للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمِينٍ فِي الْفَتْوَى وَالْقَضَاءِ (ص) لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ (ش) مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ دِينَ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَإِنْ قَالَ أَرَدْت وَثِقْت بِهِ فَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ وَالْمُرَادُ بِسَبْقِ اللِّسَانِ غَلَبَتُهُ وَجَرَيَانُهُ كَقَوْلِهِ بِلَا وَاَللَّهِ وَلَا وَاَللَّهِ لَا انْتِقَالُهُ مِنْ لَفْظٍ لِآخَرَ فَإِنَّ هَذَا يَدِينُ.

(ص) وَكَعِزَّةِ اللَّهِ وَأَمَانَتِهِ وَعَهْدِهِ وَعَلَى عَهْدِ اللَّهِ إلَّا أَنْ يُرِيدَ الْمَخْلُوقَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَالِفَ بِمَا ذُكِرَ يَلْزَمُهُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ حَيْثُ حَنِثَ إذَا قَصَدَ بِهِ صِفَةَ اللَّهِ الْقَدِيمَةَ فَالْعِزَّةُ مَنَعَتُهُ وَقُوَّتُهُ وَأَصْلُ الْعِزَّةِ الشِّدَّةُ وَمِنْهُ قِيلَ لِلْأَرْضِ الصُّلْبَةِ عَزَازٌ وَتَعَزَّزَ الْمَرَضُ إذَا اشْتَدَّ وَأَمَانَةُ اللَّهِ تَكْلِيفُهُ وَتَكْلِيفُهُ كَلَامُهُ الْقَدِيمُ وَعَهْدُهُ إلْزَامُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي} [البقرة: ٤٠] أَيْ تَكَالِيفِي وَذِمَّتُهُ الْتِزَامُهُ فَيَرْجِعُ إلَى خَبَرِهِ وَخَبَرُهُ كَلَامُهُ وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهُ وَالْمِيثَاقُ هُوَ الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ بِالْحَلِفِ فَيَرْجِعُ إلَى كَلَامِهِ تَعَالَى أَمَّا إنْ قَصَدَ بِالْعِزَّةِ وَمَا بَعْدَهَا الْمَعْنَى الْمَخْلُوقَ لِلَّهِ فِي الْعِبَادِ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ} [الصافات: ١٨٠] وَمِنْ قَوْله تَعَالَى {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ} [الأحزاب: ٧٢] الْآيَةَ وَمِنْ قَوْلِهِ {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: ١٢٥] فَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا يَمِينٌ وَالِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ وَعَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ وَلَا يَرْجِعُ لَهُ لِأَنَّ الْإِتْيَانَ بِلَفْظِ عَلَيَّ مَعَ إضَافَةِ الْعَهْدِ إلَى اللَّهِ يَمْنَعُ مِنْ إرَادَةِ الْمَخْلُوقِ.

وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى اقْتِرَانِ الْمُتَّصِلِ مِنْ حَرْفٍ أَوْ مُضَافٍ شَرَعَ فِي اقْتِرَانِ الْمُنْفَصِلِ فَقَالَ (ص) وَكَأَحْلِفُ وَأُقْسِمُ وَأَشْهَدُ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الشَّخْصَ إذَا قَالَ أَحْلِفُ أَوْ أُقْسِمُ أَوْ أَشْهَدُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَنَوَى بِاَللَّهِ أَيْ أَوْ صِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ فَإِنَّهَا تَكُونُ يَمِينًا وَأَحْرَى إنْ تَلَفَّظَ بِذَلِكَ (ص) وَأَعْزِمُ إنْ قَالَ بِاَللَّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَالَ أَعْزِمُ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَلَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا إذَا قَالَ بِاَللَّهِ لِأَنَّ مَعْنَى أَعْزِمُ أَسْأَلُ فَلَا يَكْفِي نِيَّةُ الْجَلَالَةِ بِخِلَافِ مَا مَرَّ فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِيهِ سُؤَالٌ فَكَانَتْ نِيَّةُ الْجَلَالَةِ وَمَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ) أَيْ فِي الْيَمِينِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّارِحُ وَغَيْرُهُ قَالَ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ فِي الْيَمِينِ أَوْ مُتَعَلِّقُهُ (قَوْلُهُ مُخَرَّجٌ مِنْ قَوْلِهِ دِينَ) فِي كَلَامِ عج أَنَّهُ لَيْسَ مُخَرَّجًا مِنْ قَوْلِهِ دِينَ لِاقْتِضَاءِ ذَلِكَ عَدَمَ قَبُولِ قَوْلِهِ مَعَ أَنَّهُ مَقْبُولٌ وَالْيَمِينُ لَازِمَةٌ لِعَدَمِ احْتِيَاجِهَا إلَى نِيَّةٍ كَمَا لِابْنِ عَرَفَةَ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَفَائِدَةُ قَبُولِ قَوْلِهِ إذَا قِيلَ لَهُ تَعَمَّدْت الْحَلِفَ عَلَى كَذَا فَحَلَفَ أَنَّهُ سَبَقَ لِسَانُهُ فَيُصَدَّقُ فِي يَمِينِهِ الثَّانِيَةِ وَلَا يَلْزَمُهُ لِأَجْلِهَا كَفَّارَةٌ بَلْ مُخَرَّجٌ مِمَّا يُفْهَمُ مِنْ الْكَلَامِ السَّابِقِ وَهُوَ لَمْ يَلْزَمْهُ يَمِينٌ وَكَأَنَّهُ قَالَ دِينَ وَلَمْ تَلْزَمْهُ يَمِينٌ لَا بِسَبْقِ لِسَانِهِ فَتَلْزَمُهُ (قَوْلُهُ كَقَوْلِهِ بَلَا) بِفَتْحِ الْبَاءِ كَمَا يَقَعُ مِنْ النَّاسِ كُلَّمَا يَتَكَلَّمُ يَقُولُ لَا وَاَللَّهِ بَلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ نُسْخَةَ الشَّارِحِ بِلَا بِأَلِفٍ وَالْمُنَاسِبُ أَنْ تُرْسَمَ بِيَاءٍ وَاعْلَمْ أَنَّ لَهَا مَوْضِعَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنْ تَكُونَ رَدًّا لِنَفْيٍ يَقَعُ قَبْلَهَا نَحْوَ {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} [النحل: ٢٨] بَلَى أَيْ عَمِلْتُمْ السُّوءَ {لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ} [النحل: ٣٨] بَلَى أَيْ يَبْعَثُهُمْ الثَّانِي أَنْ تَقَعَ جَوَابًا لِاسْتِفْهَامٍ دَخَلَ عَلَى نَفْيٍ فَتَقَيَّدَ إبْطَالُهُ سَوَاءٌ كَانَ الِاسْتِفْهَامُ حَقِيقِيًّا نَحْوَ أَلَيْسَ زَيْدٌ بِقَائِمٍ فَيَقُولُ بَلَى أَوْ تَوْبِيخًا نَحْوَ {أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ} [الزخرف: ٨٠] بَلَى اهـ قَالَهُ السُّيُوطِيّ فِي الْإِتْقَانِ (قَوْلُهُ لَا انْتِقَالُهُ مِنْ لَفْظٍ لِآخَرَ) أَيْ كَمَا إذَا أَرَادَ أَنْ يَتَلَفَّظَ بِأَنْ لَا يَأْكُلَ فَسَبَقَ لِسَانُهُ إلَى أَنَّهُ لَا يَشْرَبُ.

(قَوْلُهُ وَكَعِزَّةِ اللَّهِ) ثُمَّ إنَّ مَحَلَّ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ أَمَانَتِهِ وَعَهْدِهِ يَمِينًا إنْ أَتَى بِالِاسْمِ الظَّاهِرِ فَكَانَ الْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ (قَوْلُهُ وَقُوَّتُهُ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ عَلَى مَنَعَتُهُ بِفَتْحِ النُّونِ وَقَدْ تُسَكَّنُ أَفَادَهُ الْقَامُوسُ (قَوْلُهُ عَزَازٌ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَالزَّايَ (قَوْلُهُ كَلَامُهُ الْقَدِيمُ) أَيْ الَّذِي هُوَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ (قَوْلُهُ وَعَهْدُهُ إلْزَامُهُ) يَرْجِعُ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ (قَوْلُهُ الْتِزَامُهُ) أَيْ وَعْدُهُ وَقَوْلُهُ فَيَرْجِعُ إلَى خَبَرِهِ أَيْ نَوْعٌ مِنْ خَبَرِهِ وَقَوْلُهُ وَخَبَرُهُ كَلَامُهُ أَيْ نَوْعٌ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهُ) الْتِزَامُهُ وَالْتِزَامُهُ وَعْدُهُ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْعَهْدُ الْمُؤَكَّدُ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ قَدْ فَسَّرَ الْعَهْدَ بِالْإِلْزَامِ الَّذِي يَرْجِعُ لِلْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَلَكِنَّ التَّأْكِيدَ بِالْحَلِفِ يُنَاسِبُ تَفْسِيرَهُ بِالِالْتِزَامِ الَّذِي يَرْجِعُ لِلْوَعْدِ وَقَوْلُهُ فَيَرْجِعُ إلَى كَلَامِهِ أَيْ نَوْعٍ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ {رَبِّ الْعِزَّةِ} [الصافات: ١٨٠] أَيْ الْقُوَّةِ الَّتِي فِي الْخَلْقِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا قُدْرَةُ الْخَالِقِ بِمَعْنَى أَنَّهُ الْمُخْتَصُّ بِالْقُدْرَةِ التَّامَّةِ (قَوْلُهُ {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ} [الأحزاب: ٧٢] أَيْ الطَّاعَةَ وَقَوْلُهُ وَمِنْ قَوْلِهِ {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ} [البقرة: ١٢٥] فِيهِ أَنَّ عَهِدْنَا مَعْنَاهُ أَمَرْنَا وَالْأَمْرُ صِفَتُهُ الَّتِي هِيَ نَوْعٌ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَلَا يَرْجِعُ لَهُ) الظَّاهِرُ رُجُوعُهُ لَهُ بَلْ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ وَحَقِّ اللَّهِ إلَخْ كَمَا وَقَعَ التَّقْيِيدُ فِيهَا بِمَا إذَا لَمْ يُرِدْ الْحَادِثَ (قَوْلُهُ يَمْنَعُ مِنْ إرَادَةِ الْمَخْلُوقِ) وَهُوَ مَا عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ أَيْ مَا طَلَبَهُ مِنْ الْعِبَادَاتِ (وَأَقُولُ) هُوَ بَعِيدٌ وَلَا يَمْنَعُ.

(قَوْلُهُ الْمُتَّصِلِ) أَيْ بِالْمُقْسِمِ أَيْ عَلَى الْمُتَّصِلِ الْمُقْتَرِنِ وَهُوَ وَصْفٌ مُؤَكَّدٌ بِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ حَرْفٍ وَهُوَ حَرْفُ الْقَسَمِ (قَوْلُهُ أَوْ مُضَافٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ عِنْدَنَا مُضَافًا مُتَّصِلًا بِالْمُقْسَمِ بِهِ فَيَكُونُ الْمُضَافُ غَيْرَ مُقْسَمٍ بِهِ وَالْمُقْسَمُ هُوَ الْمُضَافُ إلَيْهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُضَافُ هُوَ نَفْسُ الْمُقْسَمِ بِهِ فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ الْيَمِينِ الْمَلْفُوظِ بِهَا شَرَعَ فِي الْيَمِينِ الْمُقَدَّرَةِ (قَوْلُهُ شَرَعَ فِي اقْتِرَانِ الْمُنْفَصِلِ) أَيْ عَنْ الْمُقْسَمِ بِهِ أَيْ الْمُقْتَرِنِ مَعْنًى الْمُنْفَصِلِ لَفْظًا الَّذِي هُوَ عِبَارَةٌ عَنْ لَفْظِ أُقْسِمُ فَإِنَّهُ مُقْتَرِنٌ مَعْنًى بِالِاسْمِ أَوْ الصِّفَةِ مُنْفَصِلٌ لَفْظًا (قَوْلُهُ وَنَوَى بِاَللَّهِ) وَأَمَّا إنْ قَصَدَ غَيْرَهُ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ قَالَ فِي ك وَمَاضِي هَذِهِ كَمُضَارِعِهَا وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ وَنَوَى بِاَللَّهِ أَيْ قَدَّرَ هَذَا اللَّفْظَ فَالْمُرَادُ مِنْ النِّيَّةِ التَّقْدِيرُ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ اللُّزُومِ بِالنِّيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ لِأَنَّ أَحْلِفُ وَأُقْسِمُ وَأَشْهَدُ صَرِيحٌ فِي الْقَسَمِ ك وَعِبَارَةُ غَيْرِهِ إنْ نَوَى بِاَللَّهِ أَيْ لِأَنَّ قَصْدَهُ بِنِيَّتِهِ إنْشَاءُ الْيَمِينِ حِينَئِذٍ فَإِنْ كَانَ قَصْدُهُ مُجَرَّدَ الْإِخْبَارِ كَاذِبًا فِي صِيغَةِ الْمَاضِي بِأَنَّهُ حَلَفَ لَا يُغَيِّرُ كِتَابًا مَثَلًا أَوْ قَصَدَ بِالتَّلَفُّظِ بِالْمُضَارِعِ فِي تِلْكَ الصِّيَغِ بِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَسْكُتْ مُخَاطِبُهُ يَحْلِفُ وَلَوْ نَطَقَ بِاَللَّهِ لَا يَفْعَلُ أَوْ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ وَأَعْزِمُ) أَيْ وَكَذَا عَزَمْت (قَوْلُهُ لِأَنَّ مَعْنَى أَعْزِمُ أَسْأَلُ إلَخْ) أَقُولُ حَيْثُ كَانَ أَعْزِمُ مَعْنَاهُ أَسْأَلُ فَمَا وَجْهُ كَوْنِهِ يَمِينًا وَلَوْ لَفَظَ بِاَللَّهِ لِأَنَّ غَايَتَهُ أَنَّهُ قَالَ أَسْأَلُ بِاَللَّهِ وَهُوَ إذَا قَالَ أَسْأَلُ بِاَللَّهِ لَا يَكُونُ يَمِينًا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْقَصْدُ أَنَّهُ إذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>