للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَعًا أَوْ بِإِحْدَاهُمَا أَمْ لَا تَزَوَّجَهُمَا فِي عَقْدَةٍ وَاحِدَةٍ أَمْ لَا كَانَتَا مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ.

(ص) وَأُمًّا وَابْنَتَهَا لَمْ يَمَسَّهُمَا، وَإِنْ مَسَّهُمَا حَرُمَتَا وَإِحْدَاهُمَا تَعَيَّنَتْ (ش) يَعْنِي أَنَّ الْكَافِرَ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا نَكَحَهُمَا فِي عَقْدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ وَأَسْلَمَتَا، فَإِنْ كَانَ لَمْ يَمَسَّهُمَا فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ الْفَاسِدَ لَا أَثَرَ لَهُ عَلَى الْمَشْهُورِ وَإِلَّا لَحَرُمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا، وَإِنْ دَخَلَ بِهِمَا مَعًا حَالَ الْكُفْرِ أَوْ تَلَذَّذَ بِهِمَا حَرُمَتَا؛ لِأَنَّ وَطْءَ الشُّبْهَةِ يَنْشُرُ الْحُرْمَةَ، وَإِنْ دَخَلَ بِوَاحِدَةٍ فَقَطْ تَعَيَّنَتْ لِلْبَقَاءِ لَا لِلْفِرَاقِ أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُبْقِيَ فَلَا يُبْقِي إلَّا هَذِهِ وَحَرُمَتْ الْأُخْرَى الْبِنْتُ اتِّفَاقًا وَالْأُمُّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَسَوَاءٌ عَقَدَ عَلَيْهِمَا مَعًا أَمْ لَا.

(ص) وَلَا يَتَزَوَّجُ ابْنُهُ أَوْ أَبُوهُ مَنْ فَارَقَهَا (ش) يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِي الْأُمِّ وَابْنَتِهَا خَاصَّةٌ وَهُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِهِ وَعَلَيْهِ شَرْحُ الشَّارِحِ وَالْمَوَّاقِ وَحِينَئِذٍ فَلَا وَجْهَ لِحُرْمَةِ مَنْ فَارَقَهَا مِنْهُمَا عَلَى أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ سَوَاءٌ مَسَّ الَّتِي أَمْسَكَهَا أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَسَّ وَاحِدَةً مِنْهُمَا فَلَمْ يَكُنْ إلَّا الْعَقْدُ وَعَقْدُ الْكُفْرِ لَا يَنْشُرُ، فَإِنْ مَسَّ وَاحِدَةً مِنْهُمَا تَعَيَّنَ مُفَارَقَةُ مَنْ لَمْ يَمَسَّهَا وَمَسُّ مَنْ مَسَّهَا لَا يُوجِبُ تَحْرِيمَ مَنْ عَقَدَ عَلَيْهَا وَلَمْ يَمَسَّهَا عَلَى أَبِيهِ وَابْنِهِ؛ لِأَنَّ وَطْءَ الْبِنْتِ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ لَا يُحَرِّمُ أُمَّهَا عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ. وَأَمَّا إنْ مَسَّهُمَا مَعًا فَيَتَأَبَّدُ تَحْرِيمُهُمَا مَعًا عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ وَلَا يَدْخُلُ هَذَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُحْمَلَ النَّهْيُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَيَكُونُ كَلَامُهُ فِي مُحَرَّمَتَيْ الْجَمْعِ غَيْرِ الْأُمِّ وَابْنَتِهَا وَكَانَتْ الَّتِي فَارَقَهَا مَسَّهَا لِأَنَّ مَسَّهَا بِمَنْزِلَةِ الْعَقْدِ الصَّحِيحِ كَمَنْ تَزَوَّجَ أُخْتَيْنِ وَحَصَلَ مِنْهُ الْمَسُّ فِيهِمَا أَوْ فِي إحْدَاهُمَا وَفَارَقَ مَنْ مَسَّهَا فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَى أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ.

(ص) وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ أَوْ ظِهَارٍ أَوْ إيلَاءٍ (ش) تَقَدَّمَ مَا إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ زَوْجَاتٍ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ أَوْ عَلَى أُمٍّ وَابْنَتِهَا أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَجُوزُ جَمْعُهُمَا أَنَّهُ يَخْتَارُ الْبَعْضَ وَيُفَارِقُ الْبَعْضَ الْآخَرَ وَأَشَارَ هُنَا إلَى صِفَةِ الِاخْتِيَارِ وَنَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَكُونَ بِصَرِيحِ اللَّفْظِ كَقَوْلِهِ اخْتَرْت فُلَانَةَ بَلْ يَكْفِي بِغَيْرِ صَرِيحِ اللَّفْظِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ فَأَشَارَ إلَى مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَوْلِ بِمَا قَالَ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ يُعَدُّ بِالطَّلَاقِ مُخْتَارًا لِمَنْ طَلَّقَهَا بِمَعْنَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا غَيْرَهَا، وَكَذَلِكَ يُعَدُّ بِالظِّهَارِ مُخْتَارًا لِمَنْ ظَاهَرَ مِنْهَا إذْ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْ زَوْجَةٍ فَالظِّهَارُ مَلْزُومٌ لِبَقَائِهَا زَوْجَةً، وَكَذَلِكَ يُعَدُّ بِالْإِيلَاءِ مُخْتَارًا وَهَلْ الْإِيلَاءُ اخْتِيَارُهُ مُطْلَقًا وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَرَجَّحَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ كَمَا يُفِيدُهُ تَوْجِيهُهُمَا، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّوْجِيهِ أَوْ إنَّمَا هُوَ اخْتِيَارَانِ أَقَّتَ كَوَاللَّهِ لَا أَطَؤُك إلَّا بَعْدَ خَمْسَةِ أَشْهُرٍ أَوْ قَيَّدَ بِمَحَلٍّ كَلَا أَطَؤُك إلَّا فِي بَلَدِ كَذَا وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ اخْتِيَارًا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي الْأَجْنَبِيَّةِ وَانْظُرْ بَحْثَ ابْنِ عَرَفَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِيمَا كَتَبْنَاهُ عَلَى تت وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللِّعَانَ مِنْ الرَّجُلِ يَكُونُ اخْتِيَارًا وَانْظُرْ لِعَانَ الزَّوْجَةِ فَقَطْ. وَأَمَّا لِعَانُهُمَا مَعًا فَيَكُونُ فَسْخًا لِلنِّكَاحِ فَلَا يَكُونُ اخْتِيَارًا وَأَشَارَ إلَى الِاخْتِيَارِ الْفِعْلِيِّ بِقَوْلِهِ (أَوْ وَطْءٍ) فَإِذَا وَطِئَ وَاحِدَةً بَعْدَ إسْلَامِهِ مِمَّنْ أَسْلَمْنَ مَعَهُ عَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ اخْتَارَهَا فَالْوَطْءُ دَلَالَةٌ فِعْلِيَّةٌ وَمُقَدِّمَاتُهُ كَذَلِكَ وَالْوَطْءُ

ــ

[حاشية العدوي]

أَنْ يَذْكُرَهُ عَقِبَ قَوْلِهِ أَوْ مَجُوسِيَّتَيْنِ بِأَنْ يَقُولَ أَوْ مَجُوسِيَّتَيْنِ وَأَسْلَمَتَا.

(قَوْلُهُ: وَأُمًّا وَابْنَتَهَا) بِالنَّصْبِ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ أَوْ الْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ وَفِي بَعْضِهَا بِالْجَرِّ مَعْطُوفٌ عَلَى أُخْتَيْنِ وَظَاهِرُهُ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَتَا بِعَقْدَيْنِ وَعُلِمَتْ الْأُولَى وَمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُمَا إذَا كَانَتَا بِعَقْدَيْنِ وَعُلِمَتْ الْأُولَى تَتَعَيَّنُ فَهُوَ فِي الصَّحِيحِ بِخِلَافِ مَا هُنَا (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَحَرُمَتْ الْأُمُّ مُطْلَقًا) أَيْ مَسَّ الْبِنْتَ أَمْ لَا (قَوْلُهُ أَيْ إذَا أَرَادَ أَنْ يُبْقِيَ) إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْبَقَاءَ غَيْرُ مُتَعَيِّنٍ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ الْبِنْتُ اتِّفَاقًا) أَيْ إذَا كَانَتْ الْبِنْتُ الْمَدْخُولُ بِهَا فَيُبْقِي عَلَيْهَا اتِّفَاقًا وَتَحْرُمُ الْأُخْرَى اتِّفَاقًا الَّتِي هِيَ الْأُمُّ وَقَوْلُهُ وَالْأُمُّ عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ أَيْ إذَا كَانَ الْمَدْخُولُ بِهَا الْأُمَّ فَإِنَّهُ يُبْقِي عَلَيْهَا عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ وَيُفَارِقُ الْبِنْتَ وَمُقَابِلُ مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ يَقُولُ لَا يَتَعَيَّنُ وَمَسُّ الْأُمِّ كَلَا مَسَّ وَلَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ الْبِنْتَ.

(قَوْلُهُ وَلَا يَتَزَوَّجْ) بِالْجَزْمِ بِلَا النَّاهِيَةِ وَهِيَ تَجْزِمُ فِعْلَ الْغَائِبِ كَثِيرًا وَالنَّهْيُ لِلتَّحْرِيمِ (قَوْلُهُ وَلَا يَدْخُلُ هَذَا فِي كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ) ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَنْ فَارَقَهَا يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ هُنَاكَ مَنْ لَمْ يُفَارِقْهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وعب صَحَّحَ كَلَامَ بَهْرَامَ وَحَمَلَهُ عَلَى مَا إذَا مَسَّ كُلًّا مِنْهُمَا فَلَمْ يُلْتَفَتْ لِهَذَا الْمَفْهُومِ الْمُتَقَدِّمِ وَبَعْضُ الْأَشْيَاخِ يَحْمِلُهُ عَلَى الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ بِهَا وَأَنَّ النَّهْيَ عَلَى سَبِيلِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ الَّذِي فَهِمَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِلنَّقْلِ فَيَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ (قَوْلُهُ وَفَارَقَ مَنْ مَسَّهَا) أَيْ فِي صُورَةٍ أَوْ إحْدَاهُمَا. وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَهِيَ مَا إذَا مَسَّهُمَا فَالْمُنَاسِبُ لَهُ وَفَارَقَ إحْدَاهُمَا.

(قَوْلُهُ وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ) كَلَامُهُ فِي الِاخْتِيَارِ. وَأَمَّا كَوْنُهُ يُمَكَّنُ مِنْهَا أَوَّلًا فَشَيْءٌ آخَرُ فَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ قَبْلَ الدُّخُولِ كَانَ بَائِنًا وَإِنْ كَانَ بَعْدَهُ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ مِنْ رَجْعِيٍّ وَغَيْرِهِ مِنْ بَالِغِ النِّهَايَةِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى فِعْلٍ أَوْ قَوْلٍ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ مِمَّا كَانَ قَوْلًا أَوْ فِعْلًا (قَوْلُهُ وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي التَّوْجِيهِ) فَوَجَّهَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ذَلِكَ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ فِي الْعُرْفِ لَا يَكُونُ إلَّا فِي زَوْجَةٍ قَالَ بِشَرْطِ تَقَرُّرِ الْعُرْفِ بِذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قُلْت لَا يَحْتَاجُ إلَى تَقَرُّرِ الْعُرْفِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ الْعَامَّ فِي اسْتِعْمَالِ أَدَاةِ السَّلَبِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا يَقْبَلُ الْمَسْلُوبَ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ عِنْدَهُمْ بِالْعَدَمِ الْمُقَابِلِ لِلْمَلَكَةِ كَقَوْلِك زَيْدٌ لَا يُبْصِرُ لَا فِيمَا لَا يَقْبَلُهُ وَهُوَ الْمُعَبَّرُ عَنْهُ عِنْدَهُمْ بِالسَّلَبِ الْمُقَابِلِ لِلْإِيجَابِ كَقَوْلِك الْحَائِطُ لَا يُبْصِرُ فَقَوْلُهُ وَاَللَّهِ لَا وَطِئْتهَا دَلِيلُ جَعْلِهِ إيَّاهَا قَابِلَةً لِوَطْئِهِ وَلَا سِيَّمَا كَوْنُ النَّفْيِ مُقَسَّمًا عَلَيْهِ وَلَا تَقْبَلُهُ إلَّا لِكَوْنِهَا زَوْجَةً لَهُ (قَوْلُهُ وَانْظُرْ بَحْثَ إلَخْ) كَأَنَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ بَحْثِ ابْنِ عَرَفَةَ مَعَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فَإِذَنْ كَانَ الْمُنَاسِبُ اُنْظُرْ بَحْثَ ابْنِ عَرَفَةَ مَعَ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالزَّمَنُ قَصِيرٌ (قَوْلُهُ وَالظَّاهِرُ أَنَّ اللِّعَانَ إلَخْ) ظَاهِرٌ بِنَوْعَيْهِ (قَوْلُهُ أَوْ وَطْءٍ إلَخْ) مُسْتَفَادٌ مِمَّا قَبْلَهُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّهُ إذَا كَانَ فَعَلَ مَا يَقْطَعُ الْعِصْمَةَ أَوْ يُوجِبُ فِيهَا خَلَلًا

<<  <  ج: ص:  >  >>