للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الْمُخَاطَبَةِ بِالْهَدْيِ وَالتَّهَجُّدِ وَهُوَ صَلَاةُ اللَّيْلِ بَعْدَ نَوْمٍ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْوِتْرِ وَقَوْلُهُ بِحَضَرٍ يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلْوِتْرِ كَمَا قَالَ الْقَرَافِيُّ إنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا عَلَيْهِ بِالسَّفَرِ بِدَلِيلِ إيتَارِهِ فِيهِ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلتَّهَجُّدِ وَالْوِتْرِ وَلِصَلَاةِ الضُّحَى.

(ص) وَالسِّوَاكِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ السِّوَاكُ حَضَرًا وَسَفَرًا لِكُلِّ صَلَاةٍ قَالَهُ الشَّافِعِيَّةُ قَالَ بَعْضٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُؤَلِّفُ وَلَا غَيْرُهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا عَلِمْت مَا هُوَ الَّذِي كَانَ فَرْضًا عَلَيْهِ مِنْهُ.

(ص) وَتَخْيِيرِ نِسَائِهِ فِيهِ (ش) أَيْ وَمِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُخَيِّرَ نِسَاءَهُ أَيْ فِي الْمُقَامِ مَعَهُ طَلَبًا لِلْآخِرَةِ أَوْ مُفَارَقَتِهِ طَلَبًا لِلدُّنْيَا وَالْأَصَحُّ أَنَّ مَنْ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا تَبَيَّنَ بِمُجَرَّدِ اخْتِيَارِهَا وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ التَّخْيِيرَ الَّذِي يُوقِعْنَ فِيهِ الثَّلَاثَ كَمَا ظَنَّهُ قَوْمٌ وَهُوَ ظَنُّ سَوْءٍ بِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ يُخَيِّرَ فِي إيقَاعِ الثَّلَاثِ؛ لِأَنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَمِنْ الْخَصَائِصِ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَا يَتَكَلَّمُ إذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ لَكِنْ نُسِخَ هَذَا.

(ص) وَطَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ (ش) هَذَا شُرُوعٌ مِنْهُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي ذِكْرِ شَيْءٍ مِمَّا وَجَبَ عَلَيْنَا لِأَجْلِهِ بَعْدَ أَنْ أَنْهَى الْكَلَامَ عَلَى مَا أَرَادَهُ مِمَّا خُصَّ بِوُجُوبِهِ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذَا وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَى زَوْجَةِ شَخْصٍ وَرَغِبَ فِيهَا وَجَبَ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُطَلِّقَهَا لِيَتَزَوَّجَهَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا طَلَّقَهَا ذَلِكَ الشَّخْصُ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ يَخْطُبَهَا وَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا رَغِبَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي خَلِيَّةٍ أَنْ لَا يَخْطُبَهَا غَيْرُهُ وَتَجِبُ عَلَيْهَا الْإِجَابَةُ لَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعَمَّمَ بَعْضُهُمْ هَذَا فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -.

(ص) وَإِجَابَةِ الْمُصَلِّي (ش) يَعْنِي أَنَّ مِنْ خَصَائِصِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنَّهُ إذَا خَاطَبَ شَخْصًا فِي حَالِ صَلَاتِهِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى ذَلِكَ الشَّخْصِ أَنْ يُجِيبَهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَعُمُومُ مَا مَرَّ فِي قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ أَوْ وَجَبَ لِإِنْقَاذِ أَعْمَى يُشْعِرُ بِبُطْلَانِ صَلَاةِ الْمُجِيبِ.

(ص) وَالْمُشَاوَرَةِ (ش) هَذَا مِنْ الْقِسْمِ الَّذِي يَجِبُ عَلَيْهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَعْنِي

ــ

[حاشية العدوي]

قَوْلُهُ فِي الْمُخَاطَبَةِ بِالْهَدْيِ) أَيْ إنْ حَصَلَ مُوجِبُهُ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُخْتَارِ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ قَوْلَانِ أَوَّلُهُمَا أَنَّهُ الصَّلَاةُ بَعْدَ الْعِشَاءِ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ النَّوْمِ أَوْ بَعْدَهُ وَقِيلَ التَّهَجُّدُ هُوَ النَّوْمُ وَالصَّلَاةُ بَعْدَهُ فَهُوَ مَجْمُوعُ الْأَمْرَيْنِ بَقِيَ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَى هَذَا الْمُخْتَارِ أَنَّ مَنْ لَمْ يَنَمْ وَصَلَّى آخِرَ اللَّيْلِ لَا يُقَالُ لَهُ مُتَهَجِّدٌ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ ثَوَابُ الْمُتَهَجِّدِ وَهُوَ بَعِيدٌ غَايَةَ الْبُعْدِ إلَّا أَنْ يُرَادَ بَعْدَ النَّوْمِ أَيْ بَعْدَ وَقْتِ النَّوْمِ نَامَ أَمْ لَا أَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ بَعْدَ النَّوْمِ نَظَرًا لِلْأَغْلَبِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَظْهَرُ مَا قِيلَ فِي الضُّحَى فَيُقَالُ الْوَاجِبُ الْمَاهِيَّةُ الْمُتَحَقِّقَةُ فِي رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ (قَوْلُهُ يُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلْوِتْرِ) أَيْ فَقَطْ أَيْ. وَأَمَّا التَّهَجُّدُ وَالضُّحَى فَجَرَيَانُهُ فِيهِ يُفْهَمُ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْوِتْرُ مَعَ سُهُولَتِهِ يَتَقَيَّدُ بِالْحَضَرِ فَأَوْلَى مَا هُوَ أَشَقُّ مِنْهُ كَالتَّهَجُّدِ إلَخْ أَيْ فَمَآلُ الِاحْتِمَالَيْنِ وَاحِدٌ (قَوْلُهُ وَيُحْتَمَلُ رُجُوعُهُ لِلتَّهَجُّدِ) أَيْ. وَأَمَّا الضَّحِيَّةُ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهَا التَّقْيِيدُ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا.

(قَوْلُهُ وَالسِّوَاكِ) بِمَعْنَى الِاسْتِيَاكِ لَا بِمَعْنَى الْآلَةِ (قَوْلُهُ وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُؤَلِّفُ وَغَيْرُهُ مِنْ الْمَالِكِيَّةِ) أَيْ. وَأَمَّا الشَّافِعِيَّةُ فَقَدْ عَلِمَتْ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ مِنْهُ عِنْدِهِمْ نَعَمْ قَوْلُهُ لِكُلِّ صَلَاةٍ هَلْ الْمُرَادُ فَرِيضَةً أَوْ نَافِلَةً وَكَذَا يُقَالُ الْوَاجِبُ مَاهِيَّةُ الِاسْتِيَاكِ الْمُتَحَقِّقَةِ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ.

(قَوْلُهُ وَالْأَصَحُّ إلَخْ) وَمُقَابِلُهُ أَنَّهَا لَا تَبِينُ بِمُجَرَّدِ الِاخْتِيَارِ كَمَا أَفَادَهُ الْحَطَّابُ وَكَانَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ الضَّحَّاكِ فِي عِصْمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاخْتَارَتْ الدُّنْيَا فَفَارَقَهَا - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَكَانَتْ بَعْدَ ذَلِكَ تَلْتَقِطُ الْبَعْرَ وَتَقُولُ هِيَ الشَّقِيَّةُ اخْتَارَتْ الدُّنْيَا قَالَ فِي الْمَوَاهِبِ اللَّدُنِّيَّةِ هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ إِسْحَاقَ قَالَ أَبُو عُمَرَ هَذَا عِنْدَنَا غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ ابْنَ شِهَابٍ يَرْوِي عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ خُيِّرَ فِي نِسَائِهِ بَدَأَ بِهَا فَاخْتَارَتْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَتَابَعَ أَزْوَاجُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى (قَوْلُهُ إذَا أَحْدَثَ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا إلَخْ (قَوْلُهُ لَكِنْ نُسِخَ هَذَا) أَيْ الَّذِي هُوَ قَوْلُهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ لِكُلِّ صَلَاةٍ إلَخْ وَقَوْلُهُ وَلَا يَتَكَلَّمُ مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ.

(قَوْلُهُ وَطَلَاقِ مَرْغُوبَتِهِ) أَيْ عَلَى الْفَرْضِ وَالتَّقْدِيرِ لِكَوْنِهِ لَمْ يَقَعْ ذَلِكَ مِنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا يَرُدُّ عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ} [الأحزاب: ٣٧] ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَمْرُ اللَّهِ بِتَزْوِيجِهَا إذَا فَارَقَهَا زَيْدٌ فَهُوَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا رَغِبَ فِي بَقَائِهَا تَحْتَ زَيْدٍ وَمَا عَدَا ذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ كَمَا أَفَادَهُ السَّنُوسِيُّ فِي صُغْرَى الصُّغْرَى وَمَا عَدَا ذَلِكَ هُوَ مَا يَعْتَقِدُهُ بَعْضُ الْجَهَلَةِ أَنَّ الَّذِي أَخْفَاهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَفْسِهِ هُوَ الْعِشْقُ بِحُبِّ زَيْنَبَ وَحُبِّ فِرَاقِ زَيْدٍ لَهَا لِيَتَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ وَمَعَ ذَلِكَ أَمَرَهُ بِإِمْسَاكِهَا حَيَاءً مِنْهُ وَخَشْيَةً مِنْ مَقَالَةِ النَّاسِ انْتَهَى. وَالْحَاصِلُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ أَنَّ نِكَاحَ زَيْنَبَ كَانَ بِأَمْرِ اللَّهِ نَسَخَ مَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ مِنْ تَحْرِيمِ أَزْوَاجِ الْأَدْعِيَاءِ وَإِنَّمَا أَخْفَى فِي نَفْسِهِ ذَلِكَ خَوْفًا مِنْ طَعْنِ الْمُنَافِقِينَ وَتَوْضِيحُهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمَّا أَرَادَ نَسْخَ ذَلِكَ التَّحْرِيمِ أَوْحَى إلَيْهِ أَنَّ زَيْدًا إذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فَتَزَوَّجْ بِهَا فَلَمَّا حَضَرَ زَيْدٌ لِيُطَلِّقَهَا خَافَ أَنَّهُ إنْ طَلَّقَهَا لَزِمَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا وَيَصِيرُ سَبَبًا لِطَعْنِهِمْ فِيهِ فَقَالَ لِزَيْدٍ أَمْسِكْ عَلَيْك زَوْجَك وَأَخْفَى فِي نَفْسِهِ مَا أَوْحَى إلَيْهِ وَعَزْمَهُ عَلَى نِكَاحِهَا فَلِذَلِكَ عُوتِبَ انْتَهَى وَمَرْغُوبَتِهِ فِيهِ الْحَذْفُ وَالْإِيصَالُ وَالْأَصْلُ مَرْغُوبٌ فِيهَا قَالَ الْبَدْرُ وَانْظُرْ لَوْ امْتَنَعَ زَوْجُهَا مِنْ طَلَاقِ الْمَرْغُوبَةِ هَلْ تَطْلُقُ عَلَيْهِ وَهَلْ عَلَيْهِ شَيْءٌ.

(قَوْلُهُ وَعُمُومُ مَا مَرَّ) أَيْ أَنَّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْكَلَامُ فِي صَلَاتِهِ وَتَكَلَّمَ تَبْطُلُ صَلَاتُهُ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ وَبَيَّنَّا فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِ إجَابَتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَتَقْدِيمِهَا عَلَى الصَّلَاةِ وَهَلْ تَبْقَى الصَّلَاةُ مَعَهَا أَوْ تَبْطُلُ مَسْأَلَةٌ أُخْرَى وَهَذِهِ الْخُصُوصِيَّةُ يُشَارِكُهُ فِيهَا غَيْرُهُ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرَ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ أَنَّ الصَّلَاةَ لَا تَبْطُلُ بِإِجَابَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِثْلُهَا فِي عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ إذَا ابْتَدَأَهُ الْمُصَلِّي بِالْخِطَابِ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْك أَوْ سَلَامٌ عَلَيْك قَالَهُ النَّوَوِيُّ قَالَ عج وَالظَّاهِرُ حِينَئِذٍ قَصْرُهُ عَلَى مَا فِيهِ ذِكْرٌ كَمَا عَبَّرَ بِهِ النَّوَوِيُّ لَا مَا كَانَ كَلَامًا أَجْنَبِيًّا وَظَاهِرُ قَوْلِ بَهْرَامَ لَا تَبْطُلُ صَلَاتُهُ بِإِجَابَتِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ إجَابَتِهِ بِنَحْوِ نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ نَحْوِ

<<  <  ج: ص:  >  >>