للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَوْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ قُلْت إذَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ لَا يُصَدَّقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ ذَبَحَ لِلصَّنَمِ مَا يَسْتَحِقُّهُ فَقَطْ إذْ ذِكْرَ اسْمِ اللَّهِ عَلَيْهِ يُنَافِي ذَلِكَ لِأَنَّ لَامَ الِاسْتِحْقَاقِ تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ وَلَامَ التَّعْلِيلِ لَا تُفِيدُهُ وَلِذَا كَانَتْ لَامُ لِصَلِيبِ تَعْلِيلِيَّةً

(ص) أَوْ غَيْرُ حِلٍّ لَهُ إنْ ثَبَتَ بِشَرْعِنَا وَإِلَّا كُرِهَ (ش) هَذَا تَفْصِيلٌ فِي مَفْهُومِ مُسْتَحِلِّهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْكِتَابِيَّ إذَا ذَبَحَ لِنَفْسِهِ مَا يَرَاهُ غَيْرَ حَلَالٍ لَهُ وَثَبَتَ تَحْرِيمُهُ عَلَيْهِ بِشَرْعِنَا كَذِي الظُّفُرِ وَهُوَ الْإِبِلُ وَحُمُرُ الْوَحْشِ وَالنَّعَامُ وَالْإِوَزُّ وَكُلُّ مَا لَيْسَ بِمَشْقُوقِ الظُّفُرِ وَلَا مُنْفَرِجِ الْقَوَائِمِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَثْبُتُ تَحْرِيمُهُ بِشَرْعِنَا بَلْ أَخْبَرَ هُوَ بِحُرْمَتِهِ فِي شَرْعِهِ كَالطَّرِيفَةِ وَهِيَ أَنْ تُوجَدَ الذَّبِيحَةُ فَاسِدَةَ الرِّئَةِ أَيْ مُلْتَصِقَةً بِظَهْرِ الْحَيَوَانِ كُرِهَ أَكْلُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيمٍ وَإِنَّمَا كَانَتْ الطَّرِيفَةُ عِنْدَهُمْ مُحَرَّمَةً لِأَنَّ ذَلِكَ عَلَامَةٌ عَلَى أَنَّهَا لَا تَعِيشُ مِنْ ذَلِكَ فَلَا تَعْمَلُ فِيهَا الذَّكَاةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ مَنْفُوذَةِ الْمَقَاتِلِ عِنْدَنَا وَلَيْسَ الدَّجَاجُ مِنْ ذَوِي الظُّفُرِ لِأَنَّهُ مَشْقُوقُ الْأَصَابِعِ لَيْسَ بَيْنَهُمَا اتِّصَالٌ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ فِي الْكِتَابِيِّ مُطْلَقًا مَعَ أَنَّ ذِي الظُّفُرِ إنَّمَا حُرِّمَ عَلَى الْيَهُودِ فَقَطْ لَكِنْ قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ بِشَرْعِنَا يُبَيِّنُ الْمُرَادَ مِنْهُ قَوْلُهُ وَإِلَّا كُرِهَ أَيْ كُرِهَ أَكْلُهُ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ فَلَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ إذَا وَقَعَ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْفَسْخَ فِي الطَّرِيفَةِ وَنَحْوِهَا عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ (ص) كَجِزَارَتِهِ (ش) أَيْ الْمُمَيِّزُ الَّذِي يُنَاكِحُ وَمَعْنَى كَلَامِهِ أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُبْقِيَهُ جَزَّارًا فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ أَيْ ذَبَّاحًا يَذْبَحُ مَا يَسْتَحِلُّهُ بِبَيْعِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ جَزَّارًا فِي الْبُيُوتِ وَهَذَا الثَّانِي مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يَصِحُّ اسْتِنَابَتُهُ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى كَجِزَارَتِهِ فِي أَسْوَاقِ الْمُسْلِمِينَ لِعَدَمِ نُصْحِهِ لَهُمْ وَالْجَزَّارُ الذَّابِحُ وَاللَّحَّامُ بَائِعُ اللَّحْمِ وَالْقَصَّابُ كَاسِرُ الْعَظْمِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ هُنَا مَا يَعُمُّ الْجَمِيعَ وَهِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَأَطْرَافُ الْبَعِيرِ يَدَاهُ وَرِجْلَاهُ وَرَأْسُهُ

(ص) وَبَيْعٍ وَإِجَارَةٍ لِعِيدِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَبِيعَ لِلْكَافِرِ نَعَمًا يَذْبَحُهَا لِعَبْدِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُؤَجِّرَ دَابَّتَهُ أَوْ سَفِينَتَهُ لِكِتَابِيٍّ لِأَجْلِ عِيدِهِ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يُعْطِيَ الْيَهُودَ وَرَقَ النَّخْلِ لِعِيدِهِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا يَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى تَعْظِيمِ شَأْنِهِمْ

(ص) وَشِرَاءِ

ــ

[حاشية العدوي]

الْعَرَبِ بِالصِّيَاحِ بِاسْمِ الْمَقْصُودِ بِالذَّبِيحَةِ وَغَلَبَ ذَلِكَ فِي اسْتِعْمَالِهِمْ حَتَّى عَبَّرَ بِهِ عَنْ النِّيَّةِ الَّتِي هِيَ عِلَّةُ التَّحْرِيمِ انْتَهَى.

الْحَاصِلُ أَنَّ ذِكْرَ غَيْرِ اسْمِ اللَّهِ لَا يُوجِبُ التَّحْرِيمَ عِنْدَ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ الَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي قَوْلِهِ وَذَبَحَ لِصَلِيبٍ أَوْ عِيسَى وَإِنَّمَا هُوَ مَكْرُوهٌ فَقَطْ وَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَحْرُمُ انْتَهَى.

(قَوْلُهُ إذْ ذِكْرُ اسْمِ اللَّهِ عَلَيْهِ يُنَافِي ذَلِكَ) وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ فَقَطْ أَوْ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ وَاسْمَ غَيْرِهِ يُؤْكَلُ وَأَمَّا إذَا ذَكَرَ اسْمَ الصَّنَمِ فَقَطْ فَلَا يُؤْكَلُ (قَوْلُهُ لِأَنَّ لَامَ الِاسْتِحْقَاقِ إلَخْ) لَا يَظْهَرُ أَنَّهَا تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ عَلَى أَنَّ الِاخْتِصَاصَ هُنَا لَا يَظْهَرُ مِنْهُ عَدَمُ الْأَكْلِ (قَوْلُهُ وَلَامَ التَّعْلِيلِ لَا تُفِيدُهُ) خُلَاصَتُهُ أَنَّ لَامَ الِاسْتِحْقَاقَ لَمَّا كَانَتْ تُفِيدُ الِاخْتِصَاصَ لَمْ يُؤْكَلْ فِي مَسْأَلَتِهَا وَلَمَّا كَانَتْ لَامُ التَّعْلِيلِ لَا تُفِيدُهُ أُكِلَ.

وَحَاصِلُ مُفَادِ الشَّارِحِ هُنَا وَفِي قَوْلِهِ أَوْ ذَبَحَ لِصَلِيبٍ إلَخْ أَنَّهُ لَمْ يُؤْكَلْ فِي مَسْأَلَةِ الصَّنَمِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَلَوْ ذُكِرَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ اسْمِ الصَّنَمِ أَكَلَ وَأَكَلَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلِيبِ وَعِيسَى لِكَوْنِهِ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَهَذَا تَبِعَ فِيهِ الشَّارِحُ غَيْرَهُ وَهُوَ لَا يَظْهَرُ بَلْ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَمْ يُؤْكَلْ هُنَا لِكَوْنِهِ قَصَدَ التَّقَرُّبَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّنَمِ بِأَنَّهُ جَعَلَهُ إلَهًا وَأَكَلَ فِي مَسْأَلَةِ الصَّلِيبِ وَعِيسَى لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ التَّقَرُّبَ بَلْ قَصَدَ انْتِفَاعَ الصَّلِيبِ أَوْ عِيسَى بِثَوَابِهِ هَذَا مَا يُفِيدُهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَصْدُ الِانْتِفَاعِ فِي الصَّلِيبِ إنَّمَا يَظْهَرُ بِالنِّسْبَةِ لِلذَّابِحِ بِخِلَافِ عِيسَى فَيَظْهَرُ قَصْدُ انْتِفَاعِهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ مَعَ قَصْدِ التَّقَرُّبِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّنَمِ وَالصَّلِيبِ وَعِيسَى فِي عَدَمِ الْأَكْلِ وَمَعَ قَصْدِ الِانْتِفَاعِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ فِي الْأَكْلِ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ لِمَا سَيَأْتِي أَنَّ وُجُوبَ التَّسْمِيَةِ خَاصٌّ بِالْمُسْلِمِ.

