للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نِكَاحِهَا وَهُوَ كَذَلِكَ وَقَرَنَ الْكَافَ بِالْوَاوِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا لِلتَّمْثِيلِ لَا لِلتَّشْبِيهِ خِلَافًا لِلشَّارِحِ.

(ص) وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ (ش) يُشِيرُ بِهَذَا إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّرْتِيبُ فِي صِيغَةِ النِّكَاحِ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الزَّوْجِ بَعْدَ كَلَامِ وَلِيِّ الْمَرْأَةِ بَلْ لَوْ بَدَأَ الزَّوْجُ فَقَالَ لِوَلِيِّ الْمَرْأَةِ زَوِّجْنِي وَلِيَّتَك بِكَذَا فَيَقُولُ الْوَلِيُّ زَوَّجْتُكهَا بِهِ فَإِنَّ النِّكَاحَ يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ كَالْبَيْعِ فَلَوْ قَالَ الزَّوْجُ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ وَلِيُّ الْمَرْأَةِ لَا أَرْضَى لَمْ يُفِدْهُ وَلَزِمَهُ النِّكَاحُ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلَزِمَ إنْ لَمْ يَرْضَ) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْمَشْهُورِ بِأَنْ قَالَ عَقِبَ فَعَلْت أَوْ زَوَّجْت لَا أَرْضَى بِخِلَافِ الْبَيْعِ إذَا وَقَفَ الرَّجُلُ بِسِلْعَتِهِ فِي السُّوقِ لِلْبَيْعِ فَقَالَ لَهُ الْمُشْتَرِي بِكَمْ هِيَ فَقَالَ الْبَائِعُ هِيَ بِمِائَةٍ فَقَالَ الْمُشْتَرِي أَخَذْتهَا فَقَالَ الْبَائِعُ لَا أَرْضَى أَنَّهُ يَحْلِفُ مَا أَرَادَ الْبَيْعَ وَيَأْخُذُ سِلْعَتَهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ النِّكَاحَ هَزْلُهُ جَدٌّ بِخِلَافِ الْبَيْعِ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِمُسَاوَمَةِ السِّلَعِ وَإِيقَافِهَا لِلْبَيْعِ فِي الْأَسْوَاقِ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ إذَا حَلَفَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ مَعْرِفَةَ الْأَثْمَانِ وَلَا كَذَلِكَ النِّكَاحُ كَمَا فِي ح.

(ص) وَجَبَرَ الْمَالِكُ أَمَةً وَعَبْدًا بِلَا إضْرَارٍ (ش) لَمَّا قَدَّمَ أَرْكَانَ النِّكَاحِ وَقَدَّمَ الْكَلَامَ عَلَى الصِّيغَةِ أَخَذَ الْآنَ يَتَكَلَّمُ عَلَى الْوَلِيِّ وَهُوَ ضَرْبَانِ غَيْرُ مُجْبِرٍ وَسَيَأْتِي وَمُجْبِرٌ وَهُوَ الْمَالِكُ الْمُسْلِمُ فِي أَمَتِهِ وَعَبْدِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ هَذَا الْمَالِكُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى لَكِنَّ الْأُنْثَى تُوَكِّلُ مَنْ يَعْقِدُ كَمَا يَأْتِي عِنْدَ قَوْلِهِ وَوَكَّلَتْ مَالِكَةٌ ثُمَّ بَعْدَ الْمَالِكِ الْأَبُ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ أَوْ الَّتِي ثِيبَتْ قَبْلَ بُلُوغِهَا وَقَدَّمَ الْمَالِكَ عَلَى الْأَبِ؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى مِنْهُ فِي التَّصَرُّفِ؛ لِأَنَّ الْمَالِكَ يُجْبِرُ الصَّغِيرَةَ وَالْكَبِيرَةَ الْبِكْرَ وَالثَّيِّبَ الْمَجْنُونَةَ وَغَيْرَهَا وَالذَّكَرَ وَالْأُنْثَى؛ لِأَنَّهُمَا مَالٌ مِنْ أَمْوَالِهِ فَلَهُ أَنْ يُصْلِحَ مَالَهُ بِأَيِّ وَجْهٍ شَاءَ ثُمَّ الْوَصِيُّ

ــ

[حاشية العدوي]

(قَوْلُهُ وَقَرَنَ الْكَافَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا لَوْ كَانَتْ لِلتَّشْبِيهِ لَمْ تَكُنْ مُقْتَرِنَةً بِالْوَاوِ وَالْفَرْقُ بَيْنَ كَافِ التَّمْثِيلِ وَكَافِ التَّشْبِيهِ أَنَّ كَافَ التَّمْثِيلِ تُدْخِلُ الْأَفْرَادَ وَكَافَ التَّشْبِيهِ لَا تُدْخِلُ شَيْئًا وَحَيْثُ إنَّ الْكَافَ لِلتَّمْثِيلِ فَفِي الْعِبَارَةِ حَذْفٌ وَالتَّقْدِيرُ وَصِيغَةُ الزَّوْجِ مِثْلُ قَبِلْت (قَوْلُهُ عَلَى أَنَّهَا لِلتَّمْثِيلِ) أَيْ لِمَحْذُوفٍ وَالتَّقْدِيرُ وَالصِّيغَةُ الدَّالَّةُ مِثْلُ قَبِلْت ثُمَّ يَرِدُ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣] وَالْجَوَابُ أَنَّ الْوَاوَ فِي الْمَعْنَى دَاخِلَةٌ عَلَى الْجُمْلَةِ أَيْ وَجَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً خِيَارًا كَمَا جَعَلْت قِبْلَتَكُمْ خَيْرَ الْقِبَلِ أَوْ عُدُولًا كَمَا جَعَلْت قِبْلَتَكُمْ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا هُنَا لَمْ تَكُنْ دَاخِلَةً عَلَى الْجُمْلَةِ بِخِلَافِ مَا هُنَاكَ بَلْ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا أَنَّهَا هُنَا فِي الْحَقِيقَةِ دَاخِلَةٌ عَلَى مَحْذُوفٍ كَمَا ظَهَرَ مِمَّا قَرَّرْنَا؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى وَالصِّيغَةَ الدَّالَّةَ مِثْلُ قَبِلْت.

(قَوْلُهُ وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ) لَمَّا لَمْ يَكُنْ تَقْدِيمُ الْإِيجَابِ عَلَى الْقَبُولِ شَرْطًا بَلْ مَنْدُوبًا فَقَطْ ذَكَرَ انْعِقَادَهُ بِتَقْدِيمِ الْقَبُولِ عَلَى الْإِيجَابِ وَقَوْلُهُ فَيَفْعَلُ بِأَنْ يَقُولَ زَوَّجْتُك أَوْ فَعَلْت فَإِذَا جَرَى لَفْظُ الْإِنْكَاحِ أَوْ التَّزْوِيجِ مِنْ الْوَلِيِّ أَوْ الزَّوْجِ فَيَكْفِي أَنْ يُجِيبَهُ الْآخَرُ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ دُونَ اشْتِرَاطِ صِيغَةٍ مُعَيَّنَةٍ وَخُلُوُّ لَفْظِهِمَا مَعًا عَنْ لَفْظِ الْإِنْكَاحِ وَالتَّزْوِيجِ غَيْرُ مُغْتَفَرٍ وَأَشْعَرَ إتْيَانُهُ بِالْفَاءِ بِاشْتِرَاطِ الْفَوْرِ بَيْنَ الْإِيجَابِ وَالْقَبُولِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي الْقَوَانِينَ وَلَا يَضُرُّ التَّفْرِيقُ الْيَسِيرُ وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ بِالْخِطْبَةِ لَا يَضُرُّ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الْبَيْعِ إلَخْ) لَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَظْهَرُ فَرْقٌ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّصْوِيرَ مُخْتَلِفٌ إذْ لَوْ قَالَ فِي الْبَيْعِ يَعْنِي هَذِهِ السِّلْعَةُ بِعَشَرَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ بِعْتُكهَا فَإِنَّ الْبَيْعَ يَلْزَمُ وَهَذَا نَظِيرُ قَوْلِهِ وَبِزَوِّجْنِي فَيَفْعَلُ، وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ لِآخَرَ بِكَمْ هِيَ أَيْ بِأَيِّ شَيْءٍ أَصَدَقْت ابْنَتَك فَقَالَ لَهُ الْوَلِيُّ بِمِائَةٍ فَقَالَ الزَّوْجُ أَخَذْتهَا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْأَبَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ أَنْكَحْت وَلَا زَوَّجْت وَلَا وَهَبْت فَتَدَبَّرْ وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِ الْمُشْتَرِي لِمَنْ أَوْقَفَ سِلْعَتَهُ فِي السُّوقِ وَقَالَ لَهُ بِكَمْ هِيَ نَعَمْ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا نَصُّهُ لَكِنْ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ إذَا قَالَ تُزَوِّجُنِي وَلِيَّتَك أَوْ تَبِيعُنِي سِلْعَتَك فَقَالَ قَدْ بِعْتهَا مِنْ فُلَانٍ أَوْ زَوَّجْتهَا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ يَلْزَمُ وَلَا يَلْزَمُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ بِأَمْرٍ مُتَقَدِّمٍ أَوْ لَا يَدَّعِيهِ إلَّا بِذَلِكَ اللَّفْظِ وَالْفَرْقِ فَيَلْزَمُ فِي النِّكَاحِ لَا الْبَيْعِ انْتَهَى (قَوْلُهُ هَزْلُهُ جِدٌّ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ، وَلَوْ قَامَتْ قَرِينَةٌ عَلَى إرَادَةِ الْهَزْلِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَكَذَا الطَّلَاقُ وَالْعِتْقُ وَالرَّجْعَةُ وَاخْتُلِفَ فِي تَمْكِينِهِ مِنْهَا مَعَ إقْرَارِهِ عَلَى نَفْسِهِ بِعَدَمِ قَصْدِ النِّكَاحِ حِينَ الْهَزْلِ فَقِيلَ يُمَكَّنُ مِنْهَا وَلَا يَضُرُّهُ إنْكَارُهُ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَلَيْسَ إنْكَارُ الزَّوْجِ طَلَاقًا وَقِيلَ لَا يُمْكِنُ وَيَلْزَمُهُ نِصْفُ الصَّدَاقِ (قَوْلُهُ وَلِأَنَّ الْعَادَةَ جَارِيَةٌ بِمُسَاوَمَةِ السِّلَعِ) أَيْ بِتَعْرِيضِهَا لِلْبَيْعِ كَمَا أَفَادَهُ الْمِصْبَاحُ فَقَوْلُ الشَّارِحِ وَإِيقَافُهَا عَطْفُ تَفْسِيرٍ (أَقُولُ) فَإِذَا عَلِمْت ذَلِكَ فَنَقُولُ هَذَا التَّعْلِيلُ إنَّمَا يُنْتِجُ اللُّزُومَ لَا عَدَمَهُ فَكَيْفَ يَقُولُ الشَّارِحُ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ بَلْ الْمُنَاسِبُ لَهُ اللُّزُومُ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ إلَخْ) أَيْ لِكَوْنِ قَصْدِهِ مَا يُعْطَى فِي السُّوقِ أَيْ وَلَيْسَ قَصْدُهُ الْبَيْعَ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا يُنَكِّدُ كَمَا أَشَرْنَا لَهُ عَلَى قَوْلِهِ وَإِيقَافِهَا لِلْبَيْعِ فَالْأَحْسَنُ مَا فِي بَهْرَامَ مِنْ قَوْلِهِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّ لِلنَّاسِ مَقَاصِدَ فِي اخْتِبَارِ السِّلَعِ فِي الْأَسْوَاقِ مِنْ غَيْرِ إرَادَةِ بَيْعٍ بِخِلَافِ النِّكَاحِ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ مَعْرِفَةَ الْأَثْمَانِ) أَيْ قَصَدَ مَعْرِفَةَ مَا يُعْطَى فِيهَا مِنْ الْأَثْمَانِ لَا أَنَّهُ قَصَدَ نَفْسَ الْبَيْعِ.

(قَوْلُهُ وَهُوَ الْمَالِكُ) أَيْ الْحُرُّ الْمَالِكُ لِأَمْرِ نَفْسِهِ وَإِلَّا فَوَلِيُّهُ وَمِثْلُ الْحُرِّ الْمَالِكُ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ لَهُ فِي التِّجَارَةِ يُجْبِرُ رَقِيقَهُ (قَوْلُهُ ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى) فِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ أَلْ فِي الْمَالِكِ لِلِاسْتِغْرَاقِ وَهَذَا إذَا كَانَ الرَّقِيقُ لَا شَائِبَةَ فِيهِ وَلَا تَبْعِيضَ وَسَيَأْتِي الْمُبَعَّضُ وَالتَّفْصِيلُ فِي ذِي الشَّائِبَةِ وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ رَقِيقُهُ وَرَقِيقُ مَحْجُورِهِ مِنْ سَفِيهٍ وَصَغِيرٍ وَمُدَبَّرٍ وَأُمِّ وَلَدٍ وَمُعْتَقٍ لِأَجَلٍ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ أَوْ يَقْرُبُ الْأَجَلُ وَيَخْرُجُ الْمُكَاتَبُ فَلَيْسَ لَهُ جَبْرُ رَقِيقِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>