لِنَفْعِهِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ.
(ص) لَا إرَادَةُ مَيِّتَةٍ وَكَذِبٍ فِي طَالِقٍ وَحُرَّةٍ أَوْ حَرَامٍ وَإِنْ بِفَتْوَى (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَسِمَنٍ وَهُوَ إشَارَةٌ إلَى النِّيَّةِ الْمُخَالِفَةِ الْبَعِيدَةِ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ قَالَ امْرَأَتِي طَالِقٌ أَوْ أَمَتِي حُرَّةٌ وَقَالَ أَرَدْت امْرَأَتِي أَوْ أَمَتِي الْمَيِّتَةَ فَإِنَّ نِيَّتَهُ لَا تُقْبَلُ وَلَوْ فِي الْفَتْوَى، وَكَذَا إذَا قَالَ امْرَأَتِي حَرَامٌ وَقَالَ أَرَدْت أَنَّ كَذِبَهَا حَرَامٌ فَقَوْلُهُ وَكَذِبٍ عَطْفٌ عَلَى مَيِّتَةٍ وَالْعَامِلُ فِيهِمَا وَاحِدٌ وَقَوْلُهُ فِي طَالِقٍ وَحُرَّةٍ رَاجِعٌ إلَى مَيِّتَةٍ وَقَوْلُهُ وَحَرَامٌ رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ دَعْوَى الْكَذِبِ مِنْ بَابِ اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ أَيْ وَلَا يَصْدُقُ فِي إرَادَةِ الْمَيِّتَةِ فِي قَوْلِهِ امْرَأَتِي طَالِقٌ وَجَارِيَتِي حُرَّةٌ وَلَا فِي إرَادَةِ الْكَذِبِ فِي قَوْلِهِ أَنْتِ حَرَامٌ وَإِنْ بِفَتْوَى.
(ص) ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ (ش) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ أَوْ كَانَتْ وَنَسِيَ ضَبْطَهَا فَإِنَّهُ يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إلَى بِسَاطِ يَمِينِهِ وَهُوَ السَّبَبُ الْحَامِلُ عَلَى الْيَمِينِ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ تَخْصِيصٍ أَوْ تَقْيِيدٍ كَمَا يَعْمَلُ عَلَى النِّيَّةِ مِنْ بِرٍّ أَوْ حِنْثٍ فِيمَا يَنْوِي فِيهِ وَغَيْرِهِ وَلَيْسَ بِانْتِقَالٍ عَنْ النِّيَّةِ فِي الْحَقِيقَةِ إنَّمَا هُوَ مَظِنَّةٌ لَهَا وَتَحْوِيمٌ عَلَيْهَا بِحَيْثُ إذَا تَذَكَّرَهَا الْحَالِفُ وَجَدَهُ مُنَاسِبًا لَهَا وَعَطَفَهُ عَلَى النِّيَّةِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ تِلْكَ نِيَّةٌ صَرِيحَةٌ وَهَذِهِ نِيَّةٌ ضِمْنِيَّةٌ فَحَصَلَ التَّغَايُرُ.
. (ص) ثُمَّ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ (ش) أَيْ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْحَالِفِ نِيَّةٌ وَلَيْسَ ثُمَّ بِسَاطٌ تُحْمَلُ يَمِينُهُ عَلَيْهِ حُمِلَتْ عَلَى الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ لِأَنَّهُ غَالِبُ قَصْدِ الْحَالِفِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ قَوْلِيٌّ عَنْ الْفِعْلِيِّ فَلَيْسَ بِمُعْتَبَرٍ فِي هَذَا الْبَابِ مِثَالٌ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ اخْتِصَاصُ الْحَالِفِ لَا أَرْكَبُ دَابَّةً بِالْحِمَارِ دُونَ الْخَيْلِ وَنَحْوِهَا وَاخْتِصَاصُ الْمَمْلُوكِ بِالْأَبْيَضِ دُونَ غَيْرِهِ وَمِثَالُ الْفِعْلِيِّ إذَا حَلَفَ لَا آكُلُ خُبْزًا فَالْخُبْزُ اسْمٌ لِكُلِّ مَا يُخْبَزُ فِي عُرْفِهِمْ فَإِذَا كَانَ أَهْلُ تِلْكَ الْبَلْدَةِ لَا يَأْكُلُونَ إلَّا الشَّعِيرَ فَقَطْ فَأَكْلُ الشَّعِيرِ عِنْدَهُمْ عُرْفٌ فِعْلِيٌّ فَلَا يُعْتَبَرُ فَإِذَا أَكَلَ الْحَالِفُ خُبْزَ الْقَمْحِ حَنِثَ وَلَا يَكُونُ عُرْفُ أَهْلِ الْبَلَدِ الْفِعْلِيُّ مُخَصِّصًا قَوْلُهُ قَوْلِيٌّ أَيْ عُرْفٌ مَنْسُوبٌ لِلْقَوْلِ بِأَنْ يَكُونَ يَنْصَرِفُ إلَيْهِ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ بِحَسَبِ مُتَعَارَفِهِمْ فِي إطْلَاقِ أَقْوَالِهِمْ.
(ص) ثُمَّ مَقْصَدٌ لُغَوِيٌّ (ش) أَيْ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ اُعْتُبِرَ مُخَصِّصًا وَمُقَيِّدًا مَقْصَدٌ لُغَوِيٌّ أَيْ
ــ
[حاشية العدوي]
الْحَالِفِ رَوَاهُ أَصْبَغُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمَا تَقَدَّمَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لِلْحَالِفِ نِيَّتَهُ فِي الْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا.
قَوْلٌ سَادِسٌ (أَقُولُ) إذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَفِي غَيْرِهَا أَقُولُ سِتَّةٌ لَا يَظْهَرُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لَنَفَعَهُ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ) وَالْقَوْلُ الْآخَرُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ وَالرَّاجِحُ أَنَّهُ لَا يَنْفَعُ (قَوْلُهُ لَا إرَادَةٌ مَيِّتَةٌ إلَخْ) مَحَلُّ هَذَا مَا لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى صِدْقِهِ فِي دَعْوَى الْمَيِّتَةِ وَدَعْوَى الْكَذِبِ. وَاعْلَمْ أَنَّ مِثْلَ إرَادَةِ الْمَيِّتَةِ إرَادَةُ الْمُطَلَّقَةِ وَالْمُعْتَقَةِ وَإِلَّا فَيَعْمَلُ عَلَيْهَا إذَا كَانَ مَوْتُهَا قَبْلَ الْيَمِينِ وَأَمَّا لَوْ كَانَتْ حِينَ الْيَمِينِ حَيَّةً ثُمَّ مَاتَتْ بَعْدَ ذَلِكَ كَانَتْ مِنْ الْمُخَالَفَةِ الْقَرِيبَةِ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك.
(قَوْلُهُ ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ) كَمَا إذَا قِيلَ لَهُ أَنْتَ تُزَكِّي النَّاسَ بِشَيْءٍ تَأْخُذُهُ مِنْهُمْ فَحَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يُزَكِّي وَلَيْسَ لَهُ نِيَّةٌ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِلُزُومِ الزَّكَاةِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ بِالتَّزْكِيَةِ لَهُ وَكَذَا مَنْ حَلَفَ لَا يَأْخُذُ لَحْمًا لِزَحْمَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَحْنَثُ إذَا زَالَتْ تِلْكَ الزَّحْمَةُ وَاعْلَمْ أَنَّ الْوَاقِعَ لَا يَرْتَفِعُ بِالْبِسَاطِ فَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ بِالْفِعْلِ بِمُشَاجَرَةٍ حَصَلَتْ مِنْهَا ثُمَّ زَالَتْ تِلْكَ الْمُشَاجَرَةُ فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ بِسَاطًا كَمَا ذَكَرَهُ شَيْخُ شُيُوخِنَا.
(قَوْلُهُ فَيَعْمَلُ عَلَيْهِ مِنْ تَخْصِيصٍ أَوْ تَقْيِيدٍ) فِيهِ قُصُورٌ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا إذَا دَلَّ الْبِسَاطُ عَلَى التَّعْمِيمِ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ ثُمَّ بِسَاطُ يَمِينِهِ مَعْمُولًا لِفِعْلٍ مُقَدَّرٍ وَالْجُمْلَةُ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ خَصَّصَتْ أَيْ ثُمَّ اُعْتُبِرَ بِسَاطُ يَمِينِهِ وَالِاعْتِبَارُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ مِنْ تَخْصِيصٍ أَوْ تَعْمِيمٍ قَالَهُ الشَّيْخُ أَحْمَدُ وَمِثَالُ الْمُعَمَّمِ كَمَا إذَا امْتَنَّ عَلَيْهِ فَحَلَفَ لَا يَشْرَبُ لَهُ مَاءً فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِمَا يَنْتَفِعُ بِهِ وَلَوْ خَيْطًا.
(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ كَظَاهِرِ كَلَامِهِمْ اعْتِبَارُ الْبِسَاطِ وَلَوْ مَعَ مُرَافَعَةٍ فِي طَلَاقٍ وَعِتْقٍ مُعَيَّنٍ وَلَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ كَوْنِ الْحَلِفِ عِنْدَ وُجُودِ الْبِسَاطِ (قَوْلُهُ بِحَيْثُ إذَا تَذَكَّرَهَا الْحَالِفُ) أَيْ فِي حَالِ حُصُولِ الْبِسَاطِ.
(قَوْلُهُ ثُمَّ عُرْفٌ قَوْلِيٌّ) أَيْ عُرْفٌ عَامٌّ وَالشَّرْعِيُّ عُرْفٌ خَاصٌّ فَلَا إشْكَالَ بِأَنَّ الشَّرْعِيَّ دَاخِلٌ فِي الْعُرْفِ الْقَوْلِيِّ.
(قَوْلُهُ فَإِذَا كَانَ أَهْلُ تِلْكَ الْبَلَدِ لَا يَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ) أَيْ وَالْفَرْضُ أَنَّ لَفْظَ الْخُبْزِ يُطْلَقُ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ إلَّا أَنَّهُمْ لَا يَأْكُلُونَ الشَّعِيرَ وَأَمَّا إذَا كَانُوا لَا يُطْلِقُونَ اسْمَ الْخُبْزِ عَلَى خُبْزِ الشَّعِيرِ وَحَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ خُبْزَ فَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ خُبْزِ الشَّعِيرِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ عَدَمِ اعْتِبَارِ الْعُرْفِ الْفِعْلِيِّ تَبِعَ فِيهِ الْقَرَافِيُّ وَالتَّحْقِيقُ اعْتِبَارُهُ فَيُخَصِّصُ الْعَامَّ وَيُقَيَّدُ الْمُطْلَقَ كَمَا أَفَادَهُ الْبَاجِيُّ اُنْظُرْ مُحَشِّي تت.
(قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ إلَخْ) اعْتَرَضَ بِأَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الْمَقْصِدَ الشَّرْعِيَّ يُقَدَّمُ عَلَى اللُّغَوِيِّ وَعَلَى فَرْضِ التَّسْلِيمِ فَالْمَقْصِدُ الشَّرْعِيُّ إمَّا أَخَصُّ مِنْ اللُّغَوِيِّ وَهُوَ الْغَالِبُ أَوْ مُسَاوٍ كَمَا فِي الظُّلْمِ فَإِنَّهُ تَجَاوُزُ الْحَدِّ لُغَةً وَشَرْعًا وَحِينَئِذٍ فَيَشْكُلُ تَمْثِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ أَوْ لَا أُصَلِّي مَعَ قَوْلِهِ سَابِقًا وَكَمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَيَحْنَثُ بِالدُّعَاءِ فَإِنَّهُ يُثْبِتُ أَنَّ لِلصَّلَاةِ مَعْنًى لُغَوِيًّا وَقَوْلُهُ هُنَا ثُمَّ إنَّ عَدَمَ مَا ذُكِرَ يَقْتَضِي أَنْ لَا مَعْنَى لَهَا فِي الدُّعَاءِ وَأُجِيبَ بِجَوَابَيْنِ عَنْ قَوْلِنَا كُلُّ مَعْنًى شَرْعِيٍّ فَهُوَ بَعْضُ اللُّغَوِيِّ أَوْ مُسَاوٍ الْأَوَّلَ أَنَّهُ يُفْرَضُ فِي مِثْلِ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا لُغَةً الزِّيَادَةُ وَالزِّيَادَةُ لِمَا لَمْ يَكُنْ لَهَا ضَابِطٌ كَانَ الْمَعْنَى الْمَذْكُورُ كَالْعَدَمِ فَإِذَا قَالَ وَاَللَّهِ لَا أُزَكِّي وَلَمْ يَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالزَّكَاةِ الشَّرْعِيَّةِ لَا بِزِيَادَةِ مَالٍ أَوْ غَيْرِهِ كَعِلْمِ الثَّانِي يُفْرَضُ فِي مِثْلِ الْقِسْطَاسِ فَإِنَّهُ لَفْظٌ أَعْجَمِيٌّ اسْتَعْمَلَتْهُ الْعَرَبُ فِيمَا وُضِعَ لَهُ فِي غَيْرِ لُغَتِهِمْ عَلَى الْقَوْلِ بِوُقُوعِهِ فِي الْقُرْآنِ فَلَهُ مَدْلُولٌ شَرْعِيٌّ وَلَيْسَ لَهُ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالشَّرْعِيِّ مَا وَضَعَهُ الشَّارِعُ لَا مَا وَضَعَهُ أَهْلُ الشَّرْعِ فِيهِ.
فَإِذَا حَلَفَ لَا وَزْنَ بِالْقِسْطَاسِ فَيَحْنَثُ بِوَزْنِ الْمِيزَانِ إذْ هُوَ مَعْنَى الْمِيزَانِ فِي غَيْرِ لُغَةِ الْعَرَبِ وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ فِي مِثَالِ الصَّلَاةِ فَيُجَابُ بِأَنَّ تَمْثِيلَهُ أَوَّلًا ظَاهِرٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَقْصِدَ اللُّغَوِيَّ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَقْصِدِ الشَّرْعِيِّ وَتَمْثِيلُهُ ثَانِيًا بِاعْتِبَارِ أُنَاسٍ لَمْ يُعْهَدْ عِنْدَهُمْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيُّ لِلصَّلَاةِ فَكَانَ كَالْعَدَمِ وَيَكُونُ