للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ الْيَهُودِ مِنْ بَنِي يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تُنْكِرُ مَا عَدَا نُبُوَّةِ مُوسَى وَهَارُونَ وَيُوشَعَ بْنِ نُونٍ مِنْ أَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ وَتُنْكِرُ الْمَعَادَ الْجُسْمَانِيَّ كَالنَّصَارَى وَلَا يَرَوْنَ لِبَيْتِ الْمَقْدِسِ حُرْمَةً كَالْيَهُودِ وَيُحَرِّمُونَ الْخُرُوجَ مِنْ جِبَالِ نَابُلُسَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ بِأَيْدِيهِمْ تَوْرَاةً بَدَّلَهَا أَحْبَارُ الْيَهُودِ وَمُبَالَغَةُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى السَّامِرِيِّ فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الصَّابِئَ لَيْسَ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَإِنْ قُلْت السَّامِرِيُّ قَدْ أَخَذَ بِبَعْضِ الْيَهُودِيَّةِ وَالصَّابِئُ أَخَذَ بِبَعْضِ النَّصْرَانِيَّةِ فَمَا وَجْهُ الْفَرْقِ؟ قُلْت لَعَلَّ أَخْذَ الصَّابِئِ بِالنَّصْرَانِيَّةِ دُونَ أَخْذِ الْسَامِرِيِ بِالْيَهُودِيَّةِ (ص) أَوْ مَجُوسِيًّا تَنَصَّرَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمَجُوسِيَّ وَهُوَ عَابِدُ النَّارِ إذَا تَنَصَّرَ أَوْ تَهَوَّدَ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَى الدِّينِ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ وَيَصِيرُ لَهُ حُكْمُ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ أَكْلِ ذَبِيحَتِهِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْأَحْكَامِ وَلَيْسَ التَّنَصُّرُ قَيْدًا فِي السَّامِرِيِّ كَمَا زَعَمَ بَلْ خَاصٌّ بِالْمَجُوسِيِّ

(ص) وَذَبَحَ لِنَفْسِهِ مُسْتَحَلَّهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِتَابِيَّ أَصَالَةً أَوْ انْتِقَالًا يُشْتَرَطُ فِي إبَاحَةِ مَذْبُوحِهِ أَنْ يَذْبَحَ لِنَفْسِهِ مَا يَرَاهُ حَلَالًا عِنْدَهُ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ لِنَفْسِهِ مِمَّا إذَا ذَبَحَ الْكِتَابِيُّ لِمُسْلِمٍ وَيَأْتِي فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَفِي ذَبْحِ كِتَابِيٍّ لِمُسْلِمٍ قَوْلَانِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُسْتَحَلِّهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ مِمَّا إذَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ مَا لَا يَرَاهُ حَلَالًا عِنْدَهُ وَثَبَتَ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا كَذِي الظُّفُرِ فَلَا يَجُوزُ لَنَا أَكْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا بَلْ بِإِخْبَارِهِمْ كَالطَّرِيفَةِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَإِلَّا كُرِهَ وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ ذَبَحَ لِنَفْسِهِ أَنَّهُ ذَبَحَ مِلْكَهُ الَّذِي هُوَ حَلَالٌ لَهُ سَوَاءٌ ذَبَحَهُ لِنَفْسِهِ أَوْ لِيُضِيفَ بِهِ غَيْرَهُ فَلَوْ ذَبَحَ مِلْكَهُ الَّذِي لَيْسَ بِحَلَالٍ لَهُ فَإِنَّ ذَبَحَهُ لَا يُعْتَبَرُ سَوَاءٌ ذَبَحَهُ لِضِيَافَةِ غَيْرِهِ كَذَبْحِ الْإِوَزِّ لِضِيَافَةِ مُسْلِمٍ أَوْ لَا

(ص) وَإِنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ إنْ لَمْ يَغِبْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكِتَابِيَّ تَصِحُّ ذَكَاتُهُ وَلَوْ عَلِمْنَا أَوْ شَكَكْنَا أَنَّهُ يَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَيَجُوزُ لَنَا أَكْلُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَغِيبَ عَلَيْهَا بِأَنْ يَذْبَحَهَا بِحَضْرَتِنَا فَقَوْلُهُ إنْ لَمْ يَغِبْ شَرْطٌ فِي آكِلِ الْمَيْتَةِ مِنْ الْكِتَابِيِّينَ وَأَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَمُ الْغَيْبَةِ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ حُضُورُ مَنْ يَعْرِفُ الذَّكَاةَ الشَّرْعِيَّةَ وَلَوْ صَغِيرًا مُسْلِمًا مُمَيِّزًا وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَنْ لَا يَعْرِفُهَا إذَا وَصَفَ مَا حَصَلَ بِحَضْرَتِهِ وَكَانَ ذَكَاةً شَرْعِيَّةً أَنَّهَا تُؤْكَلُ

(ص) لَا صَبِيٍّ ارْتَدَّ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مُمَيِّزٍ أَيْ قَطْعُ مُمَيِّزٍ بَاقٍ عَلَى دِينِهِ لَا مُمَيِّزٌ ارْتَدَّ وَهُوَ تَكْرَارٌ مَعَهُ لَكِنَّهُ إنَّمَا نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُتَوَهَّمُ أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يُقْتَلْ فِي رِدَّتِهِ كَانَتْ رِدَّتُهُ غَيْرَ مُعْتَبَرَةٍ (ص) وَذَبْحٍ لِصَنَمٍ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى صَبِيٍّ فَالْعَامِلُ فِيهِ قَطْعٌ أَيْ لَا قَطْعَ مَذْبُوحٍ لِصَنَمٍ فَالْإِضَافَةُ فِيمَا سَبْقٌ لِلْفَاعِلِ وَهُنَا لِلْمَفْعُولِ وَاللَّامُ فِي لِصَنَمٍ لِلِاسْتِحْقَاقِ فَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا ذَبَحَ لِلصَّنَمِ مَا يَسْتَحِقُّهُ دُونَ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ لِأَنَّهُ مِمَّا أَهَّلَ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ.

فَإِنْ قُلْت ظَاهِرُ هَذَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَتُنْكِرُ الْمَعَادَ الْجُسْمَانِيَّ) أَيْ كَوْنَ الْأَجْسَادِ تُعَادُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَيْ وَتَعْتَرِفُ بِالْمَعَادِ الرُّوحَانِيِّ أَيْ كَوْنِ الْأَرْوَاحِ تُعَادُ (قَوْلُهُ كَالْيَهُودِ) أَيْ الْيَهُودِ الْخُلَّصِ (قَوْلُهُ وَيُحَرِّمُونَ الْخُرُوجَ مِنْ جِبَالِ نَابُلُسَ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِانْتِقَالُ مِنْ جِبَالِ نَابُلُسَ بِحَيْثُ يَسْكُنُ غَيْرَهَا (قَوْلُهُ بَدَّلَهَا أَحْبَارُ الْيَهُودِ) أَيْ صَلَّحُوا فِيهَا وَأَتْقَنُوهَا وَأَزَالُوا مَا فِيهَا مِنْ التَّحْرِيفِ (قَوْلُهُ قُلْت لَعَلَّ أَخْذَ الصَّابِئِ بِالنَّصْرَانِيَّةِ دُونَ إلَخْ) أَيْ فَهُمْ بَيْنَ النَّصْرَانِيَّةِ وَالْمَجُوسِيَّةِ يَعْتَقِدُونَ تَأْثِيرَ النُّجُومِ وَأَنَّهَا فَعَّالَةٌ انْتَهَى ذَكَرَهُ الْحَطَّابُ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ التَّنَصُّرُ قَيْدًا فِي السَّامِرِيِّ) أَيْ لِأَنَّهُ وَلَوْ لَمْ يَتَنَصَّرْ تُؤْكَلُ ذَبِيحَتُهُ قَالَ الشَّيْخُ سَالِمٌ قَالَ فِيهَا وَتُؤْكَلُ ذَبِيحَةُ الْغُلَامِ أَبَاهُ نَصْرَانِيٌّ وَأُمُّهُ مَجُوسِيَّةٌ لِأَنَّهُ تَبَعٌ لِدِينِ أَبِيهِ وَلَا يُنَافِي هَذَا مَا تَقَدَّمَ فِي الْحُرَّةِ يَسْبِيهَا الْعَدُوُّ فَتَلِدُ مِنْهُمْ أَنَّ أَوْلَادَهَا الصِّغَارَ تَبَعٌ لَهَا فِي الدِّينِ إذْ لَيْسَ هُنَا أَبٌ حَقِيقَةً انْتَهَى.

قَلْت فَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ أَوْلَادَ الْكُفَّارِ إذَا زَنَوْا بِالْمُسْلِمَةِ عَلَى دِينِ أُمِّهِمْ إذْ لَا أَبَ لِهُمْ كَذَلِكَ الْعَكْسُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ يَعْلُو حَيْثُ لَا أَبَ شَرْعًا انْتَهَى

(قَوْلُهُ وَذَبَحَ) أَيْ الْكِتَابِيُّ أَيْ وَلَوْ رَقِيقًا (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ الْكِتَابِيَّ أَصَالَةً إلَخْ) إذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَيْسَ قَوْلُهُ وَذَبَحَ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ تَنَصَّرَ وَإِلَّا كَانَ قَاصِرًا بَلْ مَعْطُوفًا عَلَى قَوْلِهِ يُنَاكِحُ أَيْ صَحَّتْ مُنَاكَحَتُهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ قَوْلَهُ يُنَاكِحُ شَامِلٌ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ إلَّا أَنَّ هَذَا الْمَعْطُوفَ إنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَارِ مَا يُنَاسِبُهُ وَهُوَ الْكَافِرُ (قَوْلُهُ لِنَفْسِهِ) أَيْ مَا يَمْلِكُهُ لَا مَا يَمْلِكُهُ مُسْلِمٌ أَوْ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كِتَابِيٍّ فَيُكْرَهُ تَمْكِينُهُ مِنْ ذَبْحِهِمَا (قَوْلُهُ أَنْ يَذْبَحَ لِنَفْسِهِ) شَرْطٌ أَوَّلٌ وَقَوْلُهُ مَا يَرَاهُ حَلَالًا شَرْطٌ ثَانٍ وَشَرْطٌ ثَالِثٌ أَنْ لَا ذَبَحَهُ لِصَنَمٍ

(قَوْلُهُ وَإِنْ أَكَلَ الْمَيْتَةَ) أَيْ وَإِنْ اعْتَقَدَ إبَاحَةَ أَكْلِ الْمَيْتَةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَلَوْ صَغِيرًا مُسْلِمًا مُمَيِّزًا) أَيْ وَلَا يُتَّهَمُ عَلَى مُوَافَقَتِهِ عَلَى الذَّكَاةِ غَيْرِ الشَّرْعِيَّةِ.

(قَوْلُهُ لَا صَبِيًّ ارْتَدَّ) وَأَوْلَى كَبِيرٌ ارْتَدَّ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَكْرَارٌ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ مِثْلَ هَذَا لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا وَإِذَا مَاتَ الصَّبِيُّ عَلَى رِدَّتِهِ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَفَادَهُ فِي ك (قَوْلُهُ فَالْإِضَافَةُ فِيمَا سَبَقَ لِلْفَاعِلِ إلَخْ) .

الْحَاصِلُ أَنَّ الْمَصْدَرَ فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَفِي الْمَعْطُوفِ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ كَانَ قَلِيلًا وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى أَنَّ ذَبَحَ بِمَعْنَى مَذْبُوحٍ (قَوْلُهُ مَا يَسْتَحِقُّهُ) لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَإِنْ قُلْت الْعِلَّةُ تَقْتَضِي أَنَّ عَدَمَ الْأَكْلِ عِنْدَ الْإِهْلَالِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَالْمُدَّعَى عَامٌّ قُلْنَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: الْمُرَادُ مَا ذُبِحَ لِلْأَصْنَامِ وَالْأَوْثَانِ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا قَالَهُ عب وَشُبْ لَا يَظْهَرُ أَمَّا عب فَقَدْ قَالَ أَيْ لَا يُؤْكَلُ ذَبْحُ الْكِتَابِيِّ لِصَنَمٍ مَا يَسْتَحِقُّهُ دُونَ غَيْرِهِ فِي زَعْمِهِ لِأَنَّهُ مِمَّا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ أَيْ بِأَنْ قَالَ بِاسْمِ الصَّنَمِ بَدَلَ بِاسْمِ اللَّهِ فَإِنْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيْضًا أَكَلَ تَغْلِيبًا لِاسْمِ اللَّهِ مَعَ أَنَّهُ يَبْعُدُ ذِكْرُ اسْمِهِ تَعَالَى مَعَ قَصْدِهِ اخْتِصَاصَهُ بِالصَّنَمِ الَّذِي هُوَ مُفَادُ لَامُ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَمَّا شب فَقَالَ وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَيْ لَا أَنَّهُ قَصَدَ التَّقَرُّبَ انْتَهَى وَنُتِمُّ لَك الْعِبَارَةَ الْمُفْصِحَةَ بِالْمَقْصُودِ بِمَا قَالَهُ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ} [البقرة: ١٧٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ الْمُرَادُ مَا ذُبِحَ لِلْأَنْصَابِ وَالْأَوْثَانِ وَأُهِلَّ مَعْنَاهُ صِيحَ وَمِنْهُ اسْتِهْلَالُ الْمَوْلُودِ وَجَرَتْ عَادَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>