التَّأْبِيدِ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَأَنْكَحْتُ وَمَلَّكْت وَبِعْت، وَكَذَلِكَ وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ اهـ وَقَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ الْكَلَامَ عَلَى الصِّيغَةِ لِقِلَّةِ الْكَلَامِ عَلَيْهَا فَقَالَ (بِأَنْكَحْتُ وَزَوَّجْت) الْبَاءُ تَفْسِيرِيَّةٌ كَأَنَّ قَائِلًا قَالَ لَهُ مَا الصِّيغَةُ فَقَالَ الصِّيغَةُ تَحْصُلُ وَتُوجَدُ بِأَنْكَحْتُ إلَخْ أَوْ بَاءُ التَّصْوِيرِ أَيْ وَالصِّيغَةُ مُصَوَّرَةٌ بِأَنْكَحْتُ إلَخْ.
(ص) وَبِصَدَاقٍ وَهَبْت (ش) أَيْ وَيَنْعَقِدُ النِّكَاحُ إذَا وَقَعَ بِلَفْظِ الْهِبَةِ مِنْ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ مَعَ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَإِنَّمَا قُلْنَا مِنْ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ فِي هِبَةِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا خِلَافًا سَيَأْتِي فِي فَصْلِ الصَّدَاقِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَفُسِخَ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا قَبْلَهُ أَيْ قَبْلَ الدُّخُولِ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بِصَدَاقٍ أَنَّ وَهَبْتهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الصَّدَاقِ لَا يَكْفِي وَلَا يَنْعَقِدُ ابْنُ عَرَفَةَ وَفِي كَوْنِ لَفْظِ الصَّدَقَةِ كَالْهِبَةِ وَلَغْوِهَا قَوْلَا ابْنُ الْقَصَّارِ وَابْنُ رُشْدٍ قَالَ بَعْضٌ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَرْجِيحُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ لِاقْتِصَارِهِ عَلَى لَفْظِ الْهِبَةِ وَإِدْخَالِ مَا عَدَاهُ فِي التَّرَدُّدِ بِقَوْلِهِ (ص) وَهَلْ كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَبِعْتُ تَرَدُّدٌ (ش) أَيْ وَهَلْ مِثْلُ أَنْكَحْت وَزَوَّجْت كُلُّ لَفْظٍ يَقْتَضِي الْبَقَاءَ مُدَّةَ الْحَيَاةِ كَبِعْتُ وَتَصَدَّقْت وَمَلَّكْت وَأَعْطَيْت وَأَبَحْت وَأَحْلَلْت وَأَطْلَقْت وَسَوَاءٌ ذَكَرَ مَهْرًا أَمْ لَا أَوَّلًا يَنْعَقِدُ بِمَا عَدَا أَنْكَحْت وَزَوَّجْت كَمَا عِنْدَ ابْنِ رُشْدٍ وَالْأَوَّلُ قَوْلُ الْأَكْثَرِ وَإِلَى طَرِيقَةِ الْأَكْثَرِ وَابْنُ رُشْدٍ أَشَارَ بِالتَّرَدُّدِ وَأَخْرَجَ مَا لَا يَقْتَضِي التَّأْبِيدَ كَأَوْصَيْتُ لِانْحِلَالِهِ وَرَهَنْت لِاقْتِضَائِهِ التَّوَثُّقَ وَآجَرْت وَأَعَرْت لِاقْتِضَائِهِمَا التَّوْقِيتَ وَلَا مَدْخَلَ لِلَّفْظِ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَالْأَعْمَارِ فِي ذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فَلَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَلَعَلَّ قَوْلَ الْمُؤَلِّفِ كَبِعْتُ إشَارَةٌ إلَى إخْرَاجِ مَا مَرَّ.
(ص) وَكَقَبِلْتُ (ش) أَشَارَ بِهَذَا إلَى الصِّيغَةِ الصَّادِرَةِ مِنْ الزَّوْجِ بَعْدَ قَوْلِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ أَنْكَحْتُك أَوْ زَوَّجْتُك وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَيَقُولُ الزَّوْجُ قَبِلْت أَوْ رَضِيت أَوْ اخْتَرْت وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَهَذَا مَدْخُولُ الْكَافِ وَفِي اقْتِصَارِهِ عَلَى قَبِلْت دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ لِزِيَادَةٍ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ كَأَنْكَحْتُ إلَخْ) ، فَإِنْ قُلْت أَنْكَحْت خَبَرٌ عَنْ شَيْءٍ وَقَعَ فِي الْمَاضِي وَكَلَامُنَا فِي لَفْظٍ يَنْعَقِدُ بِهِ النِّكَاحُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَذِهِ الصِّيَغِ الْإِنْشَاءُ، وَإِنْ دَلَّتْ عَلَى الْإِخْبَارِ عَنْ الْمَاضِي وَالْإِنْشَاءُ سَبَبٌ لِوُقُوعِ مَدْلُولِهِ كَقَوْلِ الْحَاكِمِ حَكَمْت انْتَهَى.