وَقَالَ مُحَشِّي تت مَا نَصُّهُ أَنَّ الْمَذْبُوحَ لِلصَّنَمِ لَيْسَ تَحْرِيمُهُ لِكَوْنِهِ ذَكَرَ عَلَيْهِ غَيْرَ اسْمِ اللَّهِ بَلْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقْصِدْ ذَكَاتَهُ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلِيبِ قَالَهُ التُّونُسِيُّ وَقَالَ ابْنُ عَطِيَّةَ فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١] ذَبَائِحُ أَهْلِ الْكِتَابِ عِنْدَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ فِي حُكْمِ مَا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ مِنْ حَيْثُ لَهُمْ دِينٌ وَشَرْعٌ انْتَهَى. وَقَدْ أَجَازَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَكْلَ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسِيحِ مَعَ الْكَرَاهَةِ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِيمَا ذُكِرَ عَلَيْهِ اسْمُ الْمَسِيحِ الْكَرَاهَةُ وَالْإِبَاحَةُ لِابْنِ حَارِثٍ عَنْ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ مَعَ رِوَايَةِ أَشْهَبَ.

(قَوْلُهُ إنْ ثَبَتَ بِشَرْعِنَا) الْمُرَادُ أَنَّ شَرَعْنَا أَخْبَرَ عَنْ شَرْعِهِمْ بِأَنَّهُ حُرِّمَ عَلَيْهِمْ كُلُّ ذِي ظُفُرٍ (قَوْلُهُ وَحُمُرُ الْوَحْشِ) فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهُ مِنْ ذَوَاتِ الْحَوَافِرِ (قَوْلُهُ وَلَا مُنْفَرِجِ الْقَوَائِمِ) جَمْعُ قَائِمَةٍ أَيْ مَا يُقَامُ عَلَيْهِ وَهُوَ الظُّفُرُ فَالْعَطْفُ مُرَادِفٌ (قَوْلُهُ فَاسِدَةَ الرِّئَةِ) أَيْ الْفِشَّةِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ فَلَا يَجُوزُ وَيُفْسَخُ) ظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ فَقَدْ قَالَ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ أَيْ كُرِهَ الْأَكْلُ وَأَمَّا شِرَاؤُهُ فَيَحْرُمُ وَيُفْسَخُ لِأَنَّهُ تَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا تَعْمَلُ الذَّكَاةُ فِيهَا بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ وَوَجْهُ حُرْمَةِ الشِّرَاءِ مَعَ كَرَاهَةِ الْأَكْلِ فَقَطْ إعَانَتُنَا لَهُمْ بِإِطْعَامِهِمْ مَا لَا يَحِلُّ لَهُمْ وَهُوَ الثَّمَنُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الشَّحْمِ الْمُحَرَّمِ عَلَيْهِمْ أَنَّ شِرَاءَهُ يُكْرَهُ وَلَا يُفْسَخُ إنَّ فَاسِدَةَ الرِّئَةِ لَيْسَ لَهُمْ فِيهَا عُذْرٌ فَهُمْ مُتَعَدُّونَ فِي تَحْرِيمِهَا فَسَاعَدْنَاهُمْ بِشِرَائِنَا إيَّاهُمْ عَلَى ضَلَالَتِهِمْ وَأَمَّا الشَّحْمُ فَهُمْ مَعْذُورُونَ فِيهِ لِتَحْرِيمِهِ عَلَيْهِمْ بِنَصِّ الْقُرْآنِ فَلَسْنَا مُسَاعِدِينَ لَهُمْ عَلَى ضَلَالَتِهِمْ (قَوْلُهُ عَلَى جِهَةِ النَّدْبِ) أَيْ وَيُحْمَلُ عَدَمُ الْجَوَازِ عَلَى الْكَرَاهَةِ وَهَذَا خِلَافُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ ك وَفِي شَرْحِ عب مَا يُفِيدُهُ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ إلَخْ) بَلْ يُكْرَهُ الشِّرَاءُ مِنْهُ سَوَاءٌ كَانَ الْمَبِيعُ ذَبَحَهُ أَمْ لَا وَكَذَا يُكْرَهُ أَنْ يَكُونَ صَيْرَفِيًّا فِي الْأَسْوَاقِ (قَوْلُهُ وَأَمَّا بِالضَّمِّ إلَخْ) قَالَ بَعْضٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ الْفَتْحَ

<<  <  ج: ص:  >  >>