للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْهِمَا مِنْ أَيْدِي اللُّصُوصِ أَوْ فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ خِدْمَتَهُمَا فَيَخْدُمُ الْمُدَبَّرُ إلَى مَوْتِ سَيِّدِهِ الَّذِي دَبَّرَهُ وَالْمُعْتَقُ لِأَجَلٍ يَخْدُمُ إلَى ذَلِكَ الْأَجَلِ فَإِذَا مَاتَ سَيِّدُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهُ أَوْ جَاءَ الْأَجَلُ فِي الْمُعْتَقِ لِأَجَلٍ وَقَدْ وَفَيَا مَا فَدَيَا بِهِ فَلَا كَلَامَ أَنَّهُمَا يَعْتِقَانِ وَلَا يُتْبَعَانِ بِشَيْءٍ، وَإِنْ لَمْ يُوفِيَا ذَلِكَ فَهَلْ يَتْبَعُهُمَا الَّذِي عَاوَضَ عَلَيْهِمَا بِجَمِيعِ مَا عَاوَضَ عَلَيْهِمَا بِهِ وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِمَّا اغْتَلَّهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ كَالْفَائِدَةِ أَوْ لَا يَتْبَعُهُمَا إلَّا بِمَا بَقِيَ عَلَيْهِمَا فَقَطْ قَوْلَانِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ يُتْبَعُ بِمَا بَقِيَ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الْمَوَّاقِ.

(ص) وَعَبْدُ الْحَرْبِيِّ يُسْلِمُ حُرٌّ إنْ فَرَّ أَوْ بَقِيَ حَتَّى غُنِمَ (ش) يَعْنِي أَنَّ عَبْدَ الْحَرْبِيِّ إذَا فَرَّ إلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ فَإِنَّهُ يَكُونُ حُرًّا؛ لِأَنَّهُ غَنِمَ نَفْسَهُ وَسَوَاءٌ أَسْلَمَ أَمْ لَا فَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ يُسْلِمُ، وَإِنْ قَدِمَ بِمَالٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُ وَلَا يُخَمَّسُ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ حُرًّا إذَا أَسْلَمَ وَبَقِيَ عِنْدَ سَيِّدِهِ فِي بِلَادِ الْحَرْبِ حَتَّى غَنِمَهُ الْمُسْلِمُونَ وَسَيِّدُهُ مُشْرِكٌ وَهَذَا إذَا خَرَجَ إلَيْنَا كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا قَبْلَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ (لَا إنْ خَرَجَ بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ) أَيْ لَا إنْ خَرَجَ إلَيْنَا كَافِرًا أَوْ مُسْلِمًا بَعْدَ إسْلَامِ سَيِّدِهِ فَرَّقَ لَهُ وَسَوَاءٌ سَبَقَ إسْلَامُ أَحَدِهِمَا إسْلَامَ الْآخَرِ أَوْ تَسَاوَيَا فِي الْإِسْلَامِ (ص) أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى خَرَجَ لَا عَلَى بَعْدَ كَأَنَّهُ قَالَ لَا بِخُرُوجِهِ أَوْ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ أَيْ الْعَبْدِ وَلَيْسَ تَكْرَارًا مَعَ مَفْهُومِ الشَّرْطِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ أَوْ بَقِيَ حَتَّى غُنِمَ مَعْطُوفٌ عَلَى فَرَّ وَمَفْهُومُ فَرَّ أَوْ بَقِيَ حَتَّى غُنِمَ أَعَمُّ مِنْ مُجَرَّدِ إسْلَامِهِ وَالْأَعَمُّ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُصَدَّقَ بِأَخَصَّ مُعَيَّنٍ؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ بِمَا إذَا أَسْلَمَ وَخَرَجَ لِبَعْضِ دِيَارِهِمْ أَوْ حَوْزِهِمْ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَلَمْ يَصِلْ إلَيْنَا وَهُوَ إذَا لَمْ يَصِلْ إلَيْنَا لَا يَكُونُ حُرًّا عَلَى الْمَذْهَبِ.

(ص) وَهَدَمَ السَّبْيُ النِّكَاحَ إلَّا أَنْ تُسْبَى وَتُسْلِمُ بَعْدَهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الزَّوْجَيْنِ الْكَافِرَيْنِ إذَا سُبِيَا مُجْتَمَعَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْآخَرِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ بَيْنَهُمَا وَيَحِلُّ وَطْؤُهَا بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ بِحَيْضَةٍ وَلَا عِدَّةَ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَةً إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ فَإِنَّهُ لَا يَنْقَطِعُ بَيْنَهُمَا وَهِيَ مَا إذَا أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ سَوَاءٌ كَانَ عِنْدَنَا بِأَمَانٍ أَوْ جَاءَ إلَيْنَا ثُمَّ سَبَيْنَا زَوْجَتَهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ فَإِنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا تَرْغِيبًا فِي الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ أَمَةً مُسْلِمَةً تَحْتَ حُرٍّ مُسْلِمٍ، فَإِنْ لَمْ تُسْلِمْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّهَا أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ تَحْتَ مُسْلِمٍ وَهُوَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْأَمَةَ الْكَافِرَةِ وَإِنَّمَا لَهُ أَنْ يَطَأَهَا بِالْمِلْكِ.

(ص) وَوَلَدُهُ وَمَالُهُ فَيْءٌ مُطْلَقًا (ش) الضَّمِيرُ فِي وَوَلَدُهُ رَاجِعٌ لِمَنْ أَسْلَمَ الْمَفْهُومُ مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ إذَا أَسْلَمَ وَفَرَّ إلَيْنَا الْحَرْبِيُّ فِي بِلَادِهِ حَتَّى غَنِمْنَا بِلَادَهُ فَإِنَّ وَلَدَهُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ قَبْلَ إسْلَامِهِ رَقَّ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ وَرَقَّ إنْ حَمَلَتْ بِهِ بِكُفْرٍ وَمَالُهُ غَنِيمَةٌ لِلْجَيْشِ الَّذِي دَخَلَ بِلَادَهُ وَهُوَ مُرَادُهُ بِالْفَيْءِ، وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ. وَأَمَّا زَوْجَتُهُ فَهِيَ غَنِيمَةٌ اتِّفَاقًا وَكَذَا مَهْرُهَا وَإِذَا كَانَتْ غَنِيمَةً فَقِيلَ يُفْسَخُ نِكَاحُهُ لِمِلْكِهِ جُزْءًا مِنْهَا وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَوْ سَرَقَ مِنْ الْغَنِيمَةِ يُقْطَعُ وَلَمْ يُفْسَخْ وَلَا فَرْقَ فِي وَلَدِهِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ بَقِيَ الْحَرْبِيُّ بِبَلَدِهِ أَوْ خَرَجَ إلَيْنَا وَتَرَكَ مَالَهُ وَوَلَدَهُ أَسْلَمَ عِنْدَنَا فِي أَمَانِهِ أَوْ فِي بِلَادِهِ وَهُوَ مَعْنَى الْإِطْلَاقِ. وَأَمَّا وَلَدُهُ الَّذِي حَمَلَتْ بِهِ بَعْدَ إسْلَامِ الْأَبِ فَإِنَّهُ لَا يُرَقُّ اتِّفَاقًا.

(ص) لَا وَلَدٌ صَغِيرٌ لِكِتَابِيَّةٍ سُبِيَتْ أَوْ مُسْلِمَةٍ (ش) هَذَا عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيْءٌ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْحَرْبِيَّ

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يَمْلِكُ خِدْمَتَهُمَا) أَيْ، وَلَوْ زَادَتْ عَلَى عِوَضِهِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالسَّابِقَةِ أَنَّ تِلْكَ الْمُدَبَّرُ وَنَحْوُهُ وَقَعَ فِي سَهْمِهِ بِخِلَافِ هَذِهِ فَإِنَّ فِيهَا الْمُعَاوَضَةَ فَهِيَ أَشَدُّ وَلِذَلِكَ جَرَى قَوْلٌ فِيهَا بِأَنَّهُ يُتْبَعُ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ. وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ لِمُعَاوَضٍ مُكَاتَبٍ اسْتَوْفَيْت كِتَابَتُهُ، فَإِنْ عَجَزَ رَقَّ لَهُ، وَإِنْ أَدَّى فَالْوَلَاءُ لِعَاقِدِهَا وَرَأَيْت مَا نَصَّهُ أَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى فِدَاءِ أُمِّ الْوَلَدِ فَلَا تَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ وَنَحْوِهِ (ثُمَّ أَقُولُ) إنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ كَأَنَّهَا مُلَفَّقَةٌ مِنْ الْقَوْلَيْنِ التَّمْلِيكِ وَالتَّقَاضِي.

(قَوْلُهُ إنْ فَرَّ) اعْلَمْ أَنَّ بِفِرَارِهِ إلَيْنَا يَكُونُ حُرًّا، وَلَوْ كَانَ فِرَارُهُ إلَيْنَا بَعْدَ نُزُولِ جَيْشِنَا بِهِمْ زَادَ الشَّيْخُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَلَا وَلَاءَ لِرَبِّهِ عَلَيْهِ وَلَا يَرْجِعُ إلَيْهِ إنْ أَسْلَمَ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَالْأَعَمُّ) أَيْ فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُصَنِّفُ أَرَادَ هَذِهِ الصُّورَةَ فَقَطْ فَلِذَلِكَ نَصَّ عَلَى الْأُخْرَى (أَقُولُ) وَيُرَدُّ ذَلِكَ بِأَنَّ الْأُخْرَى تُفْهَمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى بَلْ هَذَا الْعُمُومُ شُمُولِيٌّ لَا بَدَلِيٌّ كَمَا يَقْتَضِيهِ كَلَامُهُ فَالْمُنَاسِبُ أَنَّهُ إنَّمَا صَرَّحَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُ مَفْهُومِ شَرْطٍ رَدًّا عَلَى أَشْهَبَ الْقَائِلِ بِأَنَّهُ بِمُجَرَّدِ إسْلَامِهِ يَكُونُ حُرًّا فَتَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَهَذَمَ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمُهْمَلَةِ سُبِيَا مَعًا أَوْ مُتَرَتِّبَيْنِ أَوْ سُبِيَتْ هِيَ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَقُدُومِهِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أَوْ قَبْلَ إسْلَامِهِ وَبَعْدَ قُدُومِهِ إلَيْنَا بِأَمَانٍ أَوْ سُبِيَتْ هِيَ فَقَطْ فَفِي هَذِهِ الْأَقْسَامِ يَنْهَدِمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا إلَّا مَا اسْتَثْنَى (قَوْلُهُ وَتُسْلِمُ بَعْدَهُ إلَخْ) وَمِثْلُ إسْلَامِهَا فِي عَدَمِ الْفَسْخِ عِتْقُهَا قَبْلَ حَيْضَةٍ (قَوْلُهُ إلَّا فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ) ظَاهِرُ ذَلِكَ وَالْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا تَعَلَّقَ السَّبْيُ بِالزَّوْجِ وَحْدَهُ أَنَّ النِّكَاحَ يَنْهَدِمُ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ بَعْدَ سَبْيِهِ فَإِنَّهُ يُقَرُّ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّهَا تُخَيَّرُ؛ لِأَنَّهَا حُرَّةٌ تَحْتَ عَبْدٍ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ سَبْيُهُ عَلَى قُدُومِهَا بِأَمَانٍ أَوْ تَأَخَّرَ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَ إسْلَامُهُ عَلَى قُدُومِهَا أَوْ تَأَخَّرَ لَكِنْ لَا بُدَّ فِي هَذَا مِنْ كَوْنِ إسْلَامِهِ فِي عِدَّتِهَا (قَوْلُهُ ثُمَّ أَسْلَمَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فِي الْعِدَّةِ) لَا يَخْفَى أَنَّ عِدَّتَهَا الَّتِي تَحِلُّ بِهَا لِلسَّابِي أَوْ غَيْرِهِ حَيْضَةٌ فَمَعْنَى أَسْلَمَ فِي عِدَّتِهَا أَيْ أَسْلَمَ قَبْلَ أَنْ تَرَى الدَّمَ.

(قَوْلُهُ وَفَرَّ إلَيْنَا أَوْ بَقِيَ فِي بِلَادِهِ) هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَفَهِمَهَا التُّونُسِيُّ عَلَى أَنَّهُ خَرَجَ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْرُجْ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتْبَعَهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ؛ لِأَنَّ غَيْرَهُ لَمْ يُجْزِهِ وَقَدْ بَقِيَتْ يَدُهُ عَلَى مَالِهِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَبَّرَ بِهِ إلَخْ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْفَيْءَ مَوْضِعُهُ بَيْتُ الْمَالِ وَالْغَنِيمَةُ تُقَسَّمُ بَيْنَ الْجَيْشِ (قَوْلُهُ وَكَذَا مَهْرُهَا) أَيْ الْمُؤَخَّرُ وَقَوْلُهُ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إلَخْ وَهُوَ الظَّاهِرُ أَيْ أَنَّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا سَرَقَ مِنْ الْغَنِيمَةِ تُقْطَعُ يَدُهُ لِضَعْفِ شُبْهَتِهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا يُفْسَخُ نِكَاحُهُ لِضَعْفِ شُبْهَةِ الْمِلْكِ (قَوْلُهُ لَمْ يُفْسَخْ) هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>