ذَلِكَ وَاللَّامُ فِي قَوْلِهِ لَهُ لِلتَّعْلِيلِ أَيْ وَبِيعَ لِأَجْلِهِ أَيْ لِأَجْلِ إيصَالِ الثَّمَنِ إلَيْهِ لَا صِلَةُ بَيْعٍ؛ لِأَنَّ الشَّيْءَ لَا يُبَاعُ لِمَالِكِهِ، وَالْأَوْلَى جَعْلُهَا بِمَعْنَى عَلَى أَيْ بِيعَ عَلَيْهِ.
(ص) وَلَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ إلَّا لِتَأَوُّلٍ عَلَى الْأَحْسَنِ (ش) أَيْ وَإِذَا قَسَمَ الْإِمَامُ مَا تَعَيَّنَ مَالِكُهُ عَلَى الْمُجَاهِدِينَ لَمْ يَمْضِ قَسَمُهُ جَهْلًا أَوْ عَمْدًا وَلِرَبِّهِ أَخْذُهُ بِلَا ثَمَنٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَسَمَ ذَلِكَ الْمَتَاعَ مُتَأَوِّلًا بِأَنْ يَأْخُذَ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ إنَّ الْكَافِرَ يَمْلِكُ مَالَ الْمُسْلِمِ فَيَمْضِي عَلَى صَاحِبِهِ وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ إلَّا بِالثَّمَنِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِمَا اخْتَلَفَ فِيهِ النَّاسُ فَلَا يُنْتَقَضُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ اخْتِيَارُ الشُّيُوخِ بِخِلَافِ الْجَاهِلِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعْتَدُّ بِمُوَافَقَةِ الْجَهْلِ لِلْمَذَاهِبِ.
(ص) لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ (ش) يَعْنِي، فَإِنْ وَجَدَ فِي الْغَنِيمَةِ مَالَ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ وَلَكِنْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَ صَاحِبِهِ وَلَا نَاحِيَتَهُ فَإِنَّهُ لَا يُوقَفُ وَيُقْسَمُ بَيْنَ الْمُجَاهِدِينَ لِتَعَلُّقِ حَقِّهِمْ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَالنَّقْلُ مِنْ خَارِجٍ أَنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ ابْتِدَاءً فَإِخْرَاجُهُ مِنْ أَخْذِ مُعَيَّنٍ أَوْ مَنْ لَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ غَيْرَ مُخَلَّصٍ.
(ص) بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ عِنْدَهُمْ لُقَطَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا ذَلِكَ أَوْ وَجَدَهَا أَحَدٌ مِنْ جَمَاعَةِ الْجَيْشِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَإِنَّهَا لَا تُقْسَمُ وَتُوقَفُ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ وَمِثْلُ اللُّقَطَةِ الْحَبْسُ الثَّابِتُ تَحْبِيسُهُ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ.
وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ قَسْمُ مَا لَمْ يَتَعَيَّنْ مَالِكُهُ وَلَا يُوقَفُ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَا تُمْلَكُ رَقَبَتُهُ كَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ أَوْ مُدَبَّرٍ أَوْ مُكَاتَبٍ وَأُمِّ وَلَدٍ جُهِلَتْ عَيْنُ مَالِكِهِمْ فَتَكَلَّمَ عَلَى ذَلِكَ هُنَا بِقَوْلِهِ (ص) وَبِيعَتْ خِدْمَةُ مُعْتَقٍ لِأَجَلٍ وَمُدَبَّرٍ (ش) يَعْنِي أَنَّا إذَا وَجَدْنَا فِي الْغَنِيمَةِ قَبْلَ قَسْمِهَا مُعْتَقًا لِأَجَلٍ أَوْ مُدَبَّرًا أَوْ مُكَاتَبًا وَعَلِمْنَا أَنَّ ذَلِكَ لِمُسْلِمٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ فَإِنَّ خِدْمَةَ الْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ تُبَاعُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ إذْ لَمْ يَبْقَ لِسَيِّدِهِ الَّذِي أَعْتَقَهُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فِيهِ إلَّا الْخِدْمَةُ فَيَخْدُمُ مَنْ اشْتَرَاهُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ ثُمَّ يَعْتِقُ حِينَئِذٍ، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهُ خُيِّرَ فِي إسْلَامِهِ فَيَصِيرُ حَقُّ مُشْتَرِيهِ فِي خِدْمَتِهِ يُحَاسَبُ بِهَا مِنْ ثَمَنِهِ وَيَخْرُجُ حُرًّا، وَلَوْ حَلَّ أَجَلُهُ قَبْلَ اسْتِيفَائِهِ فَفِي اتِّبَاعِهِ مُبْتَاعَهُ بِبَقِيَّةِ ثَمَنِهِ قَوْلَانِ وَإِنْ اسْتَوْفَاهُ قَبْلَ أَجَلِهِ فَهَلْ يَرْجِعُ لِرَبِّهِ قَوْلَانِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى جَعْلُهَا بِمَعْنَى عَلَى) أَيْ فَعَلَى تُشْعِرُ بِتَحَتُّمِ ذَلِكَ وَلَا يَظْهَرُ هَذَا إلَّا إذَا تَعَيَّنَتْ الْمَصْلَحَةُ فَقَطْ وَلَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا اسْتَوَتْ.
(قَوْلُهُ عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهُ يَمْضِي بِقِيمَتِهِ مُطْلَقًا وَلَا يَأْخُذُهُ رَبُّهُ إلَّا بِالثَّمَنِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونَ قَالَ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ وَافَقَ اخْتِلَافًا بَيْنَ النَّاسِ وَقِيلَ لَا يَمْضِي مُطْلَقًا وَيَأْخُذُهُ رَبُّهُ بِلَا ثَمَنٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ حَبِيبٍ.
(قَوْلُهُ وَلَا نَاحِيَتُهُ) أَمَّا لَوْ عُلِمَتْ نَاحِيَةُ رَبِّهِ، وَلَوْ لَمْ يَعْرِفْ عَيْنَهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْسَمُ وَهُوَ لِرَبِّهِ ك (قَوْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ) وَمُقَابِلُهُ مَا لِابْنِ الْمَوَّازِ وَالْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ مِنْ أَنَّهُ يُوقَفُ (قَوْلُهُ غَيْرُ مُخْلِصٍ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ رَجَعَ إلَى صَدْرِ الْمَسْأَلَةِ يَكُونُ الْمَعْنَى وَأَخَذَ الْمُعَيَّنُ، وَإِنْ ذِمِّيًّا مَا عُرِفَ لَهُ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ وَحِينَئِذٍ يَحْتَمِلُ أَنْ يُقْسَمَ أَوْ يُوقَفَ، وَإِنْ كَانَ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ وَلَمْ يَمْضِ قَسْمُهُ فَيَكُونُ الْمَعْنَى أَنَّهُ يَمْضِي قَسْمُهُ وَالْكَلَامُ فِي الْجَوَازِ ابْتِدَاءً أَفَادَهُ بَهْرَامُ وَقَالَ الشَّيْخُ أَحْمَدُ إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ وَحُمِلَ لَهُ إنْ كَانَ خَيْرًا إذْ مَعْنَاهُ وَإِنْ كَانَ حَمَلَ مَا عَرَفَ خَيْرًا حَمَلَ لَهُ إنْ تَعَيَّنَ رَبُّهُ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ أَيْ رَبُّهُ فَلَا يُحْمَلُ بَلْ يُقْسَمُ وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ مُخْرَجٌ مِمَّا يَفْهَمُ مِنْ الْأَخْذِ وَهُوَ عَدَمُ قَسْمِهِ أَيْ وَمَا عُرِفَ أَنَّهُ لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ فَلَا يُقْسَمُ إنْ تَعَيَّنَ الْمَذْكُورُ مِنْ الْمُسْلِمِ أَوْ الذِّمِّيِّ لَا إنْ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَيُقْسَمُ.
(قَوْلُهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ) الْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ مَا لَا يُعْرَفُ رَبُّهُ عَلَى الْمَشْهُورِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَا يَأْخُذُهُ الْحَرْبِيُّ مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ يَصِيرُ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ عِنْدَنَا وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ وَإِذَا أَسْلَمَ تَقَرَّرَ مِلْكُهُ عَلَيْهِ وَلِذَا لَوْ أَتْلَفَهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ لَمْ يُطَالَبْ بِهِ إجْمَاعًا وَالْقَاسِمُ يَنْزِلُ مَنْزِلَتَهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ لَا حَقَّ لِلْمُلْتَقِطِ فِيهَا وُجِدَ عِنْدِي مَا نَصُّهُ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا مِنْ كَوْنِ رَبِّهَا لَمْ يَتَعَيَّنْ وَإِلَّا فَهُوَ قَوْلُهُ وَأَخْذِ مُعَيَّنٍ إلَخْ وَيَأْخُذُ الْإِمَامُ اللُّقَطَةَ يُعَرِّفُهَا سَنَةً إنْ شَاءَ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَسَلَّفَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ك (قَوْلُهُ لُقَطَةٌ مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا) أَيْ وَمُجَرَّدُ الْكِتَابَةِ يَكْفِي فِي اللُّقَطَةِ بِخِلَافِ التَّحْبِيسِ فَلَا تَكْفِي الْكِتَابَةُ عَلَيْهِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْبَيِّنَةِ وَلَعَلَّ وَجْهَ ذَلِكَ أَنَّ الِالْتِقَاطَ مِنْ فِعْلِهِمْ فَالْكِتَابَةُ مِنْهُمْ بِخِلَافِ الْحَبْسِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ ذَلِكَ وَاَلَّذِي يَأْخُذُونَهُ مِنَّا قَهْرًا أَنَّ مَا يَأْخُذُونَهُ مِنَّا قَهْرًا لَهُمْ فِيهِ شُبْهَةُ الْمِلْكِ بِالْأَخْذِ الْمَذْكُورِ ثُمَّ بَعْدَ هَذَا كُلِّهِ فَهَذَا غَيْرُ صَوَابٍ بَلْ الصَّوَابُ أَنَّ اللُّقَطَةَ الَّتِي الْتَقَطُوهَا مِنْ مَالِ الْمُسْلِمِ كَاَلَّذِي أَخَذُوهُ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ أَيْ بِخِلَافِ اللُّقَطَةِ الَّتِي تَأْتِي فِي بَابِهَا أَيْ أَنَّا إذَا وَجَدْنَا لُقَطَةً فِي بِلَادِنَا وَلَمْ نَعْرِفْ مَالِكَهَا لَا نَقْسِمُهَا بَلْ تُعَرَّفُ بِخِلَافِ مَا لَمْ يُعَيَّنْ لِمُسْلِمٍ مِمَّا غَنِمَهُ الْكُفَّارُ فَإِنَّنَا نَقْسِمُهُ كَمَا أَفَادَهُ مُحَشِّي تت.
(قَوْلُهُ فَإِنْ جَاءَ رَبُّهُ) فِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ سَقَطَ مِنْهُ وَأَصْلُهَا لتت، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهُ خُيِّرَ فِي فِدَائِهَا وَإِسْلَامِهَا لِمُشْتَرِيهِ اللَّخْمِيُّ إنْ اسْتَخْدَمَهُ مُشْتَرِيهِ لِلْأَجَلِ خَرَجَ حُرًّا وَلَا شَيْءَ لِرَبِّهِ، وَإِنْ جَاءَ بَعْدَ نِصْفِ خِدْمَتِهِ خُيِّرَ فِي الْبَاقِي وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِهِ بِيعَتْ خِدْمَتُهُ أَنَّ رَقَبَتَهُ لَا تُبَاعُ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَوْ بِيعَتْ ثُمَّ عُلِمَ بِهَا فَلِرَبِّهِ فِدَاؤُهُ، وَإِنْ تَرَكَهُ صَارَ حَقَّ مُشْتَرِيهِ فِي خِدْمَتِهِ يُحَاسَبُ إلَخْ (قَوْلُهُ اتِّبَاعِهِ) أَيْ الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَقَوْلُهُ مُبْتَاعُهُ فَاعِلُ اتِّبَاعٍ وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ إلَى الْمَفْعُولِ فَالِاتِّبَاعُ عَلَى أَنَّ تَسْلِيمَ الْخِدْمَةِ تَقَاضٍ وَعَدَمُ الِاتِّبَاعِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ التَّسْلِيمَ تَمْلِيكٌ وَالرَّاجِحُ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ قَبْلَ الِاسْتِيفَاءِ لَا يُتْبَعُ بِبَقِيَّةِ ثَمَنِهِ وَالرَّاجِحُ إذَا اسْتَوْفَى ثَمَنَهُ قَبْلَ الْأَجَلِ لَا يَرْجِعُ لِرَبِّهِ بَلْ تَبْقَى خِدْمَتُهُ لِمَنْ هُوَ بِيَدِهِ كَذَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ فَهَلْ يَرْجِعُ لِرَبِّهِ) أَيْ عَلَى أَنَّ التَّسْلِيمَ تَقَاضٍ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى أَنَّهُ تَمْلِيكٌ