للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتِيَارٌ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ أَمْ لَا؛ لِأَنَّهُ إنْ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ فَظَاهِرٌ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَنْوِهِ؛ لِأَنَّا لَوْ لَمْ نَصْرِفْهُ إلَى جَانِبِ الِاخْتِيَارِ لَتَعَيَّنَ صَرْفُهُ إلَى جَانِبِ الزِّنَا وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بِقَوْلِ «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ» وَفِي تَنْظِيرِ ابْنِ عَرَفَةَ الْمُشَارِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ وَفِي كَوْنِهِ اخْتِيَارًا بِذَاتِهِ أَوْ بِشَرْطِ أَنْ يَنْوِيَ ذَلِكَ نَظَرٌ اهـ نَظَرٌ.

(ص) وَالْغَيْرُ إنْ فَسَخَ نِكَاحُهَا (ش) أَلْ عِوَضٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ أَيْ وَغَيْرُ امْرَأَةٍ إنْ فَسَخَ نِكَاحَهَا أَيْ تِلْكَ الْمَرْأَةِ، وَلَوْ قَالَ وَغَيْرُ مَنْ فُسِخَ نِكَاحُهَا لَكَانَ أَظْهَرَ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَقَالَ لِوَاحِدَةٍ فَسَخْت نِكَاحَك فَإِنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ لَا يُعَدُّ اخْتِيَارًا لَهَا وَلَكِنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ فَلَا تَحِلُّ لَهُ إلَّا بِعَقْدٍ جَدِيدٍ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ذَلِكَ إعْلَامٌ بِأَنَّهُ لَا يَخْتَارُهَا؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ فِي النِّكَاحِ الْمُجْمَعِ عَلَى فَسَادِهِ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ وَفَسَخَ فِي كَلَامِهِ فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ.

(ص) أَوْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ (ش) مَعْطُوفٌ عَلَى مَعْنَى مَا مَرَّ أَيْ وَاخْتَارَ غَيْرُ مَنْ ظَهَرَ أَنَّهُنًّ أَخَوَاتٌ، وَلَوْ قَالَ وَوَاحِدَةٌ مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ كَأَخَوَاتٍ لَكَانَ أَحْسَنَ إذْ كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَخْتَارُ وَاحِدَةً مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا عَلِمْته وَقَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ رَاجِعٌ لِمُقَدَّرٍ بَعْدَ قَوْلِهِ أَخَوَاتٌ أَيْ فَلَا يَخْتَارُ جَمِيعَهُنَّ بَلْ وَاحِدَةٌ وَيُتَمِّمُ بَاقِي الْأَرْبَعِ مِنْ سِوَاهُنَّ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ وَيَدْخُلْ بِهِنَّ أَزْوَاجُهُنَّ أَوْ يَتَلَذَّذْ بِهِنَّ، وَلَوْ قَالَ وَوَاحِدَةٌ مِمَّنْ ظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ وَبَاقِي الْأَرْبَعِ مِنْ سِوَاهُنَّ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ بِمَنْ تَلَذَّذَ بِهِنَّ غَيْرَ عَالِمٍ لَأَفَادَ الْمُرَادَ بِلَا كُلْفَةٍ (ص) وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِ (ش) الضَّمِيرُ فِي غَيْرِهِنَّ يَرْجِعُ لِمَنْ اخْتَارَهُنَّ وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهِ يَرْجِعُ لِغَيْرِ مَنْ اخْتَارَهُنَّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ الْبَعْضَ وَفَارَقَ الْبَعْضَ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهِ فَإِنَّهُ لَا شَيْءَ مِنْ الصَّدَاقِ لَهُ؛ لِأَنَّ نِكَاحَهُ فُسِخَ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا شَيْءَ فِيهِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْفُرْقَةَ هُنَا فَسْخٌ بِلَا طَلَاقٍ وَمُقْتَضَى قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ أَنَّهُ اخْتَارَ بَعْضَهُنَّ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا فَلَيْسَ حُكْمُهُ كَذَلِكَ وَهُوَ كَذَلِكَ فَيَكُونُ لِأَرْبَعٍ مِنْهُنَّ غَيْرَ مُعَيَّنَاتٍ صَدَاقَانِ صَحِيحَانِ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ نِصْفُ صَدَاقِهَا وَإِذَا قَسَمَ اثْنَانِ عَلَى عَشْرَةٍ نَابَ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ خَمْسٌ.

(ص) كَاخْتِيَارِهِ وَاحِدَةً مِنْ أَرْبَعِ رَضْعِيَّاتٍ تَزَوَّجَهُنَّ وَأَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ (ش) التَّشْبِيهُ تَامٌّ وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَ أَرْبَعَ رَضْعِيَّاتٍ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ أَوْ عَقْدَيْنِ نِكَاحًا صَحِيحًا ثُمَّ أَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً وَيُفَارِقُ الْبَاقِي وَلَا شَيْءَ لِمَنْ فَارَقَهَا؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ وَالزَّوْجُ مَغْلُوبٌ عَلَيْهِ وَمَا هَذَا شَأْنُهُ لَا شَيْءَ فِيهِ وَالْفَسْخُ هُنَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فَلَوْ مَاتَ كَانَ لَهُنَّ صَدَاقٌ وَاحِدٌ يَقْتَسِمْنَهُ أَرْبَاعًا فَلَوْ طَلَّقَهُنَّ قَبْلَ الدُّخُولِ لَزِمَهُ نِصْفُ صَدَاقٍ يَقْتَسِمْنَهُ أَرْبَاعًا وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْمُرْضِعَةُ مِمَّنْ لَا يَحْرُمُ رِضَاعُهَا عَلَى الزَّوْجِ وَإِلَّا لَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً كَمَا إذَا أَرْضَعَتْهُنَّ أُمُّهُ أَوْ أُخْتُهُ وَلَا شَيْءَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ مِنْ الصَّدَاقِ إذْ لَا تَصْلُحُ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ لَأَنْ تَكُونَ زَوْجَةً لَهُ.

(ص) وَعَلَيْهِ أَرْبَعُ صَدُقَاتٍ إنْ مَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ (ش) يَعْنِي أَنَّ مَنْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ وَمَاتَ وَلَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهُنَّ أَرْبَعَةُ أَصْدِقَةٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي عِصْمَتِهِ

ــ

[حاشية العدوي]

يَحْصُلُ بِهِ الِاخْتِيَارُ فَأَوْلَى الْوَطْءُ الْمُتَرَتِّبُ اعْتِبَارُهُ عَلَى وُجُودِهَا (قَوْلُهُ وَفِي تَنْظِيرِ إلَخْ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ وَقَوْلُهُ نَظَرٌ مُبْتَدَأٌ مُؤَخَّرٌ وَوَجْهُ النَّظَرِ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّعْمِيمِ فِي قَوْلِهِ سَوَاءٌ نَوَى بِهِ الِاخْتِيَارَ أَمْ لَا.

(قَوْلُهُ وَالْغَيْرُ إلَخْ) أَيْ وَيَخْتَارُ غَيْرَ مَنْ فُسِخَ نِكَاحَهَا كَمَا فِي شَرْحِ عب (قَوْلُهُ لَكَانَ أَظْهَرَ) ؛ لِأَنَّ ضَمِيرَ نِكَاحِهَا يُتَوَهَّمُ مِنْ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ عَائِدٌ عَلَى الْغَيْرِ مَعَ أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ عَائِدٌ عَلَى الْمَرْأَةِ الْوَاقِعَةِ مُضَافًا إلَيْهَا بَلْ لَوْ قَالَ وَاخْتَارَ بِطَلَاقٍ لَا فَسْخٍ لَكَانَ أَخْصَرَ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ الطَّلَاقِ) وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْفَسْخِ وَالطَّلَاقِ مَعَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَا تَحِلُّ إلَّا بِعَقْدِ أَنَّ لِلْمُطَلَّقَةِ نِصْفَ الصَّدَاقِ بِخِلَافِ الْمَفْسُوخَةِ أَيْ قَبْلَ الْبِنَاءِ وَأَيْضًا الطَّلَاقُ اخْتِيَارٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَخْتَارَ أَرْبَعًا غَيْرَهَا بِخِلَافِ الْفَسْخِ (قَوْلُهُ مَبْنِيٌّ لِلْفَاعِلِ) أَيْ وَقَوْلُهُ نِكَاحَهَا مَفْعُولٌ (قَوْلُهُ: وَلَوْ قَالَ إلَخْ) وَأُجِيبَ بِأَمْرَيْنِ الْأَوَّلُ أَنَّ الْمُرَادَ أَخَوَاتُ مَنْ أَسْلَمَ الثَّانِي أَنَّ حِلَّ إحْدَاهُمَا هُوَ قَوْلُهُ وَإِحْدَى أُخْتَيْنِ مُطْلَقًا.

(قَوْلُهُ مَا لَمْ يَتَزَوَّجْنَ) حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا اخْتَارَ أَرْبَعًا فَبِمُجَرَّدِ أَنْ اخْتَارَ الْأَرْبَعَ حَلَّ الْبَاقِي لِلْأَزْوَاجِ فَقُدِّرَ أَنَّهُ حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَى الْبَاقِي مِنْ رَجُلٍ آخَرَ فَتَبَيَّنَ أَنَّ الْمُخْتَارَاتِ أَخَوَاتٌ فَلَهُ أَنْ يَخْتَارَ مَنْ حَصَلَ الْعَقْدُ عَلَيْهَا وَتَرْجِعُ لَهُ وَلَا يُفَوِّتُهَا إلَّا دُخُولُ الثَّانِي أَيْ الْوَطْءُ أَوْ التَّلَذُّذُ مَا لَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ مُخْتَارَاتِ مَنْ أَسْلَمَ أَخَوَاتٌ فَلَا يَفُوتُ بِذَلِكَ هَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي كَمَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ عب (قَوْلُهُ أَيْ فَلَا يَخْتَارُ جَمِيعَهُنَّ) الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ فَيَخْتَارُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ وَيُتَمِّمُ بَاقِيَ الْأَرْبَعِ مِنْ سِوَاهُنَّ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ اخْتَارَ أَرْبَعًا وَظَهَرَ أَنَّهُنَّ أَخَوَاتٌ (قَوْلُهُ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَخْتَرْ شَيْئًا) أَيْ بِأَنْ فَارَقَ الْكُلَّ (قَوْلُهُ وَإِذَا قَسَمَ إلَخْ) فَإِذَا اخْتَارَ اثْنَتَيْنِ فَلِلْبَاقِيَاتِ صَدَاقٌ يَقْتَسِمْنَهُ وَثَلَاثًا فَلِلْبَاقِيَاتِ نِصْفُ صَدَاقٍ.

(قَوْلُهُ التَّشْبِيهُ تَامٌّ) الْأَحْسَنُ أَنَّهُ تَشْبِيهٌ فِي قَوْلِهِ وَلَا شَيْءَ لِغَيْرِهِنَّ أَيْ أَنَّ الثَّلَاثَ اللَّاتِي يُفَارِقْهُنَّ لَا شَيْءَ لَهُنَّ وَلَيْسَ تَشْبِيهًا فِي الِاخْتِيَارِ وَإِلَّا لَزِمَ عَلَيْهِ تَشْبِيهُ اخْتِيَارٍ بِاخْتِيَارٍ فَيَلْزَمُ عَلَيْهِ تَشْبِيهُ الشَّيْءِ بِنَفْسِهِ وَقَوْلُهُ وَأَرْضَعَتْهُنَّ امْرَأَةٌ الْمُنَاسِبُ هُنَا الْفَاءُ لَا الْوَاوُ وَقَوْلُ الشَّارِحِ فَإِنَّهُ يَخْتَارُ مِنْهُنَّ وَاحِدَةً إلَخْ الْمُنَاسِبُ لِمَا قُلْنَا فَإِنَّهُ إذَا اخْتَارَ وَاحِدَةً فَلَا شَيْءَ لِلْبَوَاقِي؛ لِأَنَّهُ فَسْخٌ قَبْلَ الدُّخُولِ إلَخْ (قَوْلُهُ وَالْفَسْخُ هُنَا بِغَيْرِ طَلَاقٍ) وَقِيلَ بِطَلَاقٍ وَهُمَا فِي تت.

(قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ أَرْبَعُ صَدُقَاتٍ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَاخْتَارَ الْمُسْلِمُ أَرْبَعًا (قَوْلُهُ أَوْ أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ وَمَاتَ) يُفْهَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَسْلَمَ عَلَى أَرْبَعٍ فَقَطْ لَهُ الِاخْتِيَارُ مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ الْبَقَاءُ عَلَيْهِنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>