قال شيخنا: أبو العباس: والظاهر أن هذا فيما إذا كان بين المسألتين نوع من الشبه، مثل قولهم في زوج وأبوين وزوجة وأبوين. وأما إذا لم يكن بينهما نوع من الشبه مثل أن يوجب أحدهم النية في الوضوء ولا يجيز بيع الأعيان الغائبة من غير صفة ولا يوجب الآخر النية في الوضوء ويجوز بيع الأعيان الغائبة من غير صفة فينبغي أن يكون القول بجواز التفرقة إجماعا ههنا فيوجب الثالث النية في الوضوء ولا يجوز بيع الغائب، أو بالعكس، ومثل القاضي هذه المسألة بأن يوجب بعض الأمة النية في الوضوء ولا يجعل الصوم من شرط الاعتكاف ولا يوجب الباقون النية في الوضوء ويجعلون الصوم من شرط الاعتكاف.
قال والد شيخنا: وهذا ينافي ما ذكرناه وهو بعيد جدا، ويمكن أن يقال: بينهما نوع من الشبه. قال: ثم إني رأيت أبا الخطاب قد أشار إلى نحو ما ذكرناه فذكر أن الصحابة إذا اختلفوا في مسألتين على قولين فإن صرحوا بالتسوية لم يجز إحداث قول ثالث، وإن لم يصرحوا بالتسوية نظرت فإن كان طريق الحكم فيهما مختلفا، ثم مثل بالنية في الوضوء والصوم في الاعتكاف، وذكر أن القول بالتفرقة في مثل هذه الصورة يجوز ولم يذكر خلافا. قال: ولأنه لو لزم ذلك للزم من وافق أحمد في مسألة أن يوافقه في جميع مذهبه، والأمة مجمعة على خلاف ذلك. ثم ذكر فيما إذا كان طريق الحكم فيهما واحدا، ومثل بزوج وأبوين وزوجة وأبوين، كما ذكرنا وهذا يخالف قول شيخه ويوافق قولنا.
[قال شيخنا] : وهذا التفصيل قول عبد الوهاب المالكي، وقد ذكر القاضي في خلافه في ضمن مسألة قراءة الجنب بعض آية: إن الصحابة لما اختلفت في هذه المسألة على قولين المنع مطلقا والجواز مطلقا منعنا في آية موافقة لمن منع [منهم] وجوزنا في بعض آية موافقة لمن جوز،