(قَوْلُهُ وَمَلَّكْت وَبِعْت) لَا يَخْفَى أَنَّهُمَا مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ (قَوْلُهُ: وَكَذَلِكَ وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ) هَذَا يُفِيدُ أَنَّ مَلَّكْت وَبِعْت لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْهِبَةِ وَالْبَيْعِ أَنَّ الْمُتَبَادِرَ مِنْ الْهِبَةِ هِبَةُ غَيْرِ الثَّوَابِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ فَإِنَّ شَأْنَهُ الْمُعَاوَضَةُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ فَلَمَّا كَانَتْ لَيْسَتْ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ بِاعْتِبَارِ مَا قُلْنَا اشْتَرَطْنَا ذِكْرَ الصَّدَاقِ فَتَدَبَّرْ هَذَا وَقَدْ ذَكَرَ عج أَنَّ مِنْ مَوْضِعِ التَّرَدُّدِ مَلَّكْت وَبِعْت ذَكَرَ مَهْرًا أَمْ لَا. وَأَمَّا وَهَبْت مَعَ ذِكْرِ الْمَهْرِ فَلَيْسَتْ مِنْ مَوْضِعِ التَّرَدُّدِ وَكَذَا تَصَدَّقْت وَنَحْوُهُ فَهُوَ مُشْكِلٌ مَعَ هَذَا الْكَلَامِ (قَوْلُهُ الصِّيغَةُ تَحْصُلُ وَتُوجَدُ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْبَاءَ لِلسَّبَبِيَّةِ، وَإِنْ شِئْت قُلْت أَوْ الْآلَةِ فَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ الْبَاءُ تَفْسِيرِيَّةٌ أَنْ يَقُولَ الصِّيغَةُ تُفَسَّرُ بِأَنْكَحْتُ.
(قَوْلُهُ أَوْ بَاءُ التَّصْوِيرِ) اُعْتُرِضَ عَلَى النُّحَاةِ فِي بَاءِ التَّصْوِيرِ وَكَافِ الِاسْتِقْصَاءِ بِأَنَّهُمَا لَا يُعْرَفَانِ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَخْفَى أَنَّ التَّفْسِيرِيَّةَ وَالتَّصْوِيرِيَّة مَرْجِعُهُمَا لِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَظَاهِرُ عِبَارَاتِهِمْ يُنَافِيهِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِي هِبَةِ الْمَرْأَةِ نَفْسَهَا إلَخْ) فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْوَلِيُّ هُوَ الْوَاهِبُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَفُسِخَ إنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا ضُبِطَ بِالْبِنَاءِ لِلنَّائِبِ أَفَادَهُ مُحَشِّي تت (قَوْلُهُ إنْ وَهَبَتْهَا مَعَ عَدَمِ ذِكْرِ الصَّدَاقِ لَا يَكْفِي) ظَاهِرُهُ اتِّفَاقًا مَعَ أَنَّ فِيهِ خِلَافًا (قَوْلُهُ وَلَغْوِهَا إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ بَيْنَ وَهَبْت وَتَصَدَّقْت عِنْدَ تَسْمِيَةِ الصَّدَاقِ فَمَا وَجْهُ الْقَوْلِ بِإِلْغَاءِ تَصَدَّقْت دُونَ وَهَبْت (قَوْلُهُ قَوْلَا ابْنِ الْقَصَّارِ) اعْلَمْ أَنَّ ابْنَ الْقَصَّارِ لَا يَشْتَرِطُ ذِكْرَ الصَّدَاقِ لَا فِي الْهِبَةِ وَلَا فِي الصَّدَقَةِ (قَوْلُهُ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ تَرْجِيحُ قَوْلِ ابْنِ رُشْدٍ) أَيْ بِأَنَّهُ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ إلَّا أَنَّك خَبِيرٌ بِأَنَّهُ إذَا دَخَلَ فِي مَوْضِعِ التَّرَدُّدِ لَمْ يَكُنْ الْمُصَنِّفُ حَاكِمًا بِإِلْغَائِهِ جَزْمًا كَمَا قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ وَسَوَاءٌ ذَكَرَ مَهْرًا أَمْ لَا) يُقَالُ أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ لَفْظِ تَصَدَّقْت يَنْعَقِدُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ مَهْرًا بِخِلَافِ وَهَبْت لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ذِكْرِ مَهْرٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لَهُ مَا هَذَا إلَّا مَحْضُ التَّقْلِيدِ (قَوْلُهُ بِمَا عَدَا أَنْكَحْت وَزَوَّجْت) أَيْ وَمَا عَدَا وَهَبْت بِتَسْمِيَةِ صَدَاقٍ وَقَدْ عَلِمْت مِنْ تَقْرِيرِ الشَّارِحِ أَنَّ لَفْظَ أَحْلَلْت وَمَلَكْت وَبِعْت مُسَاوِيَةٌ لِلَفْظِ تَصَدَّقْت ولعج تَقْرِيرٌ آخَرُ تَبِعَهُ فِيهِ عب فَقَالَ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرْنَا أَنَّ وُقُوعَهُ بِغَيْرِ لَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْهُمَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ قِسْمٌ لَا يَنْعَقِدُ بِهِ، وَلَوْ نَوَى بِهِ النِّكَاحَ وَاقْتَرَنَ بِلَفْظِ الصَّدَاقِ وَهُوَ لَفْظُ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَالْعُمْرَى وَالْإِجَارَةِ وَالرَّهْنِ وَالْعَارِيَّةِ وَالْوَصِيَّةِ وَقِسْمٌ يَنْعَقِدُ بِهِ إذَا اقْتَرَنَ بِلَفْظِ الصَّدَاقِ وَهُوَ لَفْظُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَطِيَّةِ وَنَحْوِهَا كَالْمِنْحَةِ وَتَسْمِيَةُ الصَّدَاقِ تَتَضَمَّنُ إرَادَةَ النِّكَاحِ بِمَا قَارَنَهَا وَقِسْمٌ فِيهِ التَّرَدُّدُ وَهُوَ لَفْظُ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَمَا مَعَهُمَا حَيْثُ لَمْ يُسَمِّ مَعَ ذَلِكَ الصَّدَاقَ وَقَصَدَ بِهَا النِّكَاحَ وَكَذَا لَفْظُ الْإِبَاحَةِ وَالْإِحْلَالِ وَالْإِطْلَاقِ وَالْبَيْعِ وَالتَّمْلِيكِ وَنَحْوِهَا إذَا قَصَدَ بِهَا النِّكَاحَ أَوْ سَمَّى مَعَهَا الصَّدَاقَ انْتَهَى وَهَذِهِ تَفْرِقَةٌ لَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُهَا فِي الْكُلِّ، وَإِنْ أَقَرَّهُ بَعْضُ شُيُوخِنَا (قَوْلُهُ وَإِلَى طَرِيقَةِ إلَخْ) وَالرَّاجِحُ عَدَمُ الِانْعِقَادِ (قَوْلُهُ لِانْحِلَالِهِ) أَيْ؛ لِأَنَّ الْوَصِيَّةَ غَيْرُ لَازِمَةٍ؛ لِأَنَّ لِلْمُوصِي أَنْ يَرْجِعَ فِي وَصِيَّتِهِ (قَوْلُهُ وَلَا مَدْخَلَ لِلَفْظِ الْوَقْفِ) لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْحِلَّ يُفِيدُ أَنَّ لَفْظَ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَالْأَعْمَارِ لَا يُتَوَهَّمُ انْعِقَادُ النِّكَاحِ بِهَا بِخِلَافِ وَهَبْت وَمَا بَعْدَهُ فَإِنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَنْعَقِدْ بِهِ لَكِنْ يُتَوَهَّمُ الِانْعِقَادُ بِهِ فَأَخْرَجَهُ وَلَا يَظْهَرُ فَرْقٌ أَصْلًا فَلَوْ قَالَ وَكَذَا لَفْظُ الْوَقْفِ وَالْحَبْسِ وَنَحْوِ ذَلِكَ لَكَانَ أَحْسَنَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute