فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ كَفَّارَةٌ أَوْ يَمِينٌ فَفِي الْأَوَّلِ تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ بِالْحِنْثِ مَرَّةً فَعَلَيْهِ بِالْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَاتٌ وَهُنَا لَا تَتَعَدَّدُ إلَّا بِتَعَدُّدِهِ فَعَلَيْهِ بِكُلِّ فَعْلَةٍ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
(ص) لَا مَتَى مَا (ش) يَعْنِي إذَا قَالَ الْحَالِفُ مَتَى مَا كَلَّمْت زَيْدًا أَوْ إنْ أَوْ إذَا فَعَلَيَّ كَفَّارَةُ يَمِينٍ وَنَحْوُ ذَلِكَ فَلَا تَتَعَدَّدُ الْكَفَّارَةُ عَلَيْهِ بَلْ تَنْحَلُّ الْيَمِينُ بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَكْرَارَ الْحِنْثِ وَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ هُنَا مِنْ أَنَّ مَتَى مَا لَا تَقْتَضِي تَكْرَارًا هُوَ الْمَذْهَبُ خِلَافًا لِمَا مَشَى عَلَيْهِ فِي بَابِ الطَّلَاقِ مِنْ أَنَّهَا تَقْتَضِي التَّكْرَارَ كَمَا أَشَارَ لَهُ هُنَاكَ بِقَوْلِهِ أَوْ كُلَّمَا حِضْت أَوْ طَلَّقْتُك أَوْ مَتَى مَا وَقَعَ عَلَيْك طَلَاقِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَطَلَّقَهَا وَاحِدَةً.
(ص) وَوَاللَّهِ ثُمَّ وَاَللَّهِ وَإِنْ قَصَدَهُ (ش) أَيْ وَلَا إنْ قَالَ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ قَالَ وَلَوْ فِي مَجْلِسٍ آخَرَ وَاَللَّهِ لَا أَفْعَلُهُ فَفَعَلَهُ مَرَّاتٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِالْفِعْلِ الْأَوَّلِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ فِيمَا بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ بَلْ قَصَدَ التَّكْرِيرَ وَالْإِنْشَاءَ أَيْ إنْشَاءَ يَمِينٍ ثَانِيَةٍ مَا لَمْ يَنْوِ تَكْرَارَ الْحِنْثِ أَوْ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ وَمَجْمُوعِهِمَا خِلَافًا لِابْنِ بَشِيرٍ حَيْثُ قَالَ إنْ اتَّحَدَ الْمَعْنَى اتَّحَدَتْ مِثْلُ وَاَللَّهِ وَالسَّمِيعِ وَالْعَلِيمِ وَإِنْ اخْتَلَفَ الْمَعْنَى تَكَرَّرَتْ مِثْلُ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْإِرَادَةِ فَقَوْلُهُ وَإِنْ قَصَدَهُ أَيْ وَإِنْ قَصَدَ تَكَرُّرَ اللَّفْظِ وَهُوَ تَكْرِيرُ الْيَمِينِ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى أَيْ وَإِنْ قَصَدَ إنْشَاءَ الْيَمِينِ الثَّانِيَةِ بَعْدَ الْيَمِينِ الْأُولَى فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْكِيدِ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْسِيسَ وَمِثْلُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ الظِّهَارُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ إذَا قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ أَنْتِ طَالِقٌ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْسِيسِ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْكِيدَ وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ بِهِ هُنَا وَفِي الظِّهَارِ أَوَّلًا هُوَ الْمَحْلُوفُ بِهِ آخِرًا وَفِي الطَّلَاقِ وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ وَاحِدًا فَمَعْنَاهُ مُتَعَدِّدٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ يُضَيِّقُ الْعِصْمَةَ وَالثَّانِي يَزِيدُهَا ضِيقًا وَالثَّالِثُ يُبِينُهَا مِنْ الْعِصْمَةِ.
(ص) أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ لَا أَفْعَلُ كَذَا ثُمَّ فَعَلَهُ فَإِنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةً وَاحِدَةً عِنْدَ سَحْنُونَ وَابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَبِهِ يُعْلَمُ ضَعْفُ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِيمَا سَبَقَ مِنْ التَّعَدُّدِ فِي قَوْلِهِ أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ وَالْكِتَابِ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَهُوَ صِفَةٌ مِنْ صِفَاتِ ذَاتِهِ فَكَأَنَّهُ حَلَفَ بِصِفَةٍ وَاحِدَةٍ.
(ص) وَلَا كَلَّمَهُ غَدًا وَبَعْدَهُ ثُمَّ غَدًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْيَمِينَ الثَّانِيَةَ إذَا كَانَتْ جُزْءَ الْأُولَى فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَّحِدُ فِيهِمَا كَمَا لَوْ حَلَفَ بِاَللَّهِ لَا كَلَّمَهُ غَدًا وَبَعْدَهُ ثُمَّ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا وَكَلَّمَهُ غَدًا كَمَا لَوْ كَرَّرَ الْيَمِينَ عَلَى غَدٍ فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ بِخِلَافِ لَوْ لَمْ تَكُنْ الثَّانِيَةُ جُزْءَ الْأُولَى فَإِنَّ الْكَفَّارَةَ تَتَعَدَّدُ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا ثُمَّ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا وَلَا بَعْدَ غَدٍ فَيَلْزَمُهُ كَفَّارَاتٌ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ وَإِنْ كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ فَقَطْ فَتَلْزَمُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.
وَلَمَّا أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى حَدِّ الْيَمِينِ وَصِيغَتِهَا الْمُوجِبَةِ لِلْكَفَّارَةِ مِنْهَا وَأَنْوَاعِ الْكَفَّارَةِ وَتَكْرَارِهَا وَاتِّحَادِهَا أَتْبَعَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ عَلَى مُقْتَضِيَاتِ الْحِنْثِ وَالْبِرِّ وَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ أُمُورٍ النِّيَّةُ وَالْبِسَاطُ وَالْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ وَالْمَقْصِدُ اللُّغَوِيُّ وَالْمَقْصِدُ الشَّرْعِيُّ وَبَدَأَ بِالنِّيَّةِ
ــ
[حاشية العدوي]
(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ بِالْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَاتٌ) وَلَوْ نَوَى بِهِ يَمِينًا وَاحِدَةً لِأَنَّ الْجَمْعَ نَصٌّ فِي مَعْنَاهُ فَلَا يَقْبَلُ التَّخْصِيصَ.
(قَوْلُهُ لَا مَتَى مَا) اقْتَرَنَتْ بِمَا كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَوَّلًا إلَّا أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا وَهُوَ أَنَّ مَتَى مَا إنْ قَصَدَ بِهَا مَعْنَى كُلَّمَا فَتَتَكَرَّرُ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّكْرَارَ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ تَقْتَرِنْ فَلَا تَتَكَرَّرُ إلَّا إذَا نَوَى التَّكْرَارَ (قَوْلُهُ أَوْ مَتَى مَا حِضْت) أَوْ طَلَّقْتُك.
(قَوْلُهُ فَفَعَلَهُ مَرَّاتٍ) لَا حَاجَةَ لِذَلِكَ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بِالْفَعْلَةِ الْوَاحِدَةِ كَفَّارَاتٌ نَظَرًا لِتَعَدُّدِ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ وَالْإِنْشَاءَ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَقَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ التَّأْكِيدَ بَلْ قَصَدَ إلَخْ فَلِذَا قَالَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ حَاصِلُهُ أَمْ قَصَدَ التَّأْكِيدَ فَكَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ اتِّفَاقًا أَوْ تَعَدُّدُ كَفَّارَاتٍ لَزِمَهُ اتِّفَاقًا أَوْ الْإِنْشَاءُ بِلَا قَصْدِ كَفَّارَاتٍ فَالْمَشْهُورُ كَفَّارَةٌ وَلَوْ فِي مَجْلِسَيْنِ (قَوْلُهُ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مُجَرَّدِ الْأَسْمَاءِ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنْ تَقُولَ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَسْمَاءِ فَقَطْ أَوْ الصِّفَاتِ فَقَطْ أَوْ الْمَجْمُوعِ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ إنْ اتَّحَدَ الْمَعْنَى) وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَعْنَى لِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ الذَّاتَ الْعَلِيَّةَ وَإِنْ كَانَ بِاعْتِبَارِ الصِّفَةِ بِاعْتِبَارٍ بِالسَّمِيعِ وَالْعَلِيمِ (قَوْلُهُ وَهُوَ تَكْرِيرُ الْيَمِينِ) أَيْ إنْشَاءُ الْيَمِينِ لَا التَّأْكِيدُ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْكِيدِ) أَيْ مَحْمُولٌ عَلَى عَدَمِ تَعَدُّدِ الْكَفَّارَةِ وَقَوْلُهُ حَتَّى يَنْوِيَ التَّأْسِيسَ أَيْ حَتَّى يَنْوِيَ تَعَدُّدَ الْكَفَّارَةِ (قَوْلُهُ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى التَّأْسِيسِ) أَيْ طَلْقَةٍ ثَانِيَةٍ (قَوْلُهُ فَمَعْنَاهُ مُتَعَدِّدٌ لِأَنَّ الطَّلَاقَ الْأَوَّلَ يُضَيِّقُ الْعِصْمَةَ) هَذَا الْفَرْقُ نَفْسُ التَّصْوِيرِ لِأَنَّ كَوْنَ الثَّانِي يَزِيدُهَا ضِيقًا لِكَوْنِهِ كَانَ تَأْسِيسًا وَأَمَّا لَوْ فُرِضَ أَنَّهُ تَأْكِيدٌ فَلَا يَزِيدُهَا ضِيقًا.
(قَوْلُهُ ابْنِ رُشْدٍ وَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ) اُنْظُرْهُ فَلَمْ يَقُلْ وَهُوَ الْمَشْهُورُ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ وَلَعَلَّهُ جَارٍ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْمَسْأَلَةِ السَّابِقَةِ الَّتِي هِيَ قَوْلُهُ أَوْ بِالْقُرْآنِ وَالْمُصْحَفِ.
(قَوْلُهُ وَلَا كَلَّمَهُ غَدًا إلَخْ) وَلَوْ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ غَدًا ثُمَّ حَلَفَ لَا كَلَّمَهُ بَعْدَ غَدٍ فَكَفَّارَتَانِ إنْ كَلَّمَهُ فِيهِمَا.
(قَوْلُهُ وَذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ أُمُورٍ) ظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ غَيْرُ تِلْكَ الْأُمُورِ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِغَيْرِهَا النِّيَّةَ الْمُعَمِّمَةَ وَهُوَ مَعْنًى صَحِيحٌ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا ثُمَّ بَعْدَ أَنْ كَتَبْته وَجَدْت النَّقْلَ عَنْ اللَّخْمِيِّ أَنَّ الْمُخَصَّصَ وَالْمُقَيَّدَ سِتَّةٌ الْخَمْسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي الْمُصَنِّفِ وَالْعُرْفُ الْفِعْلِيُّ وَاعْلَمْ أَنَّ كَوْنَ تِلْكَ تَقْتَضِي الْحِنْثَ أَيْ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ مَثَلًا لَا آكُلُ سَمْنًا مُقْتَضَى اللَّفْظِ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ أَيِّ سَمْنٍ فَإِذَا نَوَى خُصُوصَ سَمْنِ الضَّأْنِ فَتِلْكَ النِّيَّةُ اقْتَضَتْ الْحِنْثَ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