للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى حِنْثٍ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَآكُلَنَّ هَذَا الطَّعَامَ مَثَلًا أَوْ إنْ لَمْ آكُلْ هَذَا الطَّعَامَ مَثَلًا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ ثُمَّ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ حَتَّى ذَهَبَ وَقَاعِدَةُ الْيَمِينِ الْمُنْعَقِدَةِ عَلَى حِنْثٍ أَنْ تَكُونَ عَلَى إثْبَاتِ الْفِعْلِ أَيْ يَكُونُ الْفِعْلُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ بَعْدَ الْيَمِينِ مَطْلُوبًا مِنْ الْحَالِفِ وَسُمِّيَتْ يَمِينَ حِنْثٍ لِأَنَّ الْحَالِفَ بِهَا عَلَى حِنْثٍ حَتَّى يَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ فَيَبِرُّ إذْ الْحَالِفُ بِهَا عَلَى غَيْرِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ فَكَانَ عَلَى حِنْثٍ وَقَوْلُهُ (إنْ لَمْ يُؤَجَّلْ) شَرْطٌ فِي كَوْنِ الصِّيغَتَيْنِ صِيغَتَيْ حِنْثٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَالِفَ إنَّمَا يَكُونُ عَلَى حِنْثٍ إذَا لَمْ يَضْرِبْ لِيَمِينِهِ أَجَلًا أَمَّا إنْ ضَرَبَ لَهُ أَجَلًا فَلَا يَكُونُ عَلَى حِنْثٍ بَلْ يَكُونُ يَمِينُهُ عَلَى بَرٍّ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ كَوَاللَّهِ لَأُكَلِّمَنَّ زَيْدًا فِي هَذَا الشَّهْرِ أَوْ وَاَللَّهِ إنْ لَمْ أُكَلِّمْهُ قَبْلَ شَهْرٍ لَا أُقِيمُ فِي هَذِهِ الْبَلْدَةِ فَهُوَ عَلَى بَرٍّ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُضِيِّهِ وَلَمْ يَفْعَلْ بِلَا مَانِعٍ أَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ عَادِيٍّ لَا عَقْلِيٍّ كَمَا يَأْتِي.

(ص) إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ (ش) هَذَا مُبْتَدَأٌ وَخَبَرُهُ مَا مَرَّ مِنْ قَوْلِهِ وَفِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ وَمَا بَعْدَهُ كَمَا فِي الشَّارِحِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فِي الصَّغِيرِ فِي النَّذْرِ مُبْتَدَأٌ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ مُبْتَدَأٌ وَالْخَبَرُ إطْعَامٌ سَبْقُ قَلَمٍ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْإِطْعَامَ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ يَجِبُ فِي النَّذْرِ الْمُبْهَمِ وَمَا بَعْدَهُ وَهَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي بَيَانِ الْكَفَّارَةِ بِذِكْرِ أَنْوَاعِهَا اسْتِغْنَاءً عَنْ ذِكْرِهَا اخْتِصَارًا وَإِنَّمَا عَبَّرَ بِالْإِطْعَامِ تَبَرُّكًا بِالْقُرْآنِ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ تَمْلِيكُ عَشَرَةٍ كَمَا عَبَّرَ بِهِ فِي الظِّهَارِ وَأَمَّا الْعَدَدُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ وَالْمُرَادُ بِالْمَسَاكِينِ الْمُحْتَاجُونَ وَأَخْرَجَ الْغَنِيَّ وَالرَّقِيقَ لِغِنَاهُ بِسَيِّدِهِ وَإِنْ بِشَائِبَةٍ لِأَنَّهُ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بَيْعُهُمْ فَمَأْمُورٌ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِمْ أَوْ بِتَنْجِيزِ عِتْقِهِمْ فَيَصِيرُونَ مِنْ أَهْلِهَا وَاسْتَغْنَى عَنْ شَرْطِ الْإِسْلَامِ وَذِكْرِ الْمُخَرَّجِ فِي قَوْلِهِ (لِكُلِّ مُدٍّ) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَشَرَةِ مُدٌّ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ لِتَقَارُبِ الْبَابَيْنِ وَهَلْ الْكَفَّارَةُ وَاجِبَةٌ عَلَى الْفَوْرِ أَوْ التَّرَاخِي وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ وَهَلْ مُوجِبُ الْكَفَّارَةِ الْيَمِينُ أَوْ الْحِنْثُ.

وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ لِقَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَأَجْزَأَ إنْ كَفَّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ (ص) وَنُدِبَ بِغَيْرِ الْمَدِينَةِ زِيَادَةُ ثُلُثِهِ أَوْ نِصْفِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ لَا تُطْلَبُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُدِّ بِالْمَدِينَةِ الْمُنَوَّرَةِ لِقِلَّةِ الْأَقْوَاتِ بِهَا وَقَنَاعَةِ أَهْلِهَا بِالْيَسِيرِ أَمَّا بِغَيْرِهَا فَتُنْدَبُ الزِّيَادَةُ عَلَى الْمُدِّ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ كَمَا عِنْدَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَهُوَ الضَّرْبُ لِأَنَّهُ إذَا اجْتَمَعَ شَرْطٌ وَقَسَمٌ كَمَا هُنَا كَانَ الْبَابُ لِلْقَسَمِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لَفْظًا أَوْ تَقْدِيرًا فَيَحْذِفُ جَوَابَ الْمُتَأَخِّرِ مِنْهُمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ

وَاحْذِفْ لَدَى اجْتِمَاعِ شَرْطٍ وَقَسَمْ ... جَوَابَ مَا أَخَّرْت فَهُوَ مُلْتَزَمْ

وَجَوَابُ الْقَسَمِ أَبَدًا مُؤَكِّدٌ مَذْكُورًا كَانَ أَوْ مَحْذُوفًا وَإِذَا كَانَ مُؤَكِّدًا كَانَ صِيغَةَ حِنْثٍ عج (قَوْلُهُ أَوْ إنْ لَمْ آكُلْ هَذَا الطَّعَامَ فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ إذْ الْحَالِفُ بِهَا عَلَى غَيْرِ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ) وَأَمَّا الْحَالِفُ بِصِيغَةِ الْبِرِّ فَهُوَ عَلَى الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ مِمَّا يُؤَيِّدُ مَا قُلْنَاهُ سَابِقًا (قَوْلُهُ كَوَاللَّهِ لَأُكَلِمَنَّ زَيْدًا إلَخْ) وَمِنْ هَذَا الْقَبِيلِ لَوْ قَالَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ لَأُكَلِّمَنَّ زَيْدًا فِي هَذَا الشَّهْرِ فَإِنَّهُ لَا يَمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ فَإِذَا كَلَّمَ زَيْدًا فِي هَذَا الشَّهْرِ بَرَّ وَلَا يَحْنَثُ إلَّا بِمُضِيِّهِ بِدُونِ الْكَلَامِ وَمِنْ التَّأْجِيلِ مَا إذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَأُكَلِّمَنَّ زَيْدًا بَعْدَ شَهْرِ كَذَا فَإِذَا حَلَفَ بِطَلَاقِ زَوْجَتِهِ فَيَجُوزُ لَهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ قَبْلَ الْأَجَلِ وَلَا يَبِرُّ بِهِ وَإِذَا مَضَى الْأَجَلُ مُنِعَ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ

(تَتِمَّةٌ) ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الصِّيغَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَقِيقَةَ لِأَنَّ ذِكْرَ الصِّيغَةِ يُؤْخَذُ مِنْهُ الْحَقِيقَةُ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ صِيغَةُ الْبِرِّ لَأَفْعَلَنَّ أَوْ إنْ لَمْ أَفْعَلْ عَلِمَ أَنَّ الْبِرَّ هُوَ أَنْ يَكُونَ الْحَالِفُ بِأَثَرِ حَلِفِهِ مُوَافِقًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ وَكَذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ صِيغَةِ الْحِنْثِ أَنَّ الْحِنْثَ يَكُونُ الْحَالِفُ بِحَلِفِهِ مُخَالِفًا لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْبَرَاءَةِ الْأَصْلِيَّةِ (قَوْلُهُ أَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) كَوَطْئِهَا اللَّيْلَةَ فَيَجِدُهَا حَائِضًا وَقَوْلُهُ أَوْ عَادِيٍّ كَذَبْحِ الْحَمَامِ فَسُرِقَتْ لَا عَقْلِيٍّ كَمَوْتِهَا.

