بِالْفَسَادِ وَتَارَةً يَكُونُ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ، فَإِنْ كَانَ مُخْتَلَفًا فِيهِ كَمُحَرَّمٍ وَشِغَارٍ وَإِنْكَاحِ الْعَبْدِ وَالْمَرْأَةِ فَإِنَّ عَقْدَهُ يَنْشُرُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ كَمَا يَنْشُرُهَا الصَّحِيحُ، وَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَى فَسَادِهِ فَلَا يُعْتَبَرُ عَقْدُهُ فِي انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ وَإِنَّمَا يَنْشُرُهَا الْوَطْءُ بِشَرْطِ أَنْ يَدْرَأَ الْحَدَّ عَنْ الْوَاطِئِ كَمَنْ نَكَحَ مُعْتَدَّةً أَوْ ذَاتَ مَحْرَمٍ أَوْ رَضَاعٍ غَيْرَ عَالِمٍ أَمَّا إنْ عَلِمَ حُدَّ فِي ذَاتِ الْمَحْرَمِ وَالرَّضَاعِ وَفِي حَدِّ الْعَالِمِ فِي نِكَاحِ الْمُعْتَدَّةِ قَوْلَانِ سَيَأْتِيَانِ وَقَدْ أَفْهَمَ قَوْلُهُ إنْ دَرَأَ الْحَدَّ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَدْرَأْهُ كَمَا مَرَّ لَمْ يُلْتَفَتْ إلَى وَطْئِهِ فِي انْتِشَارِ الْحُرْمَةِ؛ لِأَنَّهُ شَبِيهٌ بِالزِّنَا وَفِي نَشْرِ الْحُرْمَةِ بِوَطْءِ الزِّنَا وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَفِيهَا، وَإِنْ زَنَى بِأُمِّ زَوْجَتِهِ أَوْ ابْنَتِهَا فَلْيُفَارِقْهَا فَحَمْلُهَا الْأَكْثَرُ عَلَى الْوُجُوبِ وَذَهَبَ جَمْعٌ إلَى تَرْجِيحِهِ عَلَى مَا فِي الْمُوَطَّإِ مِنْ عَدَمِ نَشْرِهِ وَذَكَرَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنَّ مَالِكًا رَجَعَ عَمَّا فِي الْمُوَطَّإِ وَأَفْتَى بِالتَّحْرِيمِ إلَى أَنْ مَاتَ وَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ أَلَا تَمْحُو الْأَوَّلَ قَالَ سَارَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ وَعَدَمُ النَّشْرِ بِهِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْمُوَطَّإِ وَالرِّسَالَةِ وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ بَلْ قِيلَ جَمِيعُ الْأَصْحَابِ وَشَهَرَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ خِلَافٌ فَإِذَا زَنَى بِامْرَأَةٍ يَجُوزُ لِلزَّانِي أَنْ يَتَزَوَّجَ بِابْنَتِهَا وَأُمِّهَا وَلِأَبِيهِ وَابْنِهِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا عَلَى الثَّانِي لَا عَلَى الْأَوَّلِ.
(ص) ، وَإِنْ حَاوَلَ تَلَذُّذًا بِزَوْجَتِهِ فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا فَتَرَدُّدٌ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَتَلَذَّذَ بِزَوْجَتِهِ فِي ظَلَامٍ مَثَلًا فَوَقَعَتْ يَدُهُ عَلَى ابْنَتِهَا فَالْتَذَّ بِهَا بِوَطْءٍ أَوْ مُقَدِّمَتِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَشْعُرْ بِهَا فَقَدْ تَرَدَّدَ الْأَشْيَاخُ فِي تَحْرِيمِ أُمِّهَا عَلَى زَوْجِهَا وَفِرَاقِهَا وُجُوبًا وَعَدَمِ تَحْرِيمِهَا وَعَدَمِ وُجُوبِ الْفِرَاقِ، وَلَوْ قَصَدَ وَلَمْ يَتَلَذَّذْ لَمْ يُنْشَرْ عَلَى الصَّحِيحِ وَاللِّوَاطُ بِابْنِ امْرَأَتِهِ لَا يَنْشُرُ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ خِلَافًا لِابْنِ حَنْبَلٍ وَالثَّوْرِيِّ، وَإِنْ وَقَعَ الِالْتِذَاذُ مِنْهُ عَلَى الِابْنَةِ عَمْدًا جَرَى فِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ فِي قَوْلِهِ وَفِي الزِّنَا خِلَافٌ وَلَا يُقَالُ إذَا الْتَذَّ بِابْنَةِ زَوْجَتِهِ بِوَطْءٍ تَحْرُمُ زَوْجَتُهُ عَلَيْهِ قَوْلًا وَاحِدًا؛ لِأَنَّهُ وَطْءُ شُبْهَةٍ وَهُوَ يَحْرُمُ اتِّفَاقًا فَلِمَ جَرَى التَّرَدُّدُ هُنَا؛ لِأَنَّا نَقُولُ وَطْءُ الشُّبْهَةِ إنَّمَا هُوَ الْوَطْءُ غَلَطًا فِيمَنْ تَحِلُّ مُسْتَقْبَلًا وَلِذَا كَانَ وَطْءُ أُخْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا مُحَرِّمًا بَنَاتِهَا عَلَى زَوْجِ أُخْتِهَا الْوَاطِئِ لَهَا؛ لِأَنَّهَا تَحِلُّ مُسْتَقْبَلًا فَوَطْؤُهَا وَطْءُ شُبْهَةٍ. وَأَمَّا وَطْءُ بِنْتِ الزَّوْجَةِ غَلَطًا فَلَيْسَ بِوَطْءِ شُبْهَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَا تَحِلُّ مُسْتَقْبَلًا فَهُوَ مِنْ مَحَلِّ التَّرَدُّدِ.
(ص) ، وَإِنْ قَالَ الْأَبُ نَكَحْتهَا أَوْ وَطِئْت الْأَمَةَ عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ نُدِبَ التَّنَزُّهُ وَفِي وُجُوبِهِ إنْ فَشَا تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ، وَإِنْ قَالَ الْأَبُ عَقَدْت عَلَى الْمَرْأَةِ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالنِّكَاحِ عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ الْعَقْدَ عَلَيْهَا أَوْ وَطِئْت الْأَمَةَ أَوْ تَلَذَّذْت بِهَا بِشِرَاءٍ عِنْدَ قَصْدِ الِابْنِ ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الِابْنُ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْلَمْ سَبْقِيَّةَ مِلْكِ الْأَبِ لَهَا لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ لَكِنْ يُنْدَبُ لِلِابْنِ أَنْ يَتَنَزَّهَ عَنْ نِكَاحِ الْمَرْأَةِ وَوَطْءِ الْأَمَةِ إنْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فَاشِيًا مِنْ قَوْلِ الْأَبِ قَبْلَ شِرَاءِ أَوْ نِكَاحِ الِابْنِ، فَإِنْ فَشَا قَوْلُ الْأَبِ قَبْلَ إرَادَةِ الِابْنِ ذَلِكَ فَهَلْ يَجِبُ الْفَسْخُ أَوْ إنَّمَا يَتَأَكَّدُ التَّنَزُّهُ بِالْفَشْوِ وَلَا يَجِبُ تَأْوِيلَانِ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ.
(تَنْبِيهٌ) : مَنْ مَلَكَ جَارِيَةَ ابْنِهِ أَوْ أَبِيهِ بَعْدَ مَوْتِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ هَلْ وَطِئَهَا أَمْ لَا فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَحِلُّ وَاسْتَحْسَنَهُ اللَّخْمِيُّ فِي الْعَلِيَّةِ وَقَالَ يُنْدَبُ فِي الْوَخْشِ أَنْ لَا يُصِيبَ وَلَا تَحْرُمُ وَكَذَا إنْ بَاعَهَا ثُمَّ غَابَ قَبْلَ أَنْ يَسْأَلَ.
(ص) وَجَمْعُ خَمْسٍ (ش) هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُصُولُهُ أَوْ هُوَ فَاعِلٌ لِفِعْلٍ مَحْذُوفٍ دَلَّ عَلَيْهِ حَرُمَ الْأَوَّلُ وَالْمَعْنَى وَحَرُمَ عَلَى الْحُرِّ وَالْعَبْدِ جَمْعُ خَمْسٍ مِنْ النِّسَاءِ فِي عَقْدٍ، وَلَوْ سَمَّى لِكُلِّ وَاحِدَةٍ صَدَاقَهَا وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْجَمِيعِ أَوْ عُقُودٍ وَيُفْسَخُ نِكَاحُ الْخَامِسَةِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَالْجَمِيعُ وَيَجُوزُ مَا دُونَهُنَّ بِالْوَجْهَيْنِ شَرَطَ تَزَوُّجَ الْوَاحِدَةِ بِالْأُخْرَى أَمْ لَا إذَا سَمَّى لِكُلٍّ وَسَيَأْتِي ذَلِكَ كُلُّهُ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ وَأَفْتَى بِالتَّحْرِيمِ إلَى أَنْ مَاتَ فَقِيلَ لَهُ لَوْ مَحَوْت مَا فِي الْمُوَطَّإِ فَقَالَ سَارَتْ بِهِ الرُّكْبَانُ) وَبَقِيَ هُنَا بَحْثٌ كَيْفَ يَكُونُ الْمُعْتَمَدُ وَالْمَشْهُورُ هُوَ الْمَرْجُوعُ عَنْهُ أَيْ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقَدْ تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ أَنَّ الْمَرْجُوعَ عَنْهُ لَا يُنْسَبُ إلَى قَائِلِهِ فَضْلًا عَنْ كَوْنِهِ مُعْتَمَدًا مَشْهُورًا وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ اتِّبَاعَ الْإِمَامِ أَخَذُوا مِنْ قَوَاعِدِهِ مَا رَجَعَ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ لَا يُنْسَبُ إلَى نَفْسِ الْإِمَامِ إنَّمَا يُنْسَبُ لِمَذْهَبِهِ عَلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ لَمْ يَعْتَبِرُوا نَقْلَ ابْنُ حَبِيبٍ رُجُوعَهُ لِانْفِرَادِهِ بِهِ مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ مَالِكًا.
(قَوْلُهُ فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا إلَخْ) وَمِثْلُ بِنْتِهَا سَائِرُ فُرُوعِهَا وَأُصُولِهَا (قَوْلُهُ فَتَرَدُّدٌ) عَلَى حَدٍّ سَوَاءٍ فِي تَلَذُّذِهِ بِابْنَتِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ. وَأَمَّا بِهِ فَالرَّاجِحُ فِيهِ حُرْمَةُ زَوْجَتِهِ عَلَيْهِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي التَّحْرِيمُ رَاجِحًا أَيْضًا فِي التَّلَذُّذِ (قَوْلُهُ فَالْتَذَّ بِهَا بِوَطْءٍ إلَخْ) قَالَ مُحَشِّي تت بَلْ الصَّوَابُ وَالْمُتَعَيِّنُ فَالْتَذَّ بِابْنَتِهَا بِغَيْرِ وَطْءٍ إذْ هُوَ مَحَلُّ التَّرَدُّدِ كَمَا فِي الْجَوَاهِرِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرِهِمْ أَمَّا الْوَطْءُ فَالْمَشْهُورُ التَّحْرِيمُ وَعِبَارَةُ الْمُؤَلِّفِ تَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ إذْ لَا يُقَالُ فِي الْوَطْءِ الْتَذَّ قَالَهُ مُحَشِّي تت وَذَكَرَ النُّصُوصَ الْمُفِيدَةَ لِذَلِكَ فَرَاجِعْهُ إنْ شِئْت.
(قَوْلُهُ نُدِبَ التَّنَزُّهُ إلَخْ) ، وَاعْلَمْ أَنَّ اسْتِعْمَالَ التَّنَزُّهِ فِي الْخُرُوجِ إلَى الْبَسَاتِينِ وَالْخُضْرَةِ خَطَأٌ قَالَهُ الْبَدْرُ قَالَ الشَّيْخُ كَرِيمُ الدِّينِ وَيَنْبَغِي إذَا صَدَقَتْ الْحُرَّةُ الْأَبَ أَنْ تُؤْخَذَ بِإِقْرَارِهَا فَلَا يَجُوزُ أَنْ تَتَزَوَّجَ الْوَلَدَ وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا يُنْظَرُ لِمَا تَقُولُهُ الْأَمَةُ لِاتِّهَامِهَا فِي مَحَبَّةِ الْوَلَدِ أَوْ ضِدِّهَا (قَوْلُهُ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ لَا تَحِلُّ) وَهُوَ مَعْمُولٌ بِهِ (قَوْلُهُ وَكَذَا إنْ بَاعَهَا) أَيْ الْأَبُ لِابْنِهِ أَوْ بِالْعَكْسِ ثُمَّ غَابَ الْبَائِعُ أَوْ بَاعَهَا أَحَدُهُمَا لِأَجْنَبِيٍّ ثُمَّ بَاعَهَا لِلْآخَرِ فَلَا تَحِلُّ فَغَيْبَتُهُ مِثْلُ مَوْتِهِ، فَإِنْ أَخْبَرَ الْبَائِعُ مِنْهُمَا الْآخَرَ بِعَدَمِ الْإِصَابَةِ صُدِّقَ فَلَوْ أَخْبَرَ الْأَبُ الْبَائِعُ مَثَلًا الْأَجْنَبِيَّ الْمُشْتَرِيَ مِنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُصَبْ ثُمَّ أَخْبَرَ الْأَجْنَبِيُّ الْوَلَدَ بِأَنَّ أَبَاهُ أَخْبَرَهُ بِأَنَّهُ لَمْ يُصَبْ أَوْ كَانَ الْبَائِعُ الْوَلَدَ لِأَجْنَبِيٍّ وَبَاعَ الْأَجْنَبِيُّ لِلْوَالِدِ وَحَصَلَ مِثْلُ ذَلِكَ فَهَلْ يُعْمَلُ بِذَلِكَ أَوْ لَا؟ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا كَانَ مِثْلُ هَذَا الْأَجْنَبِيِّ يُصَدَّقُ فِي قَوْلِهِ أَنْ يُصَدَّقَ.
(قَوْلُهُ وَهُوَ فَاعِلٌ إلَخْ) يُنَافِي قَوْلَهُ هَذَا مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ أُصُولُهُ فَالْأَوْلَى أَنْ يَحْذِفَ قَوْلَهُ وَهُوَ فَاعِلٌ إلَخْ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ إذَا سَمَّى) أَوْ نَكَحَهَا نِكَاحَ تَفْوِيضٍ