للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَنْقُصُ بِنُقْصَانِهِمْ وَلَا يَبْرَأُ أَحَدٌ مِنْهُمْ إلَّا بِأَدَاءِ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُمْ حُمَلَاءُ وَالْوَصِيَّةُ بِمَالِهِمْ بَعْضُهُ أَوْ كُلُّهُ وَوَرِثُوهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ فَلِأَهْلِ مُوَادَّتِهِمْ إذْ لَا يَنْقُصُ مِنْ الْجِزْيَةِ شَيْءٌ بِمَوْتِ بَعْضِهِمْ وَذَهَبَ ابْنُ حَبِيبٍ إلَى أَنَّ الْأَرْضَ مَوْقُوفَةٌ لِلْجِزْيَةِ لَا تُبَاعُ وَلَا تُورَثُ وَلَيْسَتْ لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا.

(ص) وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ فَهِيَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَمُوتَ بِلَا وَارِثٍ فَلِلْمُسْلِمِينَ وَوَصِيَّتُهُمْ فِي الثُّلُثِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِزْيَةَ الصُّلْحِيَّةَ إذَا وَقَعَتْ مُفَرَّقَةً عَلَى الرِّقَابِ كَعَلَى كُلِّ رَقَبَةٍ كَذَا وَأُجْمِلَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ وَإِلَيْهَا يَعُودُ الضَّمِيرُ مِنْ قَوْلِهِ فَهِيَ لَهُمْ أَيْ فَالْأَرْضُ لَهُمْ يَرِثُونَهَا وَيَبِيعُونَهَا وَتَكُونُ لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا وَتُورَثُ عَنْهُمْ مَعَ مَالِهِمْ إنْ مَاتُوا، فَإِنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ وَلَا وَارِثَ لَهُ فَمَالُهُ وَأَرْضُهُ لِلْمُسْلِمِينَ لَا لِأَهْلِ مَوَدَّتِهِ وَوَصِيَّتُهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فِي الثُّلُثِ فَقَطْ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ وَإِلَّا فَلَهُمْ الْوَصِيَّةُ بِجَمِيعِ مَالِهِمْ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ تَزِيدُ الْجِزْيَةُ بِزِيَادَتِهِمْ وَتَنْقُصُ بِنُقْصَانِهِمْ وَحُكْمُ مَا إذَا فُرِّقَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا حُكْمُ مَا إذَا فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ.

(ص) ، وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَيْهَا أَوْ عَلَيْهِمَا فَلَهُمْ بَيْعُهَا وَخَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِزْيَةَ الصُّلْحِيَّةَ إذَا وَقَعَتْ مُفَرَّقَةً عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ أَيْ وَأُجْمِلَتْ عَلَى الرِّقَابِ أَوْ سَكَتَ عَنْهَا كَعَلَى كُلِّ شَجَرَةٍ كَذَا أَوْ وَقَعَتْ مُفَرَّقَةً عَلَى الْأَرْضِ وَعَلَى الْجَمَاجِمِ مَعًا كَعَلَى كُلِّ شَجَرَةٍ كَذَا وَعَلَى كُلِّ رَأْسٍ كَذَا فَأَرْضُهُمْ لَهُمْ يَبِيعُونَهَا لِمَنْ شَاءُوا وَخَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَانْظُرْ إذَا مَاتَ الْبَائِعُ هَلْ يُتْبَعُ الْمُشْتَرِيَ بِخَرَاجِ الْأَرْضِ دَائِمًا أَوْ وَرَثَةُ الْبَائِعِ وَبِعِبَارَةٍ، وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَيْهَا أَيْ الْأَرْضُ أَوْ عَلَيْهِمَا أَيْ الْأَرْضُ وَالرِّقَابُ فَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ وَهُوَ أَنَّ أَرْضَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا وَلِوَرَثَتِهِمْ إنْ مَاتُوا إلَّا أَنْ يَمُوتُوا بِلَا وَارِثٍ فَلِلْمُسْلِمِينَ كَمَا فِي الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَيُرَادُ هُنَا قَوْلُهُ وَلَهُمْ بَيْعُهَا وَخَرَاجُهَا الْمَضْرُوبُ عَلَيْهَا عَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُسْلِمَ وَسَكَتَ عَنْ الْمَالِ فِي هَذَا الْقِسْمِ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَهُ وَعَلَى كُلِّ حَالٍ الْأَرْضُ لَهُمْ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ إلَّا أَنَّهُمْ إذَا بَاعُوهَا فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ لَا يَكُونُ خَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ وَفِي هَذَا الْقِسْمِ خَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ وَالْمُرَادُ بِخَرَاجِهَا مَا ضُرِبَ عَلَيْهَا.

وَسَكَتَ الْمُؤَلِّفُ عَمَّا إذَا فُصِّلَتْ عَلَى الرِّقَابِ وَأُجْمِلَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَوْ سُكِتَ عَنْهَا هَلْ يَكُونُ عَلَى مَنْ بَاعَ الْأَرْضَ خَرَاجُهَا أَوْ لَا وَذَكَرَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ خَرَاجُهَا عَلَى مَنْ بَاعَهَا بَلْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ أَيْ عَلَى أَهْلِ الصُّلْحِ جَمِيعِهِمْ كَمَا أَنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ

ــ

[حاشية العدوي]

وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِذَلِكَ إشَارَةً لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَنْوِيِّ (قَوْلُهُ فَلِأَهْلِ مُوَادَّتِهِمْ) كَذَا فِي نُسْخَةِ شَيْخِنَا عَبْدِ اللَّهِ كَاتِبًا عَلَيْهَا أَيْ الَّذِينَ يُؤَدُّونَ عَنْهُمْ الْجِزْيَةَ كَذَا ضَبَطَهُ تت بِخَطِّهِ اهـ وَفِي شَرْحِ شب خِلَافُهُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ الْمُرَادُ بِمُوَادَّتِهِمْ مَنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ وَقَدْ ذَكَرُوا أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ فَلَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمْ انْتَهَى قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ وَوَادَدْته مُوَادَّةً وَوِدَادًا وَذَكَرَ قَبْلُ أَنَّ الِاسْمَ الْمَوَدَّةُ.

(تَنْبِيهٌ) : فِي شَرْحِ شب كَمَا أَنَّ الْأَرْضَ لَهُمْ أَمْوَالُهُمْ لَهُمْ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ وَمَالُهُمْ وَالْوَصِيَّةُ بِهِمَا وَوُرِثَا عَنْهُمْ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ فَلِمُوَادَّتِهِمْ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ لَأَفَادَ الْمُرَادَ انْتَهَى (قَوْلُهُ وَخَرَاجُهَا عَلَى الْبَائِعِ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ) وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُقَابِلُهُ مَا لِأَشْهَبَ الْقَائِلِ بِأَنَّ خَرَاجَهَا عَلَى الْمُشْتَرِي فَلَوْ ابْتَاعَهَا الْمُسْلِمُ عَلَى أَنَّ خَرَاجَهَا عَلَيْهِ كَانَ الْبَيْعُ حَرَامًا قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَمُوتَ أَوْ يُسْلِمَ) تَقَدَّمَ مَفْهُومُ يَمُوتُ وَأَنَّ فِيهِ نَظَرًا وَكَذَا يُقَالُ فِي مَفْهُومِ يُسْلِمُ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ تَسْقُطُ عَنْهُ رَأْسًا فَلَا يُطَالَبُ بِهَا بَائِعٌ وَلَا مُشْتَرٍ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ يَسْقُطُ عَنْهُ الْخَرَاجُ وَالْأَرْضُ لَهُ وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَمِثْلُهُ إذَا بَاعَهَا ثُمَّ أَسْلَمَ فَلَا يُطَالَبُ بِهَا الْمُشْتَرِي وَلَا الْبَائِعُ (أَقُولُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ الْبَائِعُ يُتْبَعُ وَرَثَةُ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا حَكَمَ الشَّارِعُ بِأَنَّ الْمَتْبُوعَ الْبَائِعُ يَظْهَرُ أَنَّ التَّعَلُّقَ يَكُونُ مِنْ جِهَتِهِ فَيَلْحَقُ بِهِ وَارِثُهُ لَا الْمُشْتَرِي وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُمْ إذَا أَسْلَمُوا تَسْقُطُ عَنْهُمْ وَعَنْ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ تَكُونُ لَهُمْ إذَا أَسْلَمُوا وَتَسْقُطُ الْجِزْيَةُ عَنْهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَقَدْ تَمَلَّكَهَا مِنْهُمْ الْمُشْتَرِي وَقَوْلُهُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الَّذِي قَبْلَهُ هَذَا هُوَ الَّذِي أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ فَالْحُكْمُ فِيهِمَا سَوَاءٌ وَهُوَ أَنَّ أَرْضَهُمْ لَهُمْ إنْ أَسْلَمُوا إلَخْ (قَوْلُهُ فِي الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ) الْأَوَّلُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَفِي الصُّلْحِيِّ إنْ أُجْمِلَتْ إلَخْ وَالثَّانِي مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ، وَإِنْ فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ إلَخْ وَالثَّالِثُ هُوَ مَا أَشَارَ لَهُ بِقَوْلِهِ وَإِنْ فُرِّقَتْ (قَوْلُهُ وَذَكَرَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ إلَخْ) فَصَارَ الْحَاصِلُ أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ إذَا بَاعَهَا فَخَرَاجُهَا عَلَى أَهْلِ الصُّلْحِ جَمِيعِهِمْ فِي الْقِسْمَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ وَفِي الثَّالِثِ عَلَى الْبَائِعِ فَافْتَرَقَ الْحُكْمُ فِي الْخَرَاجِ عِنْدَ الْبَيْعِ، وَإِنْ سَاوَى الثَّالِثُ الثَّانِيَ فِي شَيْءٍ آخَرَ الَّذِي قَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُهُ.

(تَنْبِيهٌ) : فِي ابْنِ يُونُسَ وَجْهٌ خَامِسٌ وَهُوَ مَا إذَا أُجْمِلَتْ عَلَى الرِّقَابِ دُونَ الْبَلَدِ قَالَ فَلَهُمْ بَيْعُ الْأَرْضِ وَتُورَثُ عَنْهُمْ كَمَا لَوْ كَانَتْ مُفَصَّلَةً عَلَى الْجَمَاعَةِ انْتَهَى (أَقُولُ) قَدْ عَلِمْت مَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي وَهُوَ ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِمَا إذَا فُرِّقَتْ عَلَى الرِّقَابِ وَأُجْمِلَتْ عَلَى الْأَرْضِ أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَرْضِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلرِّقَابِ؛ لِأَنَّ الْأَرْضَ لَا دَخْلَ لَهَا فِي ذَلِكَ وَيَبْقَى مَا إذَا قُسِمَتْ عَلَى الرِّقَابِ وَسَكَتَ عَنْ الْأَرْضِ وَبَاعَ أَحَدٌ أَرْضِهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِالْأَرْضِ خَرَاجٌ عَلَى الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا الَّذِي هُوَ مَضْرُوبٌ عَلَى بَائِعِهَا يَكُونُ عَلَيْهِ مُطْلَقًا وَفِي شَرْحِ عب وَعُلِمَ مِمَّا قَرَّرْنَا أَنَّ كُلًّا مِنْ مَسْأَلَةِ كَوْنِ أَرْضِ الصُّلْحِيِّ وَمَالِهِ لَهُ وَمَسْأَلَةِ وَصِيَّتِهِ بِهِمَا وَمَسْأَلَةِ خَرَاجِ الْأَرْضِ تَجْرِي فِيهِ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ وَهِيَ كَوْنُ الْجِزْيَةِ مُفَرَّقَةً عَلَى الْأَرْضِ فَقَطْ أَوْ عَلَى الرِّقَابِ فَقَطْ أَوْ عَلَيْهِمَا أَوْ مُجْمَلَةً وَسَكَتَ عَنْهَا إذَا أَسْلَمَ فَيَكُونُ لَهُ أَرْضُهُ وَمَالُهُ سَوَاءٌ أُجْمِلَتْ الْجِزْيَةُ عَلَيْهِ أَوْ فُصِّلَتْ عَلَى الرِّقَابِ أَوْ الْأَرْضِ أَوْ عَلَيْهِمَا انْتَهَى وَتَأَمَّلْ فِي الْمَقَامِ تَجِدُ الصُّوَرَ تَزِيدُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>