للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَقُومُ مَقَامَهَا بِمَنْزِلَةِ التَّصْرِيح بِهَا.

(ص) وَفِي أُعَاهِدُ اللَّهَ قَوْلَانِ (ش) أَحَدُهُمَا أَنَّهُ يَمِينٌ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ وَالثَّانِي أَنَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ لِأَنَّ الْعَهْدَ مِنْهُ وَلَيْسَ بِصِفَةٍ لِلَّهِ وَلِأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ بِالْعَهْدِ فَيَكُونُ قَدْ حَلَفَ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ اُنْظُرْ الشَّارِحَ وَلَعَلَّ وَجْهَ الْقَوْلِ إنَّهُ يَمِينٌ لِمَا عَلَّقَهُ بِمَا قُصِدَ عَدَمُهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ وَخَرَّجَ أُبَايِعُ اللَّهَ عَلَى أُعَاهِدُ اللَّهَ (ص) لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ أَوْ أُعْطِيك عَهْدًا (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِذِكْرِ اسْمِ اللَّهِ أَيْ فَلَا يَلْزَمُهُ يَمِينٌ وَمِثْلُهُ لَك عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ.

(ص) أَوْ عَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ (ش) أَيْ وَكَذَا لَا يَنْعَقِدُ الْيَمِينُ بِقَوْلِ شَخْصٍ لِآخَرَ عَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ إلَّا مَا فَعَلْت كَذَا فَخَالَفَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْقَائِلِ بِذَلِكَ (ص) وَحَاشَا اللَّهِ وَمَعَاذَ اللَّهِ وَاَللَّهُ رَاعٍ عَلَيَّ أَوْ كَفِيلٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا تَكُونُ أَيْمَانًا وَلَا كَفَّارَةَ فِيهَا فَإِذَا قَالَ إنْسَانٌ حَاشَا اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بَرَاءَةُ اللَّهِ أَيْ بَرَاءَةٌ مِنَّا لِلَّهِ وَكَذَا إذَا قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَكَذَا إذَا قَالَ رَاعٍ عَلَيَّ أَوْ كَفِيلٌ عَلَيَّ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا وَلَمْ يَفْعَلْهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

(ص) وَالنَّبِيِّ وَالْكَعْبَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِنْسَانَ إذَا قَالَ وَالنَّبِيِّ وَالْمُخْتَارِ وَالرَّسُولِ وَالْكَعْبَةِ وَالْحَجَرِ وَالْبَيْتِ وَالْكُرْسِيِّ مِمَّا هُوَ مَخْلُوقٌ وَيُعَظَّمُ شَرْعًا مَا فَعَلْت كَذَا أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَحَنِثَ فَلَا يَكُونُ يَمِينًا لِأَنَّ النَّبِيَّ نَهَى عَنْ الْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ وَقِيسَتْ الصِّفَةُ عَلَى الِاسْمِ وَإِلَّا ظَهَرَ تَحْرِيمُ الْحَلِفِ بِمَا ذُكِرَ كَمَا فِي التَّوْضِيحِ وَشَهَّرَ الْفَاكِهَانِيُّ الْكَرَاهَةَ وَمَحَلُّ الْخِلَافِ إذَا كَانَ الْحَلِفُ صَادِقًا وَإِلَّا فَيَحْرُمُ قَطْعًا وَأَمَّا الْحَلِفُ بِمَا لَيْسَ بِمُعَظَّمٍ شَرْعًا كَالدِّمَاءِ وَالنُّصُبِ وَرُءُوسِ السَّلَاطِينِ وَالْأَشْرَافِ فَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَإِنْ قَصَدَ بِالْأَنْصَابِ وَنَحْوِهَا مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ غَيْرَ الْأَنْبِيَاءِ تَعْظِيمًا فَكُفْرٌ وَأَمَّا قَصْدُ تَعْظِيمِ مَنْ عُبِدَ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْحَلِفِ بِهِ كَعِيسَى

ــ

[حاشية العدوي]

قَرَنَ بِاَللَّهِ لَا يُرَادُ مِنْهُ مَعْنَاهُ الَّذِي هُوَ السُّؤَالُ بَلْ الْمُرَادُ أَحْلِفُ وَعُورِضَتْ بِمَسْأَلَةِ الْإِيلَاءِ لَوْ قَالَ أَعْزِمُ وَنَوَى بِاَللَّهِ فَهُوَ مُولٍ وَفَرَّقَ بِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ فِي الْإِيلَاءِ وَهُوَ الزَّوْجَةُ فَأَلْزَمَهُ الْإِيلَاءَ وَحَمَلَهُ عَلَى أَنَّهُ حَلَفَ بِخِلَافِ مَا هُنَا.

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الْعَهْدَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْمَخْلُوقِ فَيَرْجِعُ لِالْتِزَامِهِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ لَمَّا عَلَّقَهُ قَصَدَ عَدَمَهُ) أَيْ أَوْ وُجُودَهُ وَالْأَوَّلُ كَمَا إذَا أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي لَا أَفْعَلُ كَذَا وَالثَّانِي كَمَا لَوْ قَالُوا أُعَاهِدُ اللَّهَ أَنِّي أَفْعَلُ كَذَا (قَوْلُهُ دَلَّ ذَلِكَ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ) أَيْ وَأَنَّهُ أَرَادَ بِهَذَا اللَّفْظِ عَهْدَ اللَّهِ الَّذِي هُوَ صِفَتُهُ إلْزَامُهُ أَوْ الْتِزَامُهُ (ثُمَّ أَقُولُ) وَهَذَا بَعِيدٌ مِنْ اللَّفْظِ فَالْأَوْلَى تَرْجِيحُ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ دَلَّ عَلَى الْحَلِفِ بِهِ) وَكَأَنَّهُ قَالَ وَعَهْدِ اللَّهِ (قَوْلُهُ وَخَرَّجَ أُبَايِعُ اللَّهَ) أَيْ قِيسَ (قَوْلُهُ لَا بِلَكَ عَلَيَّ عَهْدٌ) وَمِثْلُهُ لَك عَلَيَّ عَهْدُ اللَّهِ أَوْ أُعْطِيك عَهْدَ اللَّهِ فَلَيْسَا بِيَمِينٍ وَلَوْ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ لَفُهِمَ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ بِالْأَوْلَى.

(قَوْلُهُ أَوْ عَزَمْت) أَيْ أَوْ أَعْزِمُ وَأَمَّا أَعْزِمُ بِاَللَّهِ السَّابِقَةُ فَلَمْ يَأْتِ فِيهَا بِلَفْظِ عَلَيْك بَلْ حَلَفَ فِيهَا عَلَى نَفْسِهِ فَكَانَ يَمِينًا وَمَا هُنَا سَأَلَ فِيهَا غَيْرَهُ اُنْظُرْ عب (قَوْلُهُ إلَّا مَا فَعَلْت) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِهَا كَذَا فِي عب وشب فَالْمَعْنَى عَلَى الْكَسْرِ عَزَمْت عَلَيْك بِاَللَّهِ لَا تَفْعَلُ شَيْئًا إلَّا فِعْلَك كَذَا وَأَمَّا الْفَتْحُ فَهِيَ لِلتَّخْصِيصِ وَكَأَنَّهُ قَالَ عَزَمْت عَلَيْك أَحُضُّك عَلَى فِعْلِك كَذَا هَكَذَا ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَرَهُ (قَوْلُهُ وَحَاشَا اللَّهِ) وَلَوْ أَتَى فِيهَا بِوَاوِ الْقَسَمِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ ك نَقْلًا عَنْ الْقَرَافِيِّ (قَوْلُهُ وَمَعَادَ اللَّهِ) بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ مِنْ الْعَوْدِ إلَى اللَّهِ وَأَمَّا بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ فَمَعْنَاهُ أَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ غَيْرُهُ أَيْ أَعْتَصِمُ بِهِ (قَوْلُهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمَشْهُورِ) وَمُقَابِلُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي بَعْدَهُ مَا فِي اللَّخْمِيِّ أَنَّهُ يَمِينٌ (قَوْلُهُ أَيْ بَرَاءَةً مِنَّا لِلَّهِ) أَيْ تَنْزِيهًا مِنْهُ لِلَّهِ أَيْ تَنَزَّهَ اللَّهُ عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ تَنْزِيهًا كَذَا أَفَادَهُ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قَالَ مَعَادَ اللَّهِ) أَيْ رُجُوعًا لِلَّهِ أَيْ أَرْجِعُ لِلَّهِ رُجُوعًا فَالْإِضَافَةُ بِمَعْنَى اللَّازِمِ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ بِمَعَادَ اللَّهِ وُجُودَ اللَّهِ كَانَ يَمِينًا لِأَنَّهُ حَلَفَ بِوُجُودِهِ الْإِضَافَةُ بَيَانِيَّةٌ لَا يَخْفَى التَّصْرِيحُ بِالْمُضَافِ إلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِحَذْفِ الْفِعْلِ وَمَفْعُولِهِ إذْ الْأَصْلُ أُبَرِّئُ اللَّهَ بَرَاءَةً وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهَا (قَوْلُهُ وَكَذَا إذَا قَالَ اللَّهُ رَاعٍ) أَيْ حَافِظٌ (قَوْلُهُ أَوْ كَفِيلٌ) بِرَفْعِ اسْمِ الْجَلَالَةِ وَمَا بَعْدَهُ خَبَرٌ فَغَيْرُ يَمِينٍ عِنْدَ عَدَمِ قَصْدِهِ وَإِلَّا فَيَمِينٌ فَقَدْ قَالَ التُّونُسِيُّ فِي اللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ عَلَى أَنَّهُ خَبَرٌ فَغَيْرُ يَمِينٍ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ بِهِ الْيَمِينَ فَإِنْ قَصَدَ جَرَّهُ بِحَرْفِ قَسَمٍ مُقَدَّرٍ فَيَمِينٌ وَلَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْقَسَمَ لِأَنَّ غَايَةَ مَا فِيهِ أَنَّهُ فَصَلَ بَيْنَ وَاَللَّهِ وَبَيْنَ لَأَفْعَلَنَّ بِجُمْلَةِ وَهِيَ رَاعٍ وَهَذَا لَا يَمْنَعُ كَوْنَهُ يَمِينًا.

(قَوْلُهُ وَالْحَجَرِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِالْكَسْرِ (قَوْلُهُ وَشَهَرَ الْفَاكِهَانِيُّ الْكَرَاهَةَ) وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ لِأَنَّ مَنْقُولَ الْمَذْهَبِ الْكَرَاهَةُ وَاسْتِظْهَارُ الشَّيْخِ خَلِيلٍ إنَّمَا هُوَ مِنْ عِنْدِهِ كَمَا أَفَادَهُ الشَّيْخُ سَالِمٌ وَمَا قِيلَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَلَفَ بِبَعْضِ الْمَخْلُوقَاتِ فَلَمْ يَثْبُتْ وَبِفَرْضِ ثُبُوتِهِ مَنْسُوخٌ وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَالنَّجْمِ} [النجم: ١] وَنَحْوِهِ فَهَذَا مِنْ اللَّهِ وَلَهُ أَنْ يَقْسِمَ بِذَلِكَ وَقَوْلُ الْحَالِفِ عِلْمِ اللَّهِ أَوْ يَعْلَمُ اللَّهُ لَيْسَ بِيَمِينٍ خِلَافًا لِصَاحِبِ الْخِصَالِ فِي الثَّانِي كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْبَيَانِ عَلَى مَا نَقَلَ بَعْضُ شُيُوخِنَا عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ نَعَمْ تُسْتَحَبُّ الْكَفَّارَةُ احْتِيَاطًا تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ عِلْمِ اللَّهِ مَصْدَرًا مَا لَمْ يُرَدْ الْحَلِفُ وَإِلَّا وَجَبَتْ الْكَفَّارَةُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَيَحْرُمُ قَطْعًا) وَزَادَ فِي ك وَالْأَصْلِ لِلْحَطَّابِ بَلْ رُبَّمَا كَانَ بِالنَّبِيِّ كُفْرًا لِأَنَّهُ اسْتِهْزَاءٌ بِهِ (قَوْلُهُ كَالدِّمَاءِ) أَيْ فَإِنَّهُ كَانَ يَحْلِفُ بِهَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ (قَوْلُهُ وَالْأَشْرَافِ) أَيْ شَرَفٌ دُنْيَوِيٌّ وَمِنْ ذَلِكَ نِعْمَةِ السُّلْطَانِ وَتُرْبَةِ أَبِي وَحَيَاةِ أَبِي وَرَأْسِ أَبِي فَلَا شَكَّ فِي تَحْرِيمِهِ وَإِلَّا فَفِيهِ الْخِلَافُ بِالْحُرْمَةِ وَالْكَرَاهَةِ وَالْمُعْتَمَدُ الْكَرَاهَةُ (قَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَ بِالْأَنْصَابِ) مُفْرَدَهُ نُصُبٌ بِضَمَّتَيْنِ حَجَرٌ نُصِبَ وَعُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ (قَوْلُهُ تَعْظِيمًا فَكُفْرٌ) ظَاهِرُهُ مَتَى قَصَدَ تَعْظِيمَهَا وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا مَعْبُودَاتٍ وَيَأْتِي لَهُ أَنَّ مَحَلَّ الْكُفْرِ إذَا قَصَدَ تَعْظِيمَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهَا مَعْبُودَاتٍ وَفِي نَقْلِ الْمَوَّاقِ مَا يُفِيدُ قُوَّةَ مَا هُنَا وَذَلِكَ لِأَنَّ التَّعْظِيمَ الْقَائِمَ بِهَا إنَّمَا هُوَ لِكَوْنِهَا مَعْبُودَاتٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>