَّا النُّسُكُ، أَوْ التِّجَارَةُ فَلَا يُنَافِي أَنَّهُ إذَا قَصَدَ التِّجَارَةَ لَا يَدْخُلُ مَكَّةَ إلَّا مُحْرِمًا بِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ (قَوْلُهُ: حَتَّى يَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ) آخِرُ إمَّا اسْمُهَا مَرْفُوعٌ وَالطَّوَافُ خَبَرُهَا مَنْصُوبٌ، أَوْ بِالْعَكْسِ (قَوْلُهُ آخِرَ نُسُكٍ يَفْعَلُهُ الْحَاجُّ) أَيْ: آخِرَ عِبَادَةٍ يَفْعَلُهَا الْحَاجُّ (قَوْلُهُ أَوْ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ) أَيْ: بِأَنْ كَانَ آفَاقِيًّا وَعَلَيْهِ نَفَسٌ مِنْ الْوَقْتِ فَأَرَادَ أَنَّهُ يَذْهَبُ إلَى مِيقَاتِهِ يُحْرِمُ مِنْهُ فَيُطَالَبُ حِينَئِذٍ - حِينَ يَتَوَجَّهُ لِلْخُرُوجِ - أَنْ يَطُوفَ طَوَافَ الْوَدَاعِ فَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا فِي الْحَجِّ وَلَا يُتَصَوَّرُ فِي عُمْرَةٍ؛ لِأَنَّ مَنْ كَانَ بِمَكَّةَ وَأَرَادَ أَنْ يَعْتَمِرَ فَيَخْرُجُ إمَّا لِلْجِعْرَانَةِ، أَوْ التَّنْعِيمِ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمَوَّاقُ أَنَّ الْعُرْفِيَّ إذَا أَحْرَمَ مِنْ عَرَفَةَ بِالْحَجِّ فَإِنَّهُ يَأْتِي بِطَوَافِ الْوَدَاعِ إذَا رَجَعَ لَهَا مِنْ مَكَّةَ وَهُوَ وَاضِحٌ لِأَنَّهُ رَجَعَ لِمَسْكَنِهِ فَيُطْلَبُ، وَلَوْ قَرُبَ، وَأَمَّا الْمَكِّيُّ إذَا خَرَجَ مِنْ مَكَّةَ لِعَرَفَةَ فَهَلْ يُطْلَبُ بِهِ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِبَعِيدٍ، وَيُسْتَحَبُّ لَهُ إذَا فَرَغَ مِنْ طَوَافِ وَدَاعٍ أَنْ يَقِفَ بِالْمُلْتَزَمِ لِلدُّعَاءِ (قَوْلُهُ: رَجَعَ لَهُمَا) أَيْ: وَفِعْلُهُمَا فِي الْمَسْجِدِ (قَوْلُهُ: فِي الْحَرَمِ، أَوْ خَارِجِهِ) اُنْظُرْ هَذَا لِمَ لَمْ يُؤْمَرْ بِالرُّكُوعِ فِي الْحَرَمِ فَيُوَافِقَ قَوْلَهُ: رَجَعَ لَهُمَا؟ .

وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْحَرَمِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ (قَوْلُهُ: وَهُوَ حَسَنٌ) الْمُفَادُ مِنْ تت أَنَّ الضَّمِيرَ عَائِدٌ عَلَى عَدَمِ التَّقْبِيلِ فَمَا فِي عب غَيْرُ مُنَاسِبٍ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْحُسْنِ أَنَّ التَّقْبِيلَ مِنْ مُتَعَلِّقَاتِ السَّعْيِ وَلَا سَعْيَ هُنَا (قَوْلُهُ: وَالْعُمْرَةُ) وَلَا يَكُونُ سَعْيُهُ طُولًا حَيْثُ لَمْ يُقِمْ بَعْدَهُمَا إقَامَةً تُبْطِلُ حُكْمَ التَّوْدِيعِ

(قَوْلُهُ: وَلَا يَرْجِعُ الْقَهْقَرَى) وَكَذَا يُقَالُ فِي الْقَهْقَرَى فِي زِيَارَتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ: نَهْيُ كَرَاهَةٍ، أَوْ خِلَافُ الْأَوْلَى) ، الظَّاهِرُ الْكَرَاهَةُ قَالَ فِي مَنَاسِكِهِ وَلَا يَرْجِعُ فِي خُرُوجِهِ الْقَهْقَرَى لِأَنَّهُ خِلَافُ السُّنَّةِ

(قَوْلُهُ: دُونَ ذِي طَوًى) فَإِنْ أَقَامَ بِذِي طَوًى، أَوْ بِالْأَبْطَحِ لَمْ يَبْطُلْ وَدَاعُهُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَعْضَهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>