فِي كَلَامِهِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَجَمْعُ امْرَأَتَيْنِ إلَخْ وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ (وَلِلْعَبْدِ الرَّابِعَةُ) إلَى الْمَشْهُورِ وَهُوَ أَنَّ الْعَبْدَ يُبَاحُ لَهُ تَزَوُّجُ ثَالِثَةٍ وَرَابِعَةٍ كَالْحُرِّ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ مِنْ الْعِبَادَاتِ وَالْعَبْدُ وَالْحُرُّ فِيهَا سَوَاءٌ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ فَهُوَ مِنْ مَعْنَى الْحُدُودِ فَكَانَ طَلَاقُهُ نِصْفَ طَلَاقِ الْحُرِّ كَمَا فِي الْحُدُودِ.
(ص) أَوْ اثْنَتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةٌ ذَكَرًا حَرُمَ (ش) فَاعِلُ حَرُمَ يَرْجِعُ لِلنِّكَاحِ أَيْ وَيَحْرُمُ الْجَمْعُ بَيْنَ كُلِّ امْرَأَتَيْنِ إذَا قَدَّرْت إحْدَاهُمَا أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ ذَكَرًا لَحَرُمَ عَلَيْهِ نِكَاحُ الْأُخْرَى وَكَلَامُهُ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ وَأَمَتِهَا فَيُفِيدُ مَنْعَ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَيُجَابُ بِتَخْصِيصِ هَذَا الضَّابِطِ بِمَا يَمْتَنِعُ جَمْعُهُمَا لِقَرَابَةٍ أَوْ صِهْرٍ أَوْ رَضَاعٍ، وَإِنْ جَعَلَ فَاعِلَ حَرُمَ رَاجِعًا لِلْوَطْءِ خَرَجَتْ الْمَرْأَةُ وَأَمَتُهَا؛ لِأَنَّ الْمَالِكَةَ إذَا قُدِّرَتْ رَجُلًا جَازَ لَهُ وَطْءُ أَمَتِهِ بِالْمِلْكِ كَمَا تَخْرُجُ الْمَرْأَةُ وَبِنْتُ زَوْجِهَا أَوْ أُمُّ زَوْجِهَا سَوَاءٌ جُعِلَ الضَّمِيرُ فِي حَرُمَ لِلْوَطْءِ أَوْ لِلنِّكَاحِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُدِّرَتْ الْمَرْأَةُ ذَكَرًا لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْءُ أُمِّ زَوْجَتِهِ وَلِابْنَتِهِ بِنِكَاحٍ وَلَا بِغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهَا أُمُّ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَبِنْتُ رَجُلٍ أَجْنَبِيٍّ وَحِينَئِذٍ فَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ عَلَى هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ لِلتَّقْيِيدِ السَّابِقِ.
(ص) كَوَطْئِهِمَا بِالْمِلْكِ (ش) اعْلَمْ أَنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمَرْأَتَيْنِ إمَّا أَنْ يَكُونَ بِنِكَاحٍ كَمَا مَرَّ وَإِمَّا بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ وَسَيَأْتِي وَإِمَّا بِمِلْكٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ وَخَالَتِهَا أَوْ عَمَّتِهَا فِي الْوَطْءِ بِالْمِلْكِ، وَلَوْ طَرَأَ مِلْكُهَا عَلَى الْأُخْرَى بَعْدَ وَطْئِهَا حَتَّى يَحْرُمَ فَرْجُ الْمَوْطُوءَةِ نَعَمْ يَجُوزُ جَمْعُهُمَا لِلْخِدْمَةِ أَوْ إحْدَاهُمَا لِلْخِدْمَةِ وَالْأُخْرَى لِلْوَطْءِ فَالضَّمِيرُ فِي وَطْئِهِمَا لِلثِّنْتَيْنِ اللَّتَيْنِ لَوْ قُدِّرَتْ أَيَّةٌ ذَكَرًا حَرُمَ.
وَلَمَّا كَانَ صُوَرُ جَمْعِ الْمُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ إمَّا بِنِكَاحٍ أَوْ بِمِلْكٍ أَوْ بِنِكَاحٍ وَمِلْكٍ شَرَعَ فِي حُكْمِ هَذِهِ الْأَقْسَامِ لَوْ وَقَعَتْ فَقَالَ (ص) وَفُسِخَ نِكَاحُ ثَانِيَةٍ صُدِّقَتْ وَإِلَّا حَلَفَ لِلْمَهْرِ بِلَا طَلَاقٍ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا جَمَعَ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ فِي عَقْدِ نِكَاحٍ وَاحِدٍ فُسِخَا أَبَدًا، وَإِنْ أَفْرَدَ كُلُّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فِي عَقْدٍ وَهُوَ مُرَادُهُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ ثَبَتَ نِكَاحُ الْأُولَى وَفُسِخَ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ مَعَ الْبَيِّنَةِ وَكَذَا إنْ صَدَّقَتْهُ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهَا أَمْ لَا وَالْفَسْخُ بِلَا طَلَاقٍ؛ لِأَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَى فَسَادِهِ وَإِنْ لَمْ تُصَدِّقْهُ فِي كَوْنِهَا الثَّانِيَةَ يُرِيدُ وَلَمْ تَقُمْ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ وَلَمْ يَدْخُلْ بِهَا فَإِنَّ الزَّوْجَ يَحْلِفُ عَلَى تَكْذِيبِهَا؛ لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِسُقُوطِ نِصْفِ الصَّدَاقِ عَنْهُ الْوَاجِبِ لَهَا بِالطَّلَاقِ قَبْلَ الْمَسِيسِ لَوْ ثَبَتَ أَنَّهَا الْأُولَى وَالْفَسْخُ بِطَلَاقٍ فَقَوْلُهُ بِلَا طَلَاقٍ مُتَعَلِّقٌ بِفُسِخَ وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قَبْلُ إلَّا وَإِنَّمَا أَخَّرَهُ لِأَجْلِ أَنْ يُشْبِهَ بِهِ مَا بَعْدَهُ.
(ص) كَأُمٍّ وَابْنَتِهَا بِعَقْدٍ (ش) التَّشْبِيهُ فِي الْفَسْخِ بِغَيْرِ طَلَاقٍ سَوَاءٌ كَانَ قَبْلَ الدُّخُولِ أَوْ بَعْدَهُ وَالْبَاءُ فِي بِعَقْدٍ لِلظَّرْفِيَّةِ وَحَذَفَ مَا تَعَلَّقَ بِهِ أَيْ بِكَأُمٍّ وَابْنَتِهَا جَمَعَهُمَا فِي عَقْدٍ وَلَمَّا كَانَ لِتَأْبِيدِ التَّحْرِيمِ وَعَدَمِهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ (ص) وَتَأَبَّدَ تَحْرِيمُهُمَا إنْ دَخَلَ وَلَا إرْثَ (ش) يَعْنِي أَنَّهُ إذَا عَقَدَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا وَوَطِئَهُمَا فَإِنَّهُمَا يَحْرُمَانِ عَلَيْهِ أَبَدًا يُرِيدُ إذَا كَانَ جَاهِلًا بِالتَّحْرِيمِ. وَأَمَّا الْعَالِمُ فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى نِكَاحِهِ ذَلِكَ هَلْ يُدْرَأُ الْحَدُّ عَنْ الْوَاطِئِ أَمْ يَجْرِي عَلَى مَا مَرَّ. وَأَمَّا مَنْعُ الْإِرْثِ إنْ مَاتَ قَبْلَ الْفَسْخِ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُمَا فَوَاضِحٌ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى فَسَادِهِ وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا صَدَاقٌ لِلْمَسِيسِ وَعَلَيْهِمَا الِاسْتِبْرَاءُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ وَبَالَغَ عَلَى الْفَسْخِ بِلَا طَلَاقٍ وَتَأْبِيدٍ
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ إلَى الْمَشْهُورِ) مُقَابِلُهُ مَا قَالَهُ ابْنُ وَهْبٍ مِنْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الزِّيَادَةُ عَلَى اثْنَيْنِ.
(قَوْلُهُ أَيَّةٌ) مَوْصُولَةٌ وَصِلَتُهَا مَحْذُوفَةٌ وَأَيَّةُ مَفْعُولٌ أَوَّلُ نَائِبُ فَاعِلٍ قُدِّرَتْ وَقَوْلُهُ ذَكَرًا مَفْعُولُهُ الثَّانِي وَالتَّقْدِيرُ لَوْ قُدِّرَتْ الَّتِي هِيَ مَعَهَا ذَكَرًا حَرُمَتْ الْأُخْرَى وَهِيَ مُبْهَمَةٌ لَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِتَقْدِيرِهِمَا مَعًا (قَوْلُهُ شَامِلٌ لِلْمَرْأَةِ وَأَمَتِهَا) ؛ لِأَنَّك لَوْ قَدَّرْت الْجَارِيَةَ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى سَيِّدَتِهِ أَوْ قُدِّرَتْ السَّيِّدَةُ ذَكَرًا لَمْ يَحِلَّ أَنْ يَعْقِدَ عَلَى أَمَتِهِ (قَوْلُهُ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْءُ أُمِّ زَوْجَتِهِ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ لَمْ يَمْتَنِعْ وَطْءُ أُمِّ زَوْجِهَا.
(قَوْلُهُ وَإِلَّا حَلَفَ لِلْمَهْرِ) أَيْ وَإِلَّا تُصَدَّقُ أَنَّهَا الثَّانِيَةُ بِأَنْ ادَّعَتْ أَنَّهَا الْأُولَى أَوْ قَالَتْ لَا عِلْمَ عِنْدِي مَفْهُومُ حَلَفَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَحْلِفْ غَرِمَ النِّصْفَ بِمُجَرَّدِ نُكُولِهِ إنْ قَالَتْ لَا عِلْمَ عِنْدِي؛ لِأَنَّهَا تُشْبِهُ دَعْوَى الِاتِّهَامِ وَبَعْدَ حَلِفِهَا إنْ كَذَّبَتْهُ، فَإِنْ نَكَلَتْ فَلَا شَيْءَ لَهَا وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ الزَّوْجَ يَدَّعِي أَنَّ فَاطِمَةَ مَثَلًا هِيَ الْأُولَى وَخَدِيجَةَ الثَّانِيَةُ وَهِيَ تُكَذِّبُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِي أَنَّ فَاطِمَةَ هِيَ الْأُولَى وَاسْتَشْكَلَ قَبُولُ قَوْلِهِ فِي تَعْيِينِ الْأُولَى بِأَنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي ذَاتِ الْوَلِيَّيْنِ مِنْ عَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ هُنَاكَ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَدَمُ قَبُولِ الزَّوْجَةِ لِزَوْجَيْنِ فِي آنٍ وَاحِدٍ وَالزَّوْجُ يَقْبَلُهُمَا فِي آنٍ وَاحِدٍ، فَإِنْ ادَّعَى جَهْلَهَا وَادَّعَتْ كِلْتَاهُمَا الْجَهْلَ مِثْلَهُ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعُ صَدَاقِهَا؛ لِأَنَّ لَهُمَا نِصْفَ صَدَاقٍ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْ صَدَاقِهَا بِنِسْبَةِ قِسْمِ النِّصْفِ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ زَوْجَةٌ قَطْعًا وَطَلُقَتْ قَبْلَ الْبِنَاءِ، فَإِنْ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْأُولَى مَعَ دَعْوَاهُ الْجَهْلَ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ صَدَاقِهَا إنْ حَلَفَتْ وَلَا شَيْءَ لِمَنْ نَكَلَتْ مِنْهُمَا، فَإِنْ ادَّعَتْ إحْدَاهُمَا أَنَّهَا الْأُولَى وَقَالَتْ الْأُخْرَى لَا أَدْرِي حَلَفَتْ الْمُدَّعِيَةُ وَأَخَذَتْ نِصْفَ صَدَاقِهَا وَلَا شَيْءَ لِلْأُخْرَى، فَإِنْ نَكَلَتْ فَلِكُلِّ وَاحِدَةٍ رُبْعُ صَدَاقِهَا هَذَا كُلُّهُ إنْ كَانَ الزَّوْجُ حَيًّا فَإِنْ لَمْ يَقُمْ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ فَهُوَ بِمَثَابَةِ مَا إذَا ادَّعَى عَلَيْهِ حَيًّا وَادَّعَى جَهْلَ الْأُولَى، فَإِنْ ادَّعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ أَنَّهَا الْأُولَى فَإِنَّهَا تَحْلِفُ وَتَأْخُذُ جَمِيعَ صَدَاقِهَا وَالْمِيرَاثُ بَيْنَهُمَا وَمَنْ نَكَلَتْ لَا شَيْءَ لَهَا.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ مُدَّعٍ لِسُقُوطٍ إلَخْ) فَإِذَا دَخَلَ بِهَا لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِوُجُوبِ الْمَهْرِ بِالْبِنَاءِ وَفَارَقَهَا وَبَقِيَ عَلَى نِكَاحِ الْأُولَى الْمُدَّعِيَةِ أَنَّهَا الْأُولَى وَمُوَافَقَتُهُ لَهَا فِي دَعْوَاهَا وَظَاهِرُهُ حَلَفَ لِلْأُخْرَى أَمْ لَا (قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ) الْأَوَّلُ إذَا دَخَلَ بِهِمَا الثَّانِي لَمْ يَدْخُلْ بِوَاحِدَةٍ الثَّالِثُ دَخَلَ بِإِحْدَاهُمَا وَالْمُرَادُ بِهِ التَّلَذُّذُ (قَوْلُهُ هَلْ يَدْرَأُ الْحَدَّ عَنْ الْوَاطِئِ) بِأَنْ كَانَ جَاهِلًا بِأَنَّهَا بِنْتُهَا (قَوْلُهُ وَبَالَغَ إلَخْ) لَا تَصِحُّ الْمُبَالَغَةُ؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا أَنْ يَكُونَ مَا بَعْدَهَا دَاخِلًا فِيمَا قَبْلَهَا وَلَا يَصْلُحُ هُنَا ذَلِكَ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهَا جَمَعَهُمَا عَقْدٌ وَاحِدٌ