للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ سِلْعَةً فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَبَاعَهَا حَنِثَ وَلَا بِدَيْنٍ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَشْتَرِيَ عَبْدًا فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَاشْتَرَاهُ حَنِثَ اهـ (ص) إلَّا لِمُرَافَعَةٍ وَبَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ فَقَطْ (ش) هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ كَأَنْ خَالَفَتْ ظَاهِرَ لَفْظِهِ يَعْنِي أَنَّ النِّيَّةَ الْمُخَالِفَةَ لِظَاهِرِ لَفْظِهِ تُقْبَلُ مِمَّنْ ادَّعَاهَا فِي الْفَتْوَى مُطْلَقًا وَفِي الْقَضَاءِ إذَا كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِهِمَا وَرَفَعَ لِلْحَاكِمِ مَعَ بَيِّنَةٍ أَوْ إقْرَارٍ فَلَا تُقْبَلُ نِيَّتُهُ الْمُخَالِفَةُ لِظَاهِرِ اللَّفْظِ قَالُوا وَفِي قَوْلِهِ وَبَيِّنَةٌ بِمَعْنَى مَعَ قَوْلِهِ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ أَيْ إلَّا لِرَفْعٍ لِأَنَّ الرَّفْعَ مِنْ جَانِبِ غَيْرِهِ وَأَوْ فِي قَوْلِهِ أَوْ إقْرَارٍ لِلتَّنْوِيعِ وَقَوْلُهُ وَعِتْقٍ أَيْ مُعَيَّنٍ وَسَيَأْتِي هَذَا فِي قَوْلِهِ وَوَجَبَ بِالنَّذْرِ وَلَمْ يُقْضَ إلَّا بِبَتٍّ مُعَيَّنٍ وَالنَّذْرُ وَالْيَمِينُ سَوَاءٌ وَأَمَّا غَيْرُ الْمُعَيَّنِ فَتُقْبَلُ نِيَّتُهُ فِي تَعْيِينِهِ وَهَذَا إنَّمَا يَتَأَتَّى فِيمَا إذَا كَانَتْ لَهُ عَبِيدٌ.

(ص) أَوْ اسْتَحْلِفْ مُطْلَقًا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ (ش) يَعْنِي وَكَذَلِكَ لَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ إذَا كَانَ مُسْتَحْلَفًا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ لِأَنَّ الْيَمِينَ فِي ذَلِكَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ كَحَلِفِهِ عَلَى وَدِيعَةٍ أَنْكَرَهَا وَنَوَى حَاضِرَةً أَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى أَنْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا ثُمَّ تَسَرَّى حَبَشِيَّةً وَقَالَ نَوَيْت مِنْ غَيْرِ الْحَبَشِ أَوْ حَلَفَ لَيَقْضِيَنَّ غَرِيمَهُ إلَى أَجَلٍ فَمَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَقْضِهِ فَقَالَ الْحَالِفُ أَرَدْت وَاحِدَةً وَقَالَ الْمُحَلِّفُ إنَّمَا نَوَيْت الثَّلَاثَ فَالْعِبْرَةُ بِنِيَّةِ الْمُحَلِّفِ وَسَوَاءٌ كَانَ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ أَوْ بِغَيْرِهِ فِي الْفَتْوَى أَوْ الْقَضَاءِ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا أَوْ مُنَجَّزًا وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَكَذَا الْعِتْقُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِتْقُ كَامِلًا أَوْ مُبَعَّضًا أَوْ آيِلًا إلَيْهِ كَالتَّدْبِيرِ إذَا كَانَ فِي رَقَبَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ فِي غَيْرِهَا وَهَذَا مُرَادُهُ بِالْإِطْلَاقِ وَالْمُرَادُ بِالْوَثِيقَةِ التَّوَثُّقُ أَيْ قَطْعُ النِّزَاعِ فَكَأَنَّهُ اعْتَاضَ عَنْ حَقِّهِ هَذِهِ الْيَمِينَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَثِيقَةِ حَقِيقَتَهَا وَهِيَ الْوَرَقَةُ الْمُكْتَتَبُ فِيهَا وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ أَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ فِي غَيْرِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ اتِّفَاقًا وَفِي غَيْرِهَا عَلَى أَحَدِ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ وَأَفْهَمَ بِسِينِ الطَّلَبِ أَنَّهُ لَوْ طَاعَ بِالْيَمِينِ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ

ــ

[حاشية العدوي]

يَضْرِبُهُ إشَارَةً إلَى أَنَّهُ مِمَّنْ يَرَى أَنَّ كُلًّا مِنْ فَرْعَيْ التَّوْكِيلِ فِي الْبَيْعِ وَالشُّرْبِ حُكْمُهَا وَاحِدٌ خِلَافًا لِمَنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَالتَّفْرِقَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصِّهَا وَإِنْ حَلَفَ لَيَضْرِبُ عَبْدَهُ فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَضَرَبَهُ لَا يَبِرُّ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِنَفْسِهِ وَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ سِلْعَةً فَأَمَرَ غَيْرَهُ فَبَاعَهَا حَنِثَ وَلَا يَدِينُ.

(قَوْلُهُ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ) حَاصِلُهُ كَمَا قَالَ عج أَنَّهُ لَمْ يُنْكِرْ الْحَلِفَ لِأَنَّهُ إنْ أَنْكَرَ الْحَلِفَ وَجُلِبَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ لَمْ تَقْبَلْ نِيَّتُهُ تَخْصِيصَ الْعَامِّ وَتَقْيِيدَ الْمُطْلَقِ وَلَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ وَلَوْ كَانَتْ مُوَافِقَةً بَلْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ حَنِثَ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ نِيَّتَهُ تَنْفَعُهُ بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ أَنَّهُ حَنِثَ فِي حَلِفِهِ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ الْمُعَيَّنِ فَيُنْكِرَ الْحِنْثَ فَيُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً أَنَّهُ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ أَنَّهُ لَا يَقُولُ كَذَا أَوْ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا فِي وَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَفَعَلَهُ هَذَا ضِدُّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فَادَّعَى نِيَّةً تَنْفَعُهُ أَنْ لَوْ كَانَتْ يَمِينُهُ بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَبَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ إنَّمَا يُعْقَلُ كَوْنُ الْبَيِّنَةِ تَشْهَدُ بِالْحَلِفِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ إنَّمَا يَكُونُ بِالْحَلِفِ ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ مُرَافَعَةً يَقْتَضِي أَنَّهُ لَوْ ذَهَبَ لِلْقَاضِي مِنْ غَيْرِ رَفْعٍ وَذَكَرَ ذَلِكَ لِلْقَاضِي أَنَّهُ لَا يَكُونُ الْحُكْمُ كَذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مِنْ قَبِيلِ الْفَتْوَى لَا مِنْ بَابِ الْقَضَاءِ وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ وَالْمَوَّاقِ.

(قَوْلُهُ أَوْ اسْتَحْلَفَ إلَخْ) لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى مُرَافَعَةٍ لِأَنَّ هَذَا لَا يَخْتَصُّ بِالنِّيَّةِ الْمُخَالِفَةِ لِأَنَّهُ فِي الْمُخَالِفَةِ وَالْمُسَاوِيَةِ وَالْمُوَافِقَةِ وَلَيْسَ مِنْ بَابِ مَا لَا نِيَّةَ فِيهِ لِأَنَّ النِّيَّةَ مَوْجُودَةٌ لَكِنَّهَا نُزِّلَتْ مَنْزِلَةَ الْعَدَمِ وَلَا يَصِحُّ مِنْ جِهَةِ الْعَرَبِيَّةِ أَيْضًا لِأَنَّ الْفِعْلَ لَا يَصِحُّ عَطْفُهُ عَلَى اسْمٍ لَا يُشْبِهُ الْفِعْلَ فَيُجْعَلُ رَاجِعًا لِقَوْلِهِ وَخَصَّصَتْ وَقَيَّدَتْ أَيْ وَخَصَّصَتْ وَقَيَّدَتْ إلَّا لِمُرَافَعَةٍ وَخَصَّصَتْ وَقَيَّدَتْ إلَّا فِي اسْتِحْلَافٍ فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ إلَّا أَنَّ هَذَا يُخَالِفُهُ فِي الطِّخِّيخِيِّ فَإِنَّهُ قَالَ قَوْلُهُ أَوْ اسْتَحْلَفَ إلَخْ لَيْسَ هَذَا مِنْ تَقْيِيدِ الْمُطْلَقِ وَلَا مِنْ تَخْصِيصِ الْعَامِّ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُمَا لِإِفَادَةِ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ أَوْ عَقَدَ النِّكَاحَ عَلَى أَنْ لَا يَتَسَرَّى عَلَيْهَا) أَيْ وَحَلَفَ أَنَّهُ إنْ تَسَرَّى عَلَيْهَا فَهِيَ طَالِقٌ أَيْ فَالْمُرَادُ بِالْحَقِّ مَا يُطَالِبُ بِهِ دَيْنًا أَوْ وَدِيعَةً أَوْ تَعْلِيقًا لِزَوْجَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَقَالَ الْمُحَلِّفُ) أَيْ وَلَوْ كَانَ لَفْظُ الطَّلَاقِ الصَّادِرُ مِنْهُ يَقْتَضِي وَاحِدَةً.

(قَوْلُهُ كَانَ الطَّلَاقُ مُعَلَّقًا) كَأَنْ يَقُولَ زَوْجَتُهُ طَالِقٌ إنْ لَمْ أُوفِك رَأْسَ الشَّهْرِ فَيَقُولُ نَوَيْت وَاحِدَةً وَيَقُولَ الْمُحَلِّفُ إنَّمَا نَوَيْت أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ أَوْ مُنَجَّزًا كَأَنْ يَقُولَ عَلَيْهِ الطَّلَاقُ مَا لَهُ عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَيَقْصِدَ حَاضِرَةً (قَوْلُهُ وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ) أَيْ كَانَ الطَّلَاقُ طَلْقَةً وَاحِدَةً أَوْ أَكْثَرَ وَقَوْلُهُ أَوْ آيِلًا إلَيْهِ الْعِبَارَةُ فِيهَا حَذْفٌ وَالْقَدِيرُ مُنَجَّزًا أَوْ آيِلًا إلَيْهِ أَيْ التَّنْجِيزِ (قَوْلُهُ التَّوَثُّقُ) أَيْ قَطْعُ النِّزَاعِ فَالْمَعْنَى فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ أَيْ قَطْعُ نِزَاعٍ مُتَعَلِّقٍ بِحَقٍّ أَوْ أَنَّ الْمَعْنَى إلَّا فِي وَثِيقَةِ حَقٍّ أَيْ مُتَوَثِّقٍ فِيهِ وَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ حَقٍّ مُتَوَثِّقٍ فِيهِ أَيْ بِالْيَمِينِ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ اعْتَاضَ عَنْ حَقِّهِ) أَيْ كَأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ عِوَضُ حَقِّهِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ إلَخْ) أَيْ وَإِلَّا كَانَ الْكَلَامُ قَاصِرًا.

(قَوْلُهُ عَلَى أَحَدِ أَقْوَالٍ سِتَّةٍ) أَفَادَ ذَلِكَ عِبَارَةُ التَّوْضِيحِ وَنَصُّهُ الثَّانِي وَهُوَ الَّذِي لَا يَكُونُ عَلَى وَثِيقَةِ حَقٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِاَللَّهِ تَعَالَى أَوْ لَا فَإِنْ كَانَ بِاَللَّهِ تَعَالَى فَهِيَ عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَإِلَّا فَثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ أَنَّ الْيَمِينَ عَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ وَبِهِ قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ وَأَصْبَغُ وَعِيسَى وَالثَّانِي أَنَّهَا عَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ لِابْنِ الْمَاجِشُونِ وَسَحْنُونٍ إنْ كَانَ مُسْتَحْلَفًا فَعَلَى نِيَّةِ الْمَحْلُوفِ لَهُ وَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا فَعَلَى نِيَّةِ الْحَالِفِ وَخَصَّصَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْخِلَافَ بِمَا عَدَا الْيَمِينَ بِاَللَّهِ تَعَالَى وَهُوَ خِلَافُ طَرِيقَةِ صَاحِبِ الْمُقَدِّمَاتِ وَابْنُ زَرْقُونٍ فَإِنَّهُمَا عَمَّمَا الْخِلَافَ وَزَادَا قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ أَوَّلُهُمَا عَكْسُ الثَّالِثِ إنْ حَلَفَ مُتَطَوِّعًا فَالنِّيَّةُ نِيَّةُ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ لِأَجْلِهِ وَإِنْ اسْتَحْلَفَ فَلَهُ نِيَّتُهُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ لَهُ ثَانِيهمَا إنَّمَا يَفْتَرِقُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَحْلَفًا أَوْ مُتَطَوِّعًا بِهِ فِيمَا يُقْضَى بِهِ عَلَيْهِ وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَعَلَى نِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>