الضَّحَايَا وَالْهَدَايَا شَرْطٌ فَلَا يُجْزِئُ مَا وَقَعَ مِنْهُمَا لَيْلًا عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَوَّلُ النَّهَارِ طُلُوعُ الْفَجْرِ وَلَا بُدَّ مِنْ تَقْدِيرِ شَيْءٍ لِيَصِحَّ الْحَمْلُ أَيْ وَذَبْحُ النَّهَارِ أَوْ نَحْرُهُ أَوْ فِعْلُ النَّهَارِ شَرْطٌ فِي غَيْرِ الْيَوْمِ الْأَوَّلِ وَفِي الْأَوَّلِ مَعَ مَا تَقَدَّمَ النَّصُّ عَلَيْهِ مِنْ كَوْنِهِ بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ أَوْ تَحَرِّي أَقْرَبِ إمَامٍ.
(ص) وَنُدِبَ إبْرَازُهَا وَجَيِّدٌ وَسَالِمٌ وَغَيْرُ خَرْقَاءَ وَشَرْقَاءَ وَمُقَابِلَةٌ وَمُدَابِرَةٌ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُنْدَبُ لِلْإِمَامِ أَنْ يُبْرِزَ أُضْحِيَّتَهُ إلَى الْمُصَلَّى لِيَذْبَحَهَا فِيهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ وَالْخُطْبَةِ فَيَعْلَمُ النَّاسُ بِذَبْحِهِ فَيَذْبَحُونَ بَعْدَهُ كَمَا ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ ذَلِكَ وَلَوْ أَنَّ غَيْرَ الْإِمَامِ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَهُ فِي الْمُصَلَّى بَعْدَ ذَبْحِ الْإِمَامِ جَازَ وَكَانَ صَوَابًا فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْإِمَامِ وَفِي غَيْرِهِ إلَّا أَنَّ تَرْكَ الْإِمَامِ إبْرَازَهَا مَكْرُوهٌ بِخِلَافِ غَيْرِهِ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَنْ تَكُونَ الْأُضْحِيَّةُ جَيِّدَةً أَيْ حَسَنَةَ الصُّورَةِ أَيْ حُسْنًا زَائِدًا عَلَى مَا نَقْصُهُ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا أَنْ تَكُونَ الْأُضْحِيَّةُ سَالِمَةً مِنْ الْعُيُوبِ الْيَسِيرَةِ الَّتِي تُجْزِئُ مَعَهَا الْأُضْحِيَّةُ كَالشَّرْطِ الْيَسِيرِ فِي الْأُذُنِ مَثَلًا وَأَمَّا الْعُيُوبُ الَّتِي لَا تُجْزِئُ مَعَهَا فَإِنَّهُ يَجِبُ اجْتِنَابُهَا كَالْمَرَضِ الْبَيِّنِ كَمَا مَرَّ وَمِمَّا يُسْتَحَبُّ أَيْضًا فِي الْأُضْحِيَّةِ أَنْ تَكُونَ سَالِمَةً مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ وَهِيَ كَوْنُهَا غَيْرَ خَرْقَاءَ وَهِيَ الَّتِي فِي أُذُنِهَا خَرْقٌ مُسْتَدِيرٌ وَغَيْرَ شَرْقَاءَ وَهِيَ مَشْقُوقَةُ الْأُذُنِ وَغَيْرَ مُقَابِلَةِ وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مِنْ أُذُنِهَا مِنْ قِبَلِ وَجْهِهَا وَتُرِكَ مُعَلَّقًا مِنْ قُدَّامَ فَإِنْ كَانَتْ مِنْ آخَرَ فَهِيَ مُدَابِرَةٌ فَالْمَنْدُوبُ أَنْ تَكُونَ سَلِيمَةً مِنْ جَمِيعِ هَذِهِ الْعُيُوبِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ مِنْ أَحَدِ هَذِهِ الْعُيُوبِ الْأَرْبَعَةِ فِيهِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ مُرَادُهُ بِالْأَحَدِ الْمُبْهَمُ الدَّائِرُ وَهُوَ لَا يَتَحَقَّقُ نَفْيُهُ إلَّا بِانْتِفَاءِ الْجَمِيعِ.
(ص) وَسَمِينٌ وَذَكَرٌ وَأَقْرَنُ وَأَبْيَضُ وَفَحْلٌ إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ (ش) لَا إشْكَالَ أَنَّ السَّمِينَ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ جَوَازُ التَّسْمِينِ وَالْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُهُ وَكَرِهَهُ ابْنُ شَعْبَانَ لِأَنَّهُ مِنْ سُنَّةِ الْيَهُودِ وَالْمَشْهُورُ إنَّ ذَكَرَ كُلِّ جِنْسٍ أَفْضَلُ مِنْ أُنْثَاهُ وَكَذَلِكَ الْأَقْرَنُ أَفْضَلُ مِنْ الْأَجَمِّ وَكَذَلِكَ الْأَبْيَضُ أَفْضَلُ مِنْ خِلَافِهِ وَيَنْبَغِي أَنَّ مَا قَارَبَ الْبَيَاضَ أَوْلَى مِمَّا بَعُدَ مِنْهُ وَكَذَلِكَ الْفَحْلُ أَفْضَلُ مِنْ الْخَصِيِّ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ وَإِلَّا فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْفَحْلِ.
(ص) وَضَأْنٌ مُطْلَقًا ثُمَّ مَعْزٌ ثُمَّ هَلْ بَقَرٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَوْ إبِلٌ خِلَافٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الضَّأْنَ بِإِطْلَاقِهِ ذُكُورَهُ وَإِنَاثَهُ فُحُولَهُ وَخُصْيَانَهُ أَفْضَلُ فِي الْأُضْحِيَّةِ مِنْ الْمَعَزِ بِإِطْلَاقِهِ ثُمَّ إنَّ الْمَعْزَ بِإِطْلَاقِهِ أَفْضَلُ مِنْ الْإِبِلِ وَمِنْ الْبَقَرِ بِإِطْلَاقِهِمَا ثُمَّ هَلْ الْبَقَرُ أَفْضَلُ مِنْ الْإِبِلِ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لَحْمًا أَوْ الْإِبِلُ أَفْضَلُ مِنْ الْبَقَرِ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ لَحْمًا فِي ذَلِكَ خِلَافٌ بَيْنَ الْأَشْيَاخِ اخْتَارَ الْأَوَّلَ ابْنُ الْجَلَّابِ وَصَاحِبُ الْمَعُونَةِ قِيلَ وَهُوَ الصَّوَابُ وَاخْتَارَ الثَّانِي ابْنُ شَعْبَانَ وَهُوَ خِلَافٌ فِي حَالٍ هَلْ الْبَقَرُ أَطْيَبُ لَحْمًا أَوْ الْإِبِلُ بِخِلَافِ الْهَدَايَا فَالْأَفْضَلُ فِيهَا كَثْرَةُ اللَّحْمِ فَالضَّحَايَا حِينَئِذٍ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ فِي كُلِّ نَوْعٍ ثَلَاثَةُ مَرَاتِبَ ذَكَرٌ فَخَصِيٌّ فَأُنْثَى يُقَدَّمُ الذُّكُورُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ لِيَصِحَّ الْحَمْلُ إلَخْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ ذَلِكَ شَرْطُ صِحَّةٍ وَشَرْطُ الصِّحَّةِ مَا كَانَ فِي وُسْعِ الْمُكَلَّفِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطَ كَوْنُهُ فِي النَّهَارِ لَا الذَّبْحِ وَذَلِكَ لِأَنَّ الذَّبْحَ هُوَ الْمَشْرُوطُ.
(قَوْلُهُ وَسَالِمٌ إلَخْ) أَيْ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تُجْزِئُ مَعَهَا كَمَرَضٍ خَفِيفٍ وَكَسْرِ قَرْنٍ إذَا بَرِئَ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ خَرْقَاءَ) أَيْ إذَا كَانَ يَسِيرًا وَهُوَ الثُّلُثُ فَدُونَ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ وَلَا شَكَّ فِي اسْتِفَادَةِ هَذِهِ الْأُمُورِ مِنْ قَوْلِهِ وَسَالِمٌ فَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِأَنَّ السَّلَامَةَ مِنْ الْعُيُوبِ الَّتِي تُجْزِئُ مَعَهَا تَسْتَلْزِمُ السَّلَامَةَ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ الْأَرْبَعَةِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا لِنَصِّ الْحَدِيثِ عَلَيْهَا وَعَبَّرَ عَنْهَا بِصِيغَةِ التَّأْنِيثِ مَعَ ارْتِكَابِ التَّذْكِيرِ فِيمَا قَبْلَهُ وَفِيمَا بَعْدَهُ تَبَعًا لِلَفْظِ الْحَدِيثِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُ خَرْقَاءَ إلَخْ) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ وَهَذَا مُقَيَّدٌ بِالْيَسَارَةِ وَهُوَ الثُّلُثُ فَدُونَ وَإِلَّا فَلَا تُجْزِئُ ك (قَوْلُهُ بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ فَلَيْسَ بِمَكْرُوهِ بَلْ خِلَافُ الْأُولَى فَيَكُونُ اسْتِحْبَابُ الْأَيَّامِ آكَدُ (قَوْلُهُ عَلَى مَا نَقَصَهُ) أَيْ عَلَى شَيْءٍ لَا يَمْنَعُ الْأُولَى إسْقَاطُ لَا ثُمَّ أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْحُسْنَ وَعَدَمَهُ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى السَّلَامَةِ وَعَدَمِهَا فَلَا يَأْتِي هَذَا الْكَلَامُ (قَوْلُهُ يَجِبُ اجْتِنَابُهَا) الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ مَا تَتَوَقَّفُ الصِّحَّةُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ وَأَبْيَضُ) لَمْ يُرِدْ بِأَبْيَضَ أَفْعَلَ التَّفْضِيلَ انْتَهَى مِنْ ك (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ الْخَصِيُّ أَسْمَنَ) فَإِنْ كَانَ أَسْمَنَ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ الْفَحْلِ السَّمِينِ وَأَوْلَى مِنْ غَيْرِ السَّمِينِ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ الْأُنْثَى لَا تُقَدَّمُ عَلَى الْفَحْلِ وَلَا عَلَى الْخَصِيِّ وَلَوْ كَانَتْ أَسْمَنَ ثُمَّ إنَّ الْخَصِيَّ الْأَسْمَنَ يُقَدَّمُ عَلَى الْفَحْلِ السَّمِينِ وَلَوْ كَانَ أَجَمَّ وَالْفَحْلُ أَقْرَنَ كَمَا يُفِيدُهُ قَوْلُ التَّوْضِيحِ وَالظَّاهِرُ تَقْدِيمُ الْأَسْمَنِ الْأَجَمِّ مِنْ الْخُصْيَانِ وَلَوْ كَانَ أَسْوَدَ عَلَى الْأَقْرَنِ الْأَبْيَضِ الْفَحْلِ السَّمِينِ وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا تَقْدِيمُ الْخَصِيِّ السَّمِينِ الْأَجَمِّ الْأَسْوَدِ عَلَى الْفَحْلِ الْأَقْرَنِ الْأَبْيَضِ الْهَزِيلِ هُزَالًا لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ ثُمَّ أَنَّ هَذَا يُخَصِّصُ قَوْلُهُمْ ذَكَرَ أَنَّ كُلَّ نَوْعٍ أَفْضَلُ مِنْ خُصْيَانِهِ وَخُصْيَانُهُ أَفْضَلُ مِنْ إنَاثِهِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْأُنْثَى السَّمِينَةَ لَا تُقَدَّمُ عَلَى مُقَابِلِهَا مِنْ الذُّكُورِ الْفُحُولِ أَوْ الْخُصْيَانِ (قَوْلُهُ أَنَّ السَّمِينَ) أَيْ ذَبْحَ السَّمِينِ (قَوْلُهُ وَالْمَشْهُورُ اسْتِحْبَابُهُ) رَجَّحَ اللَّقَانِيِّ أَنَّ الْمَشْهُورَ جَوَازُهُ لَا اسْتِحْبَابَهُ خِلَافًا لتت قَالَ فِي ك وَأَمَّا تَسْمِينُ الْمَرْأَةِ فَلَا بَأْسَ بِهِ مَا لَمْ يُؤَدِّ لِضَرَرٍ.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ أَطْيَبُ إلَخْ) أَيْ فَكُلٌّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ يُعَلَّلُ بِالْأَطْيَبِيَّةِ بِحَسَبِ مَا ظَهَرَ عِنْدَهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ خِلَافٌ) إمَّا مُبَالَغَةٌ أَوْ هُوَ خِلَافٌ بِسَبَبِ خِلَافٍ فِي حَالٍ (قَوْلُهُ هَلْ الْبَقَرُ أَطْيَبُ إلَخْ) اسْتَشْكَلَ تَعْلِيلُ تَقْدِيمِ الْبَقَرِ عَلَى الْإِبِلِ بِطِيبِ لَحْمِهَا عَلَى لَحْمِ الْإِبِلِ مَعَ وُرُودِ أَنَّ لَحْمَهَا دَاءٌ وَيُجَابُ بِأَنَّهُ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْبَلَدِ الْحَارَّةِ وَانْظُرْ لَوْ كَانَتْ أُنْثَى الضَّأْنِ أَهْزَلَ مِنْ ذَكَرِ الْمَعَزِ وَهَكَذَا انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَصَرَّحَ ابْنُ عَرَفَةَ بِمَشْهُورِيَّةِ الْأَوَّلِ وَلَا أَعْلَمُ مَنْ شَهَرَ الثَّانِيَ وَفِي الْأَقْفَهْسِيِّ الظَّاهِرُ طِيبُ الْبَقَرِ انْتَهَى وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي مِصْرِنَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute