فِي قَوْلِهِ وَبِالْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ بِخِلَافِ الْمُشْتَرَى مِنْ حَرْبِيٍّ بِبِلَادِ الْحَرْبِ فَيَفُوتُ، وَلَوْ بِالْبَيْعِ كَمَا مَرَّ مَعَ الْفَرْقِ وَالرَّاجِحُ مِنْ التَّرَدُّدِ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَفِي الْمُؤَجَّلِ تَرَدُّدٌ) أَيْ وَفِي الْعِتْقِ الْمُؤَجَّلِ تَرَدُّدٌ هَلْ يَمْضِي أَمْ لَا لَا أَنَّهُ كَالْعِتْقِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ إذَا كَانَ فَوْتًا فَأَوْلَى الْعِتْقُ لِأَجَلٍ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى اللَّخْمِيِّ وَابْنِ بَشِيرٍ وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ عَدَمُ وُقُوفِهِمْ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْكِتَابَةَ وَالتَّدْبِيرَ كَالْعِتْقِ انْتَهَى وَمَحَلُّ فَوْتِ مَا أَخَذَ مِنْ الْغَنِيمَةِ بِاسْتِيلَادٍ وَمَا مَعَهُ إنْ أَخَذَهُ بِنِيَّةٍ تَمَلَّكَهُ أَمَّا إنْ أَخَذَهُ بِنِيَّةٍ رَدَّهُ لِرَبِّهِ فَقَوْلَانِ بِالْإِمْضَاءِ وَعَدَمِ الْإِمْضَاءِ بِمَا ذَكَرَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى رَدِّهِ لِرَبِّهِ وَإِلَّا فَقَوْلَانِ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الْإِمْضَاءِ.
(ص) وَلِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ بِدَرَاهِمَ مَجَّانًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ فَوَهَبَهُ حَرْبِيٌّ سِلْعَةً أَوْ عَبْدًا هَرَبَ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ غَارَ عَلَيْهِ الْحَرْبِيُّ فَإِذَا قَدِمَ بِذَلِكَ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَإِنَّ رَبَّهُ الْمُسْلِمَ أَوْ الذِّمِّيَّ يَأْخُذُهُ مِنْهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ وَإِذَا كَانَ الْمُعْطَى لَهُ أَخَذَهُ مِنْ الْحَرْبِيِّ بِعِوَضٍ بِأَنْ اشْتَرَاهُ مِنْهُ أَوْ وَهَبَهُ لَهُ هِبَةَ ثَوَابٍ فَإِنَّ رَبَّهُ لَا يَأْخُذُهُ مِنْ الَّذِي هُوَ مَعَهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ لَهُ نَظِيرَ مَا عُوِّضَ عَلَيْهِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَبِعِوَضٍ بِهِ) فَقَوْلُهُ بِدَرَاهِمَ مُتَعَلِّقٌ بِوَهَبُوهُ وَقَوْلُهُ مَجَّانًا يَتَنَازَعُهُ الْعَامِلَانِ قَبْلَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يَقُلْ الْمُؤَلِّفُ وَبِثَمَنٍ لِيَشْمَلَ الْبَيْعَ وَالْهِبَةَ وَمَفْهُومُ دَرَاهِمَ أَنَّهُمْ لَوْ وَهَبُوهُ أَوْ بَاعُوهُ بِدَارِنَا بَعْدَ دُخُولِهِمْ إلَيْنَا بِأَمَانٍ فَإِنَّ ذَلِكَ يُفَوِّتُ عَلَى رَبِّهِ. وَأَمَّا مَا وَهَبُوهُ بِدَارِنَا قَبْلَ تَأْمِينِهِمْ فَمِثْلُ مَا وَهَبُوهُ بِدَرَاهِمَ (ص) إنْ لَمْ يَبِعْ فَيَمْضِي وَلِمَالِكِهِ الثَّمَنُ أَوْ الزَّائِدُ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَحَلَّ أَخْذِ الْمَالِكِ لِشَيْئِهِ إنْ لَمْ يَفُتْهُ الْمُعَاوَضُ أَوْ الْمَوْهُوبُ لَهُ فَإِنْ أَفَاتَهُ بِعِتْقٍ أَوْ إيلَادٍ فَلَا سَبِيلَ لَهُ إلَيْهِ كَمَا مَرَّ وَبِبَيْعٍ فَإِنَّهُ يَمْضِي لَكِنْ يَكُونُ لِمَالِكِهِ الثَّمَنُ فِيمَا إذَا وَهَبَ مَجَّانًا وَالزَّائِدُ فِيمَا إذَا عَاوَضَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ عَاوَضَ عَلَيْهِ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَهُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَلَهُ الْخَمْسَةُ الزَّائِدَةُ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَلِمَالِكِهِ الثَّمَنُ أَوْ الزَّائِدُ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ وَلَيْسَ لَهُ رُجُوعُهُ بِغَلَّةٍ إنْ اغْتَلَّهُ.
(ص) وَالْأَحْسَنُ فِي الْمَفْدِيِّ مِنْ لِصٍّ أَخَذَهُ بِالْفِدَاءِ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ فَدَى شَيْئًا مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ وَنَحْوِهِمْ مِنْ كُلِّ ظَالِمٍ هَلْ يَأْخُذُهُ رَبُّهُ مِنْ الْفَادِي بِغَيْرِ شَيْءٍ ابْنُ رُشْدٍ وَهُوَ الْأَقْيَسُ؛ لِأَنَّ اللِّصَّ لَيْسَ لَهُ شُبْهَةُ مِلْكٍ بِخِلَافِ الْحَرْبِيِّ أَوْ لَا يَأْخُذُهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَدْفَعَ الْقَدْرَ الَّذِي فَدَاهُ بِهِ مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ قِيَاسًا عَلَى مَا فُدِيَ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ قَوْلُهُ أَخَذَهُ بِالْفِدَاءِ أَيْ الَّذِي لَا يُمْكِنُ الْخَلَاصُ إلَّا بِهِ، فَإِنْ أَمْكَنَ الْخَلَاصُ بِلَا شَيْءٍ أَوْ بِدُونِ مَا دَفَعَ فَإِنَّهُ يَأْخُذُهُ فِي الْأَوَّلِ بِلَا شَيْءٍ وَفِي الثَّانِي بِمَا يَتَوَقَّفُ خَلَاصُهُ عَلَيْهِ.
(ص) ، وَإِنْ أُسْلِمَ لِمُعَاوَضٍ مُدَبَّرٌ وَنَحْوُهُ اُسْتُوْفِيَتْ خِدْمَتُهُ ثُمَّ هَلْ يُتْبَعُ إنْ عَتَقَ بِالثَّمَنِ أَوْ بِمَا بَقِيَ قَوْلَانِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمُدَبَّر وَالْمُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ إذَا أَسْلَمَهُمَا سَيِّدُهُمَا لِمَنْ عَاوَضَ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ ابْنُ عَرَفَةَ مُقْتَضَى اللَّخْمِيِّ إلَخْ) فَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَالَ وَانْظُرْ لَوْ دَبَّرَ أَوْ كَاتَبَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ انْتَهَى أَيْ فَحَاصِلُهُ التَّوَقُّفُ. وَأَمَّا اللَّخْمِيُّ فَقَدْ تَرَدَّدَ؛ لِأَنَّ التَّرَدُّدَ الَّذِي فِي الْمُصَنِّفِ لِلَّخْمِيِّ أَيْ فَمُقْتَضَى كَوْنِ التَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ كَالْعِتْقِ أَيْ النَّاجِزِ أَنَّ الْعِتْقَ لِأَجَلٍ مُفَوِّتٌ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّ فَوْتٍ إلَخْ) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ قَوْلَهُ إنْ لَمْ يَأْخُذْهُ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلَ الْكَافِ عَلَى خِلَافِ قَاعِدَتِهِ الْأَغْلَبِيَّةِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَخْذِهِ مِنْ الْمَغْنَمِ وَأَخْذِهِ مِنْ حَرْبِيٍّ قُوَّةُ تَسَلُّطِ الْمَالِكِ فِي الْأَوَّلِ.
(قَوْلُهُ وَبِعِوَضٍ بِهِ) إنْ كَانَ عَيْنًا فَمِثْلُهُ حَيْثُ لَقِيَهُ أَوْ حَاكَمَهُ أَوْ مِثْلِيًّا غَيْرُهَا فَمِثْلُهُ فِي مَوْضِعِ دَفْعِهِ مِنْ بَلَدِهِمْ إنْ أَمْكَنَ كَمُتَسَلِّفٍ يَرُدُّ مِثْلَهُ بِمَوْضِعِ التَّسَلُّفِ إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا عَلَى مَا يَجُوزُ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ الْوُصُولُ فَقِيمَتُهُ هُنَاكَ كَالْمُقَوَّمِ ابْنُ عَرَفَةَ وَيُصَدَّقُ الْمُشْتَرَى مِنْهُمْ فِي ثَمَنِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ لَمْ يَسْتَنْكِرْ بِحَيْثُ يُسْتَدَلُّ عَلَى كِذْبِهِ فَيَأْخُذُهُ بِقِيمَتِهِ ابْنُ رُشْدٍ تَفْسِيرُهُ إنْ لَمْ يَدَّعِ رَبُّهُ مَعْرِفَةُ ثَمَنِهِ صُدِّقَ الْمُشْتَرِي فِيمَا يُشْبِهُ دُونَ يَمِينٍ وَفِيمَا لَا يُشْبِهُ بِهَا وَمَا لَا يَشُكُّ فِي كِذْبِهِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ اشْتِرَائِهِ حَيْثُ اشْتَرَاهُ وَإِنْ جُهِلَتْ فَبِأَقْرَبِ مَحَلٍّ، وَإِنْ ادَّعَيَا صِدْقَ الْمُبْتَاعِ بِيَمِينِهِ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَرَبُّهُ إنْ أَشْبَهَ وَإِلَّا فَقِيمَتُهُ وَمَنْ نَكَلَ صُدِّقَ الْآخَرُ، وَإِنْ لَمْ يُشْبِهْ وَكُلُّ هَذَا بِنَاءً عَلَى مَا فِي اخْتِلَافِ الشَّفِيعِ وَالْمُبْتَاعِ فِي ثَمَنِ الشِّقْصِ (قَوْلُهُ مَجَّانًا) الْمُنَاسِبُ كَوْنُهُ مَعْمُولًا لِأَخْذٍ لَا مُتَنَازَعًا فِيهِ إذْ يُبْعِدُ ذَلِكَ عَطْفَ قَوْلِهِ وَبِعِوَضٍ؛ لِأَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَيَكُونُ كَذَلِكَ وَهُوَ غَيْرُ بَيِّنٍ كَمَا لَا يَخْفَى قَالَهُ الزَّرْقَانِيُّ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي لِضَيَاعِ قَوْلِهِ بِهِ أَيْ الَّذِي هُوَ بَعْدَ قَوْلِهِ بِعِوَضٍ فَالْأَحْسَنُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَبِعِوَضٍ مَعْطُوفًا عَلَى مَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَلِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ أَخْذُ مَا وَهَبُوهُ بِغَيْرِ عِوَضٍ مَجَّانًا. وَأَمَّا إذَا وَهَبُوهُ بِعِوَضٍ فَيَأْخُذُهُ بِالْعِوَضِ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَبِعْ فَيَمْضِي) وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَهُوَ أَنَّهُ إذَا بَاعَهُ الَّذِي عَاوَضَ عَلَيْهِ لَيْسَ لِرَبِّهِ إلَّا الثَّمَنُ وَبَيْنَ الَّذِي وَقَعَ فِي الْمَقَاسِمِ فَإِنَّ رَبَّهُ إذَا عَرَفَهُ بَعْدَ الْقَسْمِ يَأْخُذُهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ بِهِ فِي الْمَقَاسِمِ حَسْبَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ عِنْدَ قَوْلِهِ وَبَعْدَهُ فَلَهُ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ وَبِالْأَوَّلِ إنْ تَعَدَّدَ مَا قَالَهُ عَبْدُ الْحَقِّ إنَّ الَّذِي يَقَعُ فِي الْمَقَاسِمِ قَدْ أُخِذَ مِنْ الْعَدُوِّ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ فَكَانَ أَقْوَى فِي رَدِّهِ إلَى رَبِّهِ وَاَلَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ إنَّمَا نِيلَ بِالطَّوْعِ، وَلَوْ شَاءَ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ لَمْ يُطِعْ بِدَفْعِهِ فَكَانَ أَقْوَى فِي إمْضَاءِ مَا فَعَلَ فِيهِ مِنْ الْبَيْعِ انْتَهَى.
(قَوْلُهُ وَالْأَحْسَنُ) أَيْ وَالْقَوْلُ الْأَحْسَنُ أَيْ الْأَرْجَحُ وَقَوْلُهُ أَخَذَهُ بِالْفِدَاءِ أَيْ إنْ لَمْ يَفْدِهِ لِيَتَمَلَّكَهُ وَإِلَّا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ تَنَازَعَ الْمَالِكُ مَعَ الْمُشْتَرِي فِي أَنَّ الْفِدَاءَ لِلتَّمَلُّكِ أَوْ الرُّجُوعِ أَنَّهُ يُعْمَلُ بِقَوْلِ الْفَادِي بِيَمِينِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إلَّا مِنْ قِبَلِهِ وَمَفْدِيٌّ بِكَسْرِ الدَّالِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ فَدَاهُ يَفْدِيهِ لَا مِنْ أَفْدَاهُ يُفْدِيهِ؛ لِأَنَّهُ لُغَةٌ ضَعِيفَةٌ وَأَصْلُ مَفْدِيٍّ مَفْدَوِيٌّ اجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَالْيَاءُ وَالسَّابِقُ مِنْهُمَا سَاكِنٌ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ الْيَاءُ فِي الْيَاءِ وَقُلِبَتْ كَسْرَةً لِتَسْلَمَ الْيَاءُ فَلَوْ اُخْتُلِفَ فِي قَدْرِ الْفِدَاءِ يَنْبَغِي أَنْ يُجْرَى عَلَى مَا تَقَدَّمَ قَرِيبًا. .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute