للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عِدَةٌ مِنْ أَحَدِهِمَا (ش) تَقَدَّمَ إذَا وَعَدَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ بِالنِّكَاحِ أَنَّهُ حَرَامٌ؛ لِأَنَّهَا مُفَاعَلَةٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ. وَأَمَّا إذَا وَعَدَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ دُونَ أَنْ يَعِدَهُ الْآخَرُ فَهَذَا مَكْرُوهٌ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْصُلَ مَا وَعَدَ بِهِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ إخْلَافِ الْوَعْدِ.

(ص) وَتَزْوِيجُ زَانِيَةٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ الْمُتَجَاهِرَةَ بِالزِّنَا فَإِنْ تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا وَالْمُرَادُ بِالزَّانِيَةِ مَنْ شَأْنُهَا ذَلِكَ بِأَنْ يُعْرَفَ ذَلِكَ مِنْهَا ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَمْ لَا. وَأَمَّا مَنْ تُكَلِّمَ فِيهَا وَلَيْسَ شَأْنُهَا ذَلِكَ فَلَا كَرَاهَةَ (ص) أَوْ مُصَرَّحٍ لَهَا بَعْدَهَا (ش) أَيْ وَمِمَّا هُوَ مَكْرُوهٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ الرَّجُلُ الْمَرْأَةَ الَّتِي صَرَّحَ لَهَا بِالْخِطْبَةِ أَيْ أَوْ وَاعَدَهَا فِي الْعِدَّةِ ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا بَعْدَ عِدَّتِهَا وَنُدِبَ فِرَاقٌ مَا ذُكِرَ مِنْ الزَّانِيَةِ وَالْمُصَرَّحِ لَهَا بِالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ إذَا تَزَوَّجَهَا بَعْدَهَا وَإِلَيْهِ الْإِشَارَةُ بِقَوْلِهِ (وَنُدِبَ فِرَاقُهَا) أَيْ فِرَاقُ مَا ذُكِرَ مِنْ الزَّانِيَةِ وَالْمُصَرَّحِ لَهَا فِي الْعِدَّةِ.

(ص) وَعَرْضُ رَاكِنَةٍ لِغَيْرٍ عَلَيْهِ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ لِمَنْ عَقَدَ عَلَى امْرَأَةٍ رَكَنَتْ لِغَيْرِهِ أَنْ يَعْرِضَهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ حَلَّلَهُ وَسَامَحَهُ مِنْهَا فَلَا كَلَامَ وَإِلَّا يُحَلِّلْهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ رَاجِعٌ لِلْغَيْرِ الَّذِي كَانَتْ رَكَنَتْ إلَيْهِ وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْفَسْخِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالْمَذْهَبُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ يَفْسَخُ إنْ لَمْ يَبْنِ.

(ص) وَرُكْنُهُ وَلِيٌّ وَصَدَاقٌ وَمَحَلٌّ وَصِيغَةٌ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّ النِّكَاحَ لَهُ أَرْكَانٌ خَمْسَةٌ مِنْهَا الْوَلِيُّ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحٌ بِدُونِهِ وَمِنْهَا الصَّدَاقُ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحٌ بِغَيْرِ صَدَاقٍ لَكِنْ لَا يُشْتَرَطُ ذِكْرُهُ عِنْدَ عَقْدِ النِّكَاحِ لِجَوَازِ نِكَاحِ التَّفْوِيضِ فَإِنَّهُ عَقْدٌ بِلَا ذِكْرِ مَهْرٍ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إسْقَاطِهِ أَوْ اشْتَرَطَا إسْقَاطَهُ أَصْلًا فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَصِحُّ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ بِإِسْقَاطِهِ وَمِنْهَا الْمَحَلُّ أَيْ مَا تَقُومُ بِهِ الْحَقِيقَةُ وَهِيَ لَا تَقُومُ إلَّا مِنْ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ الْخَالِيَيْنِ مِنْ الْمَوَانِعِ الشَّرْعِيَّةِ كَالْإِحْرَامِ وَالْمَرَضِ وَغَيْرِ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ الَّتِي لَا تَقُومُ إلَّا بِمُتَعَدِّدٍ وَمِنْهَا الصِّيغَةُ الصَّادِرَةُ مِنْ الْوَلِيِّ وَمِنْ الزَّوْجِ أَوْ مِنْ وَكَيْلِهِمَا الدَّالَّةِ عَلَى انْعِقَادِ النِّكَاحِ ابْنُ الْحَاجِبِ هِيَ لَفْظٌ يَدُلُّ عَلَى

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْصُلَ مَا وَعَدَ بِهِ إلَخْ) الظَّاهِرُ التَّعْلِيلُ بِخِلَافِهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ لَمَّا مَنَعَ النِّكَاحَ فِي الْعِدَّةِ وَالْخِطْبَةَ فِيهَا وَالْمُوَاعَدَةَ مِنْ الْجَانِبَيْنِ عُلِمَ أَنَّ الْقَصْدَ التَّبَاعُدُ مِنْ ذَلِكَ النِّكَاحِ مِنْ فِعْلِهِ وَفِعْلِ أَسْبَابِهِ وَلَمَّا كَانَتْ الْعِدَّةُ مِنْ أَحَدِهِمَا سَبَبًا فِي الْجُمْلَةِ وَلَيْسَ فِيهَا تَبَاعُدٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ حُكِمَ بِالْكَرَاهَةِ فَقَطْ دُونَ الْحُرْمَةِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهَا) ، فَإِنْ اُبْتُلِيَ بِحُبِّهَا فَلْيَحْبِسْهَا ابْنُ الْقَاسِمِ الْمَرْأَةُ الزَّانِيَةُ الْمُبِيحَةُ فَرْجَهَا لِلْغَيْرِ لَا صَدَاقَ لَهَا عَلَى زَوْجِهَا وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ بِمَا إذَا تَزَوَّجَهَا وَهُوَ غَيْرُ عَالِمٍ (قَوْلُهُ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ) أَيْ بِأَرْبَعَةِ شُهُودٍ يَرَوْنَ الْمِرْوَدَ فِي الْمُكْحُلَةِ حُدَّتْ أَوَّلًا وَظَاهِرُ الْعِبَارَةِ حُدَّتْ أَوَّلًا وَفِي كَلَامِ عب مَا يُفِيدُ أَنَّهَا إذَا حُدَّتْ أَوَّلًا لَا يُكْرَهُ تَزْوِيجُهَا أَيْ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ جَابِرٌ وَذَكَرَ أَيْضًا مَا قَدْ يُقَالُ أَنَّهَا إذَا لَمْ تَتُبْ وَلَمْ تُحَدَّ يَحْرُمُ تَزْوِيجُهَا؛ لِأَنَّ فِيهِ إقْرَارًا عَلَى الْمَعْصِيَةِ وَقَالَ ثُمَّ لَا يَلْزَمُ مِنْ جَوَازِ تَزْوِيجِهِ بِالزَّانِيَةِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ اسْتِبْرَاءٍ فَلَا يُنَافِي مَا يَأْتِي لَهُ مِنْ وُجُوبِ اسْتِبْرَاءِ الزَّانِيَةِ عِنْدَ إرَادَةِ تَزْوِيجِهَا كَإِرَادَةِ زَوْجِهَا نِكَاحَهَا بِثَلَاثِ حِيَضٍ إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَبِحَيْضَةٍ إنْ كَانَتْ أَمَةً فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ بَعْدَهَا) مُتَعَلِّقٌ بِتَزْوِيجِ.

(قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا) ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ أَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِهِ الِاسْتِحْبَابُ مَرَّتَيْنِ الْأَوَّلُ يُنْدَبُ الْعَرْضُ الثَّانِي إذَا عَرَضَ وَأَبَى يُسْتَحَبُّ لَهُ فِرَاقُهَا أَيْ يُطَلِّقُهَا وَمُفَادُ النَّقْلِ إنَّمَا هُوَ الِاسْتِحْبَابُ الثَّانِي. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَيْسَ مُفَادُ النَّقْلِ نَدْبُ الْعَرْضِ بَلْ طَلَبُ التَّحَلُّلِ وَيُمْكِنُ حَمْلُ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الْفَسْخَ اسْتِحْبَابٌ وَيُحْمَلُ عَلَى مَا بَعْدَ الْبِنَاءِ فَيَأْتِي كَلَامُهُ هَذَا عَلَى الْمَشْهُورِ الَّذِي قَدَّمَهُ.

(قَوْلُهُ وَرُكْنُهُ) مُفْرَدٌ مُضَافٌ يَعُمُّ بِمَعْنَى وَكُلُّ أَرْكَانِهِ ثُمَّ يُرَادُ الْكُلُّ الْمَجْمُوعِيُّ أَيْ مَجْمُوعُ أَرْكَانِهِ وَلِي إلَخْ فَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْإِخْبَارُ عَنْ الْمُفْرَدِ بِالْمُتَعَدِّدِ (قَوْلُهُ أَرْكَانٌ خَمْسَةٌ) أَيْ بَعْدَ الْمَحَلِّ رُكْنَيْنِ (أَقُولُ) لَا يَخْفَى أَنَّ النِّكَاحَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ وَقَضِيَّةُ كَوْنِ هَذِهِ الْخَمْسَةِ أَرْكَانًا أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الْعَقْدِ وَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ جُزْءًا مِنْ مَاهِيَّةِ الْعَقْدِ فَغَايَةُ مَا يُقَالُ جَعَلَهَا أَرْكَانًا بِاعْتِبَارِ انْعِدَامِ الْمَاهِيَّةِ بِانْعِدَامِهَا فَفِيهِ تَسَامُحٌ غَيْرَ أَنَّهُ هَلَّا جَعَلَ شَهَادَةَ الشُّهُودِ رُكْنًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْحَطَّابِ الظَّاهِرُ أَنَّ الزَّوْجَ وَالزَّوْجَةَ رُكْنَانِ؛ لِأَنَّ حَقِيقَةَ النِّكَاحِ إنَّمَا يُوجَدُ بِهِمَا وَالْوَلِيُّ وَالصِّيغَةُ شَرْطَانِ أَيْ لِخُرُوجِهِمَا عَنْ ذَاتِ النِّكَاحِ. وَأَمَّا الصَّدَاقُ وَالشُّهُودُ فَلَا يَنْبَغِي عَدُّهُمَا مِنْ الْأَرْكَانِ وَلَا مِنْ الشُّرُوطِ لِوُجُودِ النِّكَاحِ بِدُونِهِمَا؛ لِأَنَّ الْمُضِرَّ إسْقَاطُ الصَّدَاقِ وَالدُّخُولُ بِلَا شُهُودٍ اهـ فَيَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ حَقِيقَةَ النِّكَاحِ الْعَقْدُ الْمَخْصُوصُ وَلَا يَتَحَصَّلُ إلَّا بِالصِّيغَةِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَتَحَصَّلُ إلَّا بِالزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا مَحَلَّانِ لَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا مُقَوِّمَانِ لِحَقِيقَتِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ نِكَاحٌ إلَخْ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ النِّكَاحُ مَعَ إسْقَاطِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يَصِحُّ) التَّفْرِيعُ يُجَامِعُ الشَّرْطِيَّةَ أَيْضًا وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ، فَإِنْ تَرَاضَيَا عَلَى إسْقَاطِهِ) أَيْ بِدُونِ اشْتِرَاطِ وَقَوْلُهُ أَوْ اشْتَرَطَا إسْقَاطَهُ الظَّاهِرُ أَنَّ الشَّرْطِيَّةَ لَا تُعْقَلُ إلَّا مِنْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ (قَوْلُهُ أَيْ مَا تَقُومُ بِهِ الْحَقِيقَةُ) مِنْ قِيَامِ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ لَا مِنْ قِيَامِ الْكُلِّ بِالْجُزْءِ (قَوْلُهُ لَا تَقُومُ) أَيْ لَا تَتَحَصَّلُ مِنْ قِيَامِ الْكُلِّ بِأَجْزَائِهِ لَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَحَلَّ إلَخْ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صَوَابَهُ الْعَقْدُ وَكَأَنَّهُ قَالَ وَلِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ الْمُتَعَدِّدَ فِيهَا لَا يَدْخُلُ فِي حَقِيقَتِهَا.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَحَلَّ مِنْ الْأُمُورِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ وَهِيَ لَا تَقُومُ إلَّا مِنْ إلَخْ ثُمَّ نَقُولُ كَذَا فِي نُسْخَتِهِ أَيْ لَفْظُ الْمَحَلِّ وَصَوَابُهُ؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ (قَوْلُهُ الدَّالَّةُ عَلَى انْعِقَادِ النِّكَاحِ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الصِّيغَةَ لَيْسَتْ مِنْ أَرْكَانِ النِّكَاحِ فَالْكَلَامُ مُشْكِلٌ، وَلَوْ أَرَادُوا بِالْأَرْكَانِ مَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ الْحَقِيقَةُ لَكَانَ أَحْسَنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>