وإذا رضي المالك به فهل يكون الغاصب شريكا لما في عمله؟ فيه وجهان.
والأظهر في الجميع أن أثر عمله له، وكونه كان يظهر في تضمينه له؛ لا أن يؤخذ عمله فيعطى لغيره بغير عوض، فإن هذا كله له. والواجب إزالة الظلم بالعدل لا بظلم آخر {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا}[٤٠/٤٢] لا زيادة عليها.
وأما قوله: فمن غصب أرضا فزرعها، الزرع لذي الأرض وعليه النفقة، وليس هذا شيئا يوافق القياس، واستحسن أن يدفع إليه نفقته.
[[إذا غصب أرضا فزرعها استحسن ... ]]
فهذا قاله بالنص كما تقدم، لحديث رافع بن خديج، فيجب أن يكون القياس المخالف لهذا النص فاسدا إن لم يدل نص على صحته ويظهر الفارق المؤثر، وإلا فالقياس إذا خالف النص كان فاسدا. أما فساد الحكم المخالف للنص فبالاتفاق. وفساد العلة على قول الجمهور والذي لا يرى تخصيص العلة إلا بفارق مؤثر، وهذا نص قد خالف القياس.
وقولهم: القياس أن الزرع لزارعه. ليس معهم بذلك نص، ولا نظير؛ بل القياس أن الزرع إما أن يكون بينهما كالمزارعة، أو يكون لرب الأرض؛ لأن الحمل لمالك الأنثى دون مالك الذكر؛ لكن المني لا يقوم؛ بخلاف الزرع؛ فلهذا جعل له نفقته؛ فإن الزرع من ترابها ومائها وهوائها وشمسها، كما أن الحمل في البطن غالبه من الأم، وماء الأب قليل، كما أن الحب قليل. وكذلك الشجر إذا لقح أنثاه بذكر فإن الثمر لصاحب الأنثى لا لصاحب اللقاح، والحب كاللقاح.
وقول أحمد: عليه نفقته. يقتضي مثل البذر. ويقتضي أجرة عمله وعمل بدابته.