لِإِرْسَالِهِ عَلَيْهَا، وَبِهَذَا يُفَرَّقُ بَيْنَ امْرَأَةِ الْمَجْنُونِ وَالْمُعْتَرَضِ؛ وَلِهَذَا وَهِمَ بَعْضُ الْمُؤَلِّفِ فِي قِيَاسِهِ.
(ص) وَصُدِّقَ إِنِ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ.
(ش) أَيْ: وَصُدِّقَ الْمُعْتَرَضُ إِنِ ادَّعَى فِي السَّنَةِ الْوَطْءَ بِيَمِينِهِ بَعْدَ إِقْرَارِهِ بِالِاعْتِرَاضِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ.
(ص) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَإِلَّا بَقِيَتْ.
(ش) هَذَا إِذَا ادَّعَى بَعْدَ السَّنَةِ أَنَّهُ وَطِئَ فِيهَا، أَمَّا لَوِ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَبْطُلُ خِيَارُهَا؛ فَإِنْ نَكَلَ بَقِيَتْ زَوْجَةً إِلَى الْأَجَلِ، وَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ؛ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الْأَجَلِ مِنْ حَقِّهِ، فَإِنْ حَلَفَ أَوْ وَطِئَ عِنْدَهُ بَطَلَ خِيَارُهَا، وَإِنْ تَمَادَى عَلَى إِنْكَارِهِ حَلَفَتْ وَإِلَّا بَقِيَتْ زَوْجَةً، فَالْمُؤَلِّفُ خَلَطَ مَا بَعْدَ السَّنَةِ بِمَا قَبْلَهَا، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ كَلَامُهُ فِيمَا بَعْدَهَا، أَيْ: وَصُدِّقَ إِنِ ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ فِيهَا، قَالَهُ س فِي تَقْرِيرِهِ.
(ص) وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ طَلَّقَهَا، وَإِلَّا فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ أَوْ يَأْمُرُهَا بِهِ، ثُمَّ يَحْكُمُ بِهِ؟ قَوْلَانِ.
(ش) يَعْنِي: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِ الْمُعْتَرَضُ الْوَطْءَ بَعْدَ انْقِضَاءِ السَّنَةِ، بَلْ وَافَقَهَا عَلَى عَدَمِهِ فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِالطَّلَاقِ إِنِ اخْتَارَتْهُ الزَّوْجَةُ، فَإِنْ طَلَّقَ الزَّوْجُ فَوَاضِحٌ، وَلَهُ أَنْ يُوقِعَ مِنَ الطَّلَاقِ مَا شَاءَ، وَإِنْ أَبَى أَنْ يُطَلِّقَ فَهَلْ يُطَلِّقُ الْحَاكِمُ عَلَيْهِ وَاحِدَةً بَائِنَةً؟ فَإِنْ زَادَ لَمْ يَلْزَمِ الزَّائِدُ بِخِلَافِ الزَّوْجِ، أَوْ يَأْمُرُ الْحَاكِمُ الزَّوْجَةَ بِإِيقَاعِ الطَّلَاقِ فَتُوقِعُهُ، ثُمَّ يَحْكُمُ بِذَلِكَ، قَوْلَانِ. وَفَائِدَةُ حُكْمِ الْحَاكِمِ بِمَا أَوْقَعَتْهُ الْمَرْأَةُ صَيْرُورَتُهُ بَائِنًا، وَإِلَّا كَانَ رَجْعِيًّا كَطَلَاقِ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ.
(ص) وَلَهَا فِرَاقُهُ بَعْدَ الرِّضَا بِلَا أَجَلٍ.
(ش) يَعْنِي: أَنَّ مَنْ رَضِيَتْ بَعْدَ مُضِيِّ السَّنَةِ الَّتِي ضُرِبَتْ لَهَا بِالْمُقَامِ مَعَهُ مُدَّةً، ثُمَّ رَجَعَتْ عَنْ ذَلِكَ الرِّضَا، فَلَهَا ذَلِكَ، وَلَا تَحْتَاجُ لِضَرْبِ أَجَلٍ بَعْدُ، وَلَوْ قَالَتْ: أَنَا رَضِيتُ بِهِ، أَوْ بِالْمُقَامِ مَعَهُ أَبَدًا، فَلَيْسَ لَهَا فِرَاقُهُ حِينَئِذٍ كَمَا فِي النَّصِّ، انْظُرْ الْمَوَّاقَ، وَهَذَا يُفِيدُهُ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ: "أَمْ لَمْ يَرْضَ"، وَقُوَّةُ النَّصِّ تُعْطِي أَنَّ زَوْجَةَ الْمُجْذَمِ لَهَا الْقِيَامُ فِيهِ، وَإِنْ لَمْ تُقَيِّدْ رِضَاهَا بِالْمُقَامِ مَعَهُ بِأَجَلٍ آخَرَ، وَكَأَنَّ الْفَرْقَ شِدَّةُ الضَّرَرِ فِي فَرْعِ الْجُذَامِ، وَلَا كَذَلِكَ الْمُعْتَرَضُ.
(ص) وَالصَّدَاق بَعْدَهَا.
(ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُعْتَرَضَ إِذَا أُجِّلَ سَنَةً، وَلَمْ يَحْصُلْ مِنْهُ وَطْءٌ لِزَوْجَتِهِ، وَاخْتَارَتْ فِرَاقَهُ بَعْدَهَا فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ؛ لِأَنَّهَا مَكَّنَتْ مِنْ نَفْسِهَا، وَطَالَ مُقَامُهُ مَعَهَا، وَتَلَذَّذَ بِهَا، وَأَخْلَقَ شُورَتَهَا أَبُو عِمْرَانَ، جَعَلَ مَالِكٌ الْحُجَّةَ فِي التَّكْمِيلِ: التَّلَذُّذُ، وَإِخْلَاقُ الشُّورَةِ، فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ مَتَى انْخَرَمَ أَحَدُهُمَا لَا تَكْمِيلَ، وَلَوْ طَلَّقَ الْمُعْتَرَضُ قَبْلَ السَّنَةِ فَلَهَا النِّصْفُ كَمَا أَفْهَمَهُ الظَّرْفُ، وَاحْتَجَّ ابْنُ الْحَاجِبِ لِاسْتِحْقَاقِ امْرَأَةِ الْمُعْتَرَضِ الصَّدَاقَ بَعْدَ السَّنَةِ بِالْقِيَاسِ عَلَى الْمَجْبُوبِ، كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ: (كَدُخُولِ الْعِنِّينِ وَالْمَجْبُوبِ) ، ثُمَّ يُطَلِّقَانِ، وَالْجَامِعُ حُصُولُ انْتِفَاعِ كُلٍّ مِنْهُمْ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، وَقَدْ يُفَرَّقُ بِأَنَّ الْمَجْبُوبَ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى التَّلَذُّذِ، وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ الْمُعْتَرَضِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا دَخَلَ عَلَى الْوَطْءِ التَّامِّ وَلَمْ يَحْصُلْ، وَبِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَجْبُوبِ وَمَنْ مَعَهُ خُرِّجَتْ بِالْإِجْمَاعِ، وَقَوْلُنَا: ثُمَّ يُطَلِّقَانِ، أَيْ: بِاخْتِيَارِهِمَا احْتِرَازًا مِمَّا إِذَا طُلِّقَ عَلَيْهِمَا لِعَيْبِهِمَا، فَيَأْتِي عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَمَعَ الرَّدِّ قَبْلَ الْبِنَاءِ فَلَا صَدَاقَ، وَبَعْدَهُ فَمَعَ عَيْبِهِ الْمُسَمَّى وَمَعَهَا رَجَعَ بِجَمِيعِهِ عَلَى وَلِيِّ ... إِلَخْ.
(ص) وَفِي تَعْجِيلِ الطَّلَاقِ إِنْ قُطِعَ ذَكَرُهُ، فِيهَا قَوْلَانِ.
(ش) يَعْنِي: أَنَّ الْمُعْتَرَضَ إِذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ فِي أَثْنَاءِ السَّنَةِ
ــ
[حاشية العدوي]
مِنِ امْرَأَةِ الْمُعْسِرِ، وَقَوْلُهُ: "وَلِهَذَا"، أَيْ: قَوْلُنَا: لِإِرْسَالِهِ. (قَوْلُهُ: وَهِمَ) ، أَيْ: غَلِطَ، وَحَاصِلُهُ أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ غَيْرُ صَحِيحٍ، إِلَّا أَنَّكَ خَبِيرٌ بِأَنَّ كَوْنَ الْمُسْتَظْهِرِ الْمُصَنِّفَ خِلَافًا لِاصْطِلَاحِهِ أَوَّلَ الْكِتَابِ مِنْ أَنَّهُ يُشِيرُ لِغَيْرِ الْمَشَايِخِ الْأَرْبَعَةِ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِيهِ يُصَحِّحُ أَوِ اسْتَحْسَنَ.
(قَوْلُهُ: هَذَا إِذَا ادَّعَى بَعْدَ السَّنَةِ أَنَّهُ وَطِئَ فِيهَا) ، فَإِذَا ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ لَمْ يُصَدَّقْ قَطْعًا، وَمَا أَفَادَهُ مِنْ أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ فِيهَا يُصَدَّقُ، لِابْنِ هَارُونَ. وَقَالَ غَيْرُهُ: فَإِنِ ادَّعَى بَعْدَهَا الْوَطْءَ فِيهَا لَمْ يُصَدَّقْ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُصَنِّفِ لِتَقْدِيمِهِ "فِيهَا" عَلَى "الْوَطْءِ"، وَعَلَّلَ بِأَنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُسْقِطَ حَقَّهَا مِنَ الْفِرَاقِ بِدَعْوَاهُ "الْآنَ".
(قَوْلُهُ: وَأَمَّا لَوِ ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ ... إِلَخْ) ، لَمْ يَعْتَمِدْ عَجَّ ذَلِكَ، بَلِ اعْتَمَدَ أَنَّهُ إِذَا ادَّعَى فِيهَا الْوَطْءَ حَلَفَ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَفُرِّقَ بَيْنَهُمَا قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ، كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ. وَقَوْلُهُ: "وَإِلَّا بَقِيَتْ
إِلَخْ"، أَيْ: وَإِنْ لَمْ تَحْلِفْ بَقِيَتْ زَوْجَةً.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَدَّعِهِ) صَادِقٌ بِمَا إِذَا صُدِّقَ عَلَى عَدَمِ الْوَطْءِ أَوْ سَكَتَ. (قَوْلُهُ: أَوْ بِأَمْرٍ هَابَهُ) ؛ بِأَنْ تَقُولَ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ: طَلَّقْتُكِ، أَوْ: طَلَّقْتُ نَفْسِي مِنْكِ، أَوْ: أَنَا طَالِقَةٌ مِنْكَ. (قَوْلُهُ: قَوْلَانِ) ، رُجِّحَ كُلٌّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: صَيْرُورَتُهُ بَائِنًا) فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ هُوَ بَائِنٌ لِكَوْنِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ، بَلْ الْحُكْمُ لِرَفْعِ خِلَافِ مَنْ لَا يَرَى أَمْرَ الْقَاضِي لَهَا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
(قَوْلُهُ: كَطَلَاقِ الْمُخَيَّرَةِ وَالْمُمَلَّكَةِ ... إِلَخْ) ، أَيْ: مِنْ حَيْثُ كَوْنُهَا بَائِنَةً.
(قَوْلُهُ: بِلَا أَجَلٍ) ، أَيْ: بِلَا أَجَلٍ ثَانٍ؛ لِأَنَّ الْأَجَلَ قَدْ تَقَدَّمَ ضَرْبُهُ، وَضُرِبَ أَوَّلًا، وَأَمَّا لَوْ رَضِيَتِ ابْتِدَاءً بِلَا تَقَدُّمِ ضَرْبِ أَجَلٍ، ثُمَّ قَامَتْ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ الْأَجَلِ. (قَوْلُهُ: وَهَذَا يُفِيدُ قَوْلُهُ أَوَّلَ الْفَصْلِ: أَوْ لَمْ يَرْضَ) ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ رِضًا مُطْلَقًا مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ. (قَوْلُهُ: بِأَجَلٍ آخَرَ) ، أَيْ: غَيْرُ الْأَجَلِ الْأَوَّلِ الْمُشَارِ لَهُ بِقَوْلِهِ: "وَأَجَّلَ فِيهِ وَفِي بَرَصٍ وَجُذَامٍ ... إِلَخْ".
(قَوْلُهُ: فَلَهَا الصَّدَاقُ كَامِلًا عَلَى الْمَشْهُورِ) ، وَمُقَابِلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ مِنْ أَنَّ لَهَا نِصْفَهُ. (قَوْلُهُ: فَظَاهِرُهُ) ، لَا يَخْفَى أَنَّ مَعْنَى كَلَامِ الْإِمَامِ: أَنَّ الْمُكْثَ سَنَةً مَظِنَّةُ ذَلِكَ، فَحِينَئِذٍ لَا يَتَأَتَّى قَوْلُهُ "فَظَاهِرُهُ ... إِلَخْ". (قَوْلُهُ: فَلَهَا النِّصْفُ) ، أَيْ: وَتُعَاضُ الْمُتَلَذَّذُ بِهَا زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ بِالِاجْتِهَادِ، وَيُتَصَوَّرُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ قَبْلَ تَمَامِ السَّنَةِ فِيمَا إِذَا رَضِيَ بِالْفِرَاقِ قَبْلَ تَمَامِهَا، وَفِيمَا إِذَا قُطِعَ ذَكَرُهُ.
(قَوْلُهُ: بِالْقِيَاسِ ... إِلَخْ) ، قَضِيَّتُهُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ بِهِ، وَهُوَ بِعِيدٌ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْكَافَ دَاخِلَةٌ عَلَى الْمُشَبَّهِ كَمَا هُوَ قَاعِدَةُ الْفُقَهَاءِ، وَبَعْدَ ذَلِكَ رَأَيْتُ مَا يُوَافِقُهُ، فَلِلَّهِ الْحَمْدُ. (قَوْلُهُ: وَالْمَجْبُوبُ) وَأَوْلَى مِنْهُ الْخَصِيُّ. (قَوْلُهُ: وَبِأَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَجْبُوبِ) ، أَيْ: فَهِيَ مَسْأَلَةٌ سَمَاعِيَّةٌ فَمَا عَدَاهَا بَاقٍ عَلَى أَصْلِهِ، فَلَا يُخَرَّجُ عَلَيْهَا شَيْءٌ.
(قَوْلُهُ: قُطِعَ ذَكَرُهُ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَأَمَّا لَوْ قَطَعَهُ هُوَ فَيُجْعَلُ الطَّلَاقُ قَطْعًا، وَلَهَا النِّصْفُ حِينَئِذٍ، وَانْظُرْ: لَوْ قَطَعَتْهُ