قال: وقد تكلموا في الفرق بين الأصول والفروع، فقيل: الأصل ما فيه دليل قطعي، والفرع بخلافه. فعند هؤلاء الأصل ما عددناه قطعيا، وعبر عنه القاضي بأن كل مسألة يحرم الخلاف فيها مع استقرار الشرع ويكون معتقد خلافها جاهلا فهي من الأصول عقلية كانت أو شرعية.
والفرع: ما لا يحرم الخلاف فيه، أو ما لا يأثم المخطئ فيه.
قال: وقيل الأصل ما لا يجوز التعبد به إلا بأمر واحد، أو ما يعلم من غير تقديم ورود (١) .
[[الاجتهاد والتقليد وهل المصيب واحد]]
قال القاضي في كتاب الروايتين: الحق عند الله واحد وقد نصب عليه دليلا، وكلف المجتهد طلبه، فإن أصابه فقد أصاب الحق عند الله وفي الحكم وإن أخطأه فقد أخطأ عند الله. وهل أخطأ في الحكم أيضا؟ على روايتين إحداهما: أنه مخطئ في الحكم إلا أن الخطأ موضوع عنه. والثانية: هو مصيب في الحكم.
قال القاضي: وقد أومأ أحمد إلى هذا في رواية بكر بن محمد، عن أبيه عنه، فقال: الحق عند الله في واحد، وعلى الرجل أن يجتهد، ولا يقول لمخالفه: إنه مخطئ، وقال بعده كلاما: وإذا اختلف أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - في شيء، فأخذ رجل بقول بعضهم وأخذ رجل آخر عن رجل آخر منهم فالحق واحد، وعلى الرجل أن يجتهد ولا يدري أصاب الحق أم أخطأ.
قال: فظاهر كلامه في أول المسألة أنه مصيب في الحكم؛ لأنه منع من إطلاق الخطأ عليه في الحكم وآخر كلامه يقتضي إطلاق ذلك