للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[[الاجتهاد بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي غيبته]]

مسألة: يجوز لمن كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يجتهد سواء كان غائبا عنه أو حاضرا معه، وبه قال أكثر الشافعية، ومنع قوم منه لمن بحضرته أو قريبا منه. وحكى الجرجاني عن أصحابه: إن كان بإذنه جاز وإلا فلا هذا قول القاضي وابن عقيل، وهو قول أبي الخطاب، وهو مقتضى قول أحمد؛ لأنه جعل القياس إنما يجوز عند الضرورة كما تقدم في مسألة القياس.

وقال قوم من المتكلمين: لا يجوز ذلك لمن في حضرته حاضرا كان أو غائبا عنه، حكاه ابن عقيل، وهذا هو الذي في مقدمة المجرد، إلا أن يكون غلطا أنه لا يجوز لمن حضر أو غاب. والأول اختيار أبي الطيب. وقال بعض أصحابنا وقوم من المتكلمين: لا يجوز الاجتهاد بحضرته لأنه حكم بغالب الظن مع إمكان العلم، وهذا هو الذي حكاه القاضي في كتاب الروايتين عن ابن حامد، فقال: هل يجوز الاجتهاد بحضرة النبي - صلى الله عليه وسلم - أو في مجلسه؟ قال شيخنا أبو عبد الله: لا يجوز وعندي أنه يجوز، وعلل قوم شيخه بأنه رجوع إلى غالب الظن مع قدرته على اليقين، وجعلهما أبو الخطاب مسألتين، فقال: مسألة: يجوز لمن غاب عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الاجتهاد في الحوادث. وقال بعضهم: لا يجوز ثم ذكر في المسألة الثانية أنه في الغيبة به حاجة لأنه لا يمكنه سؤال الرسول وإن أخر الحادثة إلى وقت لقائه بطل الحكم وضاع الناس.

[[وإذا ضاق الوقت عن سؤاله في الحادثة]]

قال شيخنا: قلت: وبهذا يظهر ما جاء في حديث معاذ من توقفه عن الزكاة، ومن حكمه بالاجتهاد فيفرق بين ما يقرب وما لا يقرب (١) .

مسألة: فإن كان بحضرته أو بموضع يمكنه سؤاله في الحادثة قبل ضيق وقتها جاز له الاجتهاد بشرط أن يأذن له أو يسمع حكمه فيقره


(١) المسودة ص ٥١١، ٥١٢ ف ٢/٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>