بيانًا للسنة. قال القاضي: المراد به التبليغ ويبين صحة ذلك أنه يجوز تخصيص السنة بالقرآن وكذلك يجوز تفسير مجمل السنة به. واحتج على تأخير البيان بقوله:{ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ}[١٩/٧٥] فقيل له: معناه: ثم إن علينا إظهاره وإعلانه؛ لأنه اشترط ذلك في جميع القرآن، وقال: حقيقة البيان هو إظهار الشيء من الخفاء إلى حالة التجلي والإظهار، وهذا إنما يكون فيما يفتقر إلى بيان فأما ما هو مبين فلا يوجد فيه. وقوله:«إنه اشترط ذلك في جميع القرآن» فلا يمتنع أن يكون المراد بعضه كما قال: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} والمراد بعضه.
قال شيخنا: قلت: هذا ضعيف؛ بخلاف تفسير ابن عباس، ولا دلالة في الآية على محل النزاع (١) .
فصل
[[تابع]]
[شيخنا] : قولهم: «تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز» ونقل الإجماع على ذلك ينبغي أن يفهم على وجهه، فإن الحاجة قد تدعو إلى بيان الواجبات والمحرمات من العقائد والأعمال لكن قد يحصل التأخير للحاجة أيضا: إما من جهة المبلِّغ أو المبلغ. أما المبلِّغ فإنه لا يمكنه أن يخاطب الناس جميعا ابتداء، ولا يخاطبهم بجميع الواجبات جملة؛ بل يبلغ بحسب الطاقة والإمكان. وأما المبلغ فلا يمكنه سمع الخطاب وفهمه جميعا، بل على سبيل التدريج، وقد يقوم السبب الموجب لأمرين من اعتقادين أو عملين أو غير ذلك لكن يضيق الوقت عن بيانهما أو القيام بهما فيؤخر أحدهما للحاجة أيضا، ولا يمنع ذلك أن تكون الحاجة داعية إلى بيان الآخر. نعم هذه الحاجة لا يجب أن تستلزم حصول العقاب على الترك. ففي الحقيقة يقال: ما جاز تأخيره لم يجب فعله.