للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالصُّلْحِيَّةِ وَهَذَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْإِهَانَةِ بِطَرِيقِ الْمَنْطُوقِ وَعَلَى عَوْدِ الضَّمِيرِ عَلَى الْجِزْيَتَيْنِ لَا يُعْلَمُ مِنْهُ حُكْمُ الْإِهَانَةِ إلَّا بِطَرِيقِ الِالْتِزَامِ وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَسَقَطَتَا بِالْإِسْلَامِ، وَلَوْ ظَهَرَ مِنْهُ التَّحَيُّلُ عَلَى إسْقَاطِ الْجِزْيَةِ فِي السِّنِينَ الْمُنْكَسِرَةِ وَهُوَ كَذَلِكَ (ص) كَأَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَإِضَافَةِ الْمُجْتَازِ ثَلَاثًا لِلظُّلْمِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ لِأَجْلِ الظُّلْمِ مَا قَرَّرَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مَعَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ وَهُوَ مِنْ الْحِنْطَةِ مُدَّانِ وَثَلَاثَةُ أَقْسَاطِ زَيْتٍ عَلَى مَنْ كَانَ بِالشَّامِ وَالْحِيرَةِ وَقَرَّرَ عَلَى كُلِّ مَنْ كَانَ بِمِصْرَ إرْدَبًّا مِنْ الْحِنْطَةِ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ وَلَا أَدْرِي كَمْ مِنْ الْوَدَكِ وَالْعَسَلِ وَالْكِسْوَةِ وَقَرَّرَ عَلَيْهِمْ أَيْضًا أَنْ يُضَيِّفُوا مَنْ مَرَّ بِهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَقَرَّرَ عَلَى أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا مِنْ التَّمْرِ فِي كُلِّ شَهْرٍ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ مَعَ كِسْوَةٍ مَعْرُوفَةٍ كَانَ عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَكْسُوهَا النَّاسَ لَا أَدْرِي قَدْرَهَا قَالَهُ مَالِكٌ وَقَوْلُهُ لِلظُّلْمِ عِلَّةٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ.

(ص) وَالْعَنَوِيُّ حُرٌّ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْعَنْوِيَّ بَعْدَ ضَرْبِ الْجِزْيَةِ عَلَيْهِ حُرٌّ فَعَلَى مَنْ قَتَلَهُ خَمْسُمِائَةِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ فِي الْأَرْضِ لِعِمَارَتِهَا مِنْ نَاحِيَةِ الْمَنِّ الَّذِي قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {فَإِمَّا مَنًّا} [محمد: ٤] وَالْمَنُّ الْعَتَاقَةُ فَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ هِبَةِ أَمْوَالِهِمْ وَالصَّدَقَةِ بِهَا وَأَنْ يَحْكُمَ بِذَلِكَ عَلَيْهِمْ الْمُسْلِمُونَ وَأَنْ لَا يُمْنَعُوا مِنْ الْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ وَكَانَ مِيرَاثُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ وَعَلَيْهِ يَأْتِي قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ إذَا أَسْلَمُوا كَانَتْ لَهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلَمْ تُنْزَعْ مِنْهُمْ وَإِلَى هَذَا أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ (ص) ، وَإِنْ مَاتَ أَوْ أَسْلَمَ فَالْأَرْضُ فَقَطْ لِلْمُسْلِمِينَ (ش) أَيْ الْأَرْضُ الْمَعْهُودَةُ فِي قَوْلِهِ وَوُقِفَتْ الْأَرْضُ وَهِيَ الَّتِي أُقِرَّتْ بِيَدِهِ يَوْمَ الْفَتْحِ إذْ لَمْ تُقَرَّ بِيَدِهِ إلَّا لِيَعْمَلَ فِيهَا إعَانَةً عَلَى الْجِزْيَةِ ابْنُ زَرْقُونٍ. وَأَمَّا الْأَرْضُ الَّتِي اشْتَرَاهَا بَعْدَ الْعَنْوَةِ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ فَهِيَ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِ حُكْمُهَا حُكْمُ مَالِهِ عِنْدِي وَلَمْ أَرَ نَصًّا فِيهَا وَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يُفَرِّعَ قَوْلَهُ، وَإِنْ مَاتَ إلَخْ بِالْفَاءِ؛ لِأَنَّهُ مُفَرَّعٌ عَلَى الْحُرِّيَّةِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ فَقَطْ أَنَّ مَالَهُ لَيْسَ لِلْمُسْلِمِينَ لَكِنْ عَلَى تَفْصِيلٍ وَهُوَ أَنَّ مَا اكْتَسَبَهُ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ الْفَتْحِ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْضًا وَمَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَهُ فَهُوَ لَهُ، فَإِنْ قِيلَ مَا هُنَا مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْفَرَائِضِ مِنْ قَوْلِهِ وَمَالُ الْكِتَابِيِّ الْحُرِّ الْمُؤَدِّي لِلْجِزْيَةِ لِأَهْلِ دِينِهِ مِنْ كَوَرَثَتِهِ فَالْجَوَابُ أَنَّ ذَاكَ فِي غَيْرِ الْعَنْوِيِّ جَمْعًا بَيْنَ الْمَوْضِعَيْنِ.

(ص) وَفِي الصُّلْحِيِّ إنْ أُجْمِلَتْ فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ وَالْوَصِيَّةُ بِمَالِهِمْ وَوَرِثُوهَا (ش) الْجَارُ وَالْمَجْرُورُ مُتَعَلِّقٌ بِمُقَدَّرٍ أَيْ وَالْحُكْمُ فِي الصُّلْحِيِّ وَقَوْلُهُ فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ جَوَابُ الشَّرْطِ وَالشَّرْطُ وَجَوَابُهُ خَبَرُ الْمُبْتَدَأِ الْمُقَدَّرِ فَإِذَا أُجْمِلَتْ جِزْيَتُهُمْ عَلَى الْبَلَدِ بِمَا حَوَتْ مِنْ أَرْضٍ وَرِقَابٍ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ مَا يَخُصُّ شَخْصًا وَلَا مَا يَخُصُّ الرِّقَابَ مِنْ الْأَرْضِ فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ إنْ أَسْلَمُوا ابْنُ الْقَاسِمِ وَيَبِيعُونَهَا الْبَاجِيُّ وَلَا يُزَادُ فِي الْجِزْيَةِ بِزِيَادَتِهِمْ وَلَا

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ وَإِضَافَةِ الْمُجْتَازِ ثَلَاثًا) مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ؛ لِأَنَّ هَذَا مِنْ أَرْزَاقِ الْمُسْلِمِينَ ك (قَوْلُهُ ثَلَاثًا) أَيْ ثَلَاثَ لَيَالٍ أَوْ أَيَّامٍ وَحَذْفُ التَّاءِ مَعَ حَذْفِ الْمَعْدُودِ جَائِزٌ، وَلَوْ كَانَ الْمَعْدُودُ مُذَكَّرًا (قَوْلُهُ لِلظُّلْمِ) أَيْ بِأَكْثَرَ مِمَّا فَرَضَ عَلَيْهِمْ (قَوْلُهُ مُدَّانِ) الَّذِي فِي تت صَاعٌ وَاَلَّذِي فِي الْمَوَّاقِ مُدَّانِ تَثْنِيَةُ مُدٍّ مِكْيَالٌ يَسَعُ سَبْعَةَ عَشَرَ صَاعًا (قَوْلُهُ وَثَلَاثَةُ أَقْسَاطِ زَيْتٍ) كُلُّ قِسْطٍ ثَلَاثَةُ أَرْطَالٍ بِالشَّامِّي لَا بِالْمِصْرِيِّ وَبِعِبَارَةٍ أُخْرَى وَزْنُ كُلِّ قِسْطٍ تِسْعَةُ أَرْطَالٍ (قَوْلُهُ وَالْحِيرَةِ) نُسْخَةُ ك وَالْجَزِيرَةُ قَالَ وَاَلَّذِي فِي عِبَارَةِ بَعْضِهِمْ وَالْحِيرَةِ بِالْكَسْرِ بَلَدٌ قَرِيبٌ مِنْ الْكُوفَةِ بَدَلَ الْجَزِيرَةِ؛ لِأَنَّ الْجَزِيرَةَ يُمْنَعُونَ مِنْ سُكْنَاهُمْ فِيهَا (قَوْلُهُ وَلَا أَدْرِي كَمْ إلَخْ) اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِاجْتِهَادِ الْإِمَامِ.

(قَوْلُهُ وَالْعَنَوِيُّ حُرٌّ) أَيْ وَالصُّلْحِيُّ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ وَكَانَ مِيرَاثُهُمْ) عَطْفُ مُسَبِّبٍ عَلَى سَبَبٍ أَيْ؛ لِأَنَّهُمْ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَارِثٌ مِنْ أَهْلِ دِينِهِمْ فَمِيرَاثُهُمْ لِلْمُسْلِمِينَ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ) أَيْ عَلَى أَنَّهُ حُرٌّ الَّذِي هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَمُقَابِلُهُ يَقُولُ إنَّهُ عَبْدٌ لِلْمُسْلِمِينَ وَيَتَرَتَّبُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى شُعُورِ نِسَاءِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَلَا صُدُورِهِنَّ وَعَلَى أَنَّهُنَّ إمَاءٌ فَيَجُوزُ ذَلِكَ (قَوْلُهُ إلَّا لِيَعْمَلَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ وَلَدَهُ عَلَيْهِ الْجِزْيَةُ فَقَضِيَّتُهُ أَنَّهَا تُورَثُ مَعَ أَنَّ الْمُصَنِّفَ قَالَ فَالْأَرْضُ لِلْمُسْلِمِينَ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَارِثٌ أَمْ لَا (قَوْلُهُ حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ الشِّرَاءُ) أَيْ بِأَنْ كَانَتْ أَرْضَ مَوَاتٍ كَمَا أَفَادَهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا احْتَرَزَ بِذَلِكَ عَنْ أَرْضِ الزِّرَاعَةِ فَإِنَّهَا وَقْفٌ لَا يَجُوزُ شِرَاؤُهَا (قَوْلُهُ إنَّ مَا اكْتَسَبَهُ مِنْ الْمَالِ قَبْلَ الْفَتْحِ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت إنَّهُ قَبْلَ الْفَتْحِ غَنِيمَةٌ قُلْت إنَّهُ إذَا أَقَرَّ فِي الْبِلَادِ لَا بُدَّ أَنْ يُتْرَكَ لَهُ شَيْءٌ يَتَعَيَّشُ بِهِ (قَوْلُهُ فَهُوَ لِلْمُسْلِمِينَ) أَيْ فِي بَيْتِ الْمَالِ هَذَا وَأَفَادَ بَعْضُ شُيُوخِنَا قَائِلًا وَاَلَّذِي فِي عج أَنَّ الْمُعْتَمَدَ خِلَافُ هَذَا التَّفْصِيلِ وَهُوَ أَنَّهُ إنْ مَاتَ فَإِنَّ مَالَهُ لِلْمُسْلِمِينَ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ سَوَاءٌ اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْفَتْحِ أَوْ قَبْلَهُ اهـ (أَقُولُ) وَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ نُخْبِرُك بِنَصِّ الشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَّذِي هُوَ أَصْلُ عِبَارَةِ الشَّارِحِ وَهُوَ. وَأَمَّا غَيْرُ الْأَرْضِ مِنْ جَمِيعِ أَمْوَالِهِمْ فَلَهُ أَوْ لِوَارِثِهِ وَشَهَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ لَكِنْ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالُهُ وَلَا أَرْضُهُ وَلَا دَارُهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ يُرِيدُ مَالَهُ الَّذِي اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ. وَأَمَّا مَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْفَتْحِ فَهُوَ لَهُ اهـ فَمَفْهُومُ الْأَرْضِ فَقَطْ فِيهِ تَفْصِيلٌ عَلَى مَا عِنْدَ ابْنِ يُونُسَ فَلَا يُعْتَرَضُ بِهِ عَلَى الْمُصَنِّفِ اهـ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا مَاتَ فَمَالُهُ لِوَارِثِهِ إنْ كَانَ لَهُ وَارِثٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ فَمَالُهُ لِلْمُسْلِمِينَ أَيْ مَالُهُ الَّذِي بِيَدِهِ حِينَ الْمَوْتِ اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ أَوْ بَعْدَهُ وَبَقِيَ بِيَدِهِ (وَأَقُولُ) ظَهَرَ لَك أَنَّ الْخِلَافَ فِيمَا إذَا أَسْلَمَ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَالَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ غَنِيمَةٌ وَقَدْ أَجَبْنَا بِمَا تَقَدَّمَ فَإِنْ قُلْت يُسْتَبْعَدُ كَوْنُهُ إذَا لَمْ يُسْلِمْ يَبْقَى ذَلِكَ الْمَالُ بِيَدِهِ وَإِذَا أَسْلَمَ يُنْتَزَعُ مِنْهُ قُلْت لَا بَعْدَ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ يَصِيرُ لَهُ اسْتِحْقَاقٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ (أَقُولُ) وَيُمْكِنُ جَوَابٌ آخَرُ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ هَذَا الْمَالَ الَّذِي اكْتَسَبَهُ قَبْلَ الْفَتْحِ لَمْ يَظْهَرْ حِينَ فَتْحِ الْبِلَادِ حَتَّى يُقْسَمَ بَيْنَ الْغَانِمِينَ وَمَا ظَهَرَ إلَّا بَعْدَ تَفَرُّقِ الْجَيْشِ فَصَارَ لَا مَوْضِعَ لَهُ إلَّا بَيْتُ الْمَالِ هَذَا مَا ظَهَرَ وَعَلَيْك بِالتَّأَمُّلِ فِي الْمَقَامِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ فَلَهُمْ أَرْضُهُمْ إنْ أَسْلَمُوا) وَأَوْلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>