للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَيْسَ بِكُفْرٍ إلَّا أَنْ يَقْصِدَ تَعْظِيمَهُ عَلَى أَنَّهُ إلَهٌ.

(ص) وَكَالْخَلْقِ وَالْإِمَاتَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْحَلِفَ بِصِفَاتِ اللَّهِ الْفِعْلِيَّةِ لَا يَجُوزُ وَلَا يَنْعَقِدُ بِهَا الْيَمِينُ كَالْخَلْقِ وَالرِّزْقِ وَالْإِمَاتَةِ بِتَاءَيْنِ وَالْإِحْيَاءِ وَالْإِحْسَانِ وَالْعَطَاءِ وَأَمَّا الْمُشْتَقَّاتُ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَالْخَالِقِ وَالرَّازِقِ وَالْمُحْيِي وَالْمُمِيتِ فَقَدْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ أَوْ صِفَتِهِ كَمَا مَرَّ.

(ص) أَوْ هُوَ يَهُودِيٌّ (ش) أَيْ قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ أَوْ نَصْرَانِيٌّ أَوْ مَجُوسِيٌّ أَوْ مُرْتَدٌّ أَوْ عَلَى غَيْرِ مِلَّةِ الْإِسْلَامِ إنْ فَعَلَ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ أَوْ إنْ كُنْت فَعَلْته وَقَدْ كَانَ فَعَلَهُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ وَمِثْلُهُ إنْ فَعَلْت كَذَا يَكُونُ وَاقِعًا فِي حَقِّ رَسُولِ اللَّهِ وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ يَكُونُ دَاخِلًا عَلَى أَهْلِهِ زَانِيًا فَاسِقًا إنْ فَعَلَ كَذَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ طَلَاقٌ وَانْظُرْ مَاذَا يَلْزَمُهُ.

(ص) وَغَمُوسٌ بِأَنْ شَكَّ أَوْ ظَنَّ وَحَلَفَ بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ الْغَمُوسَ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا بِأَنْ شَكَّ الْحَالِفُ حِينَ حَلِفِهِ فِيمَا حَلَفَ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ كَمَا حَلَفَ أَمْ لَا أَوْ يَظُنُّ ظَنًّا غَيْرَ قَوِيٍّ أَنَّهُ كَذَا وَأَوْلَى الْمُتَعَمِّدُ لِلْكَذِبِ وَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُ صِدْقٌ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ بِأَنْ تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا حَلَفَ أَوْ بَقِيَ عَلَى شَكِّهِ أَمَّا إنْ تَبَيَّنَ صِدْقُهُ لِمَا حَلَفَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ غَمُوسًا وَكَذَا لَوْ قَيَّدَ بِأَنْ قَالَ فِي ظَنِّي أَوْ مَا أَشْبَهَهُ فَلَا يَكُونُ غَمُوسًا وَيَصِحُّ رُجُوعُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ (وَلْيَسْتَغْفِرْ اللَّهَ) لِحَالِفِ الْغَمُوسِ وَيَتُوبُ إلَى اللَّهِ وَيَتَقَرَّبُ إلَيْهِ بِمَا قَدَرَ مِنْ عِتْقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ صِيَامٍ وَيَصِحُّ رُجُوعُهُ إلَى جَمِيعِ مَا مَرَّ مِنْ الْحَلِفِ بِمَا لَا يَنْعَقِدُ بِهِ الْيَمِينُ فَالْمُرَادُ بِالِاسْتِغْفَارِ حَيْثُ أَطْلَقَهُ الْفُقَهَاءُ التَّوْبَةُ.

(ص) وَإِنْ قَصَدَ بِكَالْعُزَّى التَّعْظِيمَ فَكُفْرٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِاَللَّاتِي وَالْعُزَّى وَنَحْوِهِمَا مِمَّا عُبِدَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَتَّى الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ كَالْمَسِيحِ وَالْعُزَيْرِ وَقَصَدَ بِالْقَسَمِ بِهَا تَعْظِيمَهَا مِنْ حَيْثُ كَوْنِهِمْ مَعْبُودَاتٍ فَهُوَ كَافِرٌ يُسْتَتَابُ فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ لِأَنَّ التَّعْظِيمَ خَاصٌّ بِاَللَّهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْظِيمَهَا فَحَرَامٌ اتِّفَاقًا فِي الْأَصْنَامِ وَعَلَى خِلَافٍ سَبَقَ فِي الْأَنْبِيَاءِ وَكُلِّ مُعَظَّمٍ شَرْعًا.

(ص) وَلَا لَغْوٍ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَظَهَرَ نَفْيُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ لِخِفَّتِهِ وَلِأَنَّهُ غَيْرُ مُنْعَقِدٍ وَهُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى شَيْءٍ يَعْتَقِدُهُ فَيَظْهَرُ خِلَافُهُ كَمَنْ اعْتَقَدَ عَدَمَ مَجِيءِ زَيْدٍ فَحَلَفَ مَا جَاءَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ جَاءَ فَقَوْلُهُ وَلَا لَغْوٌ مَعْطُوف عَلَى غَمُوسٍ أَيْ وَلَا بِغَمُوسٍ وَلَغْوٍ وَقَوْلُهُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ إلَخْ بَدَلٌ مِنْ لَغْوٍ وَقَوْلُهُ يَعْتَقِدُهُ أَيْ يَجْزِمُ بِهِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الْعِلْمَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَظَهَرَ نَفْيُهُ لِأَنَّ الْعِلْمَ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَظْهَرَ نَفْيُهُ بِحَالٍ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ هُوَ الْجَزْمُ لَا لِدَلِيلٍ وَالْعِلْمُ الْجَزْمُ الْمُطَابِقُ لِدَلِيلٍ (ص) وَلَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ اللَّهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ الْمَذْكُورِ لَمْ يُفِدْ فِي غَيْرِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ كَطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَشْيٍ أَوْ صَدَقَةٍ بِخِلَافِ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ فَيُفِيدُ اللَّغْوَ فِيهَا لِأَنَّهَا الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ وَمِثْلُهُ النَّذْرُ الَّذِي لَا مَخْرَجَ لَهُ كَحَلِفِهِ عَلَى شَخْصٍ مُقْبِلٍ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ زَيْدٌ مَثَلًا إنْ لَمْ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَكَالْخَلْقِ وَالْإِمَاتَةِ) الْخَلْقُ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ بِالْمَخْلُوقِ وَالْإِمَاتَةُ تَعَلُّقُ الْقُدْرَةِ بِالْمَوْتِ (قَوْلُهُ وَالْعَطَاءِ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ وَالْإِعْطَاءِ لِأَنَّهُ الَّذِي مِنْ صِفَةِ الْفِعْلِ وَاعْلَمْ أَنَّهُ نَصَّ فِي الْجَوَاهِرِ عَلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ الْحَلِفُ بِهَا (قَوْلُهُ فَقَدْ دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ أَوْ صِفَتِهِ) الْأَوْلَى دَخَلَتْ فِي قَوْلِهِ بِاسْمِ اللَّهِ.

(قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ إنْ فَعَلْت إلَخْ) أَيْ وَلَا يَلْزَمُهُ كُفْرٌ وَلَوْ فَعَلَ لِأَنَّ قَصْدَهُ التَّبَاعُدُ وَإِنْشَاءُ الْيَمِينِ لَا إخْبَارُهُ بِذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ وَلِذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي يَمِينٍ فَإِنَّهُ يَرْتَدُّ وَلَوْ جَاهِلًا أَوْ هَازِلًا وَكَمَا لَا يَرْتَدُّ حَالَ جَعْلِهِ ذَلِكَ يَمِينًا لَا يَرْتَدُّ إذَا قَالَ هُوَ يَهُودِيٌّ حَالَ قَصْدِهِ بِذَلِكَ إغْرَارَ يَهُودِيَّةٍ لِيَتَزَوَّجَهَا (قَوْلُهُ بَعْضِهِمْ) أَيْ بَعْضِ الْحَالِفِينَ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ مَاذَا يَلْزَمُهُ) الظَّاهِرُ يَلْزَمُهُ الثَّلَاثُ لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ زَانِيًا إلَّا بِالثَّلَاثِ أَوْ فِي الْخُلْعِ وَلَا خُلْعَ هُنَا.

(قَوْلُهُ وَغَمُوسٌ) سُمِّيَتْ بِهِ لِأَنَّهَا تَغْمِسُ صَاحِبَهَا فِي الْإِثْمِ (قَوْلُهُ بِلَا تَبَيُّنِ صِدْقٍ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ صِدْقٌ بِنَفْيِ كَوْنِهِ غَمُوسًا وَتَنْتَفِي عَنْهُ الْحُرْمَةُ وَفِيهِ كَمَا قَالَ التُّونُسِيُّ نَظَرٌ لِأَنَّ يَمِينَهُ شَاكًّا مَعْصِيَةٌ فَلَا يَسْقُطُ إثْمُهُ بِظُهُورِ الْأَمْرِ كَمَا حَلَفَ اللَّخْمِيُّ الصَّوَابُ إثْمُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ حَمَلَ غَيْرُ وَاحِدٍ لَفْظَهَا عَلَى أَنَّهُ وَافَقَ الْبِرَّ لَا إنْ أَثِمَ حَلِفُهُ شَاكًّا مُسْقِطٌ لَهُ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِقْهًا لَكِنَّهُ بَعِيدٌ مِنْ لَفْظِهَا أَوْ الْمُرَادِ فَلَا حُرْمَةَ عَلَيْهِ مُسْتَمِرَّةً وَإِنَّمَا عَلَيْهِ إثْمُ الْجَرَاءَةِ فَقَطْ كَمَا فِي عب أَيْ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْكَبَائِرِ فَلَا تَنَافِي وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا تَبَيَّنَ الصِّدْقُ لَمْ تَكُنْ مِنْ الْكَبَائِرِ وَإِلَّا كَانَتْ مِنْهَا وَالْغَمُوسُ كَبِيرَةٌ وَلَوْ مَرَّةً فَقَطْ (قَوْلُهُ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا) أَيْ إنْ تَعَلَّقَتْ بِالْمَاضِي فَإِنْ تَعَلَّقَتْ بِالْمُسْتَقْبَلِ أَوْ بِالْحَالِ فَإِنَّهَا تُكَفَّرُ (قَوْلُهُ وَيَتُوبُ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ بِأَنْ يَتُوبَ تَفْسِيرٌ لِلِاسْتِغْفَارِ.

(قَوْلُهُ كَالْمَسِيحِ) نَبِيٌّ وَرَسُولٌ اتِّفَاقًا وَأَمَّا الْعُزَيْرُ فَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَمَا اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّةِ لُقْمَانَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْظِيمَهَا) أَيْ أَصْلًا وَأَمَّا إذَا قَصَدَ تَعْظِيمَهَا وَلَمْ يُلَاحِظْ كَوْنَهَا مَعْبُودَاتٍ فَهُوَ كُفْرٌ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بِخِلَافِ مَا هُنَا فَأَوَّلُ عِبَارَتِهِ يَقْتَضِي عَدَمَ الْكُفْرِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ تَعْظِيمَهَا يَقْتَضِي الْكُفْرَ وَهُوَ ظَاهِرُ النَّقْلِ وَأَمَّا التَّوَسُّلُ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ فَجَائِزٌ وَأَمَّا الْإِقْسَامُ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي الدُّعَاءِ بِبَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ كَقَوْلِهِ بِحَقِّ مُحَمَّدٍ اغْفِرْ لَنَا فَخَاصٌّ بِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(قَوْلُهُ وَلَا لَغْوٌ) مَعْطُوفٌ عَلَى غَمُوسٍ (قَوْلُهُ يَعْتَقِدُهُ) يُرَادُ بِالِاعْتِقَادِ مَا يَشْمَلُ غَلَبَةَ الظَّنِّ (قَوْلُهُ يَعْنِي أَنَّ لَغْوَ الْيَمِينِ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ) أَيْ إذَا تَعَلَّقَ بِالْمَاضِي أَوْ الْحَالِ لَا الِاسْتِقْبَالِ فَإِنَّهُ يُكَفِّرُ (قَوْلُهُ بَدَلَ مِنْ لَغْوٍ) لَكِنْ لَا يَسْتَقِيمُ إلَّا بِحَذْفٍ وَالتَّقْدِيرُ حَلِفُهُ عَلَى مَا يَعْتَقِدُهُ فَيَظْهَرُ نَفْيُهُ أَيْ انْتِفَاؤُهُ قَالَ عج

كَفِّرْ غَمُوسًا بِلَا مَاضٍ تَكُونُ كَذَا ... لَغْوٌ بِمُسْتَقْبَلٍ لَا غَيْرُ فَامْتَثِلَا

(قَوْلُهُ لِأَنَّ الِاعْتِقَادَ هُوَ الْجَزْمُ) أَيْ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ مُطَابِقًا أَمْ لَا لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ الْعِلْمِ أَيْ بِاصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَأَمَّا بِاصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ فَالْعِلْمُ هُوَ الِاعْتِقَادُ الشَّامِلُ لِلظَّنِّ الْقَوِيِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>