للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَسْبَابُ الْفِعْلِ قَلِيلَةٌ ضَعِيفَةٌ فَوَسَّعَ فِيهِ تَأَمَّلْ وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ عِنْدَ الْمُؤَلِّفِ مُخْتَصَّةً بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ وَصِفَاتِهِ وَمَا عَدَا ذَلِكَ الْتِزَامَاتٌ لَا أَيْمَانٌ شَرْعِيَّةٌ.

وَأَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى الشَّرْعِيَّةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ اسْتِثْنَاءٍ وَلَغْوٍ وَغَمُوسٍ وَكَفَّارَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ شَرَعَ فِي شَيْءٍ مِنْ الِالْتِزَامَاتِ فَقَالَ (ص) وَفِي عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ بَتَّ مَنْ يَمْلِكُهُ وَعَتَقَهُ وَصَدَّقَهُ بِثُلُثِهِ وَمَشَى بِحَجٍّ وَكَفَّارَةٍ (ش) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ أَنْ لَا أُكَلِّمَ زَيْدًا مَثَلًا فَكَلَّمَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ أَنْ يُطَلِّقَ نِسَاءَهُ ثَلَاثًا وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْبَتِّ وَأَنْ يَعْتِقَ عَبِيدَهُ الَّذِينَ يَمْلِكُهُمْ حِينَ الْيَمِينِ لَا يَوْمَ الْحِنْثِ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ الَّذِي يَمْلِكُهُ حِينَ يَمِينِهِ إلَّا أَنْ يَنْقُصَ فَثُلُثُ مَا بَقِيَ وَأَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ فِي حَجٍّ لَا فِي عُمْرَةٍ وَقَوْلُ الشَّارِحِ أَوْ عُمْرَةٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ وَأَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ وَلَا يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ ظِهَارٍ وَلَا صَوْمٍ سَنَةً (ص) وَزِيدَ فِي الْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي صَوْمُ سَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا قَالَ الْأَيْمَانُ تَلْزَمُهُ أَوْ كُلُّ الْأَيْمَانِ أَوْ جَمِيعُ الْأَيْمَانِ أَوْ أَيْمَانُ الْمُسْلِمِينَ وَنَحْوُهَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ أَنْ لَا يَفْعَلَ كَذَا وَفَعَلَهُ أَوْ لَأَفْعَلَنَّ وَتَرَكَهُ وَلَا نِيَّةَ لَهُ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ مَا مَرَّ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ وَيُزَادُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَصُومَ سَنَةً كَامِلَةً وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ اُعْتِيدَ حَلِفٌ بِهِ) إلَى أَنَّ صَوْمَ الْعَامِ لَا يَلْزَمُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالْحَلِفِ بِهِ أَيْ عَادَةُ أَهْلِ بَلَدِ الْحَالِفِ أَنْ يَحْلِفُوا بِذَلِكَ وَلَا عِبْرَةَ بِعَادَةِ الْحَالِفِ وَحْدَهُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ وَيَنْبَغِي فِي غَيْرِ الصَّوْمِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ إلَّا بِالْعَادَةِ اهـ وَهَلْ يَلْزَمُهُ أَيْضًا صَوْمُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ كَشَهْرَيْ الظِّهَارِ أَوْ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ فِيهِ تَرَدُّدٌ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَفِي لُزُومِ شَهْرَيْ ظِهَارٍ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَفِي لُزُومِ صَوْمِ شَهْرَيْنِ كَشَهْرَيْ الظِّهَارِ لَوْ كَانَ مَعَهُ زَوْجَةٌ وَظَاهَرَ مِنْهَا فِي كَوْنِهِ مَنْوِيَّ التَّتَابُعِ وَالْكَفَّارَةِ إلَى آخِرِ مَا يَأْتِي وَلَمْ يَقُلْ وَلَا نِيَّةَ اكْتِفَاءً بِقَوْلِهِ وَخَصَّصْت نِيَّةَ الْحَالِفِ.

(ص) وَتَحْرِيمُ الْحَلَالِ فِي غَيْرِ الزَّوْجَةِ وَالْأَمَةِ لَغْوٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُكَلَّفَ إذَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا أَبَاحَهُ اللَّهُ لَهُ مِنْ طَعَامٍ أَوْ شَرَابٍ أَوْ لِبَاسٍ أَوْ أُمِّ وَلَدٍ أَوْ عَبْدٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ سَوَاءٌ أَفْرَدَ أَوْ جَمَعَ كَقَوْلِهِ إنْ فَعَلْت كَذَا فَالْحَلَالُ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ قَالَ الشَّيْءُ الْفُلَانِيُّ عَلَيَّ حَرَامٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَرِّمَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى إلَّا الزَّوْجَةَ فَقَطْ فَإِنَّهُ إذَا حَرَّمَهَا حُرِّمَتْ عَلَيْهِ لِأَنَّ تَحْرِيمَهَا هُوَ طَلَاقُهَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَلَمَّا كَانَتْ الْيَمِينُ الشَّرْعِيَّةُ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ رَأْيٌ ثَالِثٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الْبَابِ أَنَّ الْيَمِينَ تَنْقَسِمُ عَلَى رَأْيٍ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ وَعَلَى رَأْيٍ قِسْمَيْنِ وَهُنَا أَفَادَ أَنَّ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ قِسْمٌ وَاحِدٌ

(قَوْلُهُ وَفِي عَلَيَّ إلَخْ) أَفْهَمَ قَوْلُهُ أَشَدَّ أَنَّ مَا كَانَ أَخَفَّ لَا يَلْزَمُ وَإِنْ كَانَ الْعُرْفُ جَرَى بِهِ كَمَا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِالْمَشْيِ فِي عُمْرَةٍ وَبِالْحَلِفِ بِمَا يَلْزَمُهُ فِيهِ طَلْقَةٌ وَاحِدَةٌ فِي ك وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَلَا مَفْهُومَ لِأَشَدَّ بَلْ مِثْلُهُ أَشَقَّ وَأَعْظَمَ كَذَا يَنْبَغِي وَهَذَا مَا لَمْ يَكُنْ نِيَّةٌ فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا وَتَصِيرُ مُحَاشَاةً.

وَيُقَالُ مِثْلُهُ فِي قَوْلِهِ وَزِيدَ فِي الْأَيْمَانِ تَلْزَمُنِي فَلَوْ حَكَمَ حَاكِمٌ فِيمَا ذُكِرَ بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ نُقِضَ وَيُعْتَبَرُ ثُلُثُ مَالِهِ يَوْمَ يَمِينِهِ بَعْدَ إخْرَاجِ الدُّيُونِ وَمَا يَلْزَمُهُ شَرْعًا مِنْ نَفَقَةٍ وَغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَشْيِ حِينَ الْيَمِينِ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَلَا هَدْيَ كَمَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ وَيَلْزَمُ الْحَالِفَ مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ وَلَوْ جَاهِلًا بِالْحُكْمِ وَبِمَدْلُولِ اللَّفْظِ إذْ لَمْ يَفْصِلْ فِي ذَلِكَ إذْ الْخَطَأُ وَالْجَهْلُ فِي مُوجِبِ الْحِنْثِ كَالْعِلْمِ هَذَا هُوَ الْأَصْلُ.

وَاعْلَمْ أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفِي عَلَيَّ إلَخْ حُكْمُ هَذَا حُكْمُ مَنْ حَلَفَ وَلَمْ يَدْرِ بِمَ حَلَفَ أَكَانَ بِعِتْقٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ مَشْيٍ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يُطَلِّقَ نِسَاءَهُ أَلْبَتَّةَ وَأَنْ يَعْتِقَ عَبِيدَهُ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ وَأَنْ يَمْشِيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ فِي حَجٍّ وَأَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ (قَوْلُهُ أَنْ يُطَلِّقَ نِسَاءَهُ) أَيْ الَّتِي يَمْلِكُهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِي الَّتِي يَتَزَوَّجُهَا أَوْ يَمْلِكُهَا بَعْدَ الْيَمِينِ وَقَبْلَ الْحِنْثِ خِلَافًا لِقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ يَوْمَ الْحِنْثِ (قَوْلُهُ وَأَنْ يَتَصَدَّقَ بِثُلُثِ مَالِهِ) وَانْظُرْ لَوْ شَكَّ فِي رِبْحِ تِجَارَتِهِ الْغَائِبَةِ عَنْهُ هَلْ حَصَلَ قَبْلَ الْيَمِينِ فَيُنْفِقُ ثُلُثَهُ أَوْ بَعْدَهُ وَمَحَلُّ ذَلِكَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ بِشَيْءٍ وَإِلَّا عَمِلَ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي الْقَضَاءِ فَلَوْ قَالَ أَرَدْت بِهَذِهِ الْيَمِينِ الْيَمِينَ بِاَللَّهِ وَلَمْ أُرِدْ طَلَاقًا وَلَا عِتْقًا وَلَا غَيْرَهُ قُبِلَ.

(قَوْلُهُ إلَّا إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالْحَلِفِ بِهِ) أَيْ بِصَوْمِ الْعَامِ هَذَا هُوَ التَّحْقِيقُ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ النَّقْلُ وَكَذَا يُقَالُ فِي حَلِفِهِ بِقَوْلِهِ عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ فَالِاعْتِبَارُ فِي الْحَلِفِ بِالْمَاصَدَقَاتِ لَا بِقَوْلِهِ الْأَيْمَانُ تَلْزَمُنِي أَوْ عَلَيَّ أَشَدُّ مَا أَخَذَ أَحَدٌ عَلَى أَحَدٍ خِلَافًا لِمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشُّرَّاحِ (قَوْلُهُ وَلَا عِبْرَةَ بِعَادَةِ الْحَالِفِ) فَحِينَئِذٍ كَلَامُهُ شَامِلٌ لِمَا إذَا اعْتَادَهُ الْحَالِفُ وَأَهْلُ بَلَدِهِ أَوْ هُمْ دُونَهُ سَوَاءٌ اعْتَادَ خِلَافَهُمْ أَوْ لَمْ يَعْتَدْ فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ بِهِ عَادَةٌ وَلَا عَادَةَ لَهُمْ بِالْحَلِفِ بِهِ أَصْلًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَأَوْلَى إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَهُمْ عَادَةٌ بِالْحَلِفِ بِهِ وَجَعَلَ عج أَنَّ الْأَوْلَى مِنْ هَذَيْنِ يَلْزَمُهُ الْحَلِفُ بِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ اعْتَادَ أَهْلُ الْبَلَدِ الْحَلِفَ بِهِ اعْتَادَ الْحَالِفُ الْحَلِفَ بِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ أَوْ لَا عَادَةَ لَهُ أَصْلًا فَهَذِهِ ثَلَاثُ صُوَرٍ فِيهَا اللُّزُومُ فَإِذَا لَمْ يَعْتَدْ أَهْلُ الْبَلَدِ وَلَا الْحَالِفُ الْحَلِفَ بِهِ فَلَا لُزُومَ فَإِذَا اعْتَادَ الْحَالِفُ الْحَلِفَ بِهِ فَقَطْ أَيْ وَأَهْلُ الْبَلَدِ لَمْ يَعْتَادُوا ذَلِكَ فَفِيهَا اللُّزُومُ عِنْدَ عج وَتَبِعَهُ عب دُونَ مَا يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ شَارِحِنَا فَهَذِهِ صُوَرٌ خَمْسٌ بِالِاخْتِصَارِ وَبِالْبَسْطِ تِسْعَةٌ وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ تَكُونَ عَادَةُ أَهْلِ الْبَلَدِ الْحَلِفَ بِصَوْمِ الْعَامِ أَوْ بِغَيْرِ صَوْمِ الْعَامِ أَوْ لَا عَادَةَ لَهُمْ أَصْلًا بِشَيْءٍ وَيَجْرِي مِثْلُ ذَلِكَ وَتُعْلَمُ أَحْكَامُهَا مِمَّا ذُكِرَ.

(قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِالْعَادَةِ) أَيْ لَا يَلْزَمُهُ عِتْقُ مَنْ يَمْلِكُ إلَّا إذَا جَرَى عُرْفٌ بِذَلِكَ وَكَذَا لَا يَلْزَمُهُ مَشْيٌ بِحَجٍّ إلَّا إذَا جَرَى الْعُرْفُ بِالْحَلِفِ بِذَلِكَ وَكَذَا يُقَالُ فِي غَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَفِي لُزُومِ شَهْرَيْ ظِهَارٍ تَرَدُّدٌ) وَالْقَوْلُ بِاللُّزُومِ عَزَاهُ ابْنُ بَشِيرٍ لِلْأَشْيَاخِ وَالْقَوْلُ بِعَدَمِ ذَلِكَ لِأَبِي مُحَمَّدٍ وَجَمَاعَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>