الْفَاسِدَ وَيَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ أَسْلَمَا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا؛ لِأَنَّ الزَّوْجَةَ مُكِّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا وَقَبَضَتْ الصَّدَاقَ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهَا قَبْضُهُ وَتَارَةً لَا تَقْبِضُ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ الْمَذْكُورَ وَلَا يَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا حَتَّى أَسْلَمَا فَالْحُكْمُ فِيهِ إنْ دَفَعَ الزَّوْجُ لَهَا صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهَا ذَلِكَ وَقَعَ الْفِرَاقُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَارَةً تَقْبِضُ الزَّوْجَةُ الصَّدَاقَ الْفَاسِدَ وَلَا يَدْخُلُ بِهَا زَوْجُهَا حَتَّى أَسْلَمَا فَالزَّوْجُ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَدْفَعَ لِلزَّوْجَةِ صَدَاقَ الْمِثْلِ، فَإِنْ دَفَعَهُ لَهَا لَزِمَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ أَبَى مِنْ دَفْعِ ذَلِكَ وَقَعَتْ الْفُرْقَةُ بَيْنَهُمَا بِطَلْقَةٍ وَاحِدَةٍ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَتَارَةً يَدْخُلُ الزَّوْجُ بِهَا وَلَا تَقْبِضُ الصَّدَاقَ حَتَّى أَسْلَمَا فَيُقْضَى لَهَا بِصَدَاقِ الْمِثْلِ الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ مَا إذَا تَزَوَّجَ الْكَافِرُ الْكَافِرَةَ عَلَى شَرْطِ إسْقَاطِ الصَّدَاقِ فَهِيَ عَلَى قِسْمَيْنِ الْقِسْمُ الْأَوَّلُ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا قَبْلَ إسْلَامِهِمَا فَالْحُكْمُ فِيهَا أَنَّهُمَا يُقَرَّانِ عَلَى نِكَاحِهِمَا وَلَا شَيْءَ لَهَا الْقِسْمُ الثَّانِي إذَا أَسْلَمَا قَبْلَ الدُّخُولِ بِهَا فَيُخَيَّرُ، فَإِنْ فَرَضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ لَزِمَهَا النِّكَاحُ، وَإِنْ فَرَضَ أَقَلَّ لَمْ يَلْزَمْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ هُوَ أَنْ يَفْرِضَ صَدَاقَ الْمِثْلِ كَمُتَزَوِّجٍ امْرَأَةً نِكَاحَ تَفْوِيضٍ كَمَا يَأْتِي فِي مَحَلِّهِ (ص) وَهَلْ إنْ اسْتَحَلُّوهُ تَأْوِيلَانِ (ش) أَيْ وَهَلْ مَحَلُّ الْمُضِيِّ الْمَذْكُورِ فِي الصُّورَتَيْنِ إنْ كَانُوا يَسْتَحِلُّونَ ذَلِكَ فِي دِينِهِمْ أَيْ يَسْتَحِلُّونَ النِّكَاحَ بِالْخَمْرِ وَنَحْوِهِ أَوْ الْإِسْقَاطِ وَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَسْتَحِلُّوا ذَلِكَ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ بَعْدَ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا دَخَلُوا عَلَى الزِّنَا لَا عَلَى النِّكَاحِ أَوْ الْمُضِيِّ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا وَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَهُمْ يَسْتَحِلُّونَهُ فِي دِينِهِمْ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ لَا عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ إمَّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ كَافِرٌ لَا يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ وَإِمَّا تَنْبِيهًا بِالْأَخَفِّ عَلَى الْأَشَدِّ؛ لِأَنَّهُ يُتَوَهَّمُ الصِّحَّةُ إذَا كَانُوا يَسْتَحِلُّونَهُ فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ تَأْوِيلَانِ فِي فَهْمِ الْمُدَوَّنَةِ.
(ص) وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ الْكِتَابِيَّ أَوْ الْمَجُوسِيَّ إذَا أَسْلَمَ وَتَحْتَهُ عَشْرُ مَجُوسِيَّاتٍ ثُمَّ أَسْلَمْنَ أَوْ كِتَابِيَّاتٍ وَسَوَاءٌ كَانَ تَزَوَّجَهُنَّ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي عُقُودٍ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، وَإِنْ كُنَّ أَوَاخِرَ فِي الْعَقْدِ وَيُفَارِقُ الْبَوَاقِي وَالْفُرْقَةُ فَسْخٌ لَا طَلَاقٌ عَلَى الْمَشْهُورِ وَسَوَاءٌ كَانَ فِي حَالِ اخْتِيَارِهِ مَرِيضًا أَمْ لَا مُحْرِمًا أَمْ لَا كَانَتْ الْمُخْتَارَةُ أَمَةً وَهُوَ وَاجِدٌ لِطَوْلِ الْحُرَّةِ أَمْ لَا لِكَوْنِهِ كَرَجْعَةٍ وَقِيلَ بِامْتِنَاعِهِ كَالِابْتِدَاءِ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ؛ لِأَنَّهُ أَلْغَى فِيهِ رُكْنَ النِّكَاحِ أَوْ شَرْطَهُ وَهُوَ رِضَا الزَّوْجَةِ وَالْوَلِيِّ فَأَحْرَى الْمَانِعُ وَقَوْلُهُ الْمُسْلِمُ أَيْ الْعَاقِلُ الْبَالِغُ وَغَيْرُهُ يَخْتَارُ لَهُ وَلِيُّهُ وَقَوْلُهُ أَرْبَعًا أَيْ، وَإِنْ مُتْنَ وَفَائِدَتُهُ الْإِرْثُ وَنَبَّهَ بِقَوْلِهِ (وَإِنْ أَوَاخِرَ) أَيْ فِي الْعَقْدِ لِلرَّدِّ عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلِ بِتَعْيِينِ الْأَوَائِلِ دُونَ الْأَوَاخِرِ.
(ص) وَإِحْدَى أُخْتَيْنِ مُطْلَقًا (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى كَأُخْتَيْنِ كِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ مَجُوسِيَّتَيْنِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى امْرَأَةٍ وَعَمَّتِهَا أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّنْ لَا يَصِحُّ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي الْإِسْلَامِ وَأَسْلَمَتَا عَقِبَهُ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ وَاحِدَةً وَيُفَارِقُ الْأُخْرَى وَسَوَاءٌ دَخَلَ بِهِمَا
ــ
[حاشية العدوي]
قَوْلُهُ، وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ لَهَا ذَلِكَ إلَخْ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا دَفَعَ أَقَلَّ مِنْ صَدَاقِ الْمِثْلِ لَا يَلْزَمُهَا إلَّا أَنْ تَرْضَى وَلَا يَلْزَمُهُ هُوَ أَنْ يَفْرِضَ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ صَدَاقُ الْمِثْلِ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَهِيَ مَا إذَا حَصَلَ دُخُولٌ دُونَ قَبْضٍ وَيُخَيَّرُ فِي بَاقِي الصُّوَرِ بَيْنَ أَنْ يَفْرِضَ الْمِثْلَ فَيَلْزَمُ الزَّوْجَةَ وَبَيْنَ أَنْ لَا يُفْرَضَ ذَلِكَ فَيَثْبُتُ لِلزَّوْجَةِ الْخِيَارُ فِي الْفِرَاقِ وَالْبَقَاءِ وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَإِلَّا فَكَالتَّفْوِيضِ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ الصَّدَاقُ خَمْرًا وَبَاعَتْهُ الْمَرْأَةُ وَإِلَّا فَلَا شَيْءَ لَهَا بِالدُّخُولِ غَيْرَ ثَمَنِهَا إنْ بَلَغَ رُبْعَ دِينَارٍ وَشُرْبُهَا إيَّاهُ كَعَدَمِ قَبْضهَا، وَلَوْ تَخَلَّلَتْ بِيَدِهَا وَقِيمَتُهَا الْآنَ رُبْعُ دِينَارٍ لَمْ يَكُنْ لَهَا بِالدُّخُولِ غَيْرُهُ (قَوْلُهُ أَوْ الْإِسْقَاطِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْخَمْرِ أَيْ يَسْتَحِلُّونَ النِّكَاحَ بِالْإِسْقَاطِ (قَوْلُهُ فَإِنَّ النِّكَاحَ لَا يَثْبُتُ) أَيْ إلَّا أَنْ يَكُونُوا تَمَادَوْا عَلَى ذَلِكَ النِّكَاحِ قَبْلَ الْإِسْلَامِ عَلَى وَجْهِ صِحَّتِهِ فِي زَعْمِهِمْ فَيَمْضِي أَيْضًا فَفِي مَفْهُومِ الشَّرْطِ تَفْصِيلٌ (قَوْلُهُ أَوْ الْمُضِيِّ الْمَذْكُورِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ اسْتَحَلُّوهُ أَمْ لَا (قَوْلُهُ طَرْدِيٌّ) أَيْ لَا مَفْهُومَ لَهُ فَقَوْلُهُ لَا عَلَى سَبِيلِ شَرْطُ تَبْيِينٍ لِقَوْلِهِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ (قَوْلُهُ إمَّا؛ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ كَافِرٌ لَا يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ) لَا يَخْفَى أَنَّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ فَحِينَئِذٍ لَا يَظْهَرُ قَوْلُهُ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ (قَوْلُهُ فَبَيَّنَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ) أَيْ أَنَّهُ فَاسِدٌ مُطْلَقًا هَذَا لَا يَتِمُّ إلَّا عَلَى قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَهُمْ يَسْتَحِلُّونَهُ قَيْدٌ لِلْحُكْمِ بِالْفَسَادِ لَا قَيْدٌ لِلْإِمْضَاءِ وَقَضِيَّةُ قَوْلِهِ وَصْفٌ طَرْدِيٌّ أَنَّهُ قَيْدٌ فَفِي الْعِبَارَةِ شَيْءٌ.
(تَنْبِيهٌ) : بَحَثَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي هَذَا الشَّرْطِ بِقَوْلِهِ وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ وُجِدَ مِنْ الْكُفَّارِ مَنْ لَا يَسْتَحِلُّ الْخَمْرَ وَشِبْهَهُ وَبَحْثُهُ بِمَا يَتَوَجَّهُ عَلَى مِنْ مِثْلِ الصَّدَاقِ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ وَلَا يَتَوَجَّهُ عَلَى مِثَالِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّ الْفَاسِدَ يَشْمَلُ مَا لَا يَسْتَحِلُّونَهُ فِي دِينِهِمْ قَطْعًا كَالْمَيْتَةِ عِنْدَ بَعْضِهِمْ.
(قَوْلُهُ أَرْبَعًا) أَيْ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ اخْتَارَ أَقَلَّ، وَإِنْ شَاءَ لَا يَخْتَارُ شَيْئًا (قَوْلُهُ لِكَوْنِهِ كَرَجْعَةٍ) أَيْ لِكَوْنِ الِاخْتِيَارِ كَرَجْعَةٍ أَيْ وَاَلَّذِي يَتَزَوَّجُ أَمَةً بِشَرْطِهِ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا طَلَاقًا رَجْعِيًّا فَلَهُ أَنْ يُرَاجِعَهَا، وَإِنْ كَانَ وَاجِدًا لِطَوْلِ الْحَرَائِرِ (قَوْلُهُ أَوْ شَرْطُهُ) كَذَا فِي نُسْخَتِهِ بِأَوْ وَفِي شب أَيْضًا بِأَوْ وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا لِلتَّرَدُّدِ إلَّا أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّ كُلًّا مِنْ الزَّوْجِ وَالْوَلِيِّ رُكْنٌ وَمِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُمَا الْوَاقِعُ مِنْهُمَا الرِّضَا وَلَمْ يَقَعْ الرِّضَا فِيمَا سَبَقَ رُكْنًا وَلَا شَرْطًا (قَوْلُهُ يَخْتَارُ لَهُ وَلِيَّهُ) ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ فَالسُّلْطَانُ يَخْتَارُ لَهُ ذَكَرَهُ بَعْضٌ وَفِي عِبَارَةٍ الْقَاضِي بَدَلَ السُّلْطَانِ وَكُلٌّ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ، وَإِنْ أَوَاخِرَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَإِنْ أَوَائِلَ أَيْ يَخْتَارُ، وَإِنْ أَوَائِلَ خِلَافًا لِلْحَنَفِيَّةِ فِي تَعَيُّنِ الْأَوَائِلِ مِنْ غَيْرِ اخْتِيَارٍ فَتِلْكَ النُّسْخَةُ صَحِيحَةٌ خِلَافًا لِقَوْلِ بَهْرَامَ لَا مَعْنَى لِهَذِهِ النُّسْخَةِ أَفَادَهُ تت وَرُدَّ بِأَنَّ مَعْنَى اخْتَارَ أَيْ أَبْقَى فِي عِصْمَتِهِ إنْ شَاءَ وَالْقَاعِدَةُ أَنَّ مَا قَبْلَ لَوْ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِمَّا بَعْدَهَا وَلَا يَظْهَرُ هُنَا. وَأَمَّا التَّعَيُّنُ فَلَا مَعْنَى لَهُ بَعْدَ قَوْلِنَا أَيْ أَبْقَى فِي عِصْمَتِهِ إنْ شَاءَ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ وَأَسْلَمَتَا) الْأَوْلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute