للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زخرف بالعبادات والشبهات، وحسن باللحون والأصوات من نظم ونثر مثل كلام القرامطة والإسماعيلية وكلام التلمساني نظمه ونثره، وكلام ابن سبعين، والبلياني، وغيرهم من الملاحدة؛ فإن حروفهم سبب لاعتقاد الضلال، وهو اعتقاد أن الله هو المخلوقات، وأنه ليس وراء المخلوق خالق خلقه متميز عنه، كحقيقة قول فرعون والقرامطة من جحود خالق الخلق؛ لكن فرعون نفاه بقوله ظاهرا وباطنا، فهو أكفر من هذا الوجه، من جهة أنه كان معاندا جاحدا. وهؤلاء قد يكون أحدهم ضالا يعتقد أنه على هدى ففرعون أكفر منهم من جهة أنه نفاه مطلقًا وإن كان معاندا في نفيه. وجحوده مستكبرا عليه. وهؤلاء قد يكون أحدهم مقرا بوجوده ومعتقدا أنه هو الذي يثبته ويحسب أنه مهتد في ذلك وأن هذا هو دين الأنبياء؛ لكن هؤلاء أضر على الأمة من فرعون؛ لأنهم يرون أن هذا دين الأنبياء وفرعون كان أعلم منهم لكن علم ضار أنه كان مستيقنا بأن للعالمين رب؛ كما قال له موسى: {قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} [١٠٢/١٧] ، لكن كان مع علمه معاندا فهو أصح منهم علما وأعظم كفرا وعنادا. وهؤلاء أضر منه على الأمة؛ لكن فيهم نوع من الإيمان، وهؤلاء أقروا باسمه وبالتعبد له، وجعلوه هو المخلوقات، وهو إياهم، وصرحوا بأن من عبد الشمس والقمر والطواغيت فما عبد إلا الله، ولا يتصور أن يعبد إلا الله، وأن العابد هو المعبود ولكن عبد نفسه، وزعموا أنه هو الذي جاءت به الرسل والأنبياء وكبار العارفين، فهم من هذا الوجه أضر على الناس من فرعون.

[[أيما هؤلاء أو فرعون أكفر وأضل وأضر على الأمة]]

كما يذكره ابن عربي في «فصوص الحكم» ويذكره «القونوي» في «مفتاح غيب الجمع والوجود» ويذكره «العفيف» في «شرح الأسماء الحسنى» وفي «شرح قصيدة ابن الفارض» وفي أشعاره. وإن كان «ابن عربي» يرى أن المعدوم شيء ثابت في العدم كقول من يقول ذلك من

<<  <  ج: ص:  >  >>