فَقَالَ (ص) وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَقَيَّدَتْ إنْ نَافَتْ وَسَاوَتْ فِي اللَّهِ وَغَيْرِهَا كَطَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ النِّيَّةَ تُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ وَتُخَصِّصُ اللَّفْظَ الْعَامَّ حَيْثُ كَانَتْ النِّيَّةُ مُنَافِيَةً أَيْ مُخَالِفَةً بِنَقْصِ حَالِ كَوْنِ قَصْدِ مُخَالَفَتِهَا وَعَدَمِهِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ أَيْ يُمْكِنُ إرَادَتُهُ وَعَدَمُ إرَادَتِهِ بِالسُّوءِ وَأَحْرَى لَوْ خَالَفَتْ بِزِيَادَةٍ كَمَا لَوْ قَصَدَ مَعْنًى عَامًّا وَعَبَّرَ عَنْهُ بِلَفْظٍ خَاصٍّ كَالْحَالِفِ لَا أَشْرَبُ لِفُلَانٍ مَاءً أَوْ لَا أَلْبَسُ ثَوْبًا مِنْ غَزْلِ امْرَأَتِهِ بِقَصْدِ قَطْعِ الْمَنِّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِكُلِّ مَا يَنْتَفِعُ بِهِ مِنْهُمَا وَأَحْرَى لَوْ وَافَقَتْ ظَاهِرَ اللَّفْظِ وَهِيَ الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ وَالْمُبَيِّنَةُ لِإِجْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَصَوَّرَهَا ابْنُ رُشْدٍ بِمَا إذَا حَلَفَ إنْ كَلَّمْته فَأَحَدُ عَبِيدِي حُرٌّ أَوْ فَعَائِشَةُ طَالِقٌ وَلَهُ زَوْجَتَانِ تُسَمَّى كُلٌّ مِنْهُمَا بِذَلِكَ وَقَالَ أَرَدْت فُلَانًا أَوْ بِنْتَ فُلَانٍ وَلَا فَرْقَ فِي تَخْصِيصِ النِّيَّةِ لِلَّفْظِ الْعَامِّ وَتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ قَالُوا وَمِنْ قَوْلِهِ وَسَاوَتْ وَاوُ الْحَالِ مِنْ فَاعِلِ نَافَتْ أَيْ خَصَّصَتْ النِّيَّةُ الْمُنَافِيَةُ أَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَخَصَّصَتْ نِيَّةُ الْحَالِفِ إلَخْ) أَيْ قَصَرَتْ الْعَامَّ فَالْمَفْعُولُ لِخَصَّصَتْ مَحْذُوفٌ وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ وَقَيَّدَتْ أَيْ الْمُطْلَقَ فَمَفْعُولُ قَيَّدَتْ مَحْذُوفٌ وَخَرَجَ بِهِ أَسْمَاءُ الْعَدَدِ كُلِّهِ عَلَى عَشَرَةٍ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَقُولَ أَرَدْت تِسْعَةً وَهَذَا غَيْرُ قَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةً مَثَلًا وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَعَالَى فَيُمْتَنَعُ أَنْ تُسْتَعْمَلَ فِي غَيْرِ مَعْنَاهَا فَإِذَا حَلَفَ بِاَللَّهِ وَقَالَ أَرَدْت بِزَيْدٍ مِنْ بَابِ إطْلَاقِ الْفَاعِلِ عَلَى أَثَرِهِ لَمْ تُقْبَلْ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِمَا تَخْصِيصُ كَذَا فِي عب وَتَأَمَّلْ فَإِنَّ الْمُخَصَّصَ لَيْسَ مَجَازًا.
وَظَاهِرُ عِبَارَتِهِ أَنَّهُ مَجَازٌ (قَوْلُهُ إنْ نَافَتْ) أَصْلُهُ نَافَيَتْ تَحَرَّكَتْ الْيَاءُ وَانْفَتَحَ مَا قَبْلَهَا فَقُلِبَتْ أَلِفًا ثُمَّ حُذِفَتْ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ (قَوْلُهُ حَيْثُ إلَخْ) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّ إنْ نَافَتْ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَتَيْ التَّخْصِيصِ وَالتَّقْيِيدِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ أَيْ نَافَتْ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ التَّخْصِيصِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ حِلُّهُ وَأَمَّا الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ فَسَيَأْتِي آخِرَ الْعِبَارَةِ أَنَّهَا مُوَافِقَةٌ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ أَيْ فَهِيَ لَيْسَتْ مُخَالِفَةً لَا بِنَقْصٍ وَلَا بِزِيَادَةٍ وَقَوْلُهُ أَيْ مُخَالِفَةً بِنَقْصٍ أَيْ مُضَادَّةٌ حَالَةَ كَوْنِهَا مُلْتَبِسَةً بِنَقْصٍ كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا آكُلُ سَمْنًا وَيَنْوِي أَكْلَ سَمْنِ الْبَقَرِ فَهَذِهِ نِيَّةٌ مُضَادَّةٌ مُلْتَبِسَةٌ بِنَقْصٍ أَيْ بِإِخْرَاجِ شَيْءٍ مِنْ الْعَامِّ وَقَوْلُهُ حَالَ كَوْنِ قَصْدِ الْمُخَالَفَةِ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ حَالَةَ كَوْنِ وُجُودِهَا وَعَدَمِهَا عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ الْعِبَارَةِ رُجُوعُهُ أَيْ سَاوَتْ لِقَوْلِهِ وَخَصَّصَتْ أَيْ وَيُمَثَّلُ بِقَوْلِهِ كَلَا أَتَزَوَّجُ حَيَاتَهَا وَأَمَّا قَوْلُهُ كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَخْصِيصُ الْعَامِّ مَعَ الْمُنَافَاةِ الْمَذْكُورَةِ إلَّا أَنَّهُ لَيْسَ مُسَاوَاةً بَلْ قَرِيبٌ مِنْ الْمُسَاوَاةِ وَلِذَا كَانَ فِي الْأَوَّلِ يُقْبَلُ مُطْلَقًا فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ مَعَ الْمُرَافَعَةِ وَغَيْرِهَا بِخِلَافِ الثَّانِي.
(قَوْلُهُ حَالَ كَوْنِ إلَخْ) ظَاهِرُهُ أَيْضًا أَنَّ قَوْلَهُ وَسَاوَتْ مُتَعَلِّقٌ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ أَيْضًا وَفِي كَلَامِ بَعْضِ الْمُحَقِّقِينَ الْمُوَافِقِ لِلْمَنْقُولِ أَنَّهُ قَيْدٌ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ فَحَاصِلُهُ أَنَّ إنْ نَافَتْ قَيْدٌ فِي تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَقَوْلُهُ وَسَاوَتْ قَيْدٌ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَمَعْنَى الْمُسَاوَاةِ كَمَا فِي تَوْضِيحِهِ أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يَقْصِدَ بِاللَّفْظِ الصَّادِرَ مِنْهُ مَا نَوَاهُ وَأَنْ لَا يَقْصِدَ عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ قَالَ مُحَشِّي تت وَهَذَا يُتَصَوَّرُ فِي تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَتَعْيِينِ أَحَدِ مَحَامِلِ الْمُشْتَرَكِ وَقَالَ عَجَم ثُمَّ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ فِي الْمُسَاوَاةِ أَنْ يَحْتَمِلَ اللَّفْظُ مَا نَوَاهُ الْحَالِفُ وَغَيْرُهُ عَلَى السَّوَاءِ لُغَةً وَعُرْفًا فَلَوْ احْتَمَلَ ذَلِكَ لُغَةً وَكَانَ احْتِمَالُهُ فِي الْعُرْفِ لِلْمَعْنَى الْمَنْوِيِّ مَرْجُوحًا كَانَتْ النِّيَّةُ كَالْمُخَالَفَةِ قَرِيبَةً فَيُقْبَلُ إلَّا فِي الْقَضَاءِ فِي الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ كَمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ أَمَتَهُ وَنَوَى بِرِجْلِهِ فَإِنْ اسْتِعْمَالَ اللَّفْظِ فِي هَذَا مَرْجُوحٌ عُرْفًا وَالرَّاجِحُ اسْتِعْمَالُهُ فِي الْجِمَاعِ وَإِنْ كَانَ اسْتِعْمَالُ اللَّفْظِ فِيهِمَا لُغَةً عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ أَطْرَافِ الْكَلَامِ أَنَّ الْمُسَاوَاةَ تَكُونُ فِي الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ وَمَعَ وُجُودِهَا تَنْفَعُ النِّيَّةُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَعِنْدَ الْقَاضِي مُطْلَقًا وَمَعَ عَدَمِهَا فَمَعَ الْقُرْبِ تَنْفَعُ عِنْدَ الْمُفْتِي وَعِنْدَ الْقَاضِي فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ لَا فِيهِمَا عِنْدَهُ.
(قَوْلُهُ وَأَحْرَى لَوْ خَالَفَتْ بِزِيَادَةٍ) أَيْ فِي الِاعْتِبَارِ لَا فِي التَّخْصِيصِ وَالْإِطْلَاقِ الْمُحْدَثِ عَنْهُمَا وَقَوْلُهُ وَأَحْرَى لَوْ وَافَقَتْ ظَاهِرَ اللَّفْظِ أَيْ بِأَنْ لَمْ تَكُنْ مُخَالِفَةً لَا بِنَقْصٍ وَلَا بِزِيَادَةٍ وَهِيَ الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ وَالْمُبَيِّنَةُ لِإِجْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَكَانَ عَلَى الْمُصَنِّفِ أَنْ يَزِيدَ وَيَقُولَ وَبَيَّنَتْ إجْمَالَ الْمُشْتَرَكِ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ مُرَادَهُ بِتَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ مَا يَشْمَلُ تَبْيِينَ إجْمَالِ الْمُشْتَرَكِ وَقَوْلُهُ وَصُوَرُهُ إلَخْ فِيهِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ مَعَ مَا قَبْلَهُ.
(تَنْبِيهٌ) : لَا يَخْفَى أَنَّ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَنَافِيًا وَذَلِكَ لِأَنَّ قَوْلَهُ حَيْثُ كَانَتْ إلَخْ يُفِيدُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ بِنَقْصٍ تَكُونُ مُقَيِّدَةً لِلْمُطْلَقِ وَقَوْلُهُ وَأَحْرَى لَوْ وَافَقَتْ يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقَيِّدَةَ لِلْمُطْلَقِ لَمْ تَكُنْ مُخَالِفَةً بِنَقْصٍ بَلْ مُوَافِقَةً وَهَذَا هُوَ الْمُنَاسِبُ أَيْ النِّيَّةُ الْمُقَيِّدَةُ لِلْمُطْلَقِ لَا تَكُونُ أَبَدًا مُخَالِفَةً بِنَقْصٍ بَلْ مُوَافِقَةً (قَوْلُهُ قَالُوا وَإِلَخْ) أَقُولُ حَيْثُ عَلِمْت أَنَّ إنْ نَافَتْ رَاجِعٌ لِتَخْصِيصِ الْعَامِّ وَقَدْ جَعَلَ الشَّارِحُ قَوْلَهُ وَسَاوَتْ لِلْحَالِ يُعْلِمُ أَنَّ قَوْلَهُ وَسَاوَتْ قَاصِرًا عَلَى تَخْصِيصِ الْعَامِّ فَلَا يَجْرِي فِي الْمُطْلَقِ.
(تَنْبِيهٌ) : إذَا عَلِمْت مَا قَرَّرْنَاهُ مِنْ مَعْنَى الْمُنَافَاةِ هُوَ مَا يُفِيدُهُ الشَّارِحُ فِي قَوْلِهِ الْآتِي فَقَوْلُهُ كَسَمْنِ ضَأْنٍ مَعَ نِيَّةِ إخْرَاجِ غَيْرِهِ أَوَّلًا إلَى آخِرِ مَا سَيَأْتِي وَهُوَ مَا ذَهَبَ إلَيْهِ الْقَرَافِيُّ فِي فُرُوقِهِ وَذَخِيرَتِهِ حَيْثُ قَالَ الْحَالِفُ بِاللَّفْظِ الْعَامِّ إنْ أَرَادَ بَعْضَ أَفْرَادِهِ لَا يُلْتَفَتُ لِنِيَّتِهِ وَيُعْتَبَرُ عُمُومُ لَفْظِهِ لِأَنَّ هَذِهِ النِّيَّةَ مُؤَكَّدَةٌ وَإِنْ أَرَادَ إخْرَاجَ غَيْرِهِ اُعْتُبِرَتْ نِيَّتُهُ إذْ مِنْ شَرْطِ النِّيَّةِ الْمُخَصِّصَةِ أَنْ تَكُونَ مُنَافِيَةً لِمُقْتَضَى اللَّفْظِ قَالَ مُحَشِّي تت وَهُوَ بَعِيدٌ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ هُنَا وَفِي تَوْضِيحِهِ ثُمَّ ذَكَرَ مَا حَاصِلُهُ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ كَوْنُهُ يَقْصِدُ فَرْدًا مِنْ الْعَامِّ كَأَنْ يَحْلِفَ بِأَنَّهُ لَا يَأْكُلُ سَمْنًا وَيَنْوِي بِذَلِكَ سَمْنَ الضَّأْنِ وَإِنْ لَمْ يُلَاحِظْ إخْرَاجَ غَيْرِهِ أَوَّلًا فَخُلَاصَتُهُ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِغَيْرِ مَا نَوَى وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ ذَلِكَ أَنْ يَتَعَرَّضَ عِنْدَ نِيَّةِ مَا نَوَى مِنْ الْأَفْرَادِ إلَى إخْرَاجِ غَيْرِهِ فَلَوْ كَانَ مَا ذَكَرَهُ صَحِيحًا لَنَبَّهُوا عَلَيْهِ وَلِأَنَّ نِيَّةَ بَعْضِ الْأَفْرَادِ تَسْتَلْزِمُ إخْرَاجَ غَيْرِهِ فَلَا يَتَعَرَّضُ لِإِخْرَاجِهِ فَعَلَيْهِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ نَافَتْ عَلَى هَذَا بِمَعْنَى خَالَفَتْ وَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute