للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَالِكٌ وَحَدَّهَا أَشْهَبُ بِالثُّلُثِ وَابْنُ وَهْبٍ بِالنِّصْفِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ غَيْرَ الْبُرِّ مِثْلُهُ وَهُوَ الْمَذْهَبُ وَقِيلَ يُخْرِجُ مِنْ غَيْرِ الْبُرِّ قَدْرَ مَبْلَغِ شِبَعِ الْبُرِّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَفِي النَّفَقَاتِ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا تُشَارِكُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي الْمِثْلِيَّةَ.

(ص) أَوْ رِطْلَانِ خُبْزًا بِأُدُمٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى مُدٍّ أَيْ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ أَوْ رِطْلَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ مِنْ الْخُبْزِ وَهُمَا مُقَاسَانِ عَلَى الْمُدِّ فَإِنَّهُ الْوَارِدُ وَيَكُونُ مِنْ أَوْسَطِ عَيْشِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩] وَيُنْدَبُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِأُدُمٍ مِنْ لَحْمٍ أَوْ لَبَنٍ أَوْ زَيْتٍ أَوْ بَقْلٍ أَوْ قِطْنِيَّةٍ وَيُجْزِئُ قِفَارٌ عَلَى الْأَصْوَبِ قَالَهُ ابْنُ نَاجِي وَهُوَ مَذْهَبُهَا خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (ص) كَشِبَعِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ شِبَعَهُمْ يُجْزِئُ كَمَا يُجْزِئُ مِنْ الْخُبْزِ رِطْلَانِ سَوَاءٌ أَكَلَ كُلٌّ مُدًّا أَوْ دُونَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ كَانُوا مُجْتَمِعِينَ أَوْ مُتَفَرِّقِينَ مُتَسَاوِينَ فِي الْأَكْلِ أَوْ مُخْتَلِفِينَ كَمَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَالْبَاجِيُّ وَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ الْغَدَاءُ وَالْعِشَاءُ لِعَشَرَةٍ وَاحِدَةٍ فَلَوْ غَدَّى عَشَرَةً وَعَشَّى عَشَرَةً أُخْرَى لَمْ يَجْزِهِ وَالظَّاهِرُ كَمَا فِي شَرْحِ (هـ) أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّوَالِي فَلَوْ عَشَّاهُمْ مَرَّةً ثُمَّ غَدَّاهُمْ أُخْرَى بَعْدَ يَوْمَيْنِ مَثَلًا أَجْزَأَهُ وَكَذَا الْغَدَاءُ وَكَذَا لَوْ غَدَّاهُمْ فِي يَوْمَيْنِ فَقَطْ أَوْ عَشَّاهُمْ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ.

(ص) أَوْ كِسْوَتِهِمْ الرَّجُلُ ثَوْبٌ وَالْمَرْأَةُ دِرْعٌ وَخِمَارٌ (ش) تَقَدَّمَ أَنَّ الْمُكَلَّفَ يُخَيَّرُ فِيمَا يُكَفِّرُ بِهِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْإِطْعَامِ وَالْكَلَامُ الْآنَ عَلَى النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَهُوَ الْكِسْوَةُ فَإِذَا كَسَا الْعَشَرَةَ مَسَاكِينَ فَإِنَّهُ يَكْسُو الرَّجُلَ ثَوْبًا أَيْ تُجْزِئُ بِهِ الصَّلَاةُ كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَيَكْسُو الْمَرْأَةَ ثَوْبَيْنِ دِرْعًا بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ الْقَمِيصَ وَخِمَارًا وَمِنْهُنَّ الْقَصِيرَةُ الَّتِي يُجْزِئُهَا لِقِصَرِهَا مَا لَا يُجْزِئُ الطَّوِيلَةَ لِطُولِهَا وَفِي مَعْنَى الثَّوْبِ الْإِزَارُ الَّذِي يُمْكِنُ الِاشْتِمَالُ بِهِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ الرَّجُلُ إلَخْ جُمْلَةٌ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ فَمَا يَكْسُوهُمْ فَقَالَ الرَّجُلُ ثَوْبٌ (ص) وَلَوْ غَيْرَ وَسَطِ أَهْلِهِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِطْعَامَ لِلْمَسَاكِينِ يَكُونُ مِنْ أَوْسَطِ مَا يَأْكُلُ الْمُكَفِّرُ لِلْآيَةِ وَأَمَّا كِسْوَتُهُمْ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا ذَلِكَ بَلْ أُطْلِقَتْ الْآيَةُ فِيهَا فَإِذَا كَسَاهُمْ مِنْ غَيْرِ وَسَطِ أَهْلِهِ أَجْزَأَهُ.

(ص) وَالرَّضِيعُ كَالْكَبِيرِ فِيهِمَا (ش) أَيْ فَيُعْطَى الرَّضِيعُ كِسْوَةَ الْكَبِيرِ وَيُعْطَى مُدًّا أَوْ رِطْلَيْنِ خُبْزًا بِأُدُمٍ وَإِنَّمَا يُعْطَى

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَحَدَّهَا أَشْهَبُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ الْخِلَافَ بَيْنَ أَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ وَمَالِكٍ حَقِيقِيٌّ أَمَّا مُخَالَفَةُ مَالِكٍ لَهُمَا فَظَاهِرَةٌ لِأَنَّهُ قَالَ بِالِاجْتِهَادِ وَالِاجْتِهَادُ لَا يَتَقَيَّدُ بِثُلُثٍ وَلَا بِغَيْرِهِ وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُمَا فَهِيَ ظَاهِرُ الشَّارِحِ وَالْمَوَّاقِ خِلَافًا لتت الْقَائِلِ وَالْخِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي قَدْرِ الْمَزِيدِ خِلَافٌ فِي حَالٍ اهـ أَيْ زِيَادَةُ الثُّلُثِ إذَا كَانَ يَكْفِي وَزِيَادَةُ النِّصْفِ إذَا كَانَ لَا يَكْفِي الثُّلُثُ (قَوْلُهُ وَالْعِلَّةُ تَقْتَضِي الْمِثْلِيَّةَ) أَيْ الَّتِي هُوَ قَوْله لِقِلَّةِ الْأَقْوَات بِهَا وَقَنَاعَةِ أَهْلِهَا بِالْيَسِيرِ لَا يَخْفَى أَنْ تِلْكَ عَلَّلَ بِهَا الْإِمَامُ فَقَالَ لِقِلَّةِ الْأَقْوَاتِ بِهَا وَقَنَاعَةِ أَهْلِهَا بِالْيَسِيرِ وَأَمَّا سَائِرُ الْأَمْصَارِ فَلَهُمْ عَيْشٌ غَيْرُ عَيْشِنَا فَيَزِيدُونَ عَلَى الْمُدِّ بِحَسَبِ الِاجْتِهَادِ اهـ.

الظَّاهِرُ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَيْسُوا فِي الْقُوتِ كَأَهْلِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ بَعْدَ كَتْبِي هَذَا وَجَدْت فِي شَرْحِ شب وَقَوْلُهُ فِي النَّفَقَاتِ وَعَلَى الْمَدِينَةِ لِقَنَاعَتِهَا أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَا تُشَارِكُ أَهْلَ الْمَدِينَةِ فِي ذَلِكَ اهـ (قَوْلُهُ أَوْ رِطْلَانِ بِالْبَغْدَادِيِّ) مِائَةٌ وَثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ دِرْهَمًا مَكِّيًّا وَالرِّطْلُ الْبَغْدَادِيُّ مُدٌّ وَثُلُثٌ بِمُدِّهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (قَوْلُهُ وَيَكُونُ مِنْ أَوْسَطِ عَيْشِهِمْ) أَيْ عَيْشِ الْمُكَفِّرِ عَلَى مَا سَيَأْتِي لِلشَّارِحِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي كَوْنِ الْمُعْتَبَرِ عَيْشَ أَهْلِ الْبَلَدِ أَيْ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُنَا عَبْدُ اللَّهِ أَوْ الْمُكَفِّرُ غَيْرُ الْبَخِيلِ، ثَالِثُهَا الْأَرْفَعُ إنْ قَدَرَ إلَخْ فَإِنْ قُلْت قَوْلُهُ عَيْشُ أَهْلِ الْبَلَدِ يُخَالِفُهُ ظَاهِرُ قَوْله تَعَالَى {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: ٨٩] قُلْت يُمْكِنُ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَيْ أَهْلِ بَلَدِكُمْ وَالْمُرَادُ بِالْأَوْسَطِ حِينَئِذٍ الْغَالِبُ وَقَدْ يُبْعِدُ ذَلِكَ أَوْ يَمْنَعُهُ قَوْلُهُ تُطْعِمُونَ إذْ لَوْ أَرَادَهُ لَقَالَ مِنْ أَوْسَطِ طَعَامِ بَلَدِكُمْ (قَوْلُهُ مِنْ لَحْمٍ أَوْ لَبَنٍ إلَخْ) الْمُرَادُ بِاللَّبَنِ الْحَلِيبُ لَا الْمَضْرُوبُ.

(قَوْلُهُ أَوْ بَقْلٍ أَوْ قِطْنِيَّةٍ) بِكَسْرِ الْقَافِ وَقِيلَ لَيْسَا مِنْ الْأُدُمِ وَعَلَيْهِ فَأَعْلَاهُ اللَّحْمُ وَأَوْسَطُهُ اللَّبَنُ وَأَدْنَاهُ الزَّيْتُ وَعَلَى الْأَوَّلِ تَقُولُ أَعْلَاهُ اللَّحْمُ وَيَلِيه اللَّبَنُ وَيَلِيه الزَّيْتُ (قَوْلُهُ وَيُجْزِئُ قَفَارٌ) بِتَقْدِيمِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا وَتَخْفِيفِ الْفَاءِ الَّذِي لَا أُدُمَ مَعَهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ) أَيْ مِنْ أَنَّهُ وَاجِبٌ (قَوْلُهُ كَمَا قَالَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَالْبَاجِيُّ) أَيْ خِلَافًا لِاشْتِرَاطِ التُّونُسِيِّ تَسَاوِيهِمْ فِي الْأَكْلِ وَالْمُعْتَبَرُ الشِّبَعُ الْمُتَوَسِّطُ (قَوْلُهُ وَكَذَا لَوْ غَدَّاهُمْ) هَذَا مَفْهُومٌ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى مِنْ الَّذِي قَبْلَهُ وَلَوْ فَرَضَ أَنَّهُمْ يَأْكُلُونَ قَدْر الْعَشَرَةِ أَمْدَادٍ فِي مَرَّةٍ فَلَا بُدَّ مِنْ شِبَعِهِمْ مَرَّةً ثَانِيَةً هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِهِمْ وَانْظُرْ هَلْ يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ جُوعٌ فَإِنْ أَطْعَمَهُمْ مَرَّتَيْنِ عَلَى سَبْعٍ لَمْ يَكْتَفِ بِذَلِكَ وَهُوَ الظَّاهِرُ وَكَذَا لِمَرَضٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ كِسْوَتُهُمْ إلَخْ) جَدِيدًا وَكَذَا لَبِيسًا لَمْ تَذْهَبْ قُوَّتُهُ فِيمَا يَظْهَرُ وَفِي بَعْضِ الطُّرَرِ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ مَخِيطًا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ كَعَدَمِ اشْتِرَاطِ طَبْخِ اللَّحْمِ وَقَدْ يُنَافِيه قَوْلُهُ لِلرَّجُلِ ثَوْبٌ يَسْتُرُ جِسْمَهُ (قَوْلُهُ تُجْزِئُ فِيهِ الصَّلَاةُ) يَحْمِلُ عَلَى إجْزَائِهِ عَلَى الْكَمَالِ أَيْ فَيَكُونُ الثَّوْبُ سَاتِرًا لِجَمِيعِ الْجَسَدِ فَلَا تُجْزِئُ عِمَامَةٌ وَنَحْوُهَا وَلَا إزَارٌ لَا يَبْلُغُ أَنْ يَلْتَحِفَ بِهِ مُشْتَمِلًا (قَوْلُهُ الْقَمِيصُ) خَاصٌّ بِالْمَخِيطِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ بَلْ الثَّوْبُ السَّاتِرُ كَافٍ سَوَاءٌ كَانَ قَمِيصًا أَوْ لَا (قَوْلُهُ وَمِنْهُنَّ الْقَصِيرَةُ إلَخْ) أَيْ فَيُعْطِي الْقَصِيرَةَ ثَوْبًا قَدْرهَا فَقَطْ أَيْ فَيُعْطِي كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مَا يَسْتُرُهَا فَإِنَّ تِلْكَ هِيَ كِسْوَتُهَا (قَوْلُهُ وَفِي مَعْنَى الثَّوْبِ الْإِزَارُ إلَخْ) قَالَ اللَّقَانِيِّ وَالْعِبْرَةُ بِعَادَةِ الْفَقِيرِ فَمَنْ كَانَتْ عَادَتُهُ الِالْتِحَافَ بِرِدَاءٍ مَثَلًا يَدْفَعُ لَهُ رِدَاءً فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ ثَوْبٌ وَدِرْعٌ وَخِمَارٌ وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا الْغَالِبُ (قَوْلُهُ فَإِذَا كَسَاهُمْ مِنْ غَيْرِ وَسَطِ أَهْلِهِ) فِي عِبَارَةِ بَعْضِ الشُّرَّاحِ وَلَوْ كَانَتْ الْكِسْوَةُ غَيْرَ وَسَطِ أَهْلِهِ أَيْ أَهْلِ الْمُكَفِّرِ وَأَهْلِ بَلَدِهِ وَالْمُرَاعَى فِيهَا الْفَقِيرُ فِي نَفْسِهِ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.

(قَوْلُهُ أَيْ فَيُعْطَى الرَّضِيعُ كِسْوَةَ كَبِيرٍ)

<<  <  ج: ص:  >  >>