وأبي سعيد وغيرهم؛ وقد روى عبد بن حميد وهو من أجل أئمة الحديث في تفسيره المشهور: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن الحسن، قال: قال عمر: لو لبث أهل النار في النار كمقدر رمل عالج لكان لهم على ذلك يوم يخرجون فيه، وقال: حدثنا حجاج بن منهال، عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، أن عمر بن الخطاب قال: لو لبث أهل النار في النار عدد رمل عالج لكان لهم يوم يخرجون فيه. ذكر ذلك في تفسير قوله تعالى:{لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا}[٢٣/٧٨] .
قال: ولا ريب أن من قال هذا القول عن عمر ونقله عنه إنما أراد بذلك جنس أهل النار الذين هم أهلها؛ فأما قوم أصيبوا بذنوبهم فقد علم هؤلاء وغيرهم أنهم يخرجون منها وأنهم لا يلبثون قدر رمل عالج ولا قريبا منه. ولفظ:«أهل النار» لا يختص بالموحدين؛ بل يختص بمن عداهم، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أما أهل النار الذين هم أهلها فإنهم لا يموتون فيها ولا يحيون»(١) .
قال ابن القيم: فأما القولان بفنائهما فهو قول قاله جهم بن صفوان إمام المعطلة الجهمية؛ وليس له فيه سلف قط من الصحابة ولا من التابعين ولا أحد من أئمة الإسلام، ولا قال به أحد من أهل السنة. وهذا القول مما أنكره عليه وعلى أتباعه أئمة الإسلام وكفروهم به وصاحوا بهم من أقطار الأرض، كما ذكره عبد الله بن الإمام أحمد في «كتاب السنة» عن خارجة بن مصعب أنه قال: كفرت الجهمية بثلاث آيات من كتاب الله عز وجل، يقول الله سبحانه وتعالى: {أُكُلُهَا دَائِمٌ
(١) حادي الأرواح ص٢٢٦-٢٢٨ وللفهارس العامة جـ١/٤٨. قلت: كأن هذا هو آخر كلام ابن تيمية وأن ما تخلله وما بعده من كلام ابن القيم رحمه الله. ومن عادة ابن تيمية أنه يستوفي الأقوال ويناقشها ولم يوجد هنا إلا حكاية بعضها.