صَلَاةِ الْعِيدِ وَبَعْدَ الْخُطْبَةِ أَيْضًا فَمَنْ ذَبَحَ قَبْلَ الْإِمَامِ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ أَعَادَ وَتَكُونُ شَاةَ لَحْمٍ إلَّا مَنْ لَا إمَامَ لَهُ وَتَحَرَّى مِنْ الْأَئِمَّةِ أَقْرَبَ إمَامٍ إلَيْهِ فَذَبَحَ قَبْلَهُ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ وَحَدَّ بَعْضٌ الْقُرْبَ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ لِأَنَّهُ الَّذِي يُؤْتَى لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْهُ أَيْ وَأَمَّا مَا بَعُدَ عَنْ ذَلِكَ فَلَا يَلْزَمُهُ اتِّبَاعُهُ لِأَنَّ الضَّحِيَّةَ تَبَعٌ لِلصَّلَاةِ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ أَقْرَبُ إمَامٍ أَوْ كَانَ وَتَعَذَّرَ تَحَرِّيهِ فَهَلْ يَذْبَحُ بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ الْعِيدَ أَوْ يُؤَخِّرَ لِقُرْبِ الزَّوَالِ أَوْ يَذْبَحُ فِي أَيِّ وَقْتٍ شَاءَ وَلَمَّا كَانَ مَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ لِقُوَّتِهِ كَالْمَنْطُوقِ بَلْ قِيلَ إنَّهُ مَنْطُوقُ شَبَهٍ فِي مَفْهُومٍ إلَّا الْمُتَحَرِّي وَهُوَ الْإِجْزَاءُ بِقَوْلِهِ (كَأَنْ لَمْ يُبْرِزْهَا وَتَوَانَى بِلَا عُذْرٍ قَدْرَهُ) أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يُبْرِزْ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى وَذَبَحَهَا بِمَنْزِلِهِ وَتَحَرَّى شَخْصٌ قَدْرَ ذَبْحِهِ بِمَنْزِلِهِ ثُمَّ ذَبَحَ وَتَبَيَّنَ أَنَّهُ ذَبَحَ قَبْلَهُ لِكَوْنِهِ تَوَانَى فِي الذَّبْحِ بَعْدَ وُصُولِهِ لِمَنْزِلِهِ لِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنَّهَا تُجْزِئُهُ فَقَوْلُهُ قَدَّرَهُ ظَرْفٌ لِمُقَدِّرِ أَيْ وَأَخَّرَ قَدْرَهُ أَيْ أَخَّرَ الْمُضَحِّي ذَبْحَ أُضْحِيَّتِهِ قَدْرَ ذَبْحِ الْإِمَامِ أُضْحِيَّتَهُ بِمَنْزِلِهِ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ قَدْرَهُ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ لِأَنَّ ضَمِيرَ تَوَانَى رَاجِعٌ لِلْإِمَامِ.
(ص) وَبِهِ انْتَظَرَ لِلزَّوَالِ (ش) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ فِيمَا سَبَقَ بِلَا عُذْرٍ أَيْ وَإِنْ كَانَ تَوَانَى الْإِمَامُ عَنْ الذَّبْحِ بِسَبَبِ عُذْرٍ كَاشْتِغَالِهِ بِقِتَالِ عَدُوٍّ أَوْ غَيْرِهِ انْتَظَرَ ذَبْحَهُ لِيَذْبَحَ بَعْدَهُ لِقُرْبِ الزَّوَالِ بِحَيْثُ يَبْقَى قَدْرُ مَا يَذْبَحُ فِيهِ قَبْلَهُ لِئَلَّا يَفُوتَ الْوَقْتُ الْأَفْضَلُ مِنْ الْيَوْمِ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ التَّحَرِّيَ لِذَبْحِ الْإِمَامِ أَوْ لِنَحْرِهِ حَيْثُ لَمْ يُبْرِزْ أُضْحِيَّتَهُ أَمَّا لَوْ أَبْرَزَهَا فَلَا يُعْتَبَرُ التَّحَرِّي مِنْ أَحَدٍ سَوَاءٌ عَلِمَ بِإِبْرَازِهَا أَمْ لَا لِأَنَّ تَحَرِّيَهُ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ فِي عَدَمِ الْإِجْزَاءِ حَيْثُ بَانَ سَبْقُهُ وَلَمَّا كَانَ قَوْلُهُ وَوَقْتُ الذَّبْحِ مِنْ ذَبْحِ الْإِمَامِ لِآخِرِ الثَّالِثِ شَامِلًا لِلْأَيَّامِ بِلَيَالِيِهَا بَيَّنَ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ (ص) وَالنَّهَارُ شَرْطٌ (ش) أَيْ وَالنَّهَارُ فِي
ــ
[حاشية العدوي]
التَّأْخِيرُ بِقَدْرِ صَلَاةِ الْإِمَامِ وَخُطْبَتِهِ وَذَبْحِهِ وَهَذَا الْأَمْرُ يَسْتَوِي فِيهِ الْإِمَامُ الْأَقْرَبُ وَالْأَبْعَدُ فَمَا وَجْهُ التَّفْرِقَةِ بَيْنَهُمَا قُلْت وَجْهُهَا أَنَّ الْأَقْرَبَ شَأْنُهُ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى حَالِهِ مِنْ قُرْبِ الْمُصَلَّى مِنْ مَنْزِلِهِ وَبُعْدِهَا مِنْهُ وَوَقْتِ خُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ بِهَا وَحُصُولِ عُذْرٍ يُوجِبُ التَّأْخِيرَ وَعَدَمَهُ وَاتِّحَادِ وَقْتِ طُلُوعٍ بِبَلَدِهِ وَبَلَدِ الْإِمَامِ بِخِلَافِ الْبَعِيدِ (قَوْلُهُ أَقْرَبَ إمَامٍ) أَيْ أَقْرَبَ بَلَدٍ يَذْبَحُ إمَامُهَا بَعْدَ خُطْبَتِهَا وَلَوْ مَعَ الْبُرُوزِ لِلْمُصَلَّى، وَهَذَا وَاضِحٌ فِي الْبَلَدِ الَّتِي بِهَا خَطِيبٌ فَقَطْ وَأَمَّا فِي مِثْلِ مِصْرَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّى أَقْرَبَ إمَامٍ فِي أَقْرَبِ الْحَارَاتِ إلَى حَارَتِهِ الَّتِي لَيْسَ بِهَا إمَامٌ يُضَحِّي لِأَنَّ كُلَّ حَارَةٍ بِمَنْزِلَةِ بَلَدٍ.
(تَتِمَّةٌ) قَالَ تت وَلَوْ لَمْ يَتَحَرَّ أَهْلُ الْبَوَادِي وَمَنْ لَا إمَامَ لَهُ وَتَعَمَّدُوا الذَّبْحَ قَبْلَهُ أَوْ ذَبَحُوا بِغَيْرِ تَحَرٍّ وَلَا اجْتِهَادٍ فَوَقَعَ ذَبْحُهُمْ قَبْلَهُ لَانْبَغَى أَنْ يُعِيدُوا انْتَهَى قَوْلُهُ وَتَعَمَّدُوا الذَّبْحَ قَبْلَهُ جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَالْمُرَادُ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا فِي وَقْتٍ يُجْزَمُ بِأَنَّهُ قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ وَقَوْلُهُ أَوْ ذَبَحُوا بِغَيْرِ تَحَرٍّ أَيْ ذَبَحُوا فِي وَقْتٍ يَحْتَمِلُ كَوْنُهُ قَبْلَ ذَبْحِ الْإِمَامِ أَوْ بَعْدَهُ انْتَهَى وَمُفَادُ هَذَا أَنَّهُمْ لَوْ لَمْ يَتَحَرَّوْا وَتَبَيَّنَ أَنَّهُمْ ذَبَحُوا بَعْدَهُ أَجْزَأَ (قَوْلُهُ بِثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ) أَوْ وَرُبْعٍ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ الَّذِي يُؤْتَى لِصَلَاةِ الْعِيدِ مِنْهُ) فِي هَذَا التَّحْدِيدُ نَظَرٌ لِأَنَّ مَنْ فِي ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ حُكْمُهُ حُكْمُ الْبَلَدِ الَّذِي لَهُ إمَامَ لِأَنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالصَّلَاةِ عَلَى وَجْهِ السُّنِّيَّةِ مَعَ إمَامِ الْبَلَدِ وَإِنَّمَا التَّحَرِّي الْمُجْزِئُ فِيمَنْ كَانَ أَبْعَدَ مِنْ ذَلِكَ هَذَا الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلْيَتَحَرَّ أَهْلُ الْبَوَادِي وَمَنْ لَا إمَامَ لَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى صَلَاةَ أَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِمْ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الرِّسَالَةِ.
وَمَنْ كَانَ دَاخِلًا تَحْتَ الثَّلَاثَةِ أَمْيَالٍ لَا يُقَالُ فِيهِ لَا إمَامَ لَهُ وَقَدْ أَنْكَرَ هَذَا التَّحْدِيدَ ح فَقَالَ لَمْ أَرَهُ فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِ هَذَا الْكِتَابِ وَلَا فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ لِأَبِي الْحَسَنِ وَابْنِ نَاجِي وَتَكْمِيلِ التَّقْيِيدِ وَلَا فِيمَا وَقَفْت عَلَيْهِ مِنْ شُرَّاحِ الرِّسَالَةِ وَلَا فِي الذَّخِيرَةِ وَقَالَ الْبَاجِيُّ وَأَمَّا مَنْ كَانَ بِمَوْضِعٍ لَيْسَ بِهِ إمَامٌ مِثْلَ الَّذِينَ لَا يُصَلُّونَ صَلَاةَ الْعِيدِ بِخُطْبَةٍ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ يَتَحَرَّوْنَ صَلَاةَ أَقْرَبِ الْأَئِمَّةِ إلَيْهِمْ انْتَهَى وَهَذَا ظَاهِرٌ اهـ مِنْ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ مَفْهُومُ الِاسْتِثْنَاءِ) هُوَ الْإِجْزَاءُ مَعَ التَّحَرِّي (قَوْلُهُ وَتَبَيَّنَ إلَخْ) هَذَا الْكَلَامُ لَيْسَ بِمُنَاسِبٍ بَلْ فَرْضُ الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ لَمْ يُبْرِزْهَا وَأَخَّرُوا الذَّبْحَ قَدْرَ ذَبْحِهِ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِمَامَ قَدْ تَوَانَى بِلَا عُذْرٍ فَإِنَّهَا تُجْزِئُ فَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الْإِمَامَ أَخَّرَ الذَّبْحَ بِلَا عُذْرٍ وَالنَّاسُ عَالِمُونَ بِذَلِكَ فَنَقُولُ لَهُمْ حَيْثُ كَانَ الْإِمَامُ أَخَّرَ لِغَيْرِ عُذْرٍ وَتَأَخَّرْتُمْ قَدْرَ ذَبْحِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُكُمْ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ وَأَمَّا إذَا أَخَّرَ وَكَانَ تَأْخِيرُهُ لِعُذْرٍ فَإِنَّهُمْ يُؤَخِّرُونَ لِقُرْبِ الزَّوَالِ.
وَنَصُّ ابْنُ رُشْدٍ إنْ لَمْ يُخْرِجْ الْإِمَامُ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى وَجَبَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يُؤَخِّرُوا ضَحَايَاهُمْ إلَى قَدْرِ مَا يَبْلُغُ الْإِمَامُ فَيَذْبَحُ عِنْدَ وُصُولِهِ وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ انْتِظَارُهُ إنْ تَرَاخَى فِي الذَّبْحِ بَعْدَ وُصُولِهِ بِغَيْرِ عُذْرٍ فَإِنْ أَخَّرَ الذَّبْحَ لِعُذْرٍ مِنْ اشْتِغَالٍ بِقِتَالِ عَدُوٍّ انْتَظَرُوهُ مَا لَمْ يَذْهَبْ وَقْتُ الصَّلَاةِ بِزَوَالِ الشَّمْسِ انْتَهَى وَفِي ك وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْإِغْمَاءَ وَالْجُنُونَ مِنْ الْعُذْرِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا قُلْنَا إنَّ قَدْرَهُ مَعْمُولٌ لِمُقَدَّرٍ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ ضَمِيرُ تَوَانَى عَائِدًا عَلَى الْإِمَامِ فَلَوْ جَعَلَ قَدْرَهُ مَعْمُولُ تَوَانَى لَكَانَ الْمَعْنَى وَتَوَانَى الْإِمَامُ بِلَا عُذْرٍ قَدْرَ ذَبْحِهِ فَإِنَّهُ يُجْزِئُ ظَاهِرُهُ وَلَوْ ذَبَحَ الْمُضَحِّي فِي وَقْتِ قَدْرِ ذَبْحِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ إلَّا إذَا أَخَّرَ الْمُضَحِّي قَدْرَ ذَبْحِ الْإِمَامِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ انْتَظَرَ) ظَاهِرُهُ الْوُجُوبُ (قَوْلُهُ كَاشْتِغَالِهِ بِعَدُوٍّ) اُنْظُرْ هَلْ يُعْتَبَرُ كَوْنُهُ عُذْرًا بِالنِّسْبَةِ لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُضَحِّي وَثَمَرَةُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ اعْتَقَدَ أَنَّ الْإِمَامَ تَوَانَى بِلَا عُذْرٍ وَأَخَّرَ قَدْرَهُ وَذَبَحَ أَوْ نَحَرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ أَخَّرَ لِعُذْرِ فَلَا يُجْزِئُ عَلَى الْأَوَّلِ وَيُجْزِئُ عَلَى الثَّانِي (قَوْلُهُ لِقُرْبِ الزَّوَالِ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمَتْنِ لَيْسَ بَاقِيًا عَلَى ظَاهِرِهِ وَإِلَّا لَأَشْكَلَ بِوَقْعِ الذَّبْحِ بَعْدَهُ فَيَكُونُ وَاقِعًا بَعْدَ خُرُوجِ الْوَقْتِ الْأَفْضَلِ (قَوْلُهُ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ كَأَنْ لَمْ يُبْرِزْهَا بِمَعُونَةِ مَا حَلَّ بِهِ كَلَام الْمُصَنِّفِ مِنْ قَوْلِهِ أَيْ أَنَّ الْإِمَامَ إذَا لَمْ يُبْرِزْ إلَخْ (قَوْلُهُ أَمَّا لَوْ أَبْرَزَهَا إلَخْ) هَذَا بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا كَانَ بِبَلَدِ الْإِمَامِ لَا بِغَيْرِ بَلَدِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute