للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي السُّفُنِ أَوْ فِي الْحِصْنِ لَكِنْ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَوَّلِ وَبِالِاتِّفَاقِ فِي الثَّانِي. وَأَمَّا الذُّرِّيَّةُ فَإِنَّهَا لَا تُرَاعَى فِي السُّفُنِ وَتُرَاعَى فِي الْحِصْنِ وَالْفَرْقُ الْعُمُومُ فِيهِ دُونَهَا وَقَوْلُهُ وَبِالْحِصْنِ مَعْطُوفٌ عَلَى مُقَدَّرٍ أَيْ قُوتِلُوا فِي غَيْرِ الْحِصْنِ وَبِالْحِصْنِ وَأَتَى بِهِ مُعَرَّفًا تَنْبِيهًا عَلَى خُرُوجِهِ مِنْ حَيِّزِ الْمُبَالَغَةِ.

(ص) وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ تُرِكُوا إلَّا لِخَوْفٍ وَبِمُسْلِمٍ لَمْ يَقْصِدْ التُّرْسَ إنْ لَمْ يُخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَدُوَّ إذَا تَتَرَّسُوا بِذَرَارِيِّهِمْ أَوْ بِنِسَائِهِمْ بِأَنْ جَعَلُوهُمْ تُرْسًا يَتَّقُونَ بِهِمْ فَإِنَّهُمْ يُتْرَكُوا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ إلَّا أَنْ يُخَافَ مِنْهُمْ فَيُقَاتَلُوا حِينَئِذٍ، وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ فَإِنَّهُمْ يُقَاتَلُونَ وَلَا يُقْصَدُ التُّرْسُ بِالرَّمْيِ، وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا؛ لِأَنَّ دَمَ الْمُسْلِمِ لَا يُبَاحُ بِالْخَوْفِ عَلَى النَّفْسِ إلَّا أَنْ يُخَافَ مِنْهُمْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ فَيَسْقُطُ حِينَئِذٍ حُرْمَةُ التُّرْسِ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْجَوَاهِرِ قُيُودًا زَائِدَةً حَيْثُ قَالَ إذَا تَتَرَّسُوا بِهِمْ فِي الصَّفِّ، وَلَوْ تَرَكْنَاهُمْ لَانْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَعَظُمَ الشَّرُّ وَخِيفَ اسْتِئْصَالُ قَاعِدَةِ الْإِسْلَامِ وَجُمْهُورِهِمْ وَأَهْلِ الْقُوَّةِ مِنْهُمْ وَجَبَ الدَّفْعُ وَسَقَطَ مُرَاعَاةُ التُّرْسِ انْتَهَى، وَلَوْ أَبْدَلَ أَكْثَرَ بِجُلِّ لَكَانَ أَخْصَرَ.

(ص) وَحَرُمَ نَبْلُ سُمٍّ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي مَمْنُوعَاتِ الْجِهَادِ بَعْدَ ذِكْرِ جَائِزٍ أَنَّهُ يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمِينَ يَحْرُمُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَرْمُوا الْعَدُوَّ بِنَبْلٍ أَوْ بِرُمْحٍ مَسْمُومٍ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُعَادَ عَلَيْهِمْ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى وَاَلَّذِي فِي النَّوَادِرِ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ وَحَمَلَهَا الْمُؤَلِّفُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَكَرِهَ سَحْنُونَ جَعْلَ السُّمِّ فِي قِلَالِ الْخَمْرِ لِيَشْرَبَهَا الْعَدُوُّ.

(ص) وَاسْتِعَانَةٌ بِمُشْرِكٍ إلَّا لِخِدْمَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْنَا أَنْ نَسْتَعِينَ بِكَافِرٍ فِي الْجِهَادِ إلَّا أَنْ يَكُونَ خَادِمًا لَنَا فِي هَدْمٍ أَوْ حَفْرٍ أَوْ رَمْيِ مَنْجَنِيقٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَالسِّينُ لِلطَّلَبِ فَالْمَمْنُوعُ طَلَبُ إعَانَتِهِمْ وَحِينَئِذٍ فَمَنْ خَرَجَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ لَا يَحْرُمُ عَلَيْنَا مُعَاوَنَتُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ سَمَاعِ يَحْيَى خِلَافًا لِأَصْبَغَ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ لَكِنْ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي الْأَوَّلِ) لَعَلَّ جَرْيَ الْخِلَافِ أَنَّهُ يُمْكِنُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَهْرُبَ فِي الْبَحْرِ فَلَا يَلْحَقُهُ ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحِصْنِ.

(قَوْلُهُ الْعُمُومُ فِيهِ دُونَهَا) أَيْ؛ لِأَنَّ شَأْنَ الذُّرِّيَّةِ أَنْ تَكُونَ فِيهِ بِخِلَافِ السُّفُنِ فَيَقِلُّ ذَلِكَ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ الْعُمُومُ فِي الْحِصْنِ اسْتِئْصَالٌ فَيُقْتَلُ جَمِيعُ الذُّرِّيَّةِ بِخِلَافِ الْحِصْنِ.

(قَوْلُهُ إلَّا لِخَوْفٍ) ، وَإِنْ قَلَّ الْخَوْفُ (قَوْلُهُ وَبِمُسْلِمٍ لَمْ يَقْصِدْ التُّرْسَ إنْ لَمْ يُخَفْ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَوْ خِيفَ عَلَى أَقَلِّهِمْ أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ وَإِنَّمَا تُرِكُوا إذَا تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ وَقُتِلُوا إنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ وَلَمْ يَقْصِدْ التُّرْسَ عِنْدَ الرَّمْيِ مَعَ أَنَّ الْمُسْلِمَ أَشْرَفُ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ؛ لِأَنَّ نُفُوسَ أَهْلِ الْإِسْلَامِ جُبِلَتْ عَلَى بُغْضِ أَهْلِ الْكُفْرِ فَلَوْ أُبِيحَ قِتَالُهُمْ بِتَتَرُّسِهِمْ بِذُرِّيَّتِهِمْ مَعَ عَدَمِ قَصْدِ التُّرْسِ لَرُبَّمَا أَدَّى ذَلِكَ لِقَتْلِ ذُرِّيَّتِهِمْ لِعَدَمِ تَحَفُّظِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُ لِبُغْضِهِمْ وَلَا كَذَلِكَ إذَا تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمِينَ قَالَهُ الْبَرْمُونِيُّ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ يَجُوزُ قِتَالُهُمْ حَالَ تَتَرُّسِهِمْ بِالْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ خَوْفٌ أَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ وَالْجَوَاهِرِ إذْ قَوْلُهُ بِمُسْلِمٍ إلَخْ صَادِقٌ بِعَدَمِ الْخَوْفِ مِنْ أَصْلِهِ وَبِخَوْفٍ يَسِيرٍ بِدَلِيلِ الشَّرْطِ بَعْدَهُ وَالِاسْتِثْنَاءُ قَبْلَهُ خِلَافُ قَوْلِ الشَّيْخِ أَحْمَدَ فَإِنَّهُ حَمَلَ قَوْلَهُ وَبِمُسْلِمٍ عَلَى مَا إذَا خِيفَ مِنْهُمْ، وَلَوْ أَبْدَلَ أَكْثَرَ بِجُلٍّ لَكَانَ أَخْصَرَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا خِيفَ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ فَيُقَاتَلُونَ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ أَوْ بِذُرِّيَّةٍ وَلَا يُعْتَبَرُ فِيهَا عَدَمُ قَصْدِ التُّرْسِ ثَانِيهَا أَنْ يَحْصُلَ الْخَوْفُ مِنْهُمْ لَكِنَّهُ دُونَ الْأَوَّلِ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يُقَاتَلُونَ وَلَا يُقْصَدُ التُّرْسُ الْمُسْلِمُ، وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ لَمْ يُعْتَبَرْ ذَلِكَ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ يَكُونُ الْمُسْلِمُ أَشَدَّ حُرْمَةً مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ ثَالِثُهَا أَنْ لَا يُخَافَ مِنْهُمْ أَصْلًا، فَإِنْ تَتَرَّسُوا بِمُسْلِمٍ فَلَا يُقْصَدُ التُّرْسُ، وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ تُرِكُوا (قَوْلُهُ قَاعِدَةُ الْإِسْلَامِ) أَيْ قَاعِدَةٌ هِيَ الْإِسْلَامُ أَوْ أَرَادَ بِالْقَاعِدَةِ أَهْلَ الْإِسْلَامِ وَقَوْلُهُ وَجُمْهُورُهُمْ عَطْفُ تَفْسِيرٍ.

(تَنْبِيهٌ) : أَشْعَرَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ بِمُسْلِمٍ أَنَّهُمْ لَوْ تَتَرَّسُوا بِمَالِهِ لَمْ يُتْرَكُوا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَضْمَنُ مَنْ رَمَاهُمْ بِالنَّارِ قِيمَتَهُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ رَمْيُهُمْ بِهَا، وَلَوْ تَتَرَّسُوا بِنَبِيٍّ يُسْأَلُ ذَلِكَ النَّبِيُّ مِنْ شَرْحِ عب (قَوْلُهُ وَجُمْهُورُهُمْ) لَا يَخْفَى أَنَّ اسْتِئْصَالَ جُمْهُورِهِمْ الَّذِي هُوَ أَكْثَرُ الْمُسْلِمِينَ يَتَضَمَّنُ عِظَمَ الشَّرِّ وَانْهِزَامَ الْمُسْلِمِينَ وَخَوْفَ اسْتِئْصَالِ قَاعِدَةِ الْإِسْلَامِ وَأَهْلِ الْقُوَّةِ مِنْهُمْ فَرَجَعَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ لِكَلَامِ الْجَوَاهِرِ وَانْظُرْ مَا الْمُرَادُ بِالْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ اُعْتُبِرَ الْخَوْفُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ هَلْ هُمْ الْمُقَاتِلُونَ لِلْكَفَّارِ دُونَ الْمُتَتَرِّسِينَ بِهِمْ أَوْ هُمْ الْمُقَاتِلُونَ وَالْمُتَتَرَّسُونَ وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِمْ الْمَوْجُودِينَ فِي ذَلِكَ الْعَصْرِ أَوْ الْإِقْلِيمِ. وَكَلَامُ الْمَوَّاقِ يَدُلُّ عَلَى الْأَوَّلِ وَجَزَمَ بِهِ بَعْضُ الشُّيُوخِ كَمَا أَفَادَهُ فِي ك فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَقَوْلُهُ، وَإِنْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا الْمُرَادُ الْجِنْسُ أَيْ جِنْسُ أَنْفُسِنَا الْمُتَحَقِّقُ فِي بَعْضِ الْجَيْشِ.

(قَوْلُهُ بَعْدَ ذِكْرِ جَائِزٍ أَنَّهُ) الْمُتَعَلِّقَةُ بِآلَةِ الْمُقَاتِلَةِ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى) هَذِهِ الْعِلَّةُ لَا تُنْتِجُ الْحُرْمَةَ بَلْ تُنْتِجُ مُطْلَقَ النَّهْيِ الَّذِي تَتَضَمَّنَهُ الْحُرْمَةُ فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِبَعْضِ الْمُدَّعَى إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّ ظَاهِرَ الْمُصَنِّفِ حُرْمَةُ ذَلِكَ، وَلَوْ رَمَوْنَا بِهِ قَبْلُ، وَقَوْلُهُ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُعَادَ عَلَيْهِمْ مَوْجُودَةٌ مَعَ ذَلِكَ أَيْضًا (قَوْلُهُ وَكَرِهَ سَحْنُونَ) وَالْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا، وَلَوْ كَانَ الْقَتْلُ بِذَلِكَ فِيهِ مُثْلَةٌ لِجَوَازِهَا قَبْلَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِمْ وَحُرْمَةُ الْمُثْلَةِ الْآتِيَةِ خَاصَّةٌ بِمَا بَعْدَ الْقُدْرَةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْقِلَالِ وَالنَّبْلِ أَنَّ قِلَالَ الْخَمْرِ إذَا رَجَعَتْ إلَيْنَا تُعْرَفُ بِخِلَافِ النَّبْلِ.

(قَوْلُهُ أَنْ نَسْتَعِينَ بِكَافِرٍ فِي الْجِهَادِ) فَإِذَا اخْتَلَطُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي طَوَائِفِهِمْ وَسَرَايَاهُمْ وَأَذِنَ لَهُمْ الْإِمَامُ فَأَصَابُوا قَسَّمَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُسْلِمِينَ فَمَالُهُمْ لَا يُخَمَّسُ، وَإِنْ خَرَجُوا وَحْدَهُمْ فَمَا أَصَابُوا فَهُوَ لَهُمْ وَلَا يُخَمَّسُ، فَإِنْ حَكَّمُوا مُسْلِمًا لِيَقْسِمَ بَيْنَهُمْ فَلْيَقْسِمْ عَلَى حُكْمِ الْإِسْلَامِ وَإِلَّا فَأَمْرُهُمْ لِأَسَاقِفَتِهِمْ (قَوْلُهُ أَوْ رَمْيُ مَنْجَنِيقٍ) قَدْ يُقَالُ هَذَا اسْتِعَانَةٌ فِي الْقِتَالِ لَا فِي الْخِدْمَةِ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِأَصْبَغَ) فَهُوَ ضَعِيفٌ أَيْ كَلَامُ أَصْبَغَ فَإِنَّهُ قَالَ يُمْنَعُ أَشَدَّ الْمَنْعِ فَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِيَهُودِيٍّ تَبِعَهُ ارْجِعْ لَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ»

<<  <  ج: ص:  >  >>