دَبَّرَهُ فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ عَتَقَ مِنْ ثُلُثِهِ إنْ حَمَلَهُ الثُّلُثَ وَلَا يَتْبَعُهُ الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يَمْلِكُ مِنْهُ الْمَنْفَعَةَ فَقَطْ فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ الثُّلُثَ إلَّا بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يُرَقُّ بَاقِيهِ لِهَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا الْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ فَإِنَّهُ يَخْدُمُ هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ إلَى الْأَجَلِ الَّذِي عَلَّقَ عِتْقَهُ عَلَيْهِ فَإِذَا جَاءَ الْأَجَلُ عَتَقَ وَلَا يَتْبَعُهُ هَذَا الَّذِي أَسْلَمَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَمْلِكُ مِنْهُ الْخِدْمَةَ فَقَطْ كَالْمُدَبَّرِ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَا يُتْبَعُونَ بِشَيْءٍ) فَالضَّمِيرُ يَرْجِعُ لِلْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَلِلْمُدَبَّرِ وَلِلْحُرِّ الْمُسْلِمِ الَّذِي يُنْزَعُ مِمَّنْ أَسْلَمَ عَلَيْهِ مَجَّانًا نَصَّ عَلَى ذَلِكَ اللَّخْمِيُّ وَسَحْنُونٌ وَبِعِبَارَةٍ وَمَعْنَى قَوْلِهِ وَلَا يُتْبَعُونَ بِشَيْءٍ حَيْثُ كَانَ الْحَرْبِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ عَاوَضَ عَلَى مَنْ ذُكِرَ بِشِرَاءٍ أَوْ نَحْوِهِ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ وَلَا يُتْبَعُونَ بِشَيْءٍ. وَأَمَّا الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ إذَا أَدَّى الْكِتَابَةَ عَتَقَ وَوَلَاؤُهُ لِسَيِّدِهِ الَّذِي عَقَدَ كِتَابَتَهُ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّهَا رَقَّ لِهَذَا الَّذِي أَسْلَمَ عَلَيْهِ وَلِوُضُوحِ أَمْرِ الْمُكَاتَبِ لَمْ يَذْكُرْهُ الْمُؤَلِّفُ.
(ص) وَلَا خِيَارَ لِلْوَارِثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ سَيِّدَ الْمُدَبَّرِ إذَا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ الْمُدَبَّرَ أَوْ بَعْضَهُ فَإِنَّهُ يَرِقُّ مُقَابِلَ الدَّيْنِ لِلْمُسْتَأْمَنِ وَكَذَا إنْ لَمْ يَتْرُكْ سَيِّدُهُ غَيْرَهُ عَتَقَ ثُلُثُهُ فَقَطْ وَرَقَّ بَاقِيهِ لِلْمُسْتَأْمَنِ لِتَقَدُّمِ حَقِّهِ عَلَى أَرْبَابِ الدُّيُونِ فِيمَا يَسْتَغْرِقُهُ دُيُونُهُمْ فَهُوَ أَوْلَى بِهِ وَلَا خِيَارَ لِوَارِثِ السَّيِّدِ فِيمَا رَقَّ مِنْهُ بَيْنَ إسْلَامِهِ لِلْمُسْتَأْمَنِ أَوْ أَخْذِهِ وَدَفْعِ قِيمَتِهِ لَهُ.
(ص) وَحُدَّ زَانٍ وَسَارِقٌ إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْغَنِيمَةَ إذَا حِيزَتْ وَصَارَتْ بَيْنَ أَيْدِي الْمُجَاهِدِينَ ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمْ سَرَقَ مِنْهَا نِصَابًا كَانَ دُونَ حَقِّهِ أَوْ مُسَاوِيًا أَوْ فَوْقَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ عَلَى الْمَذْهَبِ لِضَعْفِ الشُّبْهَةِ هُنَا فَلَمْ تَدْرَأْ الْحَدَّ، وَكَذَلِكَ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ حَرْبِيَّةٍ أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ فَإِنَّهُ يُحَدُّ قَلَّ الْجَيْشُ أَوْ كَثُرَ عَلَى الْمَشْهُورِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ أَنَّهُ لَوْ سَرَقَ قَبْلَ حَوْزِ الْغَنِيمَةِ فَإِنَّهُ لَا يُقْطَعُ فَقَوْلُهُ إنْ حِيزَ الْمَغْنَمُ رَاجِعٌ لِلسَّرِقَةِ فَقَطْ؛ لِأَنَّ السَّرِقَةَ اُعْتُبِرَ فِيهَا الْحَوْزُ وَحَوْزُ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ.
وَلَمَّا كَانَتْ أَمْوَالُ الْكُفَّارِ الْمَأْخُوذَةُ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ أَقْسَامٍ كَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا مُلِكَ مِنْ مَالِ الْكَافِرِ غَنِيمَةٌ وَمُخْتَصٌّ وَفَيْءٌ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَى الْأَخِيرَيْنِ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي الْغَنِيمَةِ فَأَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ كَمِصْرِ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ) وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَرْضَ الْمَفْتُوحَ بَلَدُهَا عَنْوَةً تَصِيرُ وَقْفًا لِلْمُسْلِمِينَ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى حُكْمٍ عَلَى الْمُعْتَمَدِ وَلَا تُقَسَّمُ بَيْنَ الْجَيْشِ كَغَيْرِهَا مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ لِفِعْلِ عُمَرَ فِي أَرْضِ مِصْرَ وَالشَّامِ وَالْعِرَاقِ مَالِكٌ بَلَغَنِي أَنَّ بِلَالًا وَأَصْحَابَهُ سَأَلُوا عُمَرَ فِي قَسْمِ الْأَرْضِ الْمَأْخُوذَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ) وَانْظُرْ إذَا عَلِمَ كَوْنَهُ مُدَبَّرًا وَلَمْ يَعْلَمْ سَيِّدُهُ أَوْ عَلِمَ وَلَمْ يَعْلَمْ مَوْتَهُ وَيَنْبَغِي أَنْ يَبْقَى بِيَدِ مَنْ أَسْلَمَ إلَى مُضِيِّ مُدَّةِ تَعْمِيرِ سَيِّدِهِ مَعَ تَقْدِيرِ كَوْنِ سِنِّهِ وَسَطًا ثُمَّ يَخْرُجُ حُرًّا ذَكَرَهُ فِي ك (قَوْلُهُ وَإِلَّا فَلَا مَعْنَى إلَخْ) بَلْ لَهُ مَعْنَى وَهُوَ الرَّدُّ عَلَى الْمُقَابِلِ وَهُوَ ابْنُ شَعْبَانَ وَأَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ فَإِنَّهُمَا قَائِلَانِ بِأَنَّ الْحُرَّ الْمُسْلِمَ يُسْتَرَقُّ وَعَلَى الْأَوَّلِ يَأْخُذُ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ أَبُو إبْرَاهِيمَ الْأَنْدَلُسِيُّ بِعِوَضٍ.
(قَوْلُهُ لِلْمُسْتَأْمَنِ) الْأَوْلَى لِلَّذِي أَسْلَمَ.
(قَوْلُهُ: فَإِنْ يَقْطَعْ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ إنْ سَرَقَ فَوْقَ حَقِّهِ نِصَابًا (قَوْلُهُ إذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ حَرْبِيَّةٍ) أَيْ لَمْ يَغْتَنِمْهَا وَقَوْلُهُ أَوْ ذَاتُ مَغْنَمٍ حَرْبِيَّةٍ غَنِمْنَاهَا (قَوْلُهُ عَلَى الْمَشْهُورِ) يُتَبَادَرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِلتَّعْمِيمِ وَأَنَّ هُنَاكَ مَفْصِلًا بَيْنَ كَثْرَةِ الْجَيْشِ وَقِلَّتِهِ فَيُحَدُّ إذَا كَثُرَ الْجَيْشُ وَلَا يُحَدُّ إذَا قَلَّ.
(قَوْلُهُ غَنِيمَةٌ وَفَيْءٌ وَمُخْتَصٌّ) قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ عَرَفَةَ الْغَنِيمَةُ مَا كَانَ بِقِتَالٍ أَوْ بِحَيْثُ يُقَاتَلُ عَلَيْهَا اهـ قَوْلُهُ مَا كَانَ بِقِتَالٍ أَيْ مَا مُلِكَ بِقِتَالٍ احْتِرَازًا مِمَّا مُلِكَ بِشِرَاءٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَقَوْلُهُ أَوْ بِحَيْثُ يُقَاتَلُ عَلَيْهَا لِيَدْخُلَ بِهِ مَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ أَوْ قَبْلَهُ، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ نُزُولِ الْجَيْشِ فَهُوَ غَنِيمَةٌ وَمَا انْجَلَى عَنْهُ أَهْلُهُ قَبْلَ خُرُوجِ الْجَيْشِ فَهُوَ فَيْءٌ وَصَرَّحَ الْبَاجِيُّ بِأَنَّهُ مَا انْجَلَى بَعْدَ خُرُوجِ الْجَيْشِ وَقَبْلَ نُزُولِ بَلَدِ الْعَدُوِّ وَالْمُخْتَصُّ بِأَخْذِهِ مَعْنَاهُ وَالْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْ كَافِرٍ الْمُسَمَّى بِالْمُخْتَصِّ يَأْخُذُهُ وَلَا يُسَمَّى غَنِيمَةً وَلَا فَيْئًا مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ غَيْرِ مُؤَمَّنٍ دُونَ عِلْمِهِ أَوْ كُرْهًا دُونَ صُلْحٍ وَلَا قِتَالِ مُسْلِمٍ وَلَا قَصَدَهُ بِخُرُوجٍ إلَيْهِ مُطْلَقًا عَلَى رَأْيٍ أَوْ بِزِيَادَةٍ مِنْ أَحْرَارِ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ عَلَى رَأْيِ قَوْلِهِ مَا أُخِذَ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ يَشْمَلُ الْغَنِيمَةَ وَغَيْرَهَا وَقَوْلُهُ غَيْرُ مُؤَمَّنٍ لِيُخْرِجَ بِهِ مَا أُخِذَ مِنْ الْمُسْتَأْمَنِ، وَقَوْلُهُ دُونَ عِلْمِهِ اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا وَهَبَهُ الْحَرْبِيُّ وَقَوْلُهُ أَوْ كُرْهًا يَعُمُّ الصُّلْحَ وَغَيْرَهُ فَأَخْرَجَ بِهِ الْمُصَالَحِينَ بِقَوْلِهِ دُونَ صُلْحٍ.
وَقَوْلُهُ وَلَا قِتَالٍ أَخْرَجَ بِهِ الْغَنِيمَةَ؛ لِأَنَّهَا لِأَجْلِ الْقِتَالِ وَقَوْلُهُ وَلَا قَصَدَهُ أَخْرَجَ بِهِ إذَا كَانَ الْمَالُ بِحَيْثُ يُقَاتَلُ عَلَيْهِ فَإِذَا قَصَدَ الْقِتَالَ أَوْ انْجَلَى أَهْلُ الْمَالِ فَلَا يَخْتَصُّ بِأَخْذِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْغَنِيمَةِ فَأَخْرَجَ بِذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَمِثَالُ الْمُخْتَصِّ بِأَخْذِهِ الدَّاخِلُ فِي حَدِّهِ مَا هَرَبَ بِهِ أَسِيرٌ أَوْ تَاجِرٌ أَوْ مَنْ أَسْلَمَ بِدَارِ الْحَرْبِ وَخَرَجَ بِمَالِهِ أَوْ مَا غَنِمَهُ الذِّمِّيُّونَ قَوْلُهُ مُطْلَقًا عَلَى رَأْيٍ أَشَارَ إلَى الْخِلَافِ فَإِنَّ مَا أَخَذَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ الْمُحَارَبِينَ الْأَحْرَارِ الذُّكُورِ الْبَالِغِينَ غَنِيمَةٌ بِلَا خِلَافٍ وَمَا غَنِمَهُ أَهْلُ الذِّمَّةِ مُخْتَصٌّ بِهِمْ وَمَا غَنِمَهُ الْعَبِيدُ وَالصِّبْيَانُ وَالنِّسَاءُ لَا يَكُونُ غَنِيمَةً وَيَخْتَصُّ بِهِمْ وَقِيلَ يُخَمَّسُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا لَا تَصِيرُ وَقْفًا بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ أَيْ فَيَحْتَاجُ لِحُكْمٍ أَيْ لَا تَصِيرُ وَقْفًا حَتَّى تُوقَفَ فَقَوْلُهُ أَيْ مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى حُكْمٍ أَيْ حُكْمٍ بِالْوَقْفِيَّةِ أَيْ لَا تَحْتَاجُ إلَى إنْشَاءِ وَقْفِيَّةِ فَلَفْظُ الْحُكْمِ غَيْرُ مُرَادٍ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَذْكُرُ لَك مَا قَالَهُ مُحَشِّي تت.
وَحَاصِلُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِوَقْفِهَا تَرْكُهَا غَيْرَ مَقْسُومَةٍ لَا الْوَقْفُ الْمُصْطَلَحُ عَلَيْهِ وَهُوَ التَّحْبِيسُ ثُمَّ اُخْتُلِفَ هَلْ كَانَ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِيلَاءِ أَوْ كَانَ بَعْدَ تَطْيِيبِ نُفُوسِ الْمُجَاهِدِينَ (قَوْلُهُ لِفِعْلِ عُمَرَ) قَالَ فِي ك وَمَعْنَى أَوْقَفَهَا عُمَرُ أَظْهَرَ وَقْفَهَا وَنَازَعَ فِيهِ وَأَقَامَ الدَّلِيلَ عَلَيْهِ وَهُوَ مُرَاعَاةُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَسَمَهَا ثُمَّ نَزَلَ بِالْإِمَامِ أَمْرٌ كَتَجْهِيزِ الْجُيُوشِ وَالْعَسَاكِرِ مَثَلًا لِلْقِتَالِ لَا يَجِدُ مَا يُجَهِّزُهُمْ