مَالٍ وَبِعَقْدٍ أَيْ الْعَقْدُ عَلَى مَالٍ وَبِإِذْنِ الْإِمَامِ أَيْ إذْنِ الْإِمَامِ مَعَ مَالٍ أَيْ مَصْحُوبًا بِمَالٍ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَالَ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ.
(ص) لِلْعَنَوِيِّ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فِي سَنَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْمِقْدَارَ الَّذِي يُضْرَبُ عَلَى كُلٍّ مِنْ أَهْلِ الْعَنْوَةِ هِيَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا فِي كُلِّ سَنَةٍ ثُمَّ يُنْظَرُ عِنْدَ أَخْذِهَا فَمَنْ كَانَ غَنِيًّا بِذَلِكَ أُخِذَ مِنْهُ وَمَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى بَعْضِهِ أُخِذَ مِنْهُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَمَنْ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى شَيْءٍ سَقَطَتْ عَنْهُ وَلَا يُطْلَبُ بِهَا بَعْدَ غِنَاهُ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ يُعْلَمْ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَيْ ابْنِ الْحَاجِبِ حُكْمُ أَهْلِ غَيْرِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونَ عَلَى نَقْلِ بَعْضِ الشُّيُوخِ، وَإِنْ كَانُوا أَهْلَ إبِلٍ فَمَا رَاضَاهُمْ عَلَيْهِ الْإِمَامُ اهـ مَا رَاضَاهُمْ عَلَيْهِ ابْتِدَاءً أَوْ عِنْدَ الْأَخْذِ وَأَهْلُ الْمَعَزِ وَالضَّأْنِ وَالْعُرُوضِ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ.
(ص) وَالظَّاهِرُ آخِرُهَا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِمَّنْ ضُرِبَتْ عَلَيْهِ آخِرَ الْحَوْلِ كَمَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَهُوَ الْقِيَاسُ كَالزَّكَاةِ وَمِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ ابْنُ رُشْدٍ، وَكَذَلِكَ الصُّلْحِيَّةُ إذَا وَقَعَتْ مُبْهَمَةً وَآخِرُهَا مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَوْ مَفْعُولٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ أَيْ إنَّهَا تُؤْخَذُ آخِرُهَا.
(ص) وَنَقَصَ الْفَقِيرُ بِوُسْعِهِ وَلَا يُزَادُ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْجِزْيَةَ تُؤْخَذُ مِنْ الْفَقِيرِ بِقَدْرِ حَالِهِ، وَلَوْ دِرْهَمًا وَاحِدًا وَلَا يُزَادُ الْغَنِيُّ عَلَى الْقَدْرِ الْمُتَقَدَّمِ ذِكْرُهُ.
(ص) وَلِلصُّلْحِيِّ مَا شَرَطَ، وَإِنْ أَطْلَقَ فَكَالْأَوَّلِ (ش) تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى الْجِزْيَةِ الْعَنْوِيَّةِ وَالْكَلَامُ الْآنَ فِي الْجِزْيَةِ الصُّلْحِيَّةِ وَهِيَ عَلَى مَا شَرَطَ إنْ رَضِيَ الْإِمَامُ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ وَلَهُ أَنْ لَا يَرْضَى بِمَا شَرَطَ وَيُقَاتِلُهُ، وَلَوْ بَذَلَ أَضْعَافَ الْأَوَّلِ عَلَى الْمَذْهَبِ وَمَا يَأْتِي ضَعِيفٌ، وَإِنْ أَطْلَقَ فِي صُلْحِهِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ قَدْرًا فَعَلَيْهِ مَا يَلْزَمُ الْعَنْوِيَّ وَهُوَ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا.
(ص) وَالظَّاهِرُ إنْ بَذَلَ الْأَوَّلُ حَرُمَ قِتَالُهُ (ش) يَعْنِي أَنَّ ابْنَ رُشْدٍ اسْتَظْهَرَ أَنَّ الصُّلْحِيَّ إذَا بَذَلَ الْقَدْرَ الَّذِي عَلَى الْعَنْوِيِّ أَنَّهُ يَلْزَمُ الْإِمَامَ أَنْ يَقْبَلَهُ مِنْهُ وَيَحْرُمُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يُقَاتِلَهُ وَحَقُّهُ أَنْ يُعَبِّرَ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عِنْدِ ابْنِ رُشْدٍ لَا مِنْ الْخِلَافِ.
(ص) مَعَ الْإِهَانَةِ عِنْدَ أَخْذِهَا (ش) أَيْ وَتُؤْخَذُ كُلٌّ مِنْ الْجِزْيَتَيْنِ مَعَ الْإِهَانَةِ وُجُوبًا أَيْ الْإِذْلَالُ وَالشِّدَّةُ لَهُمْ عِنْدَ أَخْذِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩] وَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِهِمْ عَدَمُ قَبُولِ التَّائِبِ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ حُصُولُ الْإِهَانَةِ وَالْإِذْلَالِ لِكُلِّ أَحَدٍ بِعَيْنِهِ عَسَى أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مُقْتَضِيًا لِرَغْبَتِهِمْ فِي الْإِسْلَامِ.
(ص) وَسَقَطَتَا بِالْإِسْلَامِ (ش) أَيْ الْجِزْيَةُ وَالْإِهَانَةُ وَالْمُرَادُ بِالْجِزْيَةِ الْمُطْلَقَةُ الشَّامِلَةُ لِلْعَنَوِيَّةِ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الْمَالَ شَرْطٌ لَا رُكْنٌ) أَيْ الْمَالُ شَرْطٌ فِي عَقْدِ الذِّمَّةِ لَا رُكْنٌ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ تَقُولَ فِي عَقْدِ الْجِزْيَةِ ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّهُمْ بِغَيْرِ جِزْيَةٍ أَخْطَأَ وَيُخَيَّرُونَ بَيْنَ الْجِزْيَةِ وَالرَّدِّ لِمَأْمَنِهِمْ فَيَظْهَرُ أَنَّهُ إمَّا رُكْنٌ أَوْ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَلَا يَفْتَرِقُ شَرْطُ الصِّحَّةِ مَعَ الرُّكْنِ إلَّا فِي الدُّخُولِ خَارِجَ الْمَاهِيَّةِ وَعَدَمِهِ.
(قَوْلُهُ لِلْعَنَوِيِّ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَاللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى وَأَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا بَيَانِيًّا جَوَابٌ عَنْ سُؤَالٍ مُقَدَّرٍ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ أَنْتِ ذَكَرْت الْمَالَ فَمَا مِقْدَارُهُ فَقَالَ عَلَى الْعَنْوِيِّ كَذَا وَالصُّلْحِيِّ مَا شَرَطَ وَالْعَنَوِيُّ مَنْسُوبٌ لِلْعَنْوَةِ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَهِيَ الْقَهْرُ وَالْغَلَبَةُ (قَوْلُهُ أَرْبَعَةُ دَنَانِيرَ) شَرْعِيَّةٌ وَهِيَ أَكْبَرُ مِنْ دَنَانِيرِ مِصْرَ وَقَوْلُهُ أَوْ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا شَرْعِيَّةٌ وَهِيَ أَقَلُّ مِنْ دَرَاهِمِ مِصْرَ (قَوْلُهُ فِي سَنَةٍ) أَيْ فِي كُلِّ سَنَةٍ أَيْ قَمَرِيَّةٍ أَيْ لِئَلَّا يَضِيعَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ سَنَةٌ فِي نَحْوِ ثَلَاثِينَ سَنَةً وَذَلِكَ يَعُمُّ الْعَنْوِيَّ وَالصُّلْحِيَّ (قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْظُرُ عِنْدَ أَخْذِهَا) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ يُضْرَبُ عَلَيْهِ مَتَى كَانَ قَادِرًا عَلَى الِاكْتِسَابِ ثُمَّ يُنْظَرُ عِنْدَ الْأَخْذِ.
(قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ آخِرُهَا) وَمَنْ اُجْتُمِعَتْ عَلَيْهِ جِزْيَةُ سَنَتَيْنِ أَخَذَ بِهِمَا إنْ كَانَ لِفِرَارٍ لَا لِعُسْرٍ؛ لِأَنَّ الْفَقِيرَ لَا جِزْيَةَ عَلَيْهِ وَلَا يُطَالَبُ بِهَا بَعْدَ غِنَاهُ وَلَا تَثْبُتُ لِمُدَّعِيهَا إلَّا بِبَيِّنَةٍ أَوْ دَلِيلٍ وَتَعْبِيرُهُ بِالِاسْمِ لَا يُوَافِقُ مُصْطَلَحَهُ وَالْمُوَافِقُ التَّعْبِيرُ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ وَمِثْلُهُ لِلْبَاجِيِّ) أَيْ فَهَذَا الِاسْتِظْهَارُ مِنْ الْمُصَنِّفِ مُوَافِقٌ لِلْبَاجِيِّ (قَوْلُهُ أَوْ مَفْعُولٌ) ظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَفْعُولٌ بِهِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ أَيْ يُؤْخَذُ فِي آخِرِهَا وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا كَانَ يَحْصُلُ لَهُ الْيَسَارُ فِي الْآخِرِ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَحْصُلُ لَهُ الْيَسَارُ فِي الْأَوَّلِ أُخِذَتْ فِيهِ؛ لِأَنَّ تَأَخُّرَهَا لِآخِرِهَا يُؤَدِّي لِسُقُوطِهَا.
(قَوْلُهُ وَنَقَصَ الْفَقِيرُ) أَيْ عِنْدَ الْأَخْذِ لَا عِنْدَ الضَّرْبِ؛ لِأَنَّهَا تُضْرَبُ عَلَيْهِ كَامِلَةً كَمَا فِي ك وَقَوْلُهُ بِوُسْعِهِ مَعْمُولٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ وَأُخِذَ مِنْهُ بِوُسْعِهِ أَوْ ضَمِنَ مَعْنَى اُعْتُبِرَ أَيْ اُعْتُبِرَ الْفَقِيرُ بِوُسْعِهِ أَيْ طَاقَتِهِ.
(قَوْلُهُ وَلِلصُّلْحِيِّ مَا شَرَطَ) بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ وَقَوْلُهُ إنْ رَضِيَ إشَارَةً إلَى أَنَّ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ حَذْفًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى قِرَاءَتِهِ بِالْبِنَاءِ لِلْفَاعِلِ كَمَا قُلْنَا وَيَصِحُّ أَنْ يُقْرَأَ بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَيْ وَيَكُونُ الشَّرْطُ إمَّا مِنْ الْإِمَامِ أَوْ مِنْ الْحَرْبِيِّ وَلَا بُدَّ مِنْ الرِّضَا عَلَى كُلٍّ وَقَوْلُهُ مَا يَأْتِي ضَعِيفٌ أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ أَيْ الْإِذْلَالِ وَالشِّدَّةِ إلَخْ) وَحَدُّ مَا قِيلَ فِي إهَانَتِهِ أَنْ يُجْمَعُوا يَوْمَ أَخْذِهَا بِمَكَانٍ مَشْهُورٍ كَسُوقٍ وَيَحْضُرُوا فِيهِ قَائِمِينَ عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَأَعْوَانُ الشَّرِيعَةِ فَوْقَ رُءُوسِهِمْ يُخَوِّفُونَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَظْهَرَ لَهُمْ وَلِغَيْرِهِمْ أَنْ مَقْصِدَنَا مِنْهُمْ إظْهَارُ ذُلِّهِمْ لَا أَخْذُ أَمْوَالِهِمْ وَيَرَوْنَ أَنَّ لَنَا الْفَضْلَ فِي قَبُولِهَا مِنْهُمْ وَتَرْكِهِمْ ثُمَّ يُجْذَبُ كَافِرٌ بَعْدَ كَافِرٍ لِقَبْضِهَا وَيُصْفَعُ عَلَى عُنُقِهِ وَيُدْفَعُ دَفْعًا كَأَنَّمَا خَرَجَ مِنْ تَحْتِ السَّيْفِ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَنْبَغِي اسْتِحْضَارُ مَا جُبِلُوا عَلَيْهِ مِنْ بُغْضِهِمْ لَنَا وَتَكْذِيبِ نَبِيِّنَا وَأَنَّهُمْ لَوْ قَدَرُوا عَلَيْنَا لَاسْتَأْصَلُونَا شَيْئًا فَشَيْئًا وَاسْتَوْلَوْا عَلَى دِمَائِنَا