(قَوْلُهُ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ) اعْلَمْ أَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْحُرِّ وَأَمَّا الْعَبْدُ فَسَيَأْتِي (قَوْلُهُ سَبْقُ قَلَمٍ) وَأُجِيبَ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِالْمُبْتَدَأِ لُغَةً وَهُوَ مَا اُبْتُدِئَ بِهِ وَمُرَادُهُ بِالْخَبَرِ مَا تَتِمُّ بِهِ الْفَائِدَةُ وَهَذَا الْجَوَابُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَلَيْسَ مَوْجُودًا فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ (قَوْلُهُ اسْتِغْنَاءً عَنْ ذِكْرِهَا اخْتِصَارًا) لَا يَخْفَى أَنَّهُ إذَا ذَكَرَهَا يَقُولُ وَهِيَ فِعْلُ مَا يَخْرُجُ بِهِ مِنْ عُهْدَةِ الْيَمِينِ يَنْقَسِمُ إلَى كَذَا وَكَذَا وَلَا ثَمَرَةَ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَالْوَاجِبُ تَمْلِيكُ) وَذَلِكَ لِأَنَّ مَعْنَى إطْعَامِ كَوْنُهُ يُقَدِّمُ لَهُمْ مَا يَأْكُلُونَ وَهَذَا لَيْسَ بِمُرَادٍ (قَوْلُهُ بِالْمَسَاكِينِ الْمُحْتَاجِينَ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِالْيَاءِ وَالْمُنَاسِبُ الْمُحْتَاجُونَ أَيْ فَيَشْمَلُ الْفُقَرَاءَ وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَلْزَمَهُ نَفَقَةٌ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَتَنْدَفِعُ الْمَرْأَةُ لِزَوْجِهَا وَوَلَدِهَا الْفَقِيرَيْنِ وَالْمُعْتَبَرُ مَسَاكِينُ مَحِلَّ الْحِنْثِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَحَلَّ الْيَمِينِ وَلَا بَلَدَ الْحَالِفِ وَانْظُرْ هَلْ يَجُوزُ نَقْلُ أَكْثَرِهَا لِلْمُعْدَمِ (قَوْلُهُ وَاسْتَغْنَى عَنْ شَرْطِ الْإِسْلَامِ) الْأَوْلَى وَتَرَكَ شَرْطَ الْإِسْلَامِ.

(قَوْلُهُ كَمَا فِي زَكَاةِ الْفِطْرِ) أَيْ مِنْ بُرٍّ وَغَيْرِهِ بِلَا غَرْبَلَةٍ إلَّا الْغَلَثَ وَيُجْزِئُ الدَّقِيقُ إذَا أُعْطِيَ مِنْهُ قَدْرُ رُبُعِ الْقَمْحِ كَذَا فِي عب تَبَعًا لِلشَّيْخِ سَالِمٍ حَيْثُ قَالَ وَظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبُرِّ مِثْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ اهـ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ فَقَدْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَأَمَّا إذَا أَخْرَجَ الشَّعِيرَ أَوْ التَّمْرَ أَوْ الذُّرَةَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فَلْيُخْرِجْ وَسَطَ الشِّبَعِ مِنْهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ الْوَاجِبِ مِنْ غَيْرِ الْبُرِّ قَدْرَ وَسَطِ الشِّبَعِ مِنْ غَيْرِهِ أَوْ قَدْرَ مَبْلَغِ شِبَعِ الْبُرِّ قَوْلَانِ لِلَّخْمِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَالْبَاجِيِّ عَنْ النَّوَادِرِ عَنْ مُحَمَّدٍ اهـ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ لِتَقَارُبِ الْبَابَيْنِ) أَيْ فِي الْوَضْعِ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) كَيْفَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ الْآتِي وَوَجَبَتْ بِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَنَّ الْمَعْنَى يَتَحَتَّمُ الْوُجُوبُ بِهِ.

(قَوْلُهُ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ عَنْ مَالِكٍ) وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ حَيْثُمَا أَخْرَجَ مُدًّا بِمُدٍّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَجْزَأَهُ وَمَنْ زَادَ فَلَهُ ثَوَابُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى اهـ

<<  <  ج: ص:  >  >>