للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سَهْمًا أَوْ صَنَعَ مِشْجَبًا أَوْ قَصْعَةً أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ فِي بَلَدِ الْعَدُوِّ فَإِنَّهُ يَخْتَصُّ بِهِ وَلَا يُخَمَّسُ وَسَوَاءٌ كَانَ يَسِيرًا أَوْ كَثِيرًا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فَيَكُونُ تَقْيِيدُ سَحْنُونَ لِلْمُدَوَّنَةِ بِالْيَسِيرِ خِلَافًا كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْمِشْجَبُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبِالشِّينِ الْمُعْجَمَةِ وَبِالْجِيمِ اسْمُ آلَةٍ كَالْقَبَّانِ وَقِيلَ شَيْءٌ مِنْ الْعِيدَانِ يُرَكَّبُ عَلَيْهِ كَالثِّيَابِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ مَنْ عَمِلَ أَنَّ مَا أَصْلَحَهُ مِمَّا كَانَ مَعْمُولًا لَا يَأْخُذُهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَمَا وَجَدَهُ مَصْنُوعًا فِي بُيُوتِهِمْ فَلَا يَسْتَأْثِرُ بِهِ، وَإِنْ دَقَّ.

(ص) وَالشَّأْنُ الْقَسْمُ بِبَلَدِهِمْ (ش) يَعْنِي أَنَّ السُّنَّةَ الْمَاضِيَةَ الَّتِي فَعَلَهَا النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَوْ الْعَمَلُ الَّذِي مَضَى عَلَيْهِ السَّلَفُ أَنَّ الْإِمَامَ يَقْسِمُ الْغَنِيمَةَ فِي أَرْضِ الْعَدُوِّ؛ لِأَنَّهُ أَنْكَى لَهُمْ وَأَطْيَبُ لِقُلُوبِ الْمُجَاهِدِينَ وَأَحْفَظُ لِلْغَنِيمَةِ وَأَرْفَقُ بِهِمْ فِي التَّصَرُّفِ لِبِلَادِهِمْ وَهَذَا إذَا أَمِنُوا كَثْرَةَ الْعَدُوِّ وَكَانَ الْغَانِمُونَ جَيْشًا. وَأَمَّا إنْ كَانُوا سَرِيَّةً مِنْ الْجَيْشِ فَلَا يَقْتَسِمُونَ حَتَّى يَعُودُوا لِلْجَيْشِ وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَنْ احْتِيَاجِ الْقَسْمِ إلَى حَاكِمٍ وَنَصَّ ابْنُ فَرْحُونٍ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْهُ إذْ لَوْ فُرِضَ ذَلِكَ لِجَمِيعِ النَّاسِ لَدَخَلَهُمْ الطَّمَعُ وَأَحَبَّ كُلٌّ لِنَفْسِهِ مِنْ كَرَائِمِ الْأَمْوَالِ مَا يَطْلُبُ غَيْرُهُ وَهُوَ مُؤَدٍّ لِلْفِتَنِ.

(ص) وَهَلْ يَبِيعُ لِيَقْسِمَ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْإِمَامَ أَوْ الْأَمِيرَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ الْأَرْبَعَةَ الْأَخْمَاسَ لِيَقْسِمَ أَثْمَانَهَا؛ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ لِلْمُسَاوَاةِ لِمَا يَدْخُلُ التَّقْوِيمُ مِنْ الْخَطَأِ إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يَشْتَرِي فَيَقْسِمَ الْأَعْيَانَ أَوْ لَا يَجِبُ الْبَيْعُ بَلْ يُخَيَّرُ، فَإِنْ شَاءَ بَاعَ وَقَسَمَ الثَّمَنَ وَإِنْ شَاءَ قَسَمَ الْأَعْيَانَ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ مِنْ الْمَصْلَحَةِ وَاعْتَرَضَ بَعْضُهُمْ الْأَوَّلَ بِأَنَّ بَيْعَهَا بِبَلَدِ الْحَرْبِ ضَيَاعٌ لِرُخْصِهَا هُنَاكَ وَأُجِيبَ بِأَنَّ رُخْصَهَا يَرْجِعُ لَهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ هُمْ الْمُشْتَرُونَ وَهُمْ أَحَقُّ بِرُخْصِهَا. وَأَمَّا الْخُمُسُ فَلَا يُبَاعُ بِاتِّفَاقٍ وَهَذَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ لِيَقْسِمَ.

(ص) وَأُفْرِدَ كُلُّ صِنْفٍ إنْ أَمْكَنَ عَلَى الْأَرْجَحِ (ش) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ يَقْسِمُ سِلَعَ الْغَنِيمَةِ لَا أَثْمَانَهَا فَيَقْسِمُ كُلَّ صِنْفٍ مِنْ سِلَعِ الْغَنِيمَةِ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ إنْ أَمْكَنَ ذَلِكَ حِسًّا بِاتِّسَاعِ الْغَنِيمَةِ وَشَرْعًا بِأَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَفْرِيقِ أُمٍّ وَوَلَدِهَا عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْإِفْرَادُ ضُمَّ إلَى غَيْرِهِ.

(ص) وَأَخْذُ مُعَيَّنٍ، وَإِنْ ذِمِّيًّا مَا عُرِفَ لَهُ قَبْلَهُ مَجَّانًا وَحَلَفَ أَنَّهُ مِلْكُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُسْلِمَ وَالذِّمِّيَّ إذَا وَجَدَ أَحَدُهُمَا مِنْ مَتَاعِهِ فِي الْغَنِيمَةِ شَيْئًا قَبْلَ قَسْمِهَا وَشَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ لَكِنْ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْيَمِينَ الشَّرْعِيَّةَ أَنَّهُ مَا بَاعَ وَلَا وَهَبَ وَلَا خَرَجَ عَنْ مِلْكِهِ بِنَاقِلٍ شَرْعِيٍّ وَأَنَّهُ بَاقٍ عَلَى مِلْكِهِ إلَى الْآنَ فَيَسْتَحِقُّ قَبْضَهُ وَأَخْذَهُ بِالطَّرِيقِ الشَّرْعِيِّ كَالِاسْتِحْقَاقِ لَا بُدَّ مِنْ ثُبُوتِ مِلْكِهِ مَعَ يَمِينِهِ وَتُسَمَّى هَذِهِ الْيَمِينُ يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ وَهِيَ مُكَمِّلَةٌ لِلْحُكْمِ وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ لِلْعِصْمَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ صَاحِبُهُ حَاضِرًا فِي الْغَنِيمَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (ص) وَحُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا وَإِلَّا بِيعَ لَهُ (ش) أَيْ، وَإِنْ عُرِفَ شَيْءٌ لِشَخْصٍ غَائِبٍ حُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ الْحَمْلُ خَيْرًا لَهُ وَإِلَّا بِيعَ لَهُ وَأَنْفَذَ الْإِمَامُ بَيْعَهُ وَلَيْسَ لِرَبِّهِ غَيْرُ ثَمَنِهِ وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَ بَيْعُهُ خَيْرًا مِنْ حَمْلِهِ أَوْ اسْتَوَتْ مَصْلَحَةُ بَيْعِهِ وَحَمْلِهِ وَالنَّقْلُ يُفِيدُ

ــ

[حاشية العدوي]

عَلَى قَوْلِهِ ذِمِّيٌّ (قَوْلُهُ وَقِيلَ شَيْءٌ مِنْ عِيدَانٍ) أَيْ مِنْ عِيدَانٍ ثَلَاثٍ تُعْقَدُ رُءُوسُهَا وَيُفَرَّجُ بَيْنَ قَوَائِمِهَا كَالْقَبَّانِ أَيْ كَآلَةِ الْقَبَّانِ أَيْ كَالْآلَةِ الَّتِي يُوضَعُ عَلَيْهَا الْقَبَّانُ كَالْمَعْرُوفِ بِالسِّيبْيَا عِنْدَنَا بِمِصْرَ تُعَلَّقُ عَلَيْهَا الثِّيَابُ وَالشِّقَاقُ فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَالْقَوْلَانِ يَرْجِعَانِ لِقَوْلٍ وَاحِدٍ.

(قَوْلُهُ أَوْ الْعَمَلُ إلَخْ) أَوْ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ كَمَا يُفِيدُهُ تت وَفِي ك وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ انْتَهَى بَلْ مُتَبَايِنَانِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ فِعْلُ النَّبِيِّ وَالثَّانِي فِعْلُ السَّلَفِ الصَّالِحِ وَتَبَيَّنَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالسُّنَّةِ الطَّرِيقَةُ الَّتِي تَكُونُ مَعَ النَّدْبِ وَإِذَا كَانَ الشَّأْنُ الْقَسْمَ بِبَلَدِهِمْ فَهَلْ يَكُونُ تَرْكُهُ مَكْرُوهًا أَوْ خِلَافَ الْأَوْلَى فِي شَرْحِ شب الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ كَثْرَةَ الْعَدُوِّ) الْأَوْضَحُ كَرَّةَ الْعَدُوِّ (قَوْلُهُ فَلَا يَقْتَسِمُونَ حَتَّى يَعُودُوا) أَوْ يَقْرَبُوا فِي مَحَلِّ أَمْنٍ. وَأَمَّا السَّرِيَّةُ الْخَارِجَةُ مِنْ الْبَلَدِ فَتُقَسَّمُ حَيْثُ نَأْمَنُ كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ شب.

(قَوْلُهُ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ الْأَرْبَعَةَ إلَخْ) لَيْسَ مَنْقُولًا النَّقْلُ فِي الْبَاجِيِّ وَابْنِ عَرَفَةَ وَأَبِي الْحَسَنِ وَغَيْرِهِمْ التَّعْبِيرُ بِيَنْبَغِي إلَخْ أَيْ هَلْ يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يَبِيعَ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ الْمُشْتَرُونَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ هُمْ أَهْلُ الدُّنْيَا مِنْهُمْ (قَوْلُهُ فَلَا يَبِيعُهُ بِاتِّفَاقٍ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْقَوْلَانِ جَارِيَانِ فِي الْخُمُسِ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ حِسًّا بِاتِّسَاعِ الْغَنِيمَةِ) بِأَنْ يَخُصَّ كُلَّ وَاحِدٍ مَثَلًا فَرَسٌ أَوْ جَمَلٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ يُونُسَ) اعْتَرَضَ بِأَنَّهُ لَيْسَ لِابْنِ يُونُسَ فِي هَذَا تَرْجِيحٌ وَإِنَّمَا هُوَ مُخْتَارُ اللَّخْمِيِّ مِنْ الْخِلَافِ وَعِبَارَةُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ فِي السِّلَعِ فَقِيلَ تُجْمَعُ فِي الْقَسْمِ ابْتِدَاءً وَقِيلَ إنْ حَمَلَ كُلُّ صِنْفٍ الْقَسْمَ بِانْفِرَادِهِ لَمْ يُجْمَعْ وَإِلَّا جُمِعَ اللَّخْمِيُّ وَهَذَا أَحْسَنُ وَأَقَلُّ غَرَرًا.

(قَوْلُهُ وَأَخْذُ مُعَيَّنٍ) أَيْ شَخْصٌ مُعَيَّنٌ أَوْ بِجِنْسِهِ كَجَيْشِ مِصْرَ فَيَدْخُلُ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ لَوْ هَرَبَ عَبْدٌ مِنْ مَغْنَمٍ فَغَنِمَهُ جَيْشٌ آخَرُ رُدَّ لِلْأَوَّلِ مَجَّانًا وَلَا يُخَمَّسُ مَرَّتَيْنِ (قَوْلُهُ وَشَهِدَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ وَيَمِينٍ مَعَ أَنَّهُ يَكْفِي (قَوْلُهُ وَحُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا) وَيَحْلِفُ أَيْضًا وَإِنَّمَا حُمِلَ مَعَ احْتِمَالِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِيمَنْ لَهُ حَقٌّ أَنْ يَحْلِفَ مَعَ أَنَّ الْيَمِينَ اسْتِظْهَارٌ وَهِيَ مُكَمِّلَةٌ لِلْحُكْمِ وَقَدْ قِيلَ إنَّهَا غَيْرُ وَاجِبَةٍ وَذَكَرَ عج عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ يَدْفَعُ لَهُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ قَالَ تت وَعَلَيْهِ كِرَاؤُهُ، فَإِنْ زَادَ عَلَى قِيمَتِهِ دَخَلَ فِي قَوْلِهِ وَإِلَّا بِيعَ لَهُ وَانْظُرْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ هُنَاكَ ثَمَنٌ هَلْ يُتْرَكُ أَوْ يُحْمَلُ، وَلَوْ زَادَتْ أُجْرَةُ حَمْلِهِ عَلَى قِيمَتِهِ بِبَلَدِ رَبِّهِ إلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ فِي ك فَقَالَ وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ وَعَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ إذَا وَصَلَ إلَيْهِ مَتَاعُهُ أَوْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ حَيْثُ تَفَرَّقَ الْجَيْشُ فَظَهَرَ أَنَّ الْمَقَالَاتِ ثَلَاثَةٌ (قَوْلُهُ بِمَا إذَا كَانَ بَيْعُهُ خَيْرًا مِنْ حَمْلِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْبَيْعَ حِينَئِذٍ وَاجِبٌ وَقَوْلُهُ أَوْ اسْتَوَتْ إلَخْ الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَائِزٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>