للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ فَيُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ لُغَةً كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَرْكَبُ دَابَّةً وَلَيْسَ لِأَهْلِ بَلَدِهِ عُرْفٌ فِي الدَّابَّةِ بَلْ لَفْظُ الدَّابَّةِ عِنْدَهُمْ يُطْلَقُ عَلَى مَعْنَاهُ لُغَةً وَهُوَ كُلُّ مَا دَبَّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ حِينَئِذٍ بِرُكُوبِهِ وَلَوْ كَتِمْسَاحٍ، وَكَمَنْ حَلَفَ لَا يُصَلِّي فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالدُّعَاءِ إذْ هُوَ الصَّلَاةُ لُغَةً وَمَقْصَدٌ بِفَتْحِ الصَّادِ أَيْ ثَمَّ مَا يُقْصَدُ مِنْ اللُّغَةِ وَكَسْرِهَا وَإِنَّمَا قُدِّمَ الْعُرْفُ الْقَوْلِيُّ عَلَى الْمَقْصَدِ اللُّغَوِيِّ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْقَوْلِيَّ بِمَنْزِلَةِ النَّاسِخِ، وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ النَّاسِخَ يُقَدَّمُ عَلَى الْمَنْسُوخِ.

(ص) ثُمَّ شَرْعِيٌّ (ش) أَيْ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ خُصِّصَ وَقُيِّدَ مَقْصَدٌ شَرْعِيٌّ ابْنُ فَرْحُونٍ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ صَاحِبَ شَرْعٍ وَكَذَا إذَا كَانَ الْحَلِفُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ مِثْلَ أَنْ يَحْلِفَ لَيُصَلِّيَنَّ أَوْ لَا أُصَلِّي أَوْ لَيَتَوَضَّأَنَّ انْتَهَى.

وَلَمَّا فَرَغَ مِنْ مُقْتَضِيَاتِ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ مِنْ النِّيَّةِ وَمَا مَعَهَا شَرَعَ فِي فُرُوعٍ تُبْنَى عَلَى تِلْكَ الْأُصُولِ وَهِيَ فِي أَنْفُسِهَا أَيْضًا أُصُولٌ وَمِنْ قَاعِدَتِهِ غَالِبًا أَنَّهُ يَأْتِي بِالْبَاءِ لِلْحِنْثِ وَبِلَا لِعَدَمِهِ فَقَالَ (ص) وَحَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ بِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ سَرِقَةٍ (ش) يَعْنِي إذَا تَعَذَّرَ فِعْلُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ غَيْرَ مُؤَقَّتٍ وَفَرَّطَ حَتَّى تَعَذَّرَ حَنِثَ اتِّفَاقًا وَإِنْ بَادَرَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْفِعْلُ فَكَالْمُؤَقَّتِ وَالْمُؤَقَّتُ تَارَةً يَكُونُ تَعَذُّرُهُ عَقْلِيًّا كَمَوْتِ الْحَمَامِ الْمَحْلُوفِ بِذَبْحِهَا إذْ الذَّبْحُ مُتَعَذِّرٌ فِي الْمَيِّتِ فَلَا يَحْنَثُ وَتَارَةً يَكُونُ تَعَذُّرُهُ شَرْعِيًّا كَمَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ اللَّيْلَةَ زَوْجَتَهُ فَيَجِدُهَا حَائِضًا أَوْ لَيَبِيعَنَّ الْيَوْمَ الْجَارِيَةَ فَيَجِدُهَا حَامِلًا فَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَحْنَثُ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ خِلَافًا لِقَوْلِ سَحْنُونَ بِعَدَمِ الْحِنْثِ فِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ وَلِتَفْرِقَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ دِينَارٍ فِي مَسْأَلَةِ الْوَطْءِ بَيْنَ أَنْ يَمْضِيَ زَمَنٌ يُمْكِنُهُ فِيهِ الْوَطْءُ فَيَحْنَثُ أَوْ لَا فَلَا وَرَدَّ الْمُؤَلِّفُ عَلَيْهِمَا بِلَوْ وَتَارَةً يَكُونُ تَعَذُّرُهُ عَادِيًّا كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَذْبَحَنَّ الْحَمَامَةَ غَدًا فَسُرِقَتْ أَوْ غُصِبَتْ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ الْحِنْثُ وَقَوْلُهُ وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَيْ وَلَمْ يَفْعَلْ فَإِنْ وَطِئَ فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْقَوْلَيْنِ الْآتِيَةُ فِي قَوْلِهِ وَفِي بِرِّهِ فِي لَيَطَأَنَّهَا أَيْ اللَّيْلَةَ فَوَجَدَهَا حَائِضًا فَوَطِئَهَا قَوْلَانِ (ص) لَا بِكَمَوْتِ حَمَامٍ فِي لَيَذْبَحَنَّهُ (ش) أَيْ وَلَا يَحْنَثُ إذَا كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا كَمَوْتِ الْمَحْلُوفِ عَلَى ذَبْحِهِ وَوَقَّتَ أَوْ أَطْلَقَ وَبَادَرَ وَلَمْ يُفَرِّطْ أَمَّا إنْ كَانَ غَيْرَ مُوَقِّتٍ وَفَرَّطَ فَالْحِنْثُ وَالْكَافُ دَاخِلَةٌ عَلَى حَمَامٍ عَلَى قَاعِدَتِهِ كَمَا مَرَّ فِي قَوْلِهِ وَكَطِينِ مَطَرٍ مِنْ أَنَّهُ يُدْخِلُ الْكَافَ عَلَى الْمُضَافِ مَعَ أَنَّهَا فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُضَافِ إلَيْهِ وَيَحْتَمِلُ بَقَاؤُهَا عَلَى حَالَتِهَا لِيَدْخُلَ مَنْ حَلَفَ لَيَلْبِسَنَّ هَذَا الثَّوْبَ فِي هَذَا الْيَوْمِ وَأَخَذَهُ لِيَلْبَسَهُ فَخَلَعَهُ مِنْهُ آخَرُ وَحَرَقَهُ وَصَارَ رَمَادًا فَلَا حِنْثَ عَلَى الْحَالِفِ.

(ص) وَبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَجْرُورِ الْأَوَّلِ وَهُوَ قَوْلُهُ بِفَوْتٍ إلَخْ أَيْ وَكَذَلِكَ يَحْنَثُ الْحَالِفُ عَلَى حِنْثٍ مُطْلَقٍ بِالْعَزْمِ عَلَى فِعْلِ ضِدِّ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ كَوَاللَّهِ لَأَدْخُلَنَّ دَارَ زَيْدٍ أَوْ إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ فَأَنْتِ طَالِقٌ ثُمَّ يَنْوِي أَنَّهُ لَا يَدْخُلُهَا أَوْ لَا يَتَزَوَّجُ لِقَوْلِهِ فِي الظِّهَارِ وَبِعَدَمِ زَوَاجٍ فَعِنْدَهُ الْيَأْسُ أَوْ الْعَزِيمَةُ وَلَا يَحْنَثُ بِالْعَزْمِ عَلَى ضِدِّ مَا حَلَفَ فِي الْحِنْثِ الْمُؤَجَّلِ وَكَذَا فِي الْبِرِّ فَفِي تَعْمِيمِ الشَّارِحِ فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ لِلْحِنْثِ وَالْبِرِّ نَظَرٌ.

(ص) وَبِالنِّسْيَانِ إنْ أَطْلَقَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ ثُمَّ إنْ عُدِمَ مَا ذُكِرَ إمَّا حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَهَذَا.

(قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ الْمُتَكَلِّمُ صَاحِبَ شَرْعٍ) أَيْ صَاحِبَ الشَّرْعِ كَمَا فِي الْحَطَّابِ وَلَعَلَّهُ أَرَادَ بِهِ مُقَرِّرِي الشَّرْعِ كَالْعُلَمَاءِ وَقَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ أَيْ أَوْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ شَرْعٍ بِأَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُقَرِّرِينَ لِلشَّرْعِ إلَّا أَنَّ حَلِفَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ الشَّرْعِيَّاتِ (قَوْلُهُ أَوْ لَيَتَوَضَّأَنَّ) أَيْ أَوْ لَا يَتَوَضَّأُ.

(قَوْلُهُ مِنْ مُقْتَضِيَاتِ الْبِرِّ) بِكَسْرِ الضَّادِ (قَوْلُهُ أَوْ سَرِقَةٍ إلَخْ) إشَارَةٌ إلَى الْمَانِعِ الْعَادِيِّ وَانْظُرْ لِمَ عَدَلَ عَنْ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ أَوْ عَادِيٍّ لَا عَقْلِيٍّ وَكَأَنَّهُ تَبِعَ النَّصَّ فِي ذَلِكَ (قَوْلُهُ حَنِثَ اتِّفَاقًا) أَيْ وَلَوْ كَانَ الْمَانِعُ عَقْلِيًّا. وَاعْلَمْ أَنَّ التَّفْصِيلَ الْمَذْكُورَ فِي الْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ وَالشَّرْعِيِّ وَالْعَادِيِّ الَّذِي أَفَادَهُ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَانِعِ الطَّارِئِ بَعْدَ الْيَمِينِ وَأَمَّا إذَا تَقَدَّمَ فَلَا يَحْنَثُ بِالْمَانِعِ الْعَادِيِّ كَالْعَقْلِيِّ وَحَاصِلُ مَا فِي الْمَقَامِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ صُورَةً وَذَلِكَ أَنَّك تَقُولُ يَحْنَثُ بِالْمَانِعِ الشَّرْعِيِّ تَقَدَّمَ أَوْ تَأَخَّرَ أَقَّتَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ وَلَا حِنْثَ بِالْمَانِعِ الْعَقْلِيِّ إذَا تَقَدَّمَ أَقَّتَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَأَمَّا إنْ تَأَخَّرَ فَلَا حِنْثَ فِي ثَلَاثٍ وَهُوَ مَا إذَا أَقَّتَ أَمْ لَا أَوْ لَمْ يُؤَقِّتْ وَلَمْ يُفَرِّطْ فَإِذَا لَمْ يُؤَقِّتْ وَفَرَّطَ فَيَحْنَثُ وَأَمَّا الْمَانِعُ الْعَادِيُّ فَلَا حِنْثَ بِالْمُتَقَدِّمِ فَرَّطَ أَوْ لَا أَقَّتَ أَوْ لَا فَهَذِهِ أَرْبَعَةٌ وَيَحْنَثُ بِالْمُتَأَخِّرِ أَقَّتَ أَمْ لَا فَرَّطَ أَمْ لَا وَلَا يَخْفَى مَا فِي التَّقْسِيمِ مِنْ التَّسَامُحِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا كَانَ الْمَانِعُ مُتَقَدِّمًا إلَى الْيَمِينِ فَلَا يَتَأَتَّى تَفْرِيطٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ بَادَرَ وَلَمْ يُمْكِنْهُ الْفِعْلُ فَكَالْمُؤَقَّتِ) إلَّا أَنَّهُ تَتَأَتَّى الْمُخَالَفَةُ فَكَالْمُؤَقَّتِ إلَّا أَنَّهُ تَتَأَتَّى الْمُخَالَفَةُ فِي الْجُمْلَةِ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ وَهُوَ أَنَّهُ فِي الْحِنْثِ الْمُطْلَقِ إذَا حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ وَكَانَ الْمَانِعُ شَرْعِيًّا وَيَزُولُ عَنْ قُرْبٍ كَمَا إذَا حَلَفَ لَيَطَأَنَّ الزَّوْجَةَ وَأَطْلَقَ فِي يَمِينِهِ ثُمَّ حَصَلَ حَيْضٌ فَإِنَّهُ يَبِرُّ بِوَطْئِهَا بَعْدَ زَوَالِ ذَلِكَ الْحَيْضِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ فَخَلَعَهُ مِنْهُ آخَرُ) أَيْ نَزَعَهُ.

(قَوْلُهُ وَبِعَزْمِهِ عَلَى ضِدِّهِ) مُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عَدَمُ الْحِنْثِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَدْ قَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَحْنَثُ بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ وَاَلَّذِي فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ لَمْ أَتَزَوَّجْ عَلَيْك فَأَرَادَ أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلْيُطَلِّقْهَا طَلْقَةً وَاحِدَةً ثُمَّ يَرْتَجِعْهَا فَيَزُولُ يَمِينُهُ وَلَوْ ضَرَبَ أَجَلًا كَانَ عَلَى بِرٍّ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَحْنَثَ نَفْسَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ وَإِنَّمَا يَحْنَثُ إذَا مَضَى الْأَجَلُ وَلَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ اهـ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ الْعَزْمِ قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا وَإِذَا كَانَ لَا يَحْنَثُ بِالْعَزْمِ فِي الطَّلَاقِ فَأَوْلَى الْيَمِينُ بِاَللَّهِ.

(قَوْلُهُ وَبِالنِّسْيَانِ إنْ أَطْلَقَ) أَيْ فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَأَمَّا إنْ قَيَّدَ فَقَالَ لَا أَفْعَلُ كَذَا عَمْدًا فَلَا حِنْثَ بِالنِّسْيَانِ اتِّفَاقًا وَأَمَّا لَوْ قَالَ لَا أَفْعَلُهُ عَمْدًا وَلَا نِسْيَانًا فَالْحِنْثُ اتِّفَاقًا فَالشَّرْطُ لَهُ مَفْهُومَانِ مُوَافَقَةٌ وَمُخَالَفَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